بدأ الجيش الأميركي في بناء "ميناء بحري مؤقت" قبالة ساحل غزة، في خطوة لإدخال المساعدات الإنسانية للمدنيين في القطاع، فيما توشك إسرائيل على تنفيذ هجوم بري واسع في مدينة رفح. ومن المتوقع أن يكون الميناء جاهزًا لاستقبال الشحنات الأولية من المواد الغذائية وغيرها من المساعدات، في مايو المقبل، وفقًا لمسؤولين عسكريين.

وعرضت صحيفة "نيويورك تايمز" كيفية عمل هذا الميناء الإنساني في غزة، لاسيما أن جهود إيصال المساعدات إلى القطاع عبر ممر بحري، والتي تم الإعلان عنها في مارس الماضي، تعتبر عملية معقدة ومتعددة الخطوات.

الجيش الأميركي يبني رصيفا بحريا قبالة ساحل غزة لإدخال المساعدات. المصدر: موقع "بنتاغون".

وقال مسؤول عسكري كبير في البنتاغون للصحفيين، الخميس، إن ألف جندي وبحار أميركي سيشاركون في مشروع الميناء المؤقت. وأضاف المسؤول أن الميناء سيمكن في البداية من نقل حوالي حمولة 90 شاحنة من المساعدات يوميًا، وسيصل في النهاية إلى حمولة 150 شاحنة يوميًا بكامل طاقتها.

وقالت السلطات الأميركية إن الرصيف يهدف إلى استكمال عمليات تسليم المساعدات الحالية عبر الأرض وليس استبدالها. وتشير بيانات الأمم المتحدة إلى أن عمليات التسليم البرية ارتفعت بشكل طفيف في الأسابيع الأخيرة لكنها لا تزال أقل بكثير من الاحتياجات الهائلة في القطاع.

ولقي العشرات من سكان غزة حتفهم لأسباب تتعلق بسوء التغذية والجفاف، وقال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة إن نصف سكان غزة البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة يعانون من المجاعة.

الجيش الأميركي يبني رصيفا بحريا قبالة ساحل غزة لإدخال المساعدات. المصدر: موقع "بنتاغون".

وذكرت الصحيفة أنه بمجرد وصول المساعدات إلى الشاطئ، ستواجه منظمات الإغاثة التي ستقوم بتوزيعها داخل غزة مخاطر وعقبات مألوفة وسط القصف الإسرائيلي المستمر. وستكون غالبية هذه المساعدات عبارة عن أغذية تم جمعها من عدة دول ونقلها إلى ميناء لارنكا في قبرص.

وقال متحدث باسم الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، التي تعمل بشكل وثيق مع الجيش لتنسيق الخطط الخاصة بالرصيف، إن بعض العناصر التي ستأتي عبر الممر البحري ستشمل ألواح طعام غنية بالمغذيات، مصدرها دبي، والأغذية المخصصة لعلاج سوء التغذية الحاد لدى الأطفال، والتي يتم الحصول عليها من كينيا، وإمدادات الإغاثة، بما في ذلك مستلزمات النظافة، القادمة من أوروبا.

وقال مسؤولون عسكريون للصحيفة إن دولًا ومنظمات أخرى ستساهم أيضًا بالطعام والمال.

وفي ميناء لارنكا، سيكون ممثلون إسرائيليون حاضرين بينما تقوم السلطات القبرصية بفحص العناصر، وفقًا لما قاله مسؤول إسرائيلي مطلع على خطط التفتيش للصحيفة.

الجيش الأميركي يبني رصيفا بحريا قبالة ساحل غزة لإدخال المساعدات. المصدر: موقع "بنتاغون".

وقال المسؤول للصحيفة إن معايير التفتيش ستكون هي نفسها المتبعة في المعابر البرية إلى غزة. وقال مسؤولو الإغاثة إن عمليات التفتيش هذه تعسفية في بعض الأحيان.

وتستغرق الرحلة التي يبلغ طولها 250 ميلا تقريبا من قبرص إلى غزة عادة حوالي 15 ساعة، أو يوم كامل من السفر، لكنها قد تستغرق ما يصل إلى يومين اعتمادا على وزن الشحنة ونوع السفينة.

ولا يوجد في غزة ميناء بحري دولي، ومنعت إسرائيل على مدى عقود بناء واحد منها. ونظرا أن المياه القريبة من الشاطئ ضحلة للغاية بحيث لا تتمكن السفن الكبيرة من الاقتراب من الرصيف الإنساني مباشرة، تبني الولايات المتحدة أيضًا منصة عائمة على بعد ميلين من الساحل، حيث ستقوم السفن التي تحمل المساعدات بتفريغ حمولتها أولاً.

