قال مرصد الأزهر في مقال له نشرته وحدة رصد اللغة التركية إن تنظيم داعش الإرهابي اعتمد على اللامركزية التي تعني عدم وجود القرارات -لا سيما العسكرية- في يد قيادة التنظيم وحدها، حيث يمنح التنظيم قياداته الميدانية حرية التصرف التكتيكي وتغيير الأهداف خصوصًا في إستراتيجية التوسع إبان سيطرته المكانية، كما يمنح ذئابه المنفردة ضوء أخضر لتنفيذ عمليات من تلقاء أنفسهم والإعلان عنها وقت التنفيذ أو بعدها عن طريق مقاطع مرئية تُجهز قبل التنفيذ وتنشر عقبه.

وتابع المرصد أن تنظيم داعش الإرهابي من التنظيمات التي تقر بهزائمها بالتوازي مع السعي إلى التكيف معها، ومن المؤكد أن النهج اللا مركزي يسهم بقوة في هذا الأمر، إذ يسهل عملية تطوره وسهولة تحركه وتفاعله مع الهزيمة. وهذا ما كشفت عنه الولايات المتحدة في خلال مؤتمر دولي عقد في "واشنطن" عام ٢٠١٨ من أن تنظيم داعش يتطوّر ويتكيّف مع الهزائم التي مُني بها في كل من العراق وسوريا، محذرة من أن تبنيه إستراتيجية اللا مركزية يجعله أكثر انتشارًا وخطورة.

وأكد المرصد أن من الاستراتيجيات التي يتبعها التنظيم هي إستراتيجية التوسع، ذلك لأن تنظيم داعش ليس صاحب بنية ثابتة على الدوام، فتأتي فيه الأوامر عبر تسلسل قيادي من الأعلى إلى الأدنى، أي إذا سقط قائد من السلسلة تتوقف الأمور؛ بل يوجد في التنظيم وحدات قتالية خاصة منحها قادة التنظيم استقلالية في اتخاذ قرارات تكتيكية دون الرجوع إلى القادة. وهذا من قبيل اللا مركزية والمرونة التكتيكية؛ وسببها الرئيس هو عدم وجود بنية تسلسلية للتنظيم، وهو ما ساعد التنظيم كثيرًا في انتصاراته العسكرية قبل تكوين التحالف الدولي.

كما استفاد تنظيم داعش من تجربة تنظيم القاعدة الذي تأثر كثيرًا باستهداف قياداته، وعلى رأسها "أسامة بن لادن" الذي كان لديه مركزية القرار والإعلام، واستهدفته القوات الأميريكية على الأراضي الباكستانية. كذلك استفاد التنظيم من مقتل "أبو مصعب الزرقاوي" الذي كان ظهوره في أحد المقاطع من أسباب تحديد مكانه، ومن ثم، حرص تنظيم داعش على اللا مركزية في الإعلام، وأخفى قادته تمامًا عن الظهور الإعلامي، باستثناء ظهور "أبو بكر البغدادي" على منبر مسجد النوري الكبير في عام ٢٠١٤ لإعلان دولته المزعومة ثم ظهوره بعدها بخمس سنوات لإعلان نهايتها المكانية. 

واشار إلى أن هذا النهج اللا مركزي قد جعل أفراد التنظيم غير متعلقين كليًّا بقائدهم الذي على رأس التنظيم. بذلك لا تكون تصفيته مسوغًا حقيقيًّا لحل تنظيم داعش كما هي الحال في التنظيمات الإرهابية الأخرى التي ارتبط أفرادها بزعيم التنظيم لأسباب تتعلق بشخصيته والكاريزما التي يتمتع بها، ذلك بأن تنظيم القاعدة فقد جزءًا كبيرًا من قوته بسبب موت "بن لادن".

