مفتي الجمهورية: التشكيك في دور مصر أمر يدعو للتعجب.. و«الكنانة» ستظل ملاذا آمنا لكل مستضعف
تاريخ النشر: 27th, April 2024 GMT
قال فضيلة الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: إن الواقع يُملي علينا أهمية بحث التغيرات الاجتماعية والتطورات الأخلاقية التي تُحدثها الصراعات والحروب وما ينجم عنها من آثار سلبية خطيرة على الأفراد والمجتمعات المنكوبة بهذه الصراعات.
جاء ذلك خلال الكلمة التي ألقاها مفتي الجمهورية، في الجلسة الافتتاحية لـ المؤتمر الدولي الرابع لكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر (فرع القاهرة)، الذي يُعقد بمركز الأزهر للمؤتمرات في مدينة نصر، تحت عنوان: «المبادئ الأخلاقية والتشريعية في أوقات الصراعات والحروب»، خلال يومي 27 و28 أبريل 2024.
مقاصد الشريعة الإسلامية
وأوضح فضيلة المفتي، أن مقاصد الشريعة الإسلامية المطهرة تؤكد ضرورة العمل على حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال، وهي المقاصد الكلية التي جاءت الشرائع الإلهية بحفظها ولا تختلف الدساتير الإنسانية على ضرورة الحفاظ عليها، مؤكدًا أن رعاية هذه المقاصد والحفاظ عليها لا تتم إلا من خلال الالتزام الأخلاقي والقيمي الذي لا يسمح بمبدأ العدوان ولا يجيز الظلم والاعتداء تحت أي ذريعة من الذرائع التي تستخدمها الدول المعتدية لخوض هذه الحروب وفرضها في الواقع.
وأوضح فضيلته، أن الالتزام الأخلاقي يمنع من استعمال القوة حيثما تنفع المباحثات والمفاوضات، ولا تسمح باستعمال القوة المفرطة حالة الدفاع عن النفس، وكل هذا يندرج تحت قاعدة ارتكاب الضرر الأخف لدفع الضرر الأشد، والترجيح بين المصالح والمفاسد، كذلك فإن الالتزام بالقيم الأخلاقية يُحمِّلنا مسؤولية مساندة الشعوب المنكوبة والتخفيف من آثار العدوان، وذلك بكل الوسائل الممكنة من أجل رفع المعاناة عن الشعوب المظلومة التي تعاني من ويلات الصراعات والحروب والفتن.
وشدَّد مفتي الجمهورية على أنَّ العمل على حماية الأبرياء المنكوبين والمتضررين من جرَّاء الحروب والصراعات وبحث سُبل ووسائل إيصال المساعدات إليهم، وتخفيف آثار العدوان عليهم، لمن أهم انعكاسات الالتزام الأخلاقي والقيمي تجاه هؤلاء الأبرياء، ولا يتناقض ذلك مع السعي لمنع العدوان وإيقاف الحروب والصراعات بالجهود الدبلوماسية.
وأشار فضيلته إلى أنَّ الواقع يشهد بأنَّ مصر بقيادة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي حفظه الله تعالى لتبذل كل جهدها وتستفرغ كل وسعها وتستعمل جميع إمكاناتها المتاحة من أجل رفع المعاناة والظلم عن الشعوب المنكوبة، وتبذل كافة الجهود من أجل إيقاف العدوان، وإن التشكيك في دَور مصر التاريخي أمر يدعو إلى التعجب والحزن، لكن ذلك الافتراء على مصر لن يثني عزيمتها وعزيمة قائدها عن القيام بواجب تمليه علينا معطيات تاريخية وحضارية وإقليمية ودينية.
وثمَّن فضيلة المفتي واجب الالتزام الأخلاقي الذي تضطلع به مصر دائمًا تجاه أشقائها وتجاه جيرانها وتجاه شعوب العالم كله، ولذلك فإن الالتزام الأخلاقي ليُملي علينا أيضًا أن ندعم الدور المصري تجاه جيرانها، ونحن نرى بأمِّ أعيننا أنَّ مصر تفتح ذراعيها للجميع وتمدُّ يد العون للجميع، ولا يمنعها من القيام بذلك أية ظروف اقتصادية أو ضغوط دولية لا تخفى على ذي لُبٍّ بصير وعقل سديد.
وأكد مفتي الجمهورية أنَّ الالتزام الأخلاقي والقيمي الذي تضطلع به مصر ورئيسها الرئيس عبد الفتاح السيسي ليدل دلالة قاطعة على أن مصر لا تقدم شيئًا على المبادئ والقيم والأخلاق، ولا تستبيح لنفسها أن تتحمَّل مسؤولية تاريخية مشينة تجاه جيرانها مقابل بعض المصالح والمكاسب المادية الزائلة مهما كانت الظروف ومهما كانت الضغوط، وستظل راية مصر بلد الأزهر الشريف عالية خفاقة ومنارة للقيم والأخلاق، وملاذًا آمنًا لكل طالب أمن وأمان، وسندًا لكل مستضعف جارت عليه الظروف العصيبة.
