هل خسر الإخوان نفوذهم في ظل تغير التحالفات السياسية؟
تاريخ النشر: 27th, April 2024 GMT
نشرت صحيفة "موند أفريك" الفرنسية، تقريرا، تحدثت فيه عن تراجع نفوذ جماعة الإخوان المسلمين في العالم العربي والغرب في ظل تغيّر المواقف والتحالفات السياسية.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن جماعة الإخوان المسلمين تخسر في واقع الأمر أرضية في الدول العربية وفي أوروبا ولكن نفوذها في ارتفاع في بقية أفريقيا والأمريكتين وآسيا، وذلك حسب دراسة بعنوان "مؤشر القوة العالمية للإخوان المسلمين".
لتقييم القوة العالمية لهذه الجماعة، التي أسسها حسن البنا في مصر سنة 1928، فإن هذه الدراسة لا تقوم فقط بتحليل مؤشر القوة السياسية والأمنية لهذه المنظمة وإنما تنظر إلى قوتها الاقتصادية والإعلامية والمجتمعية. ووفقًا لباحثين من مؤسسة "تريندز" للأبحاث والاستشارات في أبوظبي، وجامعة مونتريال، ومنصة "بلورييل" الأكاديمية التي تُعنى بالإسلام، فإن تأثير جماعة الإخوان المسلمين، الذي كان يبلغ 64 بالمئة في سنة 2021، انخفض إلى 49.3 بالمئة في سنة 2022 وإلى 48 بالمئة في سنة 2023.
مصر وتونس، فشل الربيع العربي
ما أسباب فشل الإخوان في مصر وتونس؟ لم تكن الجماعة قادرة أبدا على اقتراح بدائل اقتصادية مقنعة، إذ اعتمدت على الوصفات القديمة التي تتمثل في تجنيد أتباعها بكثافة في الإدارات. والأخطر من ذلك أنه بينما كانت الشعوب تتوقع من المسلمين الأتقياء الذين يصلون إلى السلطة أن يظهروا نزاهتهم، اكتشفوا أن القادة كانوا بعيدين كل البعد عن تجاهل الثروات المادية.
وحسب مؤشر القوة العالمية لجماعة الإخوان المسلمين 2022-2023 الذي تم تقديمه في 15 نيسان/ أبريل في باريس "حدث تراجع، أكثر وضوحًا من أي وقت مضى، في التأثير الإعلامي والتحريضي للإخوان المسلمين بسبب عدم قدرتهم على العمل بطريقة مهنية، وافتقارهم إلى المصداقية وميليهم الشديد إلى الدعاية".
من الربيع إلى الشتاء العربي
في عمل بعنوان "وضع الإخوان المسلمين في اختبار السلطة مصر- تونس(2011-2021)"، ألقت سارة بن نفيسة، وبيير فيرميرين، نظرة على هذا التحول التاريخي، وكلاهما غير "متعاطفين" مع الفِرق التي كانت في السلطة خلال الربيع العربي.
ومن جهته، أكد بيير فيرميولين، في مقابلة مع صحيفة "لوموند" (21/22-05) أن اختيار صناديق الاقتراع كان خيارا تكتيكيا، مسلطا الضوء على ازدواجية هذا التيار الإسلامي.
ووفقا له، يُظهر خطاب وممارسات السلطة (في عهد الإخوان) أن هدفهم على المدى الطويل لم يتغير. فالأمر يتعلق بإعادة أسلمة المجتمعات التي ليست مسلمة بما فيه الكفاية" لأنها وفقا لهم تقلّد الغرب الذي يقدس الدولة على حساب الله. ولا يمكن لخطاباتهم العامة أن تخفي أفعالهم.
وتضيف سارة بن نفيسة، شيئا آخر في نفس المقابلة قائلة: "يجب ألا ننسى أن الأب الروحي للجهادية المعاصرة، سيّد قطب، ليس سوى المنظّر الرئيسي لجماعة الإخوان المسلمين". وبالتالي، هذا الطريق المختصر محفوف بالمخاطر للغاية عندما نعلم أن الجهادية لن تزدهر إلا بعد نصف قرن في أفغانستان مع حركة طالبان ثم في العراق وسوريا مع تنظيم الدولة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الباحثين يتجاهلان إلى حد كبير الآثار الإيجابية للربيع العربي حيث حاول جزء على الأقل من الحركة الإسلامية الدمج بين القيم الديمقراطية والقيم القرآنية. عندما صوتت حركة النهضة، في سنة 2014، على دستور يكفل حرية المعتقد ويرفض أن يصبح الإسلام دين الدولة التونسية، بمجرد بقائه دين الأمة، تم اتخاذ خطوة كبيرة لا يمكن إلا أن نرجعها إلى سبب بسيط وهو "التراجع التكتيكي" لأصدقاء راشد الغنوشي بعد الانقلاب المصري.
