بـ «صلبان وقلوب وتيجان» الإسكندرية تتزين بزعف النخيل احتفالاً بأحد الشعانين
تاريخ النشر: 27th, April 2024 GMT
تُطل علينا عروس البحر المتوسط، مدينة الإسكندرية العريقة، بثوبها المُطرز بخيوط من الإيمان والبهجة، استعدادًا للاحتفال بأحد الشعانين، أحد أهم الأعياد الدينية لدى المسيحيين وهو الذي يرمز إلى دخول السيد المسيح مدينة اورشليم الذي استقبلوه سكانه بالزعف و الخوص فا منذ الساعات الأولى من صباح اليوم السبت، بدأت شوارع الإسكندرية تنبض بالحياة استعدادًا لهذا اليوم المُقدس، حيث اتّشحت الشوارع المجاورة للكنائس بِباعة يفترشون الأرض بعرض مُنتجاتهم المُميزة من خواتم و صلبان مصنوعة بإتقان من سعف النخيل، التي ترمز الي الحب والسلام، حرص أقباط الإسكندرية على شراء سعف النخيل، حاملين معه عبق الإيمان والفرح، ليُزينوا به بيوتهم تعبيرًا عن سعادتهم بهذه المناسبة المُباركة.
و تميز هذه الاحتفالات بالمشاركة الفاعلة من قبل جميع أفراد العائلة، حيث حرص الكبار والصغار على حمل سعف النخيل والتوجه إلى الكنيسة لحضور قداس أحد الشعانين، والذي تميز بتوزيع أغصان الزيتون المباركة على المصلين. وارتسمت على وجوه المشاركين ابتسامات عريضة تعكس فرحتهم العميقة بهذا اليوم المميز، تجسيدًا لمعنى الإيمان والأمل الذي يملا قلوبهم.
من جانبه قال نادر أبو كاراس، أحد بائعي السعف بمنطقة سيدي بشر، إنهم يصنعون العديد من الأشكال منها: "الصليب والقلوب والجدايل وسنابل القمح المُضفرة والتيجان والخواتم والأساور"، موضحا أن تلك العادة تهدف إلى إدخال السرور على الجميع كبارا وصغارا و أنه يصنع تلك الأشكال في هذا المكان منذ 9 سنوات، مضيفا أنه يبدأ في تضفير الزعف قبل أيام من عيد و يأتي من يوم السبت يفترش بالقرب من كنيسة القديسين لعرض المنتجات الذي ضفرها هو و أسرته مؤكدا أن الأسعار هذا العام ارتفعت عن الأعوام الماضية و السبب في ذلك هو التجار و يقمومن بسحب الكمية الخوص و الزعف من نصف شهر آبريل و ايضا الحاله الاقتصادية التي تمر بها البلا.
واضاف أن أسعار القلوب من 30 الي 35 جنيه و أن السعفة بلغ ثمنها 20 جنيها، فيما توجد صلبان مدفرة من السعف مسبقاً تبدأ ب40 جنيها، وترتفع وفقاً للحجم، فيما يبلغ ثمن السنبلة 20 أو 30 جنيه و سعر السنبلة هذا العام بـ 10 جنيهات على عكس العام السابق والتي كانت تُباع بـ 4 جنيهات، والإقبال في البيع خلال تلك الفترة على الجريد والخوص على شكل الصليب والقلب المصحوب ببوكية الورد موضحا أن تصميم تلك الأشكال يستغرق 10 دقائق، مؤكدا أن بيع تلك المنتجات غير مقتصر على المسيحيين فقط بل المسلمين يشترونها لإهدائها لأصدقائهم من المسيحيين لافتا أن السعف المُستخدم كله من نخيل، ولكن أجزاءه تختلف فمنها ما يصلح للتشكيل وآخر لا، لذا فرز السعف وتصنيفه.
وأضاف ميلاد مينا، بائع آخر للسعف، إن بيع تلك الأشكال يُعد طقس كنيسة يتم كل عام، ذاكرا أنه بدأ في تلك المهنة منذ 10 سنوات و أن كل أشكال السعف تُصنع يدويًا لا تُستخدم ماكينات لصناعتها نهائيا، ويتم تنفيذ نفس الأشكال التقليدية مع التجديد البسيط كل عام، قائلا: "فمن الأشكال الحديثة هذا العام شكل السلسلة بالصليب وتستغرق 5 دقائق لتنفيذها".
