الجزيرة:
2024-09-30@16:46:40 GMT

كيف كانت إيران طوق نجاة لإسرائيل؟

تاريخ النشر: 27th, April 2024 GMT

كيف كانت إيران طوق نجاة لإسرائيل؟

"لا إحباطَ ولا خيبةَ أمل".. هكذا كان شعور أغلبنا ونحن نرى اللانتائج التي حقّقها الردّ الإيراني على إسرائيل بعد أن قصفت الأخيرة القنصلية الإيرانية في دمشق، فقتلت عددًا من كبار جنرالاتها. لم يخب أملنا، وكان هذا انعكاسًا صارخًا للوضع المأساوي الذي نعيشه.

ورغم الوحشية غير المسبوقة التي تمارسها إسرائيل على قطاع غزة منذ سبعة أشهر، والتي تعد إبادة جماعية حقيقية، لا يزال العالم ينتظر تدخلًا مخلصًا لوقف هذه المجازر، دون أن تبادر أية قوة إلى اتخاذ خطوة جدية في هذا الاتجاه.

وتكمن المأساة في أنّ إسرائيل نفسها تبدي رغبة شديدة في حدوث تدخل إيراني، خاصة من خلال ضربات عسكرية. ويرجع ذلك إلى أن الولايات المتحدة وأوروبا، اللتين تقدمان لإسرائيل دعمًا لا محدودًا حتى في جرائمها ضد الإنسانية، قد بدأتا تقللان من دعمهما لإسرائيل في عدوانها على غزة، ليس بسبب حجم الجرائم المرتكبة، بل بسبب عدم كفاءة إسرائيل في تنفيذها. فمن وجهة نظر إسرائيل، فإن هجومًا إيرانيًا قد يحول الصراع بسرعة من محور حماس-إسرائيل إلى محور إيران-إسرائيل، مما قد يشكل دعمًا منقذًا لإسرائيل وخاصة لنتنياهو.

ويتّضح جليًا أن معاداة إيران لإسرائيل لم تلحق أيّ ضرر فعلي بإسرائيل حتى الآن. وإن كان ميزان الربح والخسارة في التوتر القائم بين الدولتين، واضحًا خلال تاريخهما الطويل. فمن وجهة نظر إيران تعد معاداة إسرائيل، بل حتى معاداة الولايات المتحدة، عاملًا داخليًا فعالًا للغاية؛ لتعزيز شرعية النظام. فعندما يواجه النظام الضغوط من قبل المعارضة، تصبح الأزمات المفتعلة مع إسرائيل أو الولايات المتحدة، أداة لإعادة فرض حالة الطوارئ بسرعة.

كما أنّ تهديدات إيران لدول الخليج العربية مفيدة للغاية بالنسبة للولايات المتحدة. فرغم أنّها لم تتطور أبدًا إلى صراع فعلي، إلا أنها تساهم في ضمان اعتماد دول الخليج على الولايات المتحدة في مجال الدفاع بشكل مستمر ودون قيود.

وقبل نحو عشرين عامًا، أدت العمليات العسكرية التي قادتها الولايات المتحدة ضد صدام حسين – الذي كان في ذلك الوقت يشكل تهديدًا حقيقيًا لإسرائيل بتسليحه الجيد وقدراته العسكرية التي اكتسبها في حروبه – إلى تسليم العراق إلى إيران على طبق من ذهب. طبعًا يمكن كتابة القصة التي أدّت إلى هذه النتيجة بطرق مختلفة إذا رغبنا، ولكنها ستكون قصصًا مفتعلة ومتكلفة.

منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول مُنيت إسرائيل بهزائم لم تشهدها في تاريخها، فقد تحولت منظمة استخباراتها الأسطورية إلى مهزلة، وأصبحت القبة الحديدية التي روّجوا أنها غير قابلة للاختراق أشبه بالغربال. ومُنِيَ جيشها القوي، الذي تأسّس بدعم من الولايات المتحدة الأميركية، بهزيمة تلو الأخرى أمام كتائب القسام.

ولكن في محاولة لإخفاء هزيمتها، تواصل إسرائيل اختبار قوة أسلحتها في القتل الجماعي والمجازر، وجرائم الإبادة الجماعية، مما يغرقها أكثر فأكثر في وحل الهزيمة.