وأشارت الصحيفة إلى أنه ستقوم سفن الجيش الصغيرة، المعروفة باسم L.C.U.s لـ "مرافق الإنزال") وLSV.s (لـ "سفن الدعم اللوجستي")، بنقل المساعدات على دفعات من المنصة إلى الرصيف.

وتشارك ما لا يقل عن 14 سفينة أميركية في بناء وتشغيل الرصيف، وبعضها يحمل الآلات والمعدات الثقيلة اللازمة، وفقًا لما قاله مسؤول عسكري لـ"نيويورك تايمز".

ووفقا للصحيفة، سيقوم أفراد الخدمة الأميركية ببناء الرصيف في البحر، باستخدام وحدات معيارية بعرض ثمانية أقدام وطول 20 أو 40 قدمًا، وستقوم عبارة طويلة بسحبه إلى الشاطئ. وبعد ذلك ستقوم القوات الإسرائيلية بتثبيتها على الشاطئ في شمال غزة لضمان عدم وجود قوات أميركية على الأرض.

وسعى مسؤولو المساعدات الإنسانية المشاركون في تلقي المساعدات وتوزيعها إلى إبقاء تعاملهم مع الجيش الإسرائيلي محدودًا قدر الإمكان، بحسب الصحيفة.

وقالت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، الأسبوع الماضي، إن برنامج الغذاء العالمي سيساعد في توزيع المساعدات داخل غزة بعد وصولها إلى الرصيف.

وأوضحت الصحيفة أن الشاحنات التي تنسقها مجموعات الإغاثة ستنقل المساعدات من منطقة آمنة بالقرب من الرصيف إلى مستودعات الأمم المتحدة، والتي يوجد أكثر من 20 منها في جميع أنحاء غزة، ثم في نهاية المطاف إلى مئات المطابخ المجتمعية والملاجئ والمستودعات الأصغر ونقاط التوزيع الأخرى في جميع أنحاء المنطقة.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: لإدخال المساعدات الجیش الأمیرکی قبالة ساحل غزة

إقرأ أيضاً:

كيف ستواجه إيران البلدوزر الأميركي؟

تقترب العلاقات الأميركية – الإيرانية من لحظة الحقيقة، البلدان في مسار تصادمي، وحرب الاتهامات والتهديدات تبلغ ذروة غير مسبوقة، والتقديرات بشأن مآلات هذه العلاقات، تراوح ما بين اتفاق جديد، يخصم من رصيد إيران في اتفاق فيينا 2015، و"سيناريو الجحيم" الذي وعد به دونالد ترامب، القيادة الإيرانية، مرورًا بمروحة من الخيارات التي قد تزاوج ما بين الاحتمالَين.

ليست الحرب على إيران، قدرًا لا رادّ له، لكن من "الحماقة" استبعاد احتمالاتها الراجحة وفقًا لمراقبين كثر. ولا يستند هذا التقدير إلى ما يقوم به البنتاغون من تجهيز و"بناء القوة اللازمة"، بل من سياق تَفَاقم في عامي "الطوفان"، وسط رجحان كفّة فريق متحمس للحرب، يتمتع بمواقع نفوذ في واشنطن وتل أبيب على حدٍ سواء، حيث تُستحضر بقوة هذه الأيام، نظرية نفتالي بينيت القائلة بأولوية ضرب رأس الأُخطبوط وعدم الاكتفاء بتقطيع أذرعه المتعددة والممتدة.

ركام التصريحات الأميركية، وبعضها قد يناقض الآخر، يشي بأن ثمة "تباينًا" داخل هذه الإدارة، ولا أقول انقسامًا، بين من يريد إعطاء الدبلوماسية فرصة إضافية، مصحوبة بـ"أقصى الضغوط"، ومن يريد الانتقال مباشرة، إلى آخر العلاج، "الكيّ بالنار": أحاديث عن عقوبات إضافية وتجفيف موارد وخنق اقتصادي، مصحوبة بتكثيف قنوات التفاوض "غير المباشر"، وربما المباشر، الله أعلم، مقابل تجييش وتحشيد عناصر القوة الصلبة، من حاملات وقاذفات وقنابل عملاقة، يجري استنفارها لليوم الموعود، حين يقرّر ترامب، فتح أبواب جهنّم على إيران وقيادتها.