كما اعتمد التنظيم على استراتيجية تسهيل عمل الخلايا النائمة حيث  نقلت اعترافات بعض المتطرِّفين من المحكوم عليهم آلية عمل الخلايا النائمة وكيفية تمويلها، فحسب تقرير مصور لقناة الحدث التلفزيونية، قال أحد المسجونين (وقد كان مسئولًا عن أحد خلايا داعش النائمة): إن عدد هذه الخلايا كبيرٌ للغاية، سواء داخل الأراضي التي كان يسيطرُ عليها التنظيم أو خارجها، وأن أفراد كل خلية يتواصلون فيما بينهم بالشفرات من خلال الهواتف، وأن من من يدير الخلية ويصدر لها الأوامر هو الوالي "المزعوم" في منطقة الخلية، وأن الخلايا منتشرة في مناطق مختلفة من "سوريا" مثل: "إدلب"، و"الرقة"، و"منبج"، و"جرابلس"

وتابع المرصد  أن من أهم تداعيات تبني تنظيم داعش إستراتيجية اللا مركزية  هو البقاء والتمديد حيث أن الضربات التي تلقاها التنظيم لم تقض عليه قضاءً مُبرَمًا، بل استطاع التنظيم البقاء وإعادة تنظيم صفوفه، وشن هجمات إرهابية في بعض الدول بسبب اللا مركزية في نظام الإدارة.

وكذلك القدرة على تنفيذ عمليات إرهابية فقد أثبتت الشواهد، أن معدل عمليات تنظيم داعش لا تنحسر - على المدى البعيد - باستهداف قياداته، وذلك بسبب إدارته اللا مركزية التي مكنته من استمرار نشاطه، وإطلاق الإصدارات بين الحين والآخر، وتنفيذ العمليات التي يتبناها في بلدان مختلفة. وهذا النمط الإداري قائم على هذه الإستراتيجية التي تحث كل مؤيد أو متعاطف على تنفيذ أي عمل يلحق ضررًا بالعدو المفترض أو بمصالحه.


واكد المرصد ان اعتماد داعش إستراتيجية اللا مركزية مكنه من التكيف بسرعة مع الهزائم التي تعرض لها، وهذا يمثل أحد أوجه قوته مقارنة بالتنظيمات الإرهابية الأخرى، لذا لا يجب استبعاد خطورة داعش في أي وقت، كما ينبغي في الوقت ذاته مكافحته عسكريًّا وفكريًّا، وعدم الاستهانة بالمكافحة الفكرية، ووضع خطط ومناهج لها، مع تتبّع العائدين من ميادينه السابقة تحسّبًا لتحولهم إلى ذئاب منفردة.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: اللا مرکزیة تنظیم داعش أن تنظیم

إقرأ أيضاً:

وزير الدفاع الأمريكي: نحتاج إبقاء قواتنا في سوريا لمواجهة تنظيم الدولة

قال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، إن الولايات المتحدة بحاجة إلى إبقاء قواتها في سوريا لمنع تنظيم داعش من إعادة تشكيل تهديد كبير بعد الإطاحة بحكومة بشار الأسد، وفقا لوكالة أسوشيتد برس.

وأضاف أوستن، في إحدى مقابلاته الأخيرة قبل مغادرته منصبه إنه لا تزال هناك حاجة لوجود قوات أمريكية هناك، خاصة لضمان أمن معسكرات الاعتقال التي تضمّ عشرات الآلاف من مقاتلي التنظيم السابقين وأفراد أسرهم.

وأوضح أوستن في قاعدة رامشتاين الجوية في ألمانيا، حيث سافر لمناقشة المساعدات العسكرية لأوكرانيا مع حوالي 50 دولة شريكة: “أعتقد أن مقاتلي داعش سيعودون إلى التيار الرئيسي إذا تُركت سوريا دون حماية”.


ووفقا لتقديرات، هناك ما بين 8 إلى 10 آلاف مقاتل من تنظيم داعش في المعسكرات، ويعتبر ألفان منهم على الأقل شديدي الخطورة، بحسب الوكالة.

والأسبوع الماضي،  أكدت وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون”، عدم وجود أي خطط أو نوايا لإقامة قاعدة أمريكية في منطقة عين العرب التابعة لمحافظة حلب شمالي سوريا.

