عمان- الشغف عاطفة قوية تلهمنا للقيام بأشياء رائعة، كما أن السعي وراء الشغف أو القيام بالأشياء التي نتحمس لها يجلب الإشباع العاطفي. لكن يمكن للأيام السيئة والأوقات الصعبة أن تعطل هذا الشغف، فماذا تفعل عندما تشعر أن شغفك يتضاءل؟ وكيف تستعيده؟
للإجابة عن هذا السؤال، أجرت مدربة التنمية البشرية ومهارات الحياة سوسن كيلاني -بالتعاون مع الجزيرة نت- استبيانا يسيرا لآراء مشاركين عن الشغف وعناصره.
وكشف الاستبيان عن أن الأغلبية تعترف بأن هناك شغفا ما رافق حياتهم، وأنهم قد فقدوه في مرحلة ما، لكنه لا يزال موجودا في انتظار الفرصة المناسبة.
وأما عن استعادة الشغف، فقد تنوعت الإجابات من التركيز على الثقة بالله وحسن الظن به، إلى ثقة الشخص بإرادته وبرمجة عقله وتطوير إمكانياته بالتدريب والتطوير، إضافة إلى الاعتماد على البيئة المناسبة والداعمة والاستمتاع بالتفاصيل الصغيرة والكبيرة.
تقول ربى صالح (33 عاما) للجزيرة نت "الشغف مهم جدا، لأنه يجعلنا نُقبل على الحياة كل يوم بروح جديدة، يجعلنا نتصرف مع الأحداث بثقة وحب وإصرار على الوصول مهما كانت الصعوبات".
وعن الشغف واستعادته، تقول عبير سلطان (45 عاما) "الشغف لا ينعدم؛ يبقى في باطني حتى تحين الفرصة المناسبة، أجد المتعة في القراءة وأنا مستلقية، أو أخيط شيئا ما لمجرد الخياطة وليس الحاجة، وأداعب سطح الورقة بفرشاة جافة، لأسكت شغفي بحب الرسم".
الشغف قوة استثنائيةوتعلق المدربة الكيلاني بأن "الشغف هو المحبة الزائدة التي تستولي على التفكير وتقود إلى العمل، حتى ولو فوق القدرات العادية للبشر أو في بعض الأحيان قد تكون ضد قناعاتهم".
وترى المدربة أن الشغف قوة استثنائية إذا ترافقت مع إرادة قوية وبيئة مناسبة، يمكن أن تنتج إبداعات لا حدود لها، لأنها تقفز بإمكانات الإنسان إلى الحدود القصوى، واعتبرت أن أجمل حالات الشغف هي أن تعمل ويكون مصدر رزقك شيئا تحبه وتستمتع به وأنت مندمج بخيالك وإمكاناتك، فتكون النتيجة النجاح الباهر.
وتضيف "استعادة الشعور الجميل الذي يرافق الإنجاز القائم على الشغف يجعل العقل متحفزا وراغبا في المزيد، وهو بذلك يكون الدافع لاستعادة الشغف والمضي قدما".
ويُعرَف المختص في الطب النفسي الدكتور مازن مقابلة الشغف بأنه الدافع النفسي الداخلي للإنسان لتحقيق غاية معينة سواء كانت مادية أو معنوية، لذلك هو وقود السعي والتغير والتطور، وفي حال فقدانه يُصبح الإنسان عاجزا من الداخل حتى لو كانت جميع الظروف الخارجية مناسبة.
ومن الجانب العضوي، يشرح مقابلة بأن هناك عديدا من النواقل العصبية في الدماغ مسؤولة عن وجود الشغف، أهمها الدوبامين، والسيروتونين، والأدرينالين وغيرها، وفي حال تدني مستويات هذه المواد في الدماغ، يتناقص شغف الإنسان تدريجيا وربما يفقده.
ولذلك تُقسم الأسباب المؤدية لفقدان الشغف إلى الأنواع الآتية:
أسباب مَرضية: كالأمراض الجسدية أو الاضطرابات النفسية مثل الفصام العقلي (الشيزوفرينيا)، واضطرابات المزاج (الاكتئاب، والاضطراب العاطفي ثنائي القطب)، واضطرابات القلق والتوتر، والوسواس القهري.
الإدمان: سواء كان على المواد المخدرة والمؤثرات العقلية أو كان على سلوك معين، مثل: المقامرة، الألعاب الإلكترونية، هوس الشراء أو التسوق، الأكل العاطفي وغيرها، وجميع أنواع الإدمان هذه تعطي الإنسان شعورا بالنشوة المؤقتة التي تزول بسرعة وتعمل على استهلاك عديد من النواقل العصبية بشكل كبير، أهمها الدوبامين، وتؤدي إلى نضوبها في الدماغ.