إعلان

وفي حين يراهن مراقبون، وأوساط سياسية إقليمية ودولية، على أنّ "التلويح بالجحيم"، ليس سوى تكتيك تفاوضي، وشكل من أشكال التباحث تحت النار، باعتبار أنّ إدارة ترامب، لا تريد حروبًا، وأن الرجل جاء إلى البيت الأبيض بوعد صنع "سلام القوة"، يرى آخرون، أن طوفان التوحّش والحرب الاقتصادية، الذي أطلقته الإدارة، وانجرفت إليه على كل الجبهات، ومع الأصدقاء قبل الأعداء، يجعل من الصعب استبعاد سيناريو الانفجار، فالحد الأدنى مما تريده واشنطن، قد لا يلتقي مع الحد الأقصى من التنازلات التي ترغب القيادة الإيرانية بتقديمها، أو بالأحرى، تقوى على تقديمها.

ذروتا الضعف والتوحّش

تخوض إيران غمار هذا الاشتباك المحتدم، مع واشنطن، وهي في ذروة ضعف، لم تبلغها منذ ربع قرن، إن لم نقل منذ انتصار ثورتها الإسلامية، ذلك أن "الطوفان" وما بعده، قد أجهز على كثير من أوراق القوة التي بنتها بصبر وتكلفة، طيلة أزيد من عشرين عامًا، وانتهت بتحويل الإقليم الممتد من قزوين حتى شرق المتوسط، "مجالًا حيويًا" لنفوذها ودورها الإقليمي، ووفرت لها فرصة نادرة للدفاع والهجوم، ذودًا عن مصالحها القومية، أو تضخيمًا لها، خارج حدودها، وعلى أرض ليست أرضها.

حروب وكالة وأصالة، خاضتها بأدوات غير إيرانية، وكانت حتى الأمس القريب، تحتل مكانة متميزة في حسابات القوى وقواعد الاشتباك ونظرية "الردع المتبادل".

كل هذا انتهى، أو اقترب من نقطة النهاية بعد الطوفان، فلا حزب الله ظل كابوسًا يؤرّق مضاجع إسرائيل، ولا سوريا حافظت على موقع "درة تاج" المحور و"الهلال الشيعي"، وحماس والمقاومة الفلسطينية في وضعية "إنقاذ ما يمكن إنقاذه"، والحوثي يجد صعوبة في حماية مقدراته ورؤوس قادته، فيما العراق، يزحف شيئًا فشيئًا بعيدًا عن الدور الذي رسمته له، طهران وحلفاؤها المحليون.

وثمة "قراءة مبكّرة"، تقترح أن إيران ما كان لها أن تبلغ هذا الدرك من الانكماش والتراجع، لو أنها تصرفت في عام الطوفان الأول على نحو مغاير، ليثبت أن حصاد "الصبر الإستراتيجي"، قد لا يأتي دائمًا لصالح "الصابرين المحتسبين"، بل قد يرتدّ عليهم بـ"هزيمة إستراتيجية" من العيار الثقيل، ولتصحّ مقولة إن "القرار الصائب" يفقد الكثير من صوابه، إن جاء متأخرًا، وبعد كثير من التردد (هذا إن جاء).

إعلان

وإليكم بعضًا مما يعتقد مراقبون – وبعضهم من بيئة المحور – أنها فرصٌ ضيّعتها إيران، لبناء ميزان ردع مع إسرائيل، كان بالإمكان تفاديها، ولم يعد ممكنًا استحضارُها من جديد.

منها، إحجامها – أو عدم قدرتها – عن توجيه ردود رادعة لإسرائيل عندما ضربت قنصليتها في دمشق ومسّت عمقها في الداخل، وقتلت إسماعيل هنية في قلب المربع الحصين من عاصمتها، وبعد ذلك تتالت فصول "ضبط النفس" و"الصبر الإستراتيجي" اللذين لم يقرآ في تل أبيب وواشنطن، إلا تعبيرًا عن "الارتداع" والضعف واستمرار الرهانات الخائبة على قدرة "الإصلاحيين" و"المعتدلين" الإيرانيين على تجنيب البلاد، ويلات الجشع والتوحش اللذين يضربان عميقًا في حكومة نتنياهو وإدارة ترامب.