وخير دليل على ذلك هو أن حزب النهضة، الحركة الإسلامية التونسية، سوف يشارك في حكومة ائتلافية لمدة خمس سنوات أخرى، ليصبح في انتخابات غير مزورة، القوة السياسية الرائدة في تونس.
اختفاء يوسف القرضاوي
هناك سبب آخر لفقدان هذا النفوذ يتمثل في تفتيت هذه الحركة بعد النكسات التي تعرضت لها في مصر وتونس. منذ الانقلاب العسكري الذي أتى بالمشير السيسي إلى السلطة، انقسمت جماعة الإخوان المسلمين إلى ثلاث فصائل: واحدة سرية في القاهرة، وفصيل في لندن، وثالث في إسطنبول.
كذلك، إن أشد المدافعين عنهم، وهم تركيا وقطر، تصالحوا مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر، التي تصنف جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية.
وفي سنة 2022، فقدت جماعة الإخوان المسلمين اثنين من أبرز شخصياتها، الداعية يوسف القرضاوي، الذي قدم برنامج "الشريعة والحياة" على قناة الجزيرة منذ فترة طويلة، إبراهيم منير، وهو المرشد الأعلى المؤقت في منفاه بلندن.
تجدر الإشارة، إلى أن يوسف القرضاوي هو مصري ولد في 9 أيلول/ سبتمبر 1926. وهو عضو نشط للغاية في جماعة الإخوان المسلمين، وقد كرّس حياته للانتصار السياسي للإسلام. شارك في محاولة قتل عبد الناصر، وقضى أربع أحكام سجنية. وفي سنة 1960 دافع عن أطروحته حول الزكاة ودورها الأساسي في حل جميع المشاكل الاجتماعية. وبعد تجريده من جنسيته، وجد السعادة في طريقه إلى الدوحة حيث أقام منذ سنة 1970.
"الحلال والحرام"
في سنة 1990 نشر العالم الديني والمؤلف متعدد الإصدارات يوسف القرضاوي كتابا من أكثر الكتب مبيعا وصلت أصداؤه إلى فرنسا بعنوان "الحلال والحرام في الإسلام".
وحسب القرضاوي "يجب على الزوج أن يحاول تصحيح موقف زوجته قدر استطاعته باستخدام الإقناع والتفكير الدقيق. وفي حالة الفشل، يهجرها في الفراش وإذا فشل هذا الأسلوب فيجوز له أن يضربها بيديه ضربا خفيفا، مع الحرص على تجنب الوجه أو الأجزاء الحساسة الأخرى. ولا يجوز بأي حال من الأحوال استخدام عصا أو أي أداة أخرى يمكن أن تسبب الألم أو الإصابة".
وكان اختفاء هذا الداعية الكاريزمي، الذي رافق الربيع العربي في مصر من قناة الجزيرة القطرية، وفي ليبيا وتونس على وجه الخصوص، بمثابة ضربة قاضية لقضية "الإخوان" كما يطلق عليهم بالعامية.
التوسع في آسيا
من ناحية أخرى، ليس كل شيء سلبيا بالنسبة لجماعة الإخوان. تشير الدراسة إلى أن "الإخوان المسلمين في آسيا يتمتعون بقوة حقيقية في المجالين الإعلامي والسياسي، وذلك لعدة عوامل أهمها هجرتهم نحو آسيا بعد النكسات التي تعرضت لها منطقة الشرق الأوسط، تمهيدا على الأرجح لعودة قوية عندما يحين الوقت".