«إحنا ورثنا تضفير السعف أبا عن جد، وبنورثه لعيالنا، والموضوع مش مجرد أنه باب رزق، لأ طبعا، دي عادة سنوية وربنا ما يقطع لنا عادة، بنفرح بها وبنفرح بها غيرنا» هكذا تحكي «أم هاني» أحد أشهر باعة السعف في الإسكندرية أنهم يأتون بالسعف مع جمعة ختام الصوم أي قبل احتفال أحد السعف بيومين، يعملون على تضفيره وإخراج مجسمات العيد.
وقال هاني جرجس، نجلها، أطراف الحديث، إن تلك المهنة هي مهنة مناسبات لذا فلا تعد عملا أساسيا، إلا أنها بهجة العام بالنسبة لهم، و«البركة» على حد قوله، التي تبارك أعمالهم الأخرى مؤكدا أن لكل زبون مبتغاه، فهناك من يرغب في شراء السعفة وتشكيلها مع أطفاله في منزلهم، وآخرون يرغبون في شرائها جاهزة لوضعها في المنزل.
ويُعدّ أحد الشعانين مناسبة دينية هامة تُجسد ذكرى دخول السيد المسيح مدينة القدس راكبًا على حمار وسط استقبال حافل من أهالي المدينة. ويرمز سعف النخيل في هذا اليوم إلى النصر والسلام، كما يُمثل تذكارًا لإيمان المسيحيين ورجاءهم في الخلاص و تُعدّ احتفالات أقباط الإسكندرية بأحد الشعانين تقليدًا عريقًا حافظوا عليه عبر الأجيال، تجسيدًا لتراثهم الديني العريق وارتباطهم الوثيق بمعتقداتهم. وتُشكل هذه الاحتفالات فرصة للتعبير عن مشاعر الفرح والأمل في حياة أفضل، وترسيخ قيم المحبة والتسامح التي تنادي بها الديانة المسيحية و قد تحرص الكنائس على تزيينها بأجمل ما لديها من زينة، بينما تعلي أصوات الترانيم الدينية في سماء المدينة، ممزوجة بمشاعر الفرح والخشوع التي غمرت قلوب المشاركين.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الإسكندرية كنيسة القديسين أحد الشعانین سعف النخیل
إقرأ أيضاً:
رحلة ألف عام: متحف عالم التمور يعيد إحياء تاريخ النخيل في التراث العربي
في إطار فعاليات معرض عالم التمور 2024، الذي يُقام في واجهة الرياض للمعارض والمؤتمرات، يستقطب متحف عالم التمور اهتمام الزوار من مختلف الفئات، ليأخذهم في رحلة زمنية تمتد لأكثر من ألف عام. المتحف، الذي يُعد أحد أبرز مكونات المعرض، يسلط الضوء على العلاقة الوثيقة بين التمور والنخيل في التاريخ والثقافة العربية.
ويعرض المتحف مجموعة من المخطوطات التراثية والأدوات الزراعية القديمة، التي تبرز دور التمور والنخيل في تشكيل الهوية الثقافية والاجتماعية للجزيرة العربية. من بين المعروضات اللافتة للنظر، أدوات تقليدية كانت تُستخدم في زراعة النخيل وجني التمور، بالإضافة إلى وثائق أدبية ونصوص تاريخية تذكر النخيل كرمز للكرم والرخاء في التراث العربي.
ويتضمن المتحف عروضًا مرئية ومجسمات تفاعلية، تروي قصة النخيل والتمور عبر العصور. من خلال شاشات عرض كبيرة ومقاطع فيديو، يمكن للزوار استكشاف مراحل تطور زراعة النخيل في المملكة، بداية من الأساليب التقليدية وصولًا إلى التقنيات الحديثة المستخدمة في الزراعة الذكية.
كما يبرز المتحف أهمية التمور في الأدب العربي، حيث تم توثيقها كجزء من الحياة اليومية والأمثال الشعبية التي تمجد دور النخيل في توفير الغذاء والظل، مما يعزز ارتباطها العاطفي والثقافي بالمجتمعات المحلية.
