صدى البلد:
2024-10-01@21:23:27 GMT

ما حكم الحج عن الغير تبرعًا؟ .. الإفتاء تجيب

تاريخ النشر: 27th, April 2024 GMT

أجابت دار الإفتاء المصرية عن سؤال ورد اليها عبر موقعها الرسمي مضمونة:"حكم الحج عن الغير تبرعًا؟ فأنا كنتُ قد حَجَجتُ عن نفسي مِن قَبْل، وفي هذا العام كان لي صديق مريضٌ، فقمتُ بمشاورته في أن أحُجَّ عنه مع تحملي لنفقة السَّفَر، فهل يشترط أن يشاركني صديقي في النفقة، أو يجوز لي أن أحجَّ عنه دون مساهمةٍ منه في نفقة الحج؟".

وردت دار الإفتاء موضحة أن النيابة عن الحي في الحج جائزةٌ شرعًا، مع اشتراط كون المحجوج عنه عاجزًا عن الحج بنفسه، وأن تكون النيابة بإذن مُسْبقٍ منه، ولا يُشترط أن تكون نفقة الحجِّ من مال العاجز عن الحجِّ، فمن حجَّ عن غيره وكانت النَّفقةُ من ماله وليست مال الشخص العاجز، فالحجُّ صحيحٌ حينئذٍ؛ أخذًا بما ذهب إليه الشافعية في أحد الوجهين، وعملًا بما قَرَّره الأصوليون من أنَّ تصرُّفات المكلفين وأفعالهم بعد صدورها منهم محمولة على ما صحَّ من مذاهب المجتهدين وأقوالهم، ومتى وافق عمل العامي قول أحد المجتهدين ممَن يقول بالصحة أو الحل كفاهُ ذلك، ولا إثم عليه باتفاق العلماء.

أفضل دعاء تبدأ وتختم به يومك.. واظب عليه تحذير للرجال.. هذا الفعل يجعلكم أبغض الناس عند الله

ضوابط الحج عن الغير

الحج من العبادات التي أناطها الله سبحانه وتعالى بالاستطاعة، قال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران: 97].

وأجمع الفقهاء على أنَّ مَن عليه حجة الإِسلام وهو قادرٌ على أنْ يحج بنفسه، فلا يُجزئه أن يحج غيرُه عنه، كما في "الإشراف" للإمام ابن المنذر (3/ 389، ط. مكتبة مكة الثقافية)، و"المغني" للإمام ابن قدامة (3/ 223، ط. مكتبة القاهرة).

وأَمَّا العاجزُ الذي لا يُرجَى زوال عجزه إذا وَجَد مَن ينوب عنه في أداء الفريضة، فيجوز -على المختار للفتوى- أن ينيب غيره عنه في أداء الفريضة، بناء على ما صَرَّح به الحنفية والشافعية والحنابلة من مشروعية النيابة في الحج إذا توافرت شروطها، والتي منها: أن يكون المحجوج عنه عاجزًا عن أداء الحج بنفسه، ووافقهم في ذلك المالكية في قولٍ، كما تقرَّر في "البناية" لبدر الدين العَيْني الحنفي (4/ 470، ط. دار الكتب العلمية)، و"الذخيرة" للقرافي المالكي (3/ 193، ط. دار الغرب الإسلامي)، و"أسنى المطالب" لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي (1/ 450، ط. دار الكتاب الإسلامي)، و"شرح المنتهى" للبُهُوتي الحنبلي (1/ 519، ط. عالم الكتب).

والأصل في جواز النيابة عن الغير في الحج: ما ورد عن أبي رَزِينٍ العُقَيْلِي رضي الله عنه قال: قلتُ: يا رسول الله، إنَّ أبي شيخٌ كبير لا يستطيع الحجَّ ولا العمرة ولا الظَّعْن، قال: «حُجَّ عَنْ أَبِيكَ وَاعْتَمِرْ» أخرجه الترمذي وأبو داود وابن ماجه في "سننهم"، وأحمد في "مسنده"، والحاكم في "المستدرك"، وقال: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ".

وعن عبد الله بن بريدة، عن أبيه رضي الله عنه، قال: بَيْنَما أَنَا جَالِسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه وسَلَّمَ، إِذْ أَتَتْهُ امْرَأَةٌ، فَقَالَتْ: إِنِّي تَصَدَّقْتُ عَلَى أُمِّي بِجَارِيَةٍ، وَإِنَّهَا مَاتَتْ، قَالَ: فَقَالَ: «وَجَبَ أَجْرُكِ، وَرَدَّهَا عَلَيْكِ الْمِيرَاثُ". قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ كَانَ عَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ، أَفَأَصُومُ عَنْهَا؟ قَالَ: "صُومِي عَنْهَا". قَالَتْ: إِنَّهَا لَمْ تَحُجَّ قَطُّ، أَفَأَحُجُّ عَنْهَا؟ قَالَ: "حُجِّي عَنْهَا» رواه مسلم.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ: لَبَّيْكَ عَنْ شُبْرُمَةَ.

