عصب الشارع - صفاء الفحل
عندما يقول مندوب السودان في الأمم المتحدة الكوز (الحارث إدريس الحارث) بأن (أمن إسرائيل خط أحمر) ضاربا بالتقارب الإيراني الأخير عرض الحائط فإنه يحاول ضرب عصفورين بحجر واحد بضمان تعاطف المجتمع الدولي الذي يقف خلف إسرائيل مع الحكومة الكيزانية ببورتسودان بالإضافة لتخوفهم من الذراع الطويل لها وإمكانياتها ضرب الموقع الذي تريد بكل سهولة كما فعلت بضرب سيارة الوسيط السوداني الذي كان يسهل عمليات وصول السلاح إلى حماس عبر البحر الأحمر وهي حكاية يعرفها كل الشعب السوداني.
ورغم العلاقة التي تجمع البرهان بالمخابرات الإسرائيلية والتعهدات التي قطعها لنتنياهو خلال لقائه معه بعنتبي الأوغندية إلا أن إسرائيل ليس بهذه السذاجة التي يمكن بها أن تصدق هذا (الاستجداء) المفضوح باسمها في هذا التوقيت وهي تدرك (الدائرة) المتكاملة (للحركة الإسلامية) بالوطن العربي ولن تتوانى في المساهمة مع المجتمع الدولي للضغط علي طرفي الحرب لإيقافها وتنفيذ ما تطلبه الإدارة الأمريكية إذا ما قررت زيادة الضغط من أجل إيقافها وإعادة الديمقراطية للسودان.
مناديب دول العالم التي كانت تستمع ل (سذاجة) ذلك الجاهل أمام مجلس الأمن والذي يعتقد بأنه يمكن أن يخدعها وهو يبرر إعادة العلاقة مع إيران وعدم تأثيرها على الأمن الإسرائيلي، تعلم بأن ذلك الخطاب المهزوز المهترئ ليس هذا (توقيته) وبلاده تعيش حربا مأساوية قتلت الآلاف وشردت الملايين ويعيش كل سكانه تحت خط الفقر وزاد لديهم القناعة بأن الحكومة العسكرية التي تسيطر على مقاليد الحكم بعيدة كل البعد من الاهتمام بشؤونها الداخلية بل تحاول بكل السبل تثبيت أقدامها ولو على حساب الأخلاق والمبادئ وأوضح أمامهم الرؤية تماما عما يجري في البلاد ف (شكرا) لمندوبهم الذي فضح خبثهم.
كل هذه (الفرفره) والأكاذيب و الرجاءات لن تسهم أو تساعد في القضاء على الوضع المزري الذي يعيشه المواطن المغلوب على أمره في الداخل والخارج بمعسكرات النزوح أو دول اللجوء وهو الأمر الذي يحتاجه الوطن خلال هذه الفترة وقد كان الأجدر والمطلوب من ذلك الذي فرض نفسه للحديث نيابة عنا لا (البرطعة) والحديث عن إمكانية بلادنا التي تحترق في الحفاظ علي أمن إسرائيل فلكل مقام مقال.
والثورة لن تتوقف
والقصاص يظل أمر حتمي ..
والرحمة والخلود للشهداء ..
الجريدة
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
إعلام القوى الثورية مقابل إعلام الكيزان
صلاح شعيب
برغم القدرات التنظيمية للمؤتمر الوطني في توظيف الإعلام المضاد للقوى الثورية التي ساهمت في إسقاط مشروعه الإجرامي، إلا أنها لم تنجح تماماً في تشويه الحقائق بعد الحرب. فالفرق الوحيد بين إعلام المنادين للحرب واستمرارها وبين الرافضين لها هو المال فقط. فما نهبه المؤتمر الوطني من أموال الدولة طوال ثلاثة عقود توظف الآن عبر فضائيات، ومنصات في وسائل التواصل الاجتماعي، ومنظمات متخصصة في “الآي تي” لاختراق منصات المعارضين، وتنظيم حملات مؤسسة لشكاوى كاذبة ترسل يومياً لإدارة هذه المنصات ضد نشطاء ينادون بإيقاف الحرب.
هذا المال المنهوب من القطاعين العام والخاص أثناء سيطرة المؤتمر الوطني على الدولة وُظف بنسبة كبيرة في دعم تلك الفضائيات، والصحف، والمشاريع الإعلامية، ومنابر أخرى، ورشاوى لسياسيين من أجل تغييب الحقائق عن المواطنين. وأكبر دليل على ذلك ما قاله البشير عن قناة الشيخ عبد الحي التي دعمها بخمسة مليون دولار. والحقيقة أننا لا ندري ما إذا كان الأمر قد توقف عند هذا الحد أم أن عبد الحي قبض لاحقاً أموالاً أخرى تخص الدولة. بل ولا ندري هل عادت قناة طيبة للبث من خارج الحدود عبر ميزانية جديدة من مال الدولة المنهوب، أم أن الداعية الديني صار مليونيراً ليصرف على قناته بكل هذا السخاء.
