قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: "إن الواقع يُملي علينا أهمية بحث التغيرات الاجتماعية والتطورات الأخلاقية التي تُحدثها الصراعات والحروب وما ينجم عنها من آثار سلبية خطيرة على الأفراد والمجتمعات المنكوبة بهذه الصراعات".

وأضاف أن مقاصد الشريعة الإسلامية المطهرة تؤكد ضرورة العمل على حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال، وهي المقاصد الكلية التي جاءت الشرائع الإلهية بحفظها ولا تختلف الدساتير الإنسانية على ضرورة الحفاظ عليها.

وأكد أن رعاية هذه المقاصد والحفاظ عليها لا يتم إلا من خلال الالتزام الأخلاقي والقيمي الذي لا يسمح بمبدأ العدوان ولا يجيز الظلم والاعتداء تحت أي ذريعة من الذرائع التي تستخدمها الدول المعتدية لخوض هذه الحروب وفرضها في الواقع.

جاء ذلك في كلمته التي ألقاها في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الدولي الرابع لكلية الشريعة والقانون بالقاهرة، الذي يُعقد تحت عنوان: "المبادئ الأخلاقية والتشريعية في أوقات الصراعات والحروب" في الفترة من 27-28 أبريل 2024 بمركز الأزهر للمؤتمرات بمدينة نصر.

وأوضح المفتي أن الالتزام الأخلاقي يمنع من استعمال القوة حيثما تنفع المباحثات والمفاوضات، ولا تسمح باستعمال القوة المفرطة حالة الدفاع عن النفس، وكل هذا يندرج تحت قاعدة ارتكاب الضرر الأخف لدفع الضرر الأشد، والترجيح بين المصالح والمفاسد، كذلك فإن الالتزام بالقيم الأخلاقية يُحمِّلنا مسؤولية مساندة الشعوب المنكوبة والتخفيف من آثار العدوان، وذلك بكل الوسائل الممكنة من أجل رفع المعاناة عن الشعوب المظلومة التي تعاني من ويلات الصراعات والحروب والفتن.

وشدَّد مفتي الجمهورية على أنَّ العمل على حماية الأبرياء المنكوبين والمتضررين من جرَّاء الحروب والصراعات وبحث سُبل ووسائل إيصال المساعدات إليهم، وتخفيف آثار العدوان عليهم، لمن أهم انعكاسات الالتزام الأخلاقي والقيمي تجاه هؤلاء الأبرياء، ولا يتناقض ذلك مع السعي لمنع العدوان وإيقاف الحروب والصراعات بالجهود الدبلوماسية.

وأشار إلى أنَّ الواقع يشهد بأنَّ مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي تبذل كل جهدها وتستفرغ كل وسعها وتستعمل جميع إمكاناتها المتاحة من أجل رفع المعاناة والظلم عن الشعوب المنكوبة، وتبذل كافة الجهود من أجل إيقاف العدوان، وإن التشكيك في دَور مصر التاريخي أمر يدعو إلى التعجب والحزن، لكن ذلك الافتراء على مصر لن يثني عزيمتها وعزيمة قائدها عن القيام بواجب تمليه علينا معطيات تاريخية وحضارية وإقليمية ودينية.

وثمَّن المفتي واجب الالتزام الأخلاقي الذي تضطلع به مصر دائمًا تجاه أشقائها وتجاه جيرانها وتجاه شعوب العالم كله، ولذلك فإن الالتزام الأخلاقي ليُملي علينا أيضًا أن ندعم الدور المصري تجاه جيرانها، ونحن نرى بأمِّ أعيننا أنَّ مصر تفتح ذراعيها للجميع وتمدُّ يد العون للجميع، ولا يمنعها من القيام بذلك أية ظروف اقتصادية أو ضغوط دولية لا تخفى على ذي لُبٍّ بصير وعقل سديد.