وبعد انقطاع دام سبع سنوات منذ ثورات الربيع العربي، عاد المفكر المصري فهمي هويدي إلى الكتابة في موقع الجزيرة نت؛ إيمانًا منه بأنه لا يمكنه البقاء متفرجًا على ما يحدث في إسرائيل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول. وقد تضمنت مقالاته اقتباسات عديدة تعبر عن وجهة نظر إسرائيل فيما حدث منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول. على سبيل المثال:

"إسرائيل هُزمت بشكل كامل، فأهداف الحرب لن تتحقق، والأسرى لن يعودوا بالعمل العسكري، والأمن لا يزال هدفًا صعب المنال" (هآرتس 13 أبريل/نيسان). "عصر انتصارات إسرائيل انتهى، وحماس أرادت أن تعلمنا بأن هناك عربيًا آخر غير الذي رأيناه في كامب ديفيد أو أوسلو" (أمنون إبراموفيتش، المحلل السياسي البارز في الإعلام العبري (13 يناير/كانون الثاني). "الحرب انتهت بهزيمة إستراتيجية لنا، ونحن الآن في ورطة" (حاييم رامون وزير العدل السابق- (11 أبريل/نسيان).

"إسرائيل خسرت الحرب ضد حماس، صورة النصر الوحيدة المتاحة لنا هي الإطاحة بنتنياهو، وإجراء انتخابات جديدة، (دان حالوتس رئيس أركان جيش الاحتلال السابق- ديسمبر/كانون الأول 2023). "نصف سنة بالضبط مرت على نشوب الحرب، وعلى إسرائيل احتساب المسار. كل الأهداف التي قدمت لنا تبين أن الطريق أصبح بعيدًا عن تحقيقها"، (يوآن ليمور المعلق السياسي في يديعوت أحرونوت).

"حماس لم تهزم إسرائيل فحسب، بل هزمت الغرب كله، (ألون مزراحي كاتب وإعلامي 5 أبريل/نيسان). " لا حياة لنا (للإسرائيليين)، إذا لم نندمج في فضاء الشرق الأوسط، لقد علمنا انهيار كافة أنظمة الدفاع العسكرية والبشرية والتكنولوجية في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أنه لا يمكننا الاعتماد فقط على قوتنا وقدراتنا. فالدفاع العسكري وحده لن يؤمّن حياتنا هنا. وإذا كنا لا نريد أن نكون حلقة عابرة في المنطقة مثل المملكة الصليبية، فليس أمامنا إلا أن نجد المعتدلين من العرب ونتحالف معهم، (أمنون ليفي، يديعوت أحرونوت (6 أبريل/نيسان).

تؤكد هذه الشهادات، أن إسرائيل ورئيس وزرائها نتنياهو في موقف لا يحسدان عليه، على الرغم من كل التكبر والغطرسة التي يبديانها. فقد فشل نتنياهو، خلال سبعة أشهر، في تحقيق أي من الأهداف التي وعد بها في مغامرته التي جرّ إليها نفسه والولايات المتحدة وأصدقاءها الأوروبيين، مما جعله في مأزق حقيقي.

ولم يكن سرًا أن نتنياهو كان يبحث عن مخرج من قطاع غزة، بعد أن تحولت الحرب إلى فخ حقيقي له، مما دفعه إلى توسيع نطاق الحرب بشكل مسيطر لخلق ذريعة للخروج من القطاع. ولذلك شن هجومًا استفزازيًا على أهداف إيرانية في دمشق، قبل أن تبادر إيران بالرد، وفي الواقع فإن الهجوم على أهداف إيرانية في دمشق دون سبب ودون مبرر والزجّ القسري لإيران في اللعبة، لم يُبقِ أمام الأخيرة أي خيار آخر. إذ لم يكن ممكنًا لها أن تتجاهل الهجوم على منشآتها وكأنه لم يحدث.

ولكن في نهاية المطاف، فإن الصورة التي برزت هي عودة إسرائيل إلى صورة الضحيّة، وهي الصورة التي كانت بدأت تفقدها وتفقد معها زخم الدعم الأميركي والأوروبي؛ بسبب جرائم الإبادة الجماعية التي تواصل ارتكابها في غزة، فسارعت تلك الدول إلى إصدار بيانات تضامن مع إسرائيل وإدانة إيران وهجومها الذي لم يتسبب في مقتل أي إنسان. وهي ذات الدول التي – للمفارقة- تمتنع على مدى الأشهر الماضية عن إصدار أي بيان إدانة ضد جرائم الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في القطاع.

أبرز آثار تلك المواجهة السينمائية بين إسرائيل وإيران هو إبعاد الأضواء عن قضية الإبادة الجماعية في غزة عن صدارة المشهد، وكأن الصراع لم يعد بين غزة وإسرائيل، بل أصبح بين إسرائيل وإيران. وفي ظل هذه الظروف، بدأ أصدقاء إسرائيل الأوروبيون، الذين كانوا يترددون في دعم إسرائيل بشكل علني؛ بسبب جرائمها الفادحة، يعبّرون عن دعمهم لإسرائيل بشكل أوضح وأقوى في هذا الصراع الجديد بين إيران وإسرائيل.