ولأن كل القوى السياسي التي عارضت مشروع الحركة الإسلامية ليس لديها القدرات المالية الضخمة مثل المؤتمر الوطني، فقد عجزت عن إنشاء قناة فضائية واحدة أثناء فترة حمدوك. والآن تعتمد هذه القوى جميعها على وسائط التواصل الاجتماعي دون خطة إعلامية محددة لمواجهة دعاة استمرار الحرب الذين منهم متفرغون ليلاً ونهاراً للمهمة. إذ يبثون الأكاذيب عن الحرب، ويشوهون صورة الأحزاب المنضوية تحت لواء تنسيقية تقدم، ويزورون مواد النت بعشرات الآلاف من الأسماء المستترة.
بخلاف المال المنهوب لأغراض التدجيل، فإن المؤتمر الوطني يختلف عن بقية أحزابنا الوطنية الأخرى في أنه يعتمد على مرجعية إخوانية تبيح له تجاوز القيم، والأعراف الإنسانية، ومعاني الدين الضابطة للصدق حتى. ذلك إذا كان هذا الإجراء السياسي يخدم مصلحة الإخوان المسلمين الذين يعتمدون على البراغماتية، والتدليس، والغش بناءً على فقه الضرورة.
وبهذا النهج الشيطاني تمكنت الحركة الإسلامية قبل انشطارها في التفوق البراغماتي الانتهازي ما جعل البون شاسعاً بينها وبين منافسيها في استثمار الفرص السياسية. فهي قد اعتمدت على مناشط اقتصادية خاصة بها منذ فترة نميري، وبعد سيطرتها على الدولة ملكت الحركة الإسلامية وعضويتها آلاف الشركات في ظل الفساد الإداري الحكومي، واستغلاله وسيلةً لبناء حزب يدخر مليارات الدولارات، والتي تُسجل في البنوك بأسماء شخصيات إخوانية وانتهازية داخل السودان، وخارجه.
وبهذه الكيفية، فإن المؤتمر الوطني الذي فقد السلطة قبل ستة أعوام ما يزال يمول قناتي طيبة، والنيل الأزرق، وصحفاً إليكترونية، ونشاطاً إعلامياً منظماً من خلال منصات الإنترنت، وهناك غيرها من الوسائل المتبعة لتعويق حركة النشطاء المعارضين للحرب.
بغير المضمون التغبيشي للرأي العام عبر “عشرات اللايفات”، ومواد البودكاست، ومنصة “الكلوب هاوس”، وتطبيقات أخرى، فإن إستراتيجية المؤتمر الوطني الإعلامية اعتمدت ملاحقة رموز ثورة ديسمبر يومياً بشتائم تُوجه لأحزابهم، ولآبائهم، وسباب دائم لمواقفهم، وسخرية من أشكالهم حتى، واختلاق أكاذيب عن حيواتهم الشخصية. وهذا النهج مقصود لإفساد مناخ الرأي العام، وإجبار القادة السياسيين على الانزواء دون التعبير عن مواقفهم، وحتى لا تتعرض شخصياتهم المحترمة للحط من مكانتها الاجتماعية.
من ناحية أخرى اعتمد إعلام المؤتمر الوطني منذ بدء الحرب على استراتيجية “اكذب، اكذب، حتى يصدقك الناس”. وظل هذا الإعلام حتى يوم الناس هذا يخدر دعاة الحرب بانتصارات زائفة، بالإضافة إلى تحويل هزائم الجيش إلى نجاح في دحر مزعوم للدعم السريع. ومن ناحية أخرى اعتمد إعلاميو المؤتمر الوطني، وزملاؤهم الانتهازيون، والمغيبون من البسطاء في خلق ربط مستمر وماكر بين تنسيقية تقدم ومعظم المعارضين بخصمهم الذي يقاتل الجيش. ذلك رغم أن ادعاء هذا الرباط السياسي الكاذب لا يقوم على أساس منطقي، أو موضوعي. بل لا يستطيع أي محلل سياسي أمين أن يثبت ما يدعيه الكيزان، والبلابسة، بأن تقدم تمثل الجناح السياسي للدعم السريع. ولكن على كل حال فالكذبة التي جعلت زعيمهم يذهب للسجن حبيساً، والبشير للقصر رئيساً، هي بمثابة البذرة التي قننت الكذب الصراح وسيلة لكل التلاميذ بأن يستتبعوها بكذبات جديدة متى ما رأوا مصلحة للجماعة.
رغم المجهود الضخم لتلفيق الحقائق بهدف تقويض الثورة، والعودة إلى السلطة مجدداً، فإن إعلام المؤتمر الوطني مهزوم مهزوم إن آجلاً أم عاجلا. فالحق أبلج، والباطل لجلج، طال الأمد أم قصر.
الوسومصلاح شعيب