هنا نفتح قوسين للقول بأن الحاجة باتت ماسّة، لإعادة تقليب صفحات التحقيق في حادثة الهليكوبتر، التي أودت بحياة الرئيس رئيسي ووزير الخارجية حسين عبداللهيان، لا سيما في ضوء واقعة "البيجر" واللاسلكي، التي ضربت حزب الله في مقتل، وكادت أن تفقده توازنه بالكامل.

نقول ذلك ونحن نؤمن بأن التاريخ ليس مؤامرة، وإن كان حافلًا بالمؤامرات، خصوصًا أننا نعيش زمن "الذكاء الاصطناعي" وحروب الجيل السادس و"السيبرانيات" متعددة الاستخدامات.

ونضيف إلى ما سبق، أن إيران خاضت تجربة الطوفان، في ظل انقسامات وتباينات داخلية، وانشغالات في صراعات الإصلاحيين والمتشددين، فيما على الجبهة المقابلة، كان الموقف موحدًا وصلبًا، حيال كل ما يمس إيران وحلفاءها، يصحّ ذلك في زمن إدارة بايدن، وبات أكثر صحة مع هبوب رياح "الترامبية" على مؤسسات صنع القرار في واشنطن، اختصم أعداء إيران حول كل شيء إلا على استهدافها، فقد كانوا موحّدين.

ظل الخطاب الإيراني منقسمًا بين أصوات تدعو للتهدئة و"حفظ الذات"، و"عدم الانجرار"من جهة، وأخرى تتوعد بالويل والثبور وعظائم الأمور من جهة ثانية، لا الأولى فعلت فعلها في كبح الشهية العدوانية لإسرائيل وحليفتها، ولا الثانية، نجحت في إرساء قواعد ردع متبادل.

إعلان

مكّن التردد الإيراني إسرائيل والولايات المتحدة، من الانفراد بجبهة غزة وجبهات الإسناد الواحدة تلو الأخرى، سقط مفهوم "وحدة الساحات" وحلّ محله مفهوم تعاقبها وتتاليها، الذي تطور وفقًا لمقتضيات الحرب والجبهات من الطرف الآخر، فكان لأصحابه ما أرادوا، بدءًا بغزة وليس انتهاء بلبنان، مرورًا بـ"انقلاب المشهد" في سوريا، وتبادل الأدوار في استهداف أنصار الله بين الحليفتين الإستراتيجيتين، وصولًا لوضع طهران في أضيق الزوايا.

وحتى حين تأكد لإيران أن فتح جبهات الإسناد لم يوقف الزحف الهمجي على غزة ومقاومتها، وهو الهدف الذي من أجله، فُتِحَت الجبهات، اعتمدت طهران "تكتيك إنقاذ ما يمكن إنقاذه"، بدل اللجوء إلى ما كان يراهن عليه بعضٌ من حلفائها: فتح الجبهات بكليّتها، وفي تزامنٍ وتوازٍ، لا لإزالة إسرائيل كما ظَنّ المفرطون في تفاؤلهم، بل أقله، للوصول إلى "صفقة شاملة"، أكثر إنصافًا لفلسطين ولبنان، انطلاقًا من قراءة لطوفان الأقصى، لا بوصفه نهاية مطاف، بل جولة تتبعها جولات.

ومن الآيات الأخرى الدالّة على هذا "التردّد"، أداء إيران حيال برنامجها النووي، الذي يحظى اليوم بمكانة مركزية في التفكير الإستراتيجي الأميركي (قُلِ الإسرائيلي)، إذ بدا في سياقات "الطوفان"، وبعد صدور أصوات في الكنيست والكونغرس، تطالب باستخدام "النووي" ضد غزة، أن طهران بصدد مراجعة "عقيدتها النووية"، وأنها قررت اجتياز "العتبة" والدخول إلى نادي الردع النووي.

وصدرت تصريحات عدة، عن وزير الخارجية عبداللهيان وخلفه عراقجي، وغيرهما، ساهمت في إشاعة الاعتقاد بأن طهران قررت حماية نفسها بامتلاك القنبلة، وكما قال عراقجي في آخر نسخة من الحوار العربي – الإيراني، بأن العقيدة المعمول بها منذ ربع قرن، لم تردع الأعداء، ولم ترفع العقوبات، ولم تدفع الغرب لتَخلِيَة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، بل ولم تُقنع أوساطًا نافذة فيه، بحق إيران في امتلاك برنامج نووي سلمي، بدورة تخصيب كاملة، تحت السيادة الإيرانية.

