جريدة الرؤية العمانية:
2025-03-04@07:35:50 GMT

اللوبي

تاريخ النشر: 27th, April 2024 GMT

اللوبي

 

مسعود الحمداني

Samawat2004@live.com

 

في كثير من المؤسسات يوجد "لوبي" صغير، يتحكم في مجريات الأمور، ويفصّل القرارات، ويسيطر على مفاصل المؤسسة، وقد يصل الأمر أحيانا إلى السيطرة على عقل "رئيس الوحدة"، وهو "لوبي" نشط، يجمع أفراده المصلحة الشخصية، وتتلاقى فيه مصالح "الكبار"، وكم من قرار خرج بعد تشاور وتدارس بين أفراد المجموعة، فتجدهم يزخرفون ذاك القرار بزخارف، ونمارق من حرير، ويستهلونه بديباجة مرصعة بالكلام، والأهداف، والمسار، ليتقبله رئيس الوحدة، ويتبناه، ويصدره، على اعتبار أنه متعلق بالشأن العام، أو مصلحة المواطن، والدولة، وكثيرًا ما أصدر الوزير أو رئيس الوحدة القرار، مقتنعًا بآراء "اللوبي"، فاصطدم بالشارع، وصب الناس جام غضبهم على من أصدر القرار، دون أن يعرفوا المشهد العام الذي خرج من خلاله.

والغريب أن نفس ذلك "اللوبي" يتبرأ من القرار حين يلاحظ سخط الناس، ويرمي تبعاته على عاتق الوزير أو رئيس الوحدة، ويصطف في خانة المتذمرين، ويشحذ همة الساخطين، ويدّعي أنه وقف في وجه المسؤولين في المؤسسة، وحارب من أجل المواطن، وأنه أخبر صاحب القرار بالتبعات السلبية لقراره، ولكنه لم يستمع له، وهو يبرئ ذمته لله وللتاريخ، وفي واقع الأمر تكتشف بعد فترة أنه هو من شجّع، وزيّن، وفصّل، القرار حسب رؤيته الشخصية الضيقة، أو حسب مصلحته الخاصة، ومصلحة الفئة التي يمثلها، ويتقاطع معها من خارج المؤسسة أحيانا، ثم قدمها للوزير على ورق من ذهب ليصدرها باسمه.

يحضرني الآن.. ذلك القرار المفاجئ الذي خرج قبل عدة سنوات، بجعل الدوام الرسمي لموظفي المؤسسات الحكومية من الساعة التاسعة صباحًا إلى الثالثة والنصف ظهرًا، وكيف خرج المسؤولون وأجهزة الإعلام، والصحفيون يُعددون مزايا الدوام الجديد، ويسردون انعكاساته الاجتماعية على الأسرة، وكيف أنه يتيح للموظفين الجلوس مع أبنائهم لساعات أطول، وصوروا القرار بالتاريخي، والمحوري، وغير ذلك من مصطلحات رنانة، وعل الرغم من سخط الموظفين، وتذمرهم من أوقات الدوام الجديدة، غير أن المسؤولين عن إصداره، رأوا ما لا يراه المواطن، وصوروا الوضع بصورة وردية، ليقنعوا الشارع برؤيتهم الثورية، وبعد فترة قصيرة تم الغاء القرار، وعودة الأمور إلى ما كانت عليه في دوام المؤسسات، وعادت الأقلام التي كانت تهلل، وتكبّر للقرار السابق، لتقلب قناعاتها رأسا على عقب مرة أخرى، وتشيد بعودة الأمور إلى طبيعتها!!

وحدث ذلك في قرارات مصيرية أحيانًا، منها فكرة طريق الباطنة الساحلي الضخم، والذي كلف الدولة مليارات من الريالات، وكان من أكثر المشاريع التنموية إنفاقًا، وغيّر الطبيعة الديموغرافية للسكان؛ بل ومحى من الخارطة آثارًا وأسواقًا تقليدية قديمة لا يمكن تعويضها من ذاكرة الناس، بسبب مسار الطريق، بينما تم بناء معظم منازل "التعويضات" للمستحقين من السكان في قلب "الخيران"؛ حيث يغرق القاطنون فيها حرفيًا بالماء مع كل نفة سيل؛ حيث يلتقي ماء المطر مع البحر، ورغم ذلك تم تصوير المشروع كواحد من أضخم المشاريع الاقتصادية التي ستنقل البلاد والعباد من حالة الركود، إلى حالة الازدهار الاقتصادي، وها هو الطريق ما يزال يسير ببطء شديد رغم الإعلان عنه في عام 2005، مع الإشارة إلى أن المشروع بدأ بالتحرك قليلًا خلال الفترة الماضية، إلّا أن ما فقدناه- كدولة وكأفراد- خلال السنوات الماضية لا يمكن تعويضه ببساطة.