وقالت نائبة المتحدث باسم الوزارة سابرينا سينغ، خلال مؤتمر صحفي، تعليقا على أخبار حول إقامة قاعدة عسكرية أمريكية في عين العرب: "اطلعت على بعض تلك الأخبار، لا يوجد خطة لبناء قاعدة عسكرية في كوباني".

وأكدت سينغ أن الجنود الأمريكيين موجودون في سوريا لهزيمة تنظيم داعش الإرهابي بشكل دائم"، مضيفة أن "عين العرب تخلو من الجنود الأمريكيين".

وتابعت: "لا يوجد حاليا خطة أو نية لإنشاء أي قاعدة في كوباني، لست متأكدة من مصدر هذه الأنباء، كما شددت أن الولايات المتحدة تدعم سلامة الأراضي السورية وعملية الاستقرار السياسي، إلا أن هذا لن يكون ممكنا، إلا من خلال القضاء على تنظيم الدولة والجماعات الإرهابية الأخرى.

والشهر الماضي، كشفت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون"، أن هناك 2000 جندي أمريكي في سوريا، وهو رقم أعلى من الرقم المعلن سابقا وهو 900 جندي.

وقال المتحدث باسم البنتاغون، باتريك رايدر: "كما تعلمون، دائما كنا نقول؛ إن هناك حوالي 900 جندي أمريكي موجودون في سوريا، علمت اليوم أن هناك عمليا حوالي 2000 جندي أمريكي في سوريا".

وأضاف رايدر خلال حديثه للصحفيين، أنه "لا يعرف منذ متى وصل العدد إلى 2000 جندي، لكن ربما كان ذلك منذ أشهر على الأقل، وقبل سقوط الرئيس السوري بشار الأسد".

ووفقا لرايدر، كان يوجد 900 عسكري في سوريا عندما كان بشار الأسد لا يزال رئيسا، وأُرسلت قوات إضافية إلى البلد لتعزيز "مهمة دحر تنظيم الدولة".

كما أضاف أن الجنود الإضافيين بمنزلة قوات مؤقتة، أُرسلت لدعم مهمة محاربة تنظيم داعش.



وعقب سيطرة المعارضة السورية على دمشق، شدد نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي، جون فاينر، على أن قوات بلاده ستبقى في سوريا بعد سقوط نظام الأسد، في إطار مهمة لمكافحة الإرهاب، تركز على تدمير تنظيم الدولة.

وأضاف خلال مقابلة بمؤتمر رويترز نكست في نيويورك، أن "هذه القوات موجودة لسبب محدد ومهم للغاية، وليس كورقة للمساومة بطريقة ما".

وأشار إلى أن القوات الأمريكية "موجودة هناك الآن منذ ما يربو على عقد من الزمان أو أكثر لمحاربة تنظيم الدولة"، مؤكدا: "ما زلنا ملتزمين بهذه المهمة".

مقالات مشابهة

  • وزير الدفاع الأمريكي: نحتاج إبقاء قواتنا في سوريا لمواجهة تنظيم الدولة
  • البنتاجون: مهمتنا في العراق وسوريا تهدف إلى منع عودة تنظيم داعش
  • حادث نيو أورليانز يكشف استمرار خطر تنظيم داعش الإرهابي
  • مقتل أحد عناصر التحالف وإصابة 2 خلال ضربة ضد تنظيم الدولة في العراق
  • سنتكوم: مقتل أحد عناصر قوات التحالف وإصابة آخرين خلال ضربة ضد تنظيم داعش بالعراق
  • الأزهر: 2024 سجل رقما غير مسبوق في أعداد مقتحمي المسجد الأقصى
  • تنظيم داعش الآن أصبح امتيازا
  • صاحب اللحية الحمراء..هل أصبح زعيم داعش في الصومال قائد التنظيم الحقيقي؟
  • اعتقال القعقاع مسؤول إعادة تنظيم خلايا داعش ببغداد
  • مرصد الأزهر: رقم قياسي جديد لمقتحمي المسجد الأقصى في 2024