وأكد مفتي الجمهورية أنَّ الالتزام الأخلاقي والقيمي الذي تضطلع به مصر ورئيسها فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي ليدل دلالة قاطعة على أن مصر لا تقدم شيئًا على المبادئ والقيم والأخلاق، ولا تستبيح لنفسها أن تتحمَّل مسؤولية تاريخية مشينة تجاه جيرانها مقابل بعض المصالح والمكاسب المادية الزائلة مهما كانت الظروف ومهما كانت الضغوط، وستظل راية مصر بلد الأزهر الشريف عالية خفاقة ومنارة للقيم والأخلاق، وملاذًا آمنًا لكل طالب أمن وأمان، وسندًا لكل مستضعف جارت عليه الظروف العصيبة.

وفي ختام كلمته أشاد الدكتور شوقي علام بالجهود التي تقوم بها كلية الشريعة والقانون، واصفًا إيَّاها بأنها قلعة من قِلاع الأزهر الشريف التي تزود عن الشريعة المطهرة وتحامي من أجل الحفاظ عليها أصولًا وفروعًا ومقاصد، وتعمل من أجل حماية تراثنا الإسلامي والحفاظ عليه، وتبذل جهودًا كبيرة من أجل ربط هذا التراث، لا سيَّما تراثنا الفقهي والإفتائي بالواقع المعاصر على ما استجدَّ فيه من نوازل ووقائع وقضايا معقدة تحتاج إلى مزيد من العمل والاجتهاد حتى يتم ربط الشريعة المطهرة بالواقع الذي يحياه الناس.

وتوجَّه المفتي بخالص الشكر والامتنان إلى كل مؤسسات الأزهر الشريف بقيادة الإمام الأكبر فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر، قائلًا: أثمِّن كل جهد يبذله الأزهر الشريف من أجل حماية المستضعفين في كل مكان، ومن أجل منع الآثار الوخيمة للحروب والنزاعات.

وأضاف: "كلنا أمل في الله تبارك وتعالى أن يعمَّ الأمن والسلام شعوب المنطقة والعالم، وأسأل الله العليَّ العظيم أن يردَّ كيد كل معتد آثم وأن يغيث المستضعفين ويرحم الشهداء ويداوي الجرحى ويرد الحق إلى أهله إنه ولي ذلك والقادر عليه".

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: مفتی الجمهوریة الأزهر الشریف من أجل

إقرأ أيضاً:

مصطفى يؤكد أهمية دعم وحدة منظومة القضاء بين الضفة وغزة

أكد رئيس الوزراء الفلسطيني ، محمد مصطفى ، اليوم الأحد 17 مارس 2025 ،أهمية دعم وحدة منظومة القضاء بين الضفة و غزة كجسر لوحدة المؤسسات وإنفاذ القانون.

وجاء ذلك خلال التقاء مصطفى ، وفدا من المؤسسات المنضوية تحت الائتلاف الأهلي لإصلاح القضاء وحمايته، بحضور وزير العدل، المستشار شرحبيل الزعيم.

واستعرض المدير التنفيذي للهيئة الأهلية لاستقلال القضاء وسيادة القانون ماجد العاروري، خلال الاجتماع، أبرز ملامح الخطة التي أعدتها الهيئة لترميم وإعادة بناء القضاء في قطاع غزة، التي تشمل مراحل عدة أهمها: الاستجابة الطارئة وتقييم الأضرار، وتقديم الخدمات القضائية العاجلة بما يمهد لإعادة بناء الجسم القضائي الموحد في الضفة وغزة وصولا لحماية حقوق وممتلكات المواطنين، خاصة بعد الدمار الكبير في الممتلكات الذي خلفه عدوان الاحتلال على القطاع.

وأعرب رئيس الوزراء عن تقديره لجهود القائمين على الخطة، مؤكدا أهمية دعم وحدة منظومة القضاء بين الضفة وقطاع غزة كجسر لوحدة المؤسسات وإنفاذ القانون، وشدد في الوقت ذاته على أهمية استقلالية القضاء وضرورة التعاون والتنسيق مع مجلس القضاء الأعلى بصفته صاحب الاختصاص، وأن الحكومة من جانبها ستدعم أية جهود تسهم في إعادة بناء مكونات الجسم القضائي.

