الدولار القوي.. مصدر قلق لاقتصادات العالم
تاريخ النشر: 27th, April 2024 GMT
يشهد الواقع المالي العالمي تحولا كبيرا حيث يستعرض الدولار الأميركي عضلاته، مدفوعا بـالنمو الاقتصادي القوي للولايات المتحدة وتغير معنويات المستثمرين. ومع إشارة الاحتياطي الاتحادي الأميركي (البنك المركزي ) إلى التردد في خفض أسعار الفائدة والاقتصاد الأميركي المزدهر، ارتفع الدولار بنسبة 4% مقابل سلة من العملات منذ بداية العام وفقا لتقرير أوردته مجلة الإيكونوميست اللندنية، محذرة من أن تصاعد الاضطرابات الجيوسياسية التي تهدد العالم ستؤدي لصعوبات اقتصادية في جميع أنحاء العالم.
وتقول المجلة إن التباين في الأداء الاقتصادي بين الولايات المتحدة وغيرها من الاقتصادات الكبرى يؤدي إلى زيادة هيمنة الدولار.
وفيما توسع الاقتصاد الأميركي بنسبة كبيرة بلغت 8% بحلول نهاية عام 2023، كافحت دول مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا واليابان لتحقيق معدلات نمو أعلى من 2%. وقد أدى هذا التباين الصارخ إلى انخفاضات كبيرة في عملات مثل الين واليورو، الأمر الذي أثار المخاوف بشأن استقرار ديناميكيات التجارة العالمية.
ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، يتحول الدولار القوي إلى نقطة اشتعال سياسية. وتشير الإيكونوميست إلى أن الدولار القوي يميل إلى تضخيم أسعار الصادرات الأميركية وتقليص تكاليف الواردات، مما يؤدي إلى اتساع العجز التجاري المستمر في البلاد، وهو مصدر قلق طويل الأمد لصناع السياسات.
ومن الممكن أن تؤدي إعادة انتخاب دونالد ترامب المحتملة في نوفمبر/تشرين الثاني القادم إلى تفاقم التوترات، حيث دعت إدارته في السابق إلى اتخاذ تدابير لخفض قيمة الدولار. وفي الوقت نفسه، تواجه أجندة التصنيع للرئيس جو بايدن تعقيدات في مواجهة العملة القوية.
وتمتد تداعيات قوة الدولار -وفقا للمجلة- إلى ما هو أبعد من ديناميكيات التجارة، فتؤثر على التضخم العالمي والاستقرار المالي.
ويشكل التضخم الناجم عن الواردات، إلى جانب ارتفاع أسعار النفط، تحديات أمام البلدان التي تعتمد على الواردات المقومة بالدولار. وعلاوة على ذلك، تواجه الشركات المثقلة بالديون بالدولار التزامات سداد متزايدة، الأمر الذي دفع المؤسسات المالية الدولية إلى إصدار تحذيرات بشأن المخاطر المحتملة التي تهدد الاستقرار العالمي.
من الممكن أن تؤدي إعادة انتخاب ترامب إلى تفاقم التوترات حيث دعت إدارته في السابق لتدابير لخفض الدولار (غيتي) تحديات المواجهةوتواجه الجهود الرامية إلى التصدي لارتفاع قيمة الدولار عقبات كبيرة، حيث تتراوح الخيارات بين بيع العملة إلى التنسيق الدولي. ورغم أن بعض البلدان تمتلك احتياطيات كبيرة من النقد الأجنبي، فإن مثل هذه التدابير لا تقدم سوى فترة راحة مؤقتة.
وقد شهد التعاون الدولي خطوات أولية، إلا أن التفاوتات الاقتصادية والسياسات النقدية المختلفة تؤدي إلى تعقيد العمل الموحد.
اليوان الصينيوقد تأثرت العملة الصينية، اليوان، بشكل خاص بقوة الدولار، حيث شهدت تدفقات كبيرة من النقد الأجنبي.
ويثير انخفاض قيمة اليوان مقابل الدولار مخاوف بشأن تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة والصين، مما قد يؤدي إلى إعادة إشعال النزاعات التجارية وتفاقم الاحتكاكات الجيوسياسية. فاليوان الرخيص يدعم الصادرات الصينية ويعزز الفائض التجاري الصيني مع الولايات المتحدة.
وتخلص الإيكونوميست إلى أن صعود الدولار الأميركي يمثل تحديات متعددة الأوجه للأسواق العالمية، من اختلال التوازن التجاري إلى التوترات الجيوسياسية. وما دام الاقتصاد الأميركي يحافظ على زخمه، فمن المتوقع أن تستمر هيمنة الدولار، مما يسلط الضوء على الحاجة إلى أساليب دقيقة للإبحار في المشهد الاقتصادي المتطور وتخفيف المخاطر المحتملة.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
إعصار تشيدو يكشف التوترات بين السكان المحليين والمهاجرين في مايوت
لم يتسبب الإعصار تشيدو في تدمير البنية التحتية الهشة في مايوت فحسب، بل كشف أيضًا عن التوترات عميقة الجذور بين السكان المحليين وأعداد المهاجرين الكبيرة فيها.