في كل الأحوال فتّش عن "لوبي" مُصغّر، يهيمن على القرارات في كثير من المؤسسات، تقف خلف التعثر والإخفاقات في مفاصل المؤسسة، وهي من تزيّن المشاريع الفاشلة، وتغلّفها بغلاف مزركش، لتمررها، وتستفيد من محاصيلها، حينها ستكتشف أن المشهد من الداخل، مغاير تماما لما نراه، وأن الصورة الحقيقية مختلفة تماما عن الصورة التي نشاهدها من الخارج، فلا تلقي باللوم على وزير ما قبل أن تعرف من الذي يستشيره، ومن هم الذين يلتفون حوله، ومن يقف في "لوبي" مكتبه.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

بالتعاون مع بنك الطعام و الأورمان.. أورنچ مصر تعزز مبادراتها المجتمعية خلال رمضان

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تواصل أورنچ مصر، المشغل المتكامل للاتصالات، التزامها بالمسؤولية المجتمعية خلال شهر رمضان المبارك من خلال سلسلة من المبادرات الخيرية التي تستهدف دعم الفئات الأكثر احتياجًا وتعزيز قيم التضامن والمشاركة المجتمعية.

أبرز مبادرات أورنچ مصر خلال رمضان:

تعبئة وتوزيع صناديق رمضان:
أطلقت “أورنچ” حملة لتعبئة صناديق رمضان داخل مقرها، بمشاركة عدد كبير من الموظفين المتطوعين، وبالتعاون مع بنك الطعام المصري وجمعية الأورمان، حضر الفعالية المهندس ياسر شاكر، الرئيس التنفيذي لأورنچ مصر، مؤكدًا أهمية إشراك الموظفين في جهود المسؤولية المجتمعية، ومن المقرر توزيع الصناديق على الأسر الأكثر احتياجًا في المناطق الريفية لضمان وصول المواد الغذائية الأساسية إليهم خلال الشهر الكريم.

 مبادرة "التبرع المضاعف" عبر "أورنچ كاش":
للعام الثاني على التوالي، تطلق أورنچ مبادرة "التبرع المضاعف" عبر محفظة أورنچ كاش، حيث تقوم الشركة بمضاعفة التبرعات التي يتم إرسالها عبر المحفظة لصالح المؤسسات غير الحكومية العاملة في مجالي التنمية والصحة، مما يعزز قدرة هذه المؤسسات على تقديم خدماتها وتوسيع نطاق دعمها للمجتمع.

تنظيم موائد إفطار وسحور يومية:
بالتعاون مع بنك الطعام المصري، تقيم أورنچ مصر خيامًا رمضانية في القاهرة والإسكندرية، تقدم وجبات الإفطار والسحور يوميًا، ليستفيد منها آلاف الأشخاص، في أجواء تعكس قيم التكافل والتراحم.

من خلال هذه المبادرات، تؤكد أورنچ مصر التزامها المستمر بتحسين حياة الأفراد وتعزيز روح المشاركة والتعاون خلال الشهر الفضيل، بما يعكس دورها كشركة مسؤولة تسهم بفاعلية في دعم المجتمع المصري.

مقالات مشابهة

  • رئيس مؤسسة النفط: عودة كبرى الشركات للاستكشاف ستعزز مكانة ليبيا بين الدول النفطية
  • رئيس جامعة المنوفية يلقى محاضرة فى البرنامج التدريبى لشغل الوظائف القيادية
  • رئيس جامعة المنوفية يحاضر في برنامج تأهيل القادة بالمركز الدولي لتنمية القدرات
  • رئيس "الإنجيلية" يشكر السيسي على قرار إعادة تشكيل مجلس أوقاف الطائفة
  • الصبيحي .. كلام خطير يثير القلق
  • الصحفيين تخاطب المؤسسات لاختيار الأمهات المثاليات بين الصحفيات لعام 2025
  • «الخليج العربي» تُكرّم رئيس مؤسسة النفط على جهوده في تعزيز الإنتاج
  • تحذير مهم من البنك المركزي
  • من اسبانيا.. ركاش يستعرض فرض الاستثمار بالجزائر
  • بالتعاون مع بنك الطعام و الأورمان.. أورنچ مصر تعزز مبادراتها المجتمعية خلال رمضان