أسباب غير مَرضية: منها تقييد حرية الإنسان أو إجباره على قول أو فعل ما لا يرغب فيه، وتجريد الإنسان وحرمانه من كرامته أو احترامه أو حقوقه الأساسية، مما يدفعه إلى التفكير في البقاء والنجاة فقط من دون أي رغبة في التطور أو التغير.
وينصح مقابلة بأن تكون الطرق العلاجية مبنية على استهداف مسببات فقدان الشغف، بحيث إذا كانت أمراضا جسدية، فيجب التوجه للأطباء من مختلف الاختصاصات لعلاجها، أما إذا كانت اضطرابات نفسية أو إدمانا، فيجب التوجه للأطباء والأخصائيين النفسيين.
يرشح الخبراء بعض الطرق للوصول إلى ذروة الإنجاز واستعادة الشغف، ومنها:
أخذ استراحة: خذ استراحة من شغفك، لا تفكر فيه أو تقلق بشأنه، وأبعده عن ذهنك لفترة من الوقت، وبمجرد أن تعود إليه مرة أخرى ستلاحظ نتائج جيدة. وضع أهداف مختلفة لشغفك: قد تعاني نقص العاطفة بسبب الرتابة؛ من الصعب أن تظل مشرقا ومتحمسا لفعل الشيء نفسه مرارا وتكرارا. قد يساعد التنوع في تحفيز إبداعك وإعادتك إلى التدفق الصحيح للأشياء. التفكير في سبب بدايتك: أحيانا يتم تأجيج الشغف لأننا ببساطة نشعر بقوة تجاه شيء ما، ربما لا يكون مربحا، وربما لا يوفر كثيرا من المكافآت أو حتى الشعور بالرضا. البحث عن تغيير البيئة: ربما لم تفقد شغفك بشكل كامل، ويمكن للبيئة السامة أو الناس أن يفعلوا الكثير لقتل استمتاعك بنشاط ما، لذلك فكر في تغيير تلك البيئة وقد يتجدد شغفك.المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
دراسة: صحراء الربع الخالي كانت تضم بحيرة ومروج خضراء قبل 9 آلاف سنة
كشف فريق دولي في دراسة نشرت يوم الأربعاء أن الربع الخالي، إحدى أكبر الصحاري في العالم كانت في يوم من الأيام موطنا لبحيرة ضخمة ونظام أنهار.
وأشارت الدراسة الحديثة، وفق وكالة الأنباء الألمانية، إلى أن تلك الصحراء الشاسعة في شبه الجزيرة العربية، كانت موجودة منذ ما لا يقل عن 11 مليون سنة، مما يجعلها واحدة من أكبر الحواجز الجغرافية الحيوية على الأرض. وقد حد وجودها من انتشار البشر والحيوانات الأوائل بين أفريقيا وأوراسيا.
ولكن دراسة جديدة نشرت في مجلة نيتشر تقول إن الربع الخالي كان يكتسب خضرة وخصوبة بانتظام على مدى 8 ملايين عام. وفي مرحلة ما، كان يحتوي على بحيرة وصل عمقها إلى 42 مترا ومساحتها 1100 كيلومتر مربع قبل حوالي 9 آلاف سنة.
ووفقا للفريق الدولي، ساعدت الظروف المواتية في المنطقة على نشوء الأراضي العشبية والسافانا، مما سمح بهجرة البشر والحيوانات حتى عادت موجة الجفاف.
وقال عبد الله زكي، زميل ما بعد الدكتوراة في كلية جاكسون لعلوم الأرض بجامعة تكساس: “يبرز عملنا وجود بحيرة قديمة، وصلت إلى ذروتها منذ حوالي 8 آلاف سنة، بالإضافة إلى أنهار وواد كبير شكلته المياه”.
وقال مايكل بيتراجليا، الأستاذ في جامعة غريفيث الأسترالية: “تشكيل المناظر الطبيعية للبحيرات والأنهار، إلى جانب الأراضي العشبية وظروف السافانا، كان سيؤدي إلى توسع مجموعات الصيد والجمع والمجموعات الرعوية عبر ما هو الآن صحراء جافة وقاحلة”.
وأشار بيتراجليا إلى أنه “قبل ستة آلاف سنة مضت، شهد الربع الخالي انخفاضا كبيرا في الأمطار، مما خلق ظروفا جافة وقاحلة، مما اضطر السكان للانتقال إلى بيئات أكثر ملاءمة وغير نمط حياة السكان البدو”.
دراسة: صحراء الربع الخالي كانت تضم بحيرة ومروج خضراء قبل 9 آلاف سنة