وتحمل آلاف الأشخاص الذين دخلوا الجزيرة بشكل غير قانوني وطأة العاصفة التي ضربت أرخبيل المحيط الهندي.
أخبار متعلقة ليس إعصار شيدو وحده.. الجفاف وسوء التغذية يضربان مايوت الفرنسيةحصيلة صادمة.. توقعات بارتفاع عدد قتلى إعصار "تشيدو" في فرنساصور| ساعات حرجة للبحث عن ناجين بعد إعصار شيدو في مايوت الفرنسيةوقالت السلطات في مايوت، أفقر أقاليم فرنسا، إن كثيرين تجنبوا الملاجئ الطارئة خوفا من الترحيل، مما جعلهم، وأحياء الصفيح التي يعيشون فيها، أكثر عرضة لدمار الإعصار. مع ذلك، فإن بعض السكان المقيمين بشكل قانوني المحبطين اتهموا الحكومة بتوجيه الموارد الشحيحة إلى المهاجرين على حسابهم.
قالت فاطمة، أمس السبت، وهي أم لخمسة أطفال تبلغ من العمر 46 عامًا وتعاني أسرتها من صعوبة العثور على مياه نظيفة منذ العاصفة: "لم أعد أحتمل الأمر، فمجرد الحصول على الماء أصبح أمرا معقدا".
وأضافت فاطمة، التي لم تذكر سوى اسمها الأول لأن عائلتها معروفة محليًا، أن "الجزيرة لا تستطيع دعم الأشخاص الذين يعيشون فيها، ناهيك عن السماح بوصول المزيد منهم".
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } التدمير في إقليم مايوت الفرنسي بعد إعصار شيدو- أ ف بجزيرة مايوت
يشار إلى أن جزيرة مايوت، وهي إقليم فرنسي، يقع بين مدغشقر وقارة أفريقيا، ويبلغ تعداد سكانها أكثر من 320 ألف نسمة، من بينهم ما يقدر بـ 100 ألف مهاجر، معظمهم قدموا من جزر القمر القريبة، والتي لا تبعد سوى 70 كيلومترا (43 ميلا).
وأصبحت الخدمات العامة الهشة في الجزيرة، المصممة لعدد سكان أقل بكثير، مثقلة بالأعباء.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد قال خلال زيارته هذا الأسبوع: "لا يمكن حل مشاكل مايوت دون معالجة الهجرة غير الشرعية"، معترفا بالصعوبات التي يفرضها النمو السكاني السريع في الجزيرة.
وأضاف أنه "رغم استثمارات الدولة إلا أن ضغوط المهاجرين جعلت كل شيء ينفجر". وزاد الإعصار من تفاقم مشاكل الجزيرة بعد أن دمر منازل ومدارس ومنشآت بنية تحتية رغم أن حصيلة الوفيات الرسمية تظل عند 35 قتيلا، فإن السلطات تقول إن أي تقديرات ربما تكون أقل بكثير من الحصيلة الحقيقية، مع وجود مخاوف من أن يكون المئات وربما الآلاف قد لقوا حتفهم. وفي الوقت ذاته، ارتفع عدد المصابين بجروح خطيرة إلى 78 مصابًا.
وتشكل أحياء الصفيح الخاصة بالمهاجرين، والمعروفة باسم "بانجاس"، مشكلة منذ فترة طويلة في مايوت.إعادة البناء
قال ماكرون: "هل يمكننا حل مشكلة أحياء الصفيح اليوم؟ الجواب هو لا. وسنتعامل معها خلال مرحلة تثبيت الاستقرار وإعادة البناء." ولدى معظم المهاجرين روابط عائلية في مايوت ويتحدثون نفس اللغة.
وهم يسعون إلى حياة أفضل في الجزيرة بدلا من السعي إلى الوصول إلى القارة الأوروبية. وبالنسبة للكثيرين، مثل نازكا أنطواني، وهي مواطنة من جزر القمر تعيش في مايوت منذ عقد من الزمان، فقد أثار الإعصار مخاوف بشأن التهجير.
هذه المخاوف ليست بلا أساس. ففي العام الماضي، أطلقت فرنسا عملية وامبوشو، وهي حملة مثيرة للجدل لهدم أحياء الصفيح وترحيل المهاجرين غير المسجلين. وألمح ماكرون إلى إمكانية استئناف سياسات مماثله، لكنه شدد على أن جهود إعادة الإعمار ستكون لها الأولوية.