منهم آل الشيخ والفوزان.. بيان موقّع حول حكم أداء الحج لمن لم يحصل على تصريح والموقف الشرعي
تاريخ النشر: 27th, April 2024 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)—بتت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية بقضية ذهاب من لم يحصل على تصريح حج لأداء المناسك لافتة إلى أن "من لم يتمكن من استخراج التصريح فإنه في حكم عدم المستطيع".
وفصلت الهيئة وفقا لبيان وقعه عدد من الأعضاء يترأسهم مفتي السعودية، عبدالعزيز آل الشيخ وصالح الفوزان ونشرته وكالة الأنباء السعودية الرسمية، موضحة ما يلي:
إن الإلزام باستخراج تصريح الحج مستند إلى ما تقرره الشريعة الإسلامية من التيسير على العباد في القيام بعبادتهم وشعائرهم ورفع الحرج عنهم قال الله تعالى: (يريد الله بكم اليُسر ولا يريد بكم العُسر) وقال الله تعالى: (يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا) وقال أهل العلم: "أي يريد الله أن يخفف عنكم في شرائعه وأوامره ونواهيه وما يقدره لكم"، وقال تعالى: (وما جعل عليكم في الدين من حرج) قال ابن عباس رضي الله عنه: يعني من ضيق.والإلزام باستخراج تصريح الحج إنما جاء بقصد تنظيم عدد الحجاج بما يمكن هذه الجموع الكبيرة من أداء هذه الشعيرة بسكينة وسلامة وهذا مقصد شرعي صحيح تقرره أدله الشريعة وقواعدها.الالتزام باستخراج تصريح الحج والتزام قاصدي المشاعر المقدسة بذلك يتفق والمصلحة المطلوبة شرعاً، والشريعة جاءت بتحسين المصالح وتكثيرها ودرء المفاسد وتقليلها، ذلك أن الجهات الحكومية المعنية بتنظيم الحج ترسم خطة موسم الحج بجوانبها المتعددة، الأمنية، والصحية، والإيواء والإعاشة، والخدمات الأخرى، وفق الأعداد المصرح لها وكلما كان عدد الحجاج متوافقاً مع المصرح لهم كان ذلك محققاً لجودة الخدمات التي تقدم للحجاج وهذا مقصود شرعاً قال الله تعالى:(وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود) فالتزام مريدي الحج بالتصريح يحقق مصالح جمة من جودة الخدمات المقدمة للحجاج في أمنهم وسلامهم وسكنهم وإعاشتهم ويدفع مفاسد عظيمة من الافتراش في الطرقات الذي يعيق تنقلاتهم وتفويجهم وتقليل مخاطر الازدحام والتدافع المؤدية إلى التهلكة. الالتزام باستخراج التصريح للحج هو من طاعة ولي الأمر في المعروف قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك، ومنشطك ومكرهك وأثرة عليك. أخرجه مسلم. وعنه رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصا الله ومن أطاع الأمير فقد أطاعني ومن عصى الأمير فقد عصاني" متفق عليه، والنصوص في ذلك كثيرة، كلها تؤكد على وجوب طاعة ولي الأمر في المعروف وحرمة مخالفة أمره والالتزام باستخراج التصريح من الطاعة في المعروف، يثاب من التزم به ويأثم من خالفه ويستحق العقوبة المقررة من ولي الأمر.اطلعت الهيئة على الأضرار الكبيرة والمخاطر المتعددة حال عدم الالتزام باستخراج التصريح ما يؤثر على سلامة الحجاج وصحتهم، وعلى جودة الخدمات المقدمة للحجاج وعلى خطط تنقلاتهم وتفويجهم بين المشاعر، وعلى غير ذلك مما يتصل بمنظومة الخدمات المقدمة للحجاج وذلك يوضح: أن الحج بلا تصريح لا يقتصر الضرر المترتب عليه على الحاج نفسه وإنما يتعدى ضرره إلى غيره من الحجاج الذين التزموا بالنظام ومن المقرر شرعاً أن الضرر المتعدي أعظم إثماً من الضرر القاصر وفي الحديث المتفق عليه عنه صلى الله عليه وسلم (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) وعنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (لا ضرر ولا ضرار) رواه أحمد وابن ماجة.
وقالت الهيئة في بيانها: "وبناء على ما سبق إيضاحه فإنه لا يجوز الذهاب إلى الحج دون أخذ تصريح ويأثم فاعله لما فيه من مخالفة أمر ولي الأمر الذي ما صدر إلا تحقيقا للمصلحة العامة، ولا سيما دفعوا الأضرار بعموم الحجاج وإن كان الحج حج فريضة ولم يتمكن المكلف من استخراج تصريح الحج فإنه في حكم عدم المستطيع قال الله تعالى: (فاتقوا الله ما استطعتم) وقال سبحانه؛ (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا)".