ولكن، لا يمكننا طبعًا أن نسمح بحدوث ذلك. فكل محاولة لإبعاد غزة عن صدارة المشهد، تعد مساعدة لإسرائيل وخيانة للإنسانيّة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات أکتوبر تشرین الأول الولایات المتحدة الإبادة الجماعیة إسرائیل فی

إقرأ أيضاً:

خوفي علي أرض ومشروع الجزيرة من التلوث

د. فراج الشيخ الفزاري

==========
منذ انداع هذه الحرب اللعينة وتمديد حدودها الجغرافية...كان قلبي علي اهلي العزل في السودان بغض النظر عن الجنس أو القبيلة أو الملة أو الدين أو الجهة فالقاتل والمقتول في النهاية سوداني.
وازداد خوفي وقلقي وتضاعف عندما وصلت ولاية الجزيرة..حيث الموارد الطبيعية الحقيقية للسودان...ارضا وماء وزرعا وانسانا...
ذلك أن الحرب هي العدو الأول للبيئة ...هي الملوث الأخطر للماء والهواء والتربة وكل الأمكنة ..وهو تلوث كيماوي شديد الخطورة ، يعرفه علماء البيئة ويخافون ويتوجسون من وقوعه...
هناك آثار ملموسة قد نشاهدها في الضحايا المغلوبون علي أمرهم مثل الاختناقات الضاغطة علي الصدر والرئة.. والرشح والطفح علي الإنف والجلد والعيون..والحساسية المفرطة...بجانب حالات الخوف والهلع والهستيرياواضطرابات ما بعد الصدمة التي تصيب الصغار والكبار...وكلها اعراض .تعتبر خفيفة مقارنة بما يخبئه لهم القدر في مستقبل أيامهم علي المدي القريب و البعيد..
علي المدي القريب والبعيد نسبيا..قد تظهر اعراض سرطانية خطيرة وعاهات وتشوهات تجعل الحياة في غاية التعاسة والشقاء.. وتجعل هم القطاع الصحي برمته منهوكا في معالجتها علي حساب الجودة والكفاية العلاجية والتفكير في تطوير الخدمات..
أما الحدث الأكبر والأخطر الغائب عن حسابات المتحاربين هو خطورة التلوث البيئي الذي سيطول (أرض المحبة) أرض الجزيرة ...ومشروع الجزيرة ...
لقد تعرضت مناطق كثيرة الي التلوث من جراء القصف الناري بمختلف انواع القذائف والرصاص...المعروفة وغير المعروفة...وتلك هي الأخطر مثل الفسفور الأبيض وهي مواد تحتاج إلى عشرات السنين للتخلص من سميتها بعد غسل التربة...
وهذه الخطورة موجودة ايضا في مزارع وبساتين ومترات ولاية الخرطوم الزراعية...في الباقير وابوحليمة والجيلي...وحتى المشاتل الصغيرة في البيوت ستكون عرضة للتلوث ولا تصلح للإنتاج المعافي الا بعد المعالجات الزراعية الجادة حتى تستعيد الأرض والتربة عافيتها..
لهذا.. التفكير في إعادة بناء ما دمرته الحرب يجب أن يضع في الحسبان إعادة الإصلاح الزراعي وتأهيل الأراضي ويستوجب ذلك بالضرورة استقدام
الشركات العالمية المتخصصة في مجال المسوح البيئية ومنها مسح ال (EIA)
Environmental Impact Assessment
حتى تثبت الدراسات خلو الأرض من الملوثات اولا...ثم إعادة التأهيل حتى تصبح صالحة للزراعة ومؤهلة للإنتاج الزراعي الآمن الخالي من الملوثات.
د. فراج الشيخ الفزاري
رئيس لجنة شؤون البيئة/
تجمع الأكاديميين والباحثين والخبراء السودانيين.
f.4u4f@hotmail.com  

مقالات مشابهة

  • نائب حسن نصر الله يكشف أسماء القيادات التي كانت مع الأخير ولقيت مصرعها بعملية الاغتيال بضاحية بيروت الجنوبية
  • سلطنة عمان تؤكد للعالم ضرورة وضع حد للإبادة الجماعية التي تمارسها إسرائيل
  • كاتب كندي: نداءات السلام التي أطلقها المؤيدون الغربيون لإسرائيل تمثيلية ساخرة
  • إسرائيل: الولايات المتحدة كانت على علم بالغارات على الحديدة
  • هل تحاول إسرائيل جر أمريكا إلى حرب ضد إيران؟
  • "أكسيوس": إسرائيل طلبت من واشنطن ردع إيران بعد اغتيال نصر الله
  • خوفي علي أرض ومشروع الجزيرة من التلوث
  • «الجارديان»: هل تستطيع إسرائيل تجنب الوقوع في نفس الأخطاء التي ارتكبتها خلال هجومها البري السابق على لبنان؟
  • ما نوع القنابل التي استخدمتها إسرائيل بـهجوم الضاحية.. إيران تفصح
  • لماذا تعتبر إيران الحرب ضد إسرائيل فخا؟