وفي الختام، أشارت الصحيفة إلى أن متوسط قوة الإخوان المسلمين في آسيا يقدر بحوالي 83.2 بالمئة. وتأتي الأمريكيتان في المرتبة الثانية بنسبة 64.1 بالمئة. بينما نجد أفريقيا في المركز الثالث بنسبة 56.8 بالمئة. تليها أوروبا بنسبة 53.5 بالمئة. وأخيرا، في العالم العربي، تصل هذه النسبة إلى 34.7 بالمئة فقط.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية مصر مصر السودان الاخوان المسلمين التحالفات السياسية المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة جماعة الإخوان المسلمین الإخوان المسلمین فی إلى أن فی مصر فی سنة
إقرأ أيضاً:
حزب الله يحاول مراكمة المكاسب
بعيدا عن الحسابات والتداعيات التي سيحملها يوم تشييع الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، يشكّل انسحاب إسرائيل من قرى جنوب لبنان الحدودية نقطة تحول بارزة في المشهد، حيث عاد أهالي هذه القرى إلى ديارهم بعد اكثر من سنة من التهجير القسري، فيما برز دور حزب الله كفاعلٍ رئيسي في تسهيل عودة السكان وتنظيم واقعهم الجديد. لم تكن هذه الخطوة مجرد استعادة للحياة اليومية في القرى المُحرَّرة، بل تحوّلت في جزء منها إلى مكاسب سياسية وعسكرية للحزب، الذي عزّز نفوذه من خلال إعادة عناصره وأنصاره إلى مناطق خط التماس الاول. هذا التحرك يعكس استراتيجية الحزب في توظيف الواقع الميداني لتعزيز شرعيته الداخلية، وترسيخ صورته كـ"مُحرّر" للأراضي المحتلة، حتى لو كان الانسحاب الإسرائيلي جزءاً من حسابات أوسع.
غير أن المشهد لا يخلو من تعقيدات، فإسرائيل ما زالت تحتل خمس نقاط استراتيجية في الجنوب اللبناني، اضافة الى مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، وهو الأمر الذي يُعتبر ثغرةً في أي حديثٍ عن تطبيق القرار الدولي 1701. هنا، يفتح لـ"حزب الله" الباب أمام سردية مفادها أن عدم التزام إسرائيل بالقرار الدولي يُبرر له بدوره عدم الالتزام به، مُستعيداً ذريعة مشابهة استخدمها بعد حرب 2006 عندما عندما تراجع الحزب عن نفيذ القرار بعد سنوات بسبب عدم تطبيق اسرائيل له. هذه الديناميكية تخلق حلقة مُفرغة تُعطّل أي مسار سياسي لحلّ النزاع، وتُبقي المنطقة على حافة مواجهة محتملة، خاصةً مع تصاعد الخطاب المتبادل بين الضاحية وتل أبيب.
لكن الحزب حقق مكسبا اضافيا، اذ اتى بيان بعبدا الصادر بعد الاجتماع الثلاثي الذي ضم رئيس الجمهورية ورئيسي الحكومة ومجلس النواب الثلاثاء، ليعكس إجماعاً على رفض الوجود الإسرائيلي في أي بقعة لبنانية، مع التمسك بحق لبنان في "استخدام جميع الوسائل" لتحرير أراضيه.
البيان، الذي جاء بعد يومٍ من إعلان البيان الوزاري، يمنح شرعيةً سياسيةً للمقاومة، ويرسّخ الرواية التي تُحمّل إسرائيل مسؤولية استمرار التوتر. لكن هذا الإجماع الهش قد يتأثر بتغيّر التحالفات الداخلية.
من جهةٍ أخرى، تُثير التسريبات الإسرائيلية عن دور تركيا في إعادة تمويل حزب الله وتسليحه عبر إيران أسئلة حول تحوّلات التحالفات الإقليمية. إذا كانت هذه المزاعم صحيحة، فإنها تشير إلى تعاونٍ غير معلنٍ بين أنقرة وطهران، قد يُعيد رسم خريطة التوازنات في المنطقة، خاصةً مع احتمال تطبيع النظام السوري الجديد مع دول إقليمية، مما يؤثر على خطوط الإمداد التقليدية للحزب.
إن انسحاب إسرائيل من القرى الحدودية ليس نهاية المطاف، بل هو محطة في صراعٍ أعمق تُسيّجه حسابات القوى المحلية والإقليمية. فبقاء النقاط الاستراتيجية محتلةً يُغذي سردية المقاومة، ويمنح حزب الله ذرائع لتعطيل التسويات السياسية، بينما تُشكّل التحالفات الخفية بين أطراف إقليمية عاملاً إضافياً يُبقي المنطقة ساحةً لصراعات بالوكالة. في ظل هذا التعقيد، يبدو أن أي حلولٍ مستقبلية مرهونةٌ بتوازنٍ دوليٍ جديد، قد لا يُولد إلا بعد موجاتٍ جديدةٍ من التصعيد.
المصدر: خاص "لبنان 24"