جريدة الرؤية العمانية:
2024-11-08@07:28:49 GMT

اللوبي

تاريخ النشر: 27th, April 2024 GMT

اللوبي

 

مسعود الحمداني

Samawat2004@live.com

 

في كثير من المؤسسات يوجد "لوبي" صغير، يتحكم في مجريات الأمور، ويفصّل القرارات، ويسيطر على مفاصل المؤسسة، وقد يصل الأمر أحيانا إلى السيطرة على عقل "رئيس الوحدة"، وهو "لوبي" نشط، يجمع أفراده المصلحة الشخصية، وتتلاقى فيه مصالح "الكبار"، وكم من قرار خرج بعد تشاور وتدارس بين أفراد المجموعة، فتجدهم يزخرفون ذاك القرار بزخارف، ونمارق من حرير، ويستهلونه بديباجة مرصعة بالكلام، والأهداف، والمسار، ليتقبله رئيس الوحدة، ويتبناه، ويصدره، على اعتبار أنه متعلق بالشأن العام، أو مصلحة المواطن، والدولة، وكثيرًا ما أصدر الوزير أو رئيس الوحدة القرار، مقتنعًا بآراء "اللوبي"، فاصطدم بالشارع، وصب الناس جام غضبهم على من أصدر القرار، دون أن يعرفوا المشهد العام الذي خرج من خلاله.

والغريب أن نفس ذلك "اللوبي" يتبرأ من القرار حين يلاحظ سخط الناس، ويرمي تبعاته على عاتق الوزير أو رئيس الوحدة، ويصطف في خانة المتذمرين، ويشحذ همة الساخطين، ويدّعي أنه وقف في وجه المسؤولين في المؤسسة، وحارب من أجل المواطن، وأنه أخبر صاحب القرار بالتبعات السلبية لقراره، ولكنه لم يستمع له، وهو يبرئ ذمته لله وللتاريخ، وفي واقع الأمر تكتشف بعد فترة أنه هو من شجّع، وزيّن، وفصّل، القرار حسب رؤيته الشخصية الضيقة، أو حسب مصلحته الخاصة، ومصلحة الفئة التي يمثلها، ويتقاطع معها من خارج المؤسسة أحيانا، ثم قدمها للوزير على ورق من ذهب ليصدرها باسمه.

يحضرني الآن.. ذلك القرار المفاجئ الذي خرج قبل عدة سنوات، بجعل الدوام الرسمي لموظفي المؤسسات الحكومية من الساعة التاسعة صباحًا إلى الثالثة والنصف ظهرًا، وكيف خرج المسؤولون وأجهزة الإعلام، والصحفيون يُعددون مزايا الدوام الجديد، ويسردون انعكاساته الاجتماعية على الأسرة، وكيف أنه يتيح للموظفين الجلوس مع أبنائهم لساعات أطول، وصوروا القرار بالتاريخي، والمحوري، وغير ذلك من مصطلحات رنانة، وعل الرغم من سخط الموظفين، وتذمرهم من أوقات الدوام الجديدة، غير أن المسؤولين عن إصداره، رأوا ما لا يراه المواطن، وصوروا الوضع بصورة وردية، ليقنعوا الشارع برؤيتهم الثورية، وبعد فترة قصيرة تم الغاء القرار، وعودة الأمور إلى ما كانت عليه في دوام المؤسسات، وعادت الأقلام التي كانت تهلل، وتكبّر للقرار السابق، لتقلب قناعاتها رأسا على عقب مرة أخرى، وتشيد بعودة الأمور إلى طبيعتها!!

وحدث ذلك في قرارات مصيرية أحيانًا، منها فكرة طريق الباطنة الساحلي الضخم، والذي كلف الدولة مليارات من الريالات، وكان من أكثر المشاريع التنموية إنفاقًا، وغيّر الطبيعة الديموغرافية للسكان؛ بل ومحى من الخارطة آثارًا وأسواقًا تقليدية قديمة لا يمكن تعويضها من ذاكرة الناس، بسبب مسار الطريق، بينما تم بناء معظم منازل "التعويضات" للمستحقين من السكان في قلب "الخيران"؛ حيث يغرق القاطنون فيها حرفيًا بالماء مع كل نفة سيل؛ حيث يلتقي ماء المطر مع البحر، ورغم ذلك تم تصوير المشروع كواحد من أضخم المشاريع الاقتصادية التي ستنقل البلاد والعباد من حالة الركود، إلى حالة الازدهار الاقتصادي، وها هو الطريق ما يزال يسير ببطء شديد رغم الإعلان عنه في عام 2005، مع الإشارة إلى أن المشروع بدأ بالتحرك قليلًا خلال الفترة الماضية، إلّا أن ما فقدناه- كدولة وكأفراد- خلال السنوات الماضية لا يمكن تعويضه ببساطة.

في كل الأحوال فتّش عن "لوبي" مُصغّر، يهيمن على القرارات في كثير من المؤسسات، تقف خلف التعثر والإخفاقات في مفاصل المؤسسة، وهي من تزيّن المشاريع الفاشلة، وتغلّفها بغلاف مزركش، لتمررها، وتستفيد من محاصيلها، حينها ستكتشف أن المشهد من الداخل، مغاير تماما لما نراه، وأن الصورة الحقيقية مختلفة تماما عن الصورة التي نشاهدها من الخارج، فلا تلقي باللوم على وزير ما قبل أن تعرف من الذي يستشيره، ومن هم الذين يلتفون حوله، ومن يقف في "لوبي" مكتبه.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

لزرق: فوز ترامب يحسم ملف الوحدة الترابية

زنقة 20 ا الرباط

مباشرة بعد الإعلان فوز دولاند ترامب بكرسي الرئاسة الأمريكية اليوم الأربعاء انطلقت انطلقت تساؤلات عديدة حول مدى إمكانية تأثر مستقبل العلاقات بين الرباط وواشنطن بهذا الفوز، سيما بعد الاعتراف الأميركي في عهد الرئيس السابق ذاته دونالد ترامب لسيادة المغرب على الصحراء المغربية.