وفي ختام كلمته أشاد فضيلته بالجهود التي تقوم بها كلية الشريعة والقانون، واصفًا إيَّاها بأنها قلعة من قِلاع الأزهر الشريف التي تذود عن الشريعة المطهرة وتحامي من أجل الحفاظ عليها أصولًا وفروعًا ومقاصد، وتعمل من أجل حماية تراثنا الإسلامي والحفاظ عليه، وتبذل جهودًا كبيرة من أجل ربط هذا التراث، لا سيَّما تراثنا الفقهي والإفتائي بالواقع المعاصر على ما استجدَّ فيه من نوازل ووقائع وقضايا معقدة تحتاج إلى مزيد من العمل والاجتهاد حتى يتم ربط الشريعة المطهرة بالواقع الذي يحياه الناس.
كما توجَّه فضيلة المفتي بخالص الشكر والامتنان إلى كل مؤسسات الأزهر الشريف بقيادة الإمام الأكبر فضيلة الدكتور أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر، قائلًا: أثمِّن كل جهد يبذله الأزهر الشريف من أجل حماية المستضعفين في كل مكان، ومن أجل منع الآثار الوخيمة للحروب والنزاعات، وأضاف: "كلنا أمل في الله تبارك وتعالى أن يعمَّ الأمن والسلام شعوب المنطقة والعالم، وأسأل الله العليَّ العظيم أن يردَّ كيد كل معتد آثم وأن يغيث المستضعفين ويرحم الشهداء ويداوي الجرحى ويرد الحق إلى أهله إنه ولي ذلك والقادر عليه".
اقرأ أيضاًمفتي الجمهورية: تحية العلم أو الوقوف للسلام الوطني أمران جائزان لا كراهة فيهما.. فيديو
مفتي الجمهورية: الدعاء لـ ولي الأمر مقدم على دعاء الإنسان لنفسه
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الدكتور شوقي علام جامعة الأزهر دار الإفتاء شيخ الأزهر كلية الشريعة والقانون مفتي الجمهورية الأزهر الشریف من أجل
إقرأ أيضاً:
مفتي الجمهورية: غزوة بدر مدرسة في التخطيط وحسن التدبير
أكد الدكتور نظير عياد، مفتي الديار المصرية، أن غزوة بدر الكبرى تحمل العديد من الدروس والعبر التي يجب التوقف عندها، مشيرًا إلى أنها لم تكن مجرد معركة، بل خطة محكمة وإعداد دقيق جسّد أسمى معاني التخطيط والإحسان في اتخاذ القرار.
مفتي الجمهورية: استشارة النبي لأصحابه في بدر درس في القيادة الرشيدة
مفتي الجمهورية: القول بأن الشريعة الإسلامية غير مطبقة مغالطة كبرى
مفتي الجمهورية: كل ما في حياة الإنسان أمانة يُسأل عنها يوم القيامة
مفتي الجمهورية: الصوم أعلى درجات الأمانة.. فيديو
وقال خلال لقائه مع الإعلامي حمدي رزق في برنامج «اسأل المفتي» المذاع على قناة «صدى البلد»، إن الانتصار في غزوة بدر لم يكن وليد الصدفة، بل نتيجة لحسن التدبير والإعداد الجيد، سواء في اختيار مكان المعركة، أو في وضع آلية التعامل مع الخصوم، مما يجعل منها مدرسة نتعلم منها فنون القيادة والتخطيط.
دروس غزوة بدروأضاف مفتي الجمهورية أن من أهم دروس غزوة بدر الكبرى تطبيق مبدأ الشورى، حيث لم يكن القرار فرديًا، بل جاء بعد مشاورة النبي "صلى الله عليه وسلم" لأصحابه، مستشهدًا بموقف الصحابة الذين أبدوا تأييدهم المطلق، قائلين: "اذهب أنت وربك فقاتلا، إنا معكما مقاتلون"، على عكس ما قاله بنو إسرائيل لموسى عليه السلام.
وختم الدكتور نظير عياد حديثه بأن غزوة بدر ليست مجرد حدث تاريخي، بل نموذج يُحتذى به في التخطيط السليم، والشورى، وحسن إدارة الأزمات، مما يدحض الادعاءات بأن الدين الإسلامي يدعو إلى الجمود أو عدم الإحسان في اتخاذ القرارات.