قَالَ: «مَنْ شُبْرُمَةُ؟" قَالَ: أَخٌ لِي -أَوْ قَرِيبٌ لِي- قَالَ: "حَجَجْتَ عَنْ نَفْسِكَ؟" قَالَ: لَا. قَالَ: "حُجَّ عَنْ نَفْسِكَ ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ» رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه في "سننهم".

فقد أجاز النبي صلى الله عليه وآله وسلم النيابةَ في الحج عن الغير بالسُّنَّةِ القوليةِ والتقريريةِ، وذلك باعتبار عجز الواجب عليه الحج أن يؤديه بنفسه.

ومن شروط النيابة في الحج عن الحي التي نَصَّ عليها الجمهور أيضًا: تَوقُّفها على إذن المحجوجِ عنه؛ لأنَّ الحج يفتقر إلى النية، ونيةُ الحي كإذنه، أَمَّا الميت فلا تتوقَّف النيابة عنه على إذنه قبل موته، أو عدم إذنه، ومعنى النيابة في ذلك: أن يكون الإذنُ بالمنوب فيه سابقًا على الشروع في الفعل، وهو ما نصَّ عليه الفقهاء في سياق كلامهم عن الحج عمَّن عَجَز عنه. يُنظر: "بدائع الصنائع" للكاساني الحنفي (2/ 213، ط. دار الكتب العلمية)، و"المجموع" للنووي (7/ 114، ط. دار الفكر)، و"المغني" لابن قدامة الحنبلي (3/ 226).

حكم الحج عن الغير تبرعًا

اشترط الحنفيةُ في جواز النيابة في الحج: أن تكون نفقة الحج من مال المحجوج عنه لا من غيره، كما في "بدائع الصنائع" للكاساني الحنفي (2/ 212-213)، والمعنى في هذا الشرط: أنَّ فرض الحَجِّ تعلَّق بمال العاجز بالبدن، فإذا لم يحج من ماله لم يسقط الحكم، وأيضًا لعِظَم الـمِنَّة مِن الغير في ذلك الأمر.

وما اشترطه الحنفيةُ هو مذهب الشافعية في أصحِّ الوجهين، كما في "روضة الطالبين" لمحيي الدين النَّوَوي الشافعي (3/ 15، ط. المكتب الإسلامي)، وهو المفهوم مِن كلام الحنابلة تخريجًا على كلامهم في تَبرُّع قائدِ الأعمى في الحج بأجرته، كما في "كشاف القناع" لأبي السَّعَادات البـُهُوتي الحنبلي (2/ 392، ط. دار الكتب العلمية).

ومقابل الأصح عند الشافعية صِحَّةُ التبرع بالمال في الحج عن الغير، سواء كان المُتبرِّع بالحج ولدًا للمحجوج عنه أو أجنبيًّا عنه، كما نصَّ على ذلك الإمام محيي الدين النَّوَوي في "المجموع" (7/ 94-95، ط. دار الفكر).

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: النیابة فی فی الحج ن الغیر کما فی الله ع

إقرأ أيضاً:

دار الإفتاء تضع روشتة لـ التوبة من تتبع عورات الناس والغيبة وارتكاب الكبائر

التوبة هي الرجوع إلى الله تعالى، وترك المعصية والندم على فعلها والعزم على عدم العودة إليها. وهي واجبة على كل مسلم من جميع الذنوب، كبيرة كانت أو صغيرة.

والتوبة أمر واجب على كل مؤمن، في كل حال، ومن كل ذنب. والتائب يحبه الله، والتوبة من أسباب الفلاح في الدنيا، وأن الله يقبل التوبة من عباده ويتجاوز عن الذنوب مهما عظمت.