واستعرض مصطفى خطط الحكومة وبرامجها لإعادة إعمار قطاع غزة، والتي لاقت قبولا إقليميا ودوليا، التي يأتي من ضمنها قطاع العدالة الذي تعرض لدمار كبير كباقي القطاعات الأخرى جراء العدوان الإسرائيلي على القطاع، مشددا على أن إعادة إعمار القطاع مسؤولية وطنية يجب أن تنجح، وإلا فإن مشروعنا الوطني برمته سيكون في خطر.

وجدد رئيس الوزراء تأكيده على ضرورة تكاتف جميع الجهود لخدمة أبناء شعبنا، وتوحيد المؤسسات بين شطري الوطن، مشيدا بجهود ودور مؤسسات المجتمع المدني المساند لعمل الحكومة، باعتبارها شريكا رئيسيا في خدمة المجتمع.

وضم الوفد: المدير التنفيذي للهيئة الأهلية لاستقلال القضاء وسيادة القانون – استقلال، ماجد العاروري، ورئيسة مجلس إدارة مؤسسة استقلال فاطمة المؤقت، ومدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان عمار دويك، ومدير عام مركز شمس لحقوق الإنسان عمر رحال، ورئيس مجلس إدارة مركز القدس للمساعدة القانونية، أمين عنابي، والمدير التنفيذي لائتلاف أمان للنزاهة والشفافية عصام حج حسين، مدير مركز ثبات للبحوث واستطلاعات الرأي جهاد حرب،

ومدير مركز حريات للحقوق المدنية حلمي الأعرج، مدير عام مؤسسة إعلام تام في بيت لحم سهير فراج،   ومدير مركز علاج وتأهيل ضحايا التعذيب خضر رصرص، ومدير مرصد العالم العربي للديمقراطية والانتخابات عارف جفال، مدير عام مؤسسة ريفورم عدي أبو كرش، القائم بأعمال مدير مركز مدى للحريات الإعلامي شرين الخطيب.

المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين بالصور: القدس - 70 ألفا يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى تفاصيل اجتماع وفد حماس مع نائب وزير الخارجية الروسي في الدوحة تحديد موعد اختبار التوظيف للوظائف التعليمية والمساندة الأكثر قراءة حماس: نتنياهو يعطل اتفاق وقف النار لخدمة مصالحه هآرتس : قد نشهد عودة أسرى من غزة مطلع الأسبوع المقبل سبب وفاة حماد القباج – الشيخ حماد القباج ويكيبيديا سعر صرف الدولار والدينار مقابل الشيكل اليوم الإثنين 10 مارس عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • احتفال ثقافة نجع حمادى.. محافظ قنا يؤكد أهمية تعزيز الهوية الوطنية
  • مصطفى يؤكد أهمية دعم وحدة منظومة القضاء بين الضفة وغزة
  • مفتي الجمهورية: الصوم أعلى درجات الأمانة.. فيديو
  • مفتي الجمهورية: الشريعة إلهية ثابتة .. والفقه اجتهاد بشري متغير
  • حكم الطلاق عبر الهاتف ووسائل التواصل الحديثة .. مفتي الجمهورية يجيب
  • مفتي الجمهورية: العمرة بالتقسيط جائزة لمن يستطيع السداد دون مشقة
  • في 15 نقطة .. تعرف على أهم أحكام زكاة المال في الشريعة الإسلامية
  • بيان مجموعة السبع لم يؤكد على الالتزام بحل الدولتين للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي
  • هل هناك علاقة وثيقة بين الصوم والزهد؟.. مفتي الجمهورية يجيب
  • محمد الشرقي يؤكد أهمية التراث الإسلامي في بناء الفرد والمجتمع