في هذا الصدد أكد رشيد لزرق، الأستاذ الجامعي ورئيس مركز شمال إفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية في تصريح لموقع Rue20، أن فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية رغم استطلاعات الرأي التي كانت تذهب إلى توازن بين المنافسين غير مسبوق في الحظوظ حتى اللحظات الأخيرة؛ لكن بعد ظهور النتائج، في الولايات الحاسمة، أظهرت تفوق ترامب، خاصة في جورجيا وبنسلفانيا.

وأوضح لزرق أن هذا الأمر لن يمر دون طرح سؤال حول قدرة استطلاعات الرأي ومصداقيتها، إذ أن فوز الجمهوريين على حساب الديمقراطيين لم يقتصر فقط على فوز ترامب بالرئاسة، بل هيمنة الجمهوريين على الكونغرس، في مجلس النواب ومجلس الشيوخ، مما سيعطي ترامب سلطة واسعة في تنزيل وعوده الانتخابية.

وأبرز لزرق، أن “هذا يشكل تحولاً دراماتيكياً ضرب عرض الحائط التوقعات الكلاسيكية ويسائل قدرة وأدوات التنبؤ السياسي المستخدمة رغم ما عرفته من تطور كبير في التكنولوجيا وفي مناهج البحث والاستطلاعات السياسية، الأمر الذي يظهر أن علم السياسة يواجه تحديات في التنبؤ بنتائج الانتخابات بدقة. أمام التغييرات التي يعرفها السلوك الانتخابي للناخب الأمريكي أمام تأثير شبكات التواصل الاجتماعي، والتحولات الديموغرافية السريعة في المجتمع الأمريكي، مما يجعل من الواضح محدودية الاعتماد على النماذج الكلاسيكية للتنبؤ السياسي.

وشدد ورئيس مركز شمال إفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية على أن فوز الجمهوريين قد يعني علاقتهم أوطد مع المغرب أكثر من الديمقراطيين، من حيث المبدأ قد يساهم في جرأة أمريكية أكثر في حسم ملف الوحدة الترابية، خاصة وأن الاعتراف الرئاسي كان في الوقت الأخير من عهد ترامب، والذي اتخذ مجموعة من الإجراءات من بينها إنشاء قنصلية الولايات المتحدة في مدينة الداخلة، ويدعم استثمارات وكالة التنمية الأمريكية التي وعدت بخمسة مليارات دولار لتعزيز الوجود الأمريكي في منطقة غرب إفريقيا، وتقديم الدعم في مكافحة الإرهاب والتنمية الاقتصادية” مشيرا إلى أن” المقياس الحالي هو تفعيل هذه الاتفاقيات”.

وتابع زريق أن” المغرب يسير قدما في ظل التحولات الجيوسياسية التي تعرفها المنطقة، وما يشهده المحيط الدولي من متغيرات عديدة، إلى الانتقال من مرحلة تدبير قضية الوحدة الترابية إلى مرحلة حسمها عبر التوجه إلى سحب القضية من اللجنة الرابعة في الأمم المتحدة. وتحتاج هذه الخطوة إلى جهود دبلوماسية وتقديم حجج قانونية وواقعية”.

واعتبر المتحدث ذاته، أنه” قبل سلوك المغرب لهذه المسطرة، لا بد من تقديم مطالبة رسمية إلى الأمانة العامة للأمم المتحدة. وضمن هذا التوجه، يعمل المغرب على حشد الدعم الدبلوماسي من الدول الأعضاء في الجمعية العامة، إذ يحتاج للحصول على أغلبية أصوات الدول الأعضاء في الجمعية العامة، أي ثلثي الدول الأعضاء الحاضرة والتي تصوت.

وأشار لرزق إلى أن الطلب المغربي يستند إلى حجج تاريخية وقانونية تؤكد أن القضية هي قضية وحدة ترابية”، مضيفا أنه” بعد الحصول على الموافقة على القرار، يتم رفع القضية من جدول أعمال اللجنة الرابعة بشكل رسمي”.

مقالات مشابهة

  • رئيس مؤسسة النفط يشارك باجتماع مجلس صناع التغيير في ابوظبي
  • إهمال الوحدة الصحية أهم مشكلات قرية الدويرات بالمنشأة
  • رئيس صندوق الإسكان الاجتماعي تؤكد دعم المؤسسات الدولية مثل البنك الدولي
  • الضامة تُبعد لاعب الوحدة 21 يومًا
  • إعلام إسرائيلي: المؤسسة الأمنية لا تزال قلقة من إقالة رئيس الأركان ورئيس الشاباك
  • الملك يعلن عن إعادة هيكلة لحقل المؤسسات الموجهة لمغاربة العالم
  • لزرق: فوز ترامب يحسم ملف الوحدة الترابية
  • تصفح صحيفة الوحدة العدد 1263
  • كرم جبر يهنئ رئيس وأعضاء المجلس القومي للمرأة بمناسبة صدور القرار الجمهوري بتوليهم مهام مناصبهم
  • رئيس «العاشر من رمضان»: 88% نسبة إنجاز مشروع سكن لكل المصريين في الحي 21