وأضافت: "نوصي جميع المسلمين بتقوى الله تعالى والوصية كذلك لمريدي حج بيت الله الحرام أن يتقوا الله عند أداء هذه الشعيرة العظيمة بأن يصونوا حجهم عما حرم الله عليهم من الرفث والفسوق وأن يستقيموا على طاعة الله ويتعاونوا على البر والتقوى حتى يكون حجهم مبروراً وسعيهم مشكوراً والحج المبرور هو الذي سلم من الرفث والفسوق والجدال بغير الحق كما قال الله تعالى: (الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحجة فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج) ولا شك أن التزام الحاج بالأنظمة والتعليمات التي صدرت للتمكين من أداء هذه الشعيرة بأمن ويسر وسكينة داخل في تقوى الله في أداء نسك الحج وفي تعظيم حرم الله وحرماته ومشاعره قال الله تعالى: (ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه) وقال سبحانه: (ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) ونسأل الله تعالى أن ييسر للحجاج حجهم وأن يحفظهم في حلهم وترحالهم وأن يجزي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وحكومتهما خير الجزاء لما يقدمون من جهود وخدمات جليلة في سبيل أداء المسلمين لمناسكهم بيسر وطمأنينة والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين".
المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: الإسلام الحج النبي محمد فتاوى قال الله تعالى تصریح الحج ولی الأمر الله علیه
إقرأ أيضاً:
المحافظة على روحانية الشهر الفضيل
قبل أن يهل هلاله، تجتمع اللجان المختصة وعامة الناس لاستطلاع ثبوت رؤيته بعد أن ينقضي شهر شعبان المبارك، رغم أنه تطور العلم حاليا في رصد الكواكب وأهلة الشهور من خلال استخدام أجهزة حديثة مزودة بالتقنيات المتقدمة.
وبعد ثبوت رؤيته يبث الخبر في جميع القنوات الإخبارية ليتم الإعلان رسميا عن بداية شهر الرحمة والغفران، ويتبادل الناس التهاني بقدوم شهر رمضان الفضيل من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، بينما تتزين الشوارع العامة بالأنوار، والمنازل بالفوانيس الرمضانية، وتقوم المؤسسات التجارية بعمل العروض والتخفيضات الرمضانية، أما المنازل فإنها تعج بقراءة القرآن وتنتشر بداخلها الطقوس الرمضانية والاستعدادات المختلفة.
ويحرص الجيران على زيارة بعضهم البعض خلال فترة المساء في الشهر الفضيل هذه الزيارات توطد علاقات المحبة والمودة، كما يتبادل البعض قبل الإفطار الأطباق الرمضانية بأصناف مختلفة من المأكولات التي يشيع تقديمها على المائدة الرمضانية في هذا الشهر العظيم الذي هو خير الشهور وأجملها، فشهر رمضان يملأ منازل المسلمين بالروحانية والسكينة، فهو يأتي كل عام ليطهرنا وينقينا ويحقق أمانينا ويجمعنا على المحبة والتواد والتراحم فيما بيننا وبين الآخرين.
إن لشهر رمضان المبارك مكانة خاصة ومميزة عند المسلمين لأنه شهر التوبة والمغفرة وتكفير الذنوب والسيئات، شهر الصيام الذي يعد ركنا من أركان الإسلام، وفيه فرضت عبادة الصوم التي لم يحدد الله عز وجل أجرها كون الصيام يكون خالصا لله سبحانه وتعالى فهو يجزي به الصائمين.
ورمضان، شهر عظيم ينتظره المسلمون في بقاع العالم كل عام للتقرب إلى الله بالأعمال الصالحة كالصيام وكثرة الصلاة وكثرة الدعاء والصدقات طمعا في المغفرة والأجر الكثير.
إن شهر رمضان يعج بالكثير من الفضائل والحكم العظيمة والفوائد العديدة بما فيه من صوم وتقرب إلى الله تعالى منها: أنه سبب لاستجابة الدعاء وقد ورد في الحديث الشريف عن أبي هريرة عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «ثلاثة لا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ الإِمَامُ الْعَادِلُ وَالصَّائِمُ حِينَ يُفْطِرُ وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ»؛ لذلك على المسلم أن يكثر من الدعاء والتضرع إلى الله في شهر رمضان لما فيه من فضل كثير ودعوات مستجابة.
كما أن رمضان هو شهر القرآن فقد خصه الله سبحانه وتعالى بنزول القرآن الكريم على سيد البشرية وهاديها إلى الطريق المستقيم، وقد روي عن عثمان بن عفان أنه كان يختم القرآن الكريم كل يوم في رمضان.
إلى ذلك كله في رمضان ليلة من أعظم الليالي المباركة وهي «ليلة القدر» التي ميزها الله تعالى عن باقي الليالي وتقع في أواخر هذا الشهر الفضيل، وجاء ذكرها في القرآن الكريم وسيرة النبي عليه الصلاة والسلام فقال الله تعالى: «ليلة القدر خير من ألف شهر»، أي أن العمل الصالح فيها يكون ذا قدر عند الله خير من العمل في ألف شهر، فما أعظمها من ليلة مباركة!
وأخيرا علينا أن نعي بأن لشهر رمضان منزلة عظيمة عند الله تعالى، ففيه يفتح الله أمام العباد أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب النار، وتغل الشياطين، لذا فهو فرصة كبيرة أمام المسلم للتوبة والمغفرة وتجنب ارتكاب المعاصي والذنوب، إضافة إلى أنه فرصة لعبادة الله على أكمل وجه.
إن هذه الفضائل التي ذكرتها لتعد نقطة في بحر ممتد لكثرتها ومنافعها؛ لذا وجب على المسلم الفطن أن يستغل أيام هذا الشهر وما بقي من لياليه في الأعمال الصالحة ابتغاء وجهه تعالى؛ ولذا ندعو الله ونسأله أن يعيننا على صيامه وقيامه ويتقبل منا خالص الأعمال ويجعلنا المولى عز وجل وإياكم ممن يقومون بحق رمضان خير قيام.