شروط التوبة في حق من ارتكب الكبائر

وفي هذا السياق، قالت دار الإفتاء المصرية: إن من ارتكب الكبائر مثل الزنا، وشرب الخمر، والقمار، والحصول على أموال وأشياء ليست من حقه، ولا يستطيع ردها، لأنه غير قادرٍ ماديًّا، أو غيرها، عليه ألَّا يتحدث بها وقد سترها الله عليه، وإلَّا كان من المجاهرين، وعليه أن يبادر بالتوبة إلى الله، بالندم الشديد على ما فعل، والعزم الصادق على ألَّا يرجع إلى المعصية، وليُكثر من الاستغفار وقراءة القرآن والصلاة وعمل الخير أملًا في رحمة الله ومغفرته ورضوانه، فقد ورد أن هذه الأمور تكفِّر الذنوب وتمحو الخطايا، قال تعالى: ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [الفرقان: 70]، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن» رواه أحمد.

آيات من القرآن الكريم قبول توبة من وقع في الفاحشة عدة مرات

وأوضحت دار الإفتاء، أن الله تعالى واسع المغفرة، وقد قضى سبحانه وتعالى أن رحمته تسع جميع الأشياء، وأن لطفُه يشمل خلقه وعبادَه، فإذا تاب العبد توبة خالصة قَبِلَ الله توبته حتى لو ارتكب أشنع المعاصي، لأن باب التوبة مفتوح لن يُغلق أبدًا إلا إذا وصلت الروح الحلقوم، وليس ذلك فحسب بل إن حسُنت التوبة من الإنسان، فإن الله عز وجل يُبَدِّل سيئاته حسنات.

كيفية التوبة من الغيبة

وأضافت الإفتاء، أن التوبة تتحقق من الغيبة بشروط، الندم على ما صدر من غيبة، والإقلاع عنها، والاستغفار من هذا الذنب الجسيم، والإخلاص في التوبة إلى الله عزَّ وجلَّ منه، مع العزم على عدم الرجوع إليه مرة أخرى، حتى تكون التوبة توبة نصوحًا، كما يلزم الدعاء والاستغفار لِمَن وقعت عليه الغيبة، ومحاولة ذكر محاسنه ومدحه في مواطن غيبته، ولا يلزم التحلل بإعلام مَنْ اغْتِيب، كما هو المختار للفتوى، لأن إعلامه مما يُدخل الكدر والغم على قلبه، وربما أدى إلى ضرر وعداوة بينهما يترتب عليها شرٌّ أكبر من الغيبة، وهذا مما يناقض مقصود الشارع في تحقق التعاطف والتراحم والمحبة بين الناس، إذ اعتناء الشارع بالمنهيات أشد من اعتنائه بالمأمورات، فكانت المفسدة في إعلام من اغتيب بالغيبة أعظم من التحلل منها، وقد تقرر في قواعد الشرع الشريف: "دَرْءُ الْمَفَاسِدِ أَوْلَى مِنْ جَلْبِ الْمَصَالِحِ".

أستغفر الله كيفية التوبة من تتبع عورات الناس

وتابعت الدار، أن تتبع عورات الآخرين والتشوف إلى الاطلاع عليها من الأخلاق السيئة والأمور المحرمة التي تُشيع الفساد في المجتمع، فيجب على من يفعلها التوبة والإنابة والتحلل بطلب العفو والمسامحة ممن ظلمهم بتلك الطريقة إذا علموا بما فعله واقترفه، وإلا فليتب فيما بينه وبين ربه، ويستغفر لهم، ولا يحمله ما اطّلَع عليه من عورات هؤلاء الناس على كرههم ولا الحط من قدرهم.

اقرأ أيضاً«ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا».. دعاء التوبة مكتوب (ردده الآن)

دعاء التوبة من الذنب المتكرر.. ردده ليغفر الله له

ماهو شرط التوبة من تعاطي المخدارت؟.. أستاذ بالأزهر يوضح «فيديو»

مقالات مشابهة

  • الشيخ الفيزازي: نصر الله عدو للمغاربة ولا يجوز الترحم عليه
  • تفسير حلم الحج لشخص آخر
  • لماذا إيفرست تحتفظ بلقب أعلى قمة في العالم.. دراسة تجيب
  • استمرار الاحتفالات بميلاد النبي "صلى الله عليه وسلم" بأوقاف الفيوم.. صور
  • «الإفتاء» توضح حكم التشارك في الطعام والشراب في إناء واحد
  • صلاة الكسوف.. فضلها وعدد ركعاتها ووقتها وكيفية أدائها
  • كيف أحمي نفسي من السحر؟.. الإفتاء تُجيب
  • الفيزازي: نصر الله قاتل المغاربة ولا يجوز الترحم عليه
  • دار الإفتاء تضع روشتة لـ التوبة من تتبع عورات الناس والغيبة وارتكاب الكبائر
  • وقفات مَع وفاةِ النبيّ صلى الله عليه وسلم