ويقدم المتحف تجربة تفاعلية مميزة، حيث يمكن للزوار الاطلاع على أنواع التمور المختلفة التي اشتهرت بها مناطق المملكة، مثل السكري من القصيم، والخلاص من الأحساء، والعجوة من المدينة المنورة. يتمتع الزوار أيضًا بفرصة مشاهدة عملية توثيق مراحل تخزين التمور عبر العصور وكيفية تحولها إلى منتج اقتصادي استراتيجي.
وإلى جانب الماضي، يعكس المتحف رؤية المملكة نحو تطوير قطاع التمور، حيث يعرض تطور الصناعات التحويلية مثل إنتاج العصائر، المخبوزات، وحتى المشروبات المبتكرة مثل مشروب كولا بسكر التمر. هذه المبادرات تبرز أهمية التمور كمحرك اقتصادي يدعم رؤية السعودية 2030 لتنويع الاقتصاد الوطني.
ختامًا، يُعد متحف عالم التمور محطة أساسية لكل زائر، يسعى لفهم الأبعاد الثقافية والاقتصادية للتمور، مع إحياء تاريخ يمتد لألف عام من العلاقة الوثيقة بين الإنسان والنخيل. تجربة لا تُفوَّت تُدمج بين التعلم والاستمتاع، في قلب العاصمة الرياض.
معرض عالم التمور: تجربة طهي حي تمزج بين التراث والابتكار
يشهد معرض عالم التمور 2024، المقام في واجهة الرياض للمعارض والمؤتمرات، فعالية فريدة من نوعها وهي تجربة الطهي الحي، التي تجمع بين الابتكار والتراث لتقديم أطباق عالمية ومحلية تعتمد على التمور كمكون رئيسي. الفعالية تُبرز الإمكانات الهائلة للتمور السعودية في صناعة الأغذية الحديثة، وتستقطب اهتمام الزوار من مختلف الفئات، محليًا ودوليًا.
في منطقة الطهي الحي، يُبدع الطهاة المحليون والدوليون في إعداد أطباق مبتكرة باستخدام التمور، حيث يتم تقديم وجبات تجمع بين النكهات التقليدية والتقنيات الحديثة. تشمل الأطباق المتنوعة سلطات بالتمر، مشروبات مبتكرة، حلويات فاخرة، وأطباق رئيسية تضيف التمور لمسة غنية بالنكهة والقيمة الغذائية.
يتيح هذا النشاط التفاعلي للزوار فرصة مشاهدة الطهاة أثناء العمل، مع شرح حي للمكونات وكيفية دمج التمور بطرق مبتكرة. كما يمكن للزوار تذوق الأطباق والتعرف على وصفاتها، مما يخلق تجربة تعليمية وترفيهية في الوقت ذاته.
اقرأ أيضاًالمجتمعأمير حائل يلتقي مدير التعليم بالمنطقة
وتستضيف الفعالية نخبة من الطهاة المحليين والعالميين الذين يعرضون مهاراتهم في تقديم أطباق فريدة تعتمد على التمور. كما تشارك شخصيات جماهيرية في تعزيز الحضور الإعلامي للفعالية، مما يضيف أجواء تفاعلية ويزيد من التفاعل بين الجمهور والطهاة.
وتهدف تجربة الطهي الحي إلى تسليط الضوء على التمور كعنصر أساسي في صناعة الأغذية العالمية. ويؤكد الطهاة المشاركون أن التمور تتميز بمرونتها في الاستخدام، مما يجعلها مكونًا مثاليًا للحلويات، المشروبات، وحتى الأطباق المالحة. كما أن هذه الفعالية لا تقتصر على إبراز القيمة الغذائية للتمور، بل تُظهر أيضًا الإمكانات الاقتصادية الهائلة التي تقدمها لصناعة الأغذية الحديثة، حيث يمكن للمنتجين المحليين الاستفادة من الطلب العالمي المتزايد على المنتجات الصحية والمستدامة.
وتُعد منطقة الطهي الحي فرصة استثنائية للزوار لاكتشاف إمكانيات جديدة للتمور في المطبخ الحديث. إلى جانب التذوق، توفر الفعالية ورش عمل صغيرة لتعريف المشاركين بطرق استخدام التمور في أطباقهم اليومية