إعلان

خلقت هذه المواقف، انطباعًا لم تبدده مواقف مترددة صدرت عن فريق إيراني آخر، بأن طهران ستجري أول تفجير نووي قبل رحيل إدارة بايدن، وربما في الفترة "الرخوة" بين إدارتين. لكن ذلك لم يحصل كذلك. فقدت إيران مظلتها النووية، وفقد برنامجها مظلته الدفاعية بعد الضربات المؤلمة التي تعرضت لها على يد سلاح الجو الإسرائيلي، بتسهيل من القواعد وحاملات الطائرات الأميركية المنتشرة في المنطقة.

اليوم، تواجه إيران وضعًا شديد الدقة والتعقيد، وهي في مكانة أضعف مما كانت عليه زمن التفاوض على اتفاق فيينا. والولايات المتحدة، ليست متحمسة لمفاوضات تحت مظلة "5+1″، وهي لن تكتفي بضمانات عدم تسليح وعسكرة برنامجها النووي، بل ثمة أصوات تطالب بتفكيك البرنامج السلمي، وتجريد إيران من حقها في امتلاك دورة تخصيب، وبضمانات ورقابات أميركية مشددة.

صحيح أنّ واشنطن، لا تتعامل مع إيران بوصفها أوكرانيا ثانية، ولا مع قيادتها على أنها "زيلينسكي 2″، ولكن الصحيح أن نهج الإدارة الجديدة، يدفعها، ومن خلفها تل أبيب، إلى الذهاب لأبعد شوطٍ في تجريد إيران من عناصر قوتها واقتدارها، لا العسكرية منها فحسب، بل والعلمية والتكنولوجية كذلك.

وإذا كان المفاوض الإيراني، قد نجح طيلة عشرين عامًا في فصل الملف النووي عن بقية الملفات الخلافية مع الغرب، من بينها "البرنامج الصاروخي" و"دور إيران المزعزع للاستقرار"، فإن واشنطن اليوم، تحت قيادة الرئيس ترامب الذي "لا يمزح" في التطلع لولاية ثالثة، تريد وضع هذه الملفات جميعها، على مائدة التسويات، تحت طائلة الخنق الاقتصادي والجحيم العسكري.

وكما قلنا، لا يعني ذلك للحظة واحدة، ويجب ألا يعني، أن ما تريد واشنطن فرضه من إملاءات على طهران، قد بات قدرًا لا رادّ له، وأن الضغوط الأميركية ستنجح في انتزاع ما تريد من مكاسب لها ولحليفتها، أو أنها ستسهل خوض غمار حرب جديدة في الإقليم، قد تتسع وتطال شراراتها مصالح أميركية و"حليفة" ثمينة. لكن الصحيح أن طهران تخوض غمار مواجهتها مع واشنطن اليوم، من أدنى نقطة بلغتها خلال ربع القرن الأخير، فيما غريمتها، في لحظة "اغترار بالقوة"، وشهية تل أبيب مفتوحة للعربدة وإغلاق الملفات وصولًا "للنصر المطلق"، لا على حماس وحدها، بل وعلى طهران أساسًا.

إعلان

هذه الحالة، بعضها "موضوعي"، يتصل بموازين القوى وتوازناتها، وباللحظة الحرجة في نظام العلاقات الدولية، بيد أنها في جزء منها على الأقل، "ذاتي"، ويتصل بأداء النظام الإيراني في مرحلة ما بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، حيث خابت بعض الرهانات وطاشَ كثير من السهام، وتبددت معها، فرص عديدة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • كيف ستواجه إيران البلدوزر الأميركي؟
  • كاتبة مسلسل قلبي ومفتاحه: نجحنا في إيصال الرسالة
  • فلسطين في القلب.. الأعلام تزين ساحة مسجد الميناء الكبير بالغردقة رفضا لخطة التهجير
  • رئيس وزراء باكستان يوجه بسرعة إيصال المساعدات إلى المتضررين من الزلزال في ميانمار
  • الرئيس المدير العام لسوناطراك يتفقد الميناء النفطي بالعاصمة
  • من هي الجهة التي وجهت بقطع تغذية الجيش وعرقلة صرف مرتباتهم.؟
  • بعض الأسئلة التي تخص قادة الجيش
  • دوري النجوم.. الميناء يفوز على النفط وتعادل سلبي ينهي لقاء الكرمة وديالى
  • إحباط 1320 محاولة لإدخال ممنوعات ومحظورات بجميع منافذ المملكة خلال أسبوع
  • في الميناء... عامل سقط من الطابق الثامن!