العراق في خضم اضطرابه الطائفي
تاريخ النشر: 27th, April 2024 GMT
آخر تحديث: 27 أبريل 2024 - 8:29 صبقلم: فاروق يوسف حين فرض الأميركان النظام الطائفي على العراق لم تكن استجابتهم لمطالب أحزاب المعارضة السابقة التي أيدت مشروع الغزو ومن ثم الاحتلال إلا نوعا من الحيلة التي هدفوا من خلالها إلى رمي العراق في بئر لن يستطيع الخروج منها إلا بإرادة وطنية لن تكون جاهزة حين الطلب.
فالعراقيون الذين تعرضوا لمختلف أنواع الإذلال، الداخلي والخارجي كان وعيهم الوطني قد تعرض لنوع من الضعف. ومَن يتذكر القانون الأممي المعروف بـ“النفط مقابل الغذاء والدواء” لا بد أن يدرك أن المجتمع الدولي قد وضع كرامة الإنسان العراقي على الرف بعد أن سحق مفرداتها التي كانت يوما ما موضع اعتزاز يُضرب به المثل. لذلك لم يقاوم العراقيون المشروع الطائفي الذي سرعان ما تسرب إلى الدستور الجديد (2005) والذي نزع عن الشعب العراقي صفته العربية حين اعتبره مجموعة من المكونات التي سيتم تصريفها عن طريق دولة تُقام على المحاصصة. كان تمثيل تلك المكونات جاهزا من خلال تلك الأحزاب التابعة لسلطة الاحتلال والتي وضع كل واحد منها واحدا من تلك المكونات تحت إبطه كما يقال. ولهذا فقد انتقلت المحاصصة من مجالها الطائفي إلى مجالها الحزبي. وهو ما دفع الأحزاب إلى الانتقال بالطائفية من مجالها السياسي الضيق إلى مجال اجتماعي أكثر سعة. وهو ما يمكن أن أسميه بـ”تطبيع الطائفية اجتماعيا” بحيث يكون العراق طائفيا، دولة وشعبا. الولايات المتحدة لم تعد النظر في مشروعها الذي أرادت من خلاله كما يبدو تدمير العراق الذي صار في سياق توزيع المناصب القائم على المحاصصة الطائفية يدار من قبل أسوأ أبنائه وأكثرهم جهلا ولا يُنكر أن فئات عديدة من الشعب العراقي كانت قد أدركت خطورة الوضع الذي سينزلق إليه العراق في مستقبله إلا أنها لم تتمكن من مقاومة ما يجري بسبب الجحيم الذي فتحت الولايات المتحدة أبوابه بالتعاون مع عدد من جيران العراق الذين فتحوا حدودهم لتنظيمات وجماعات إرهابية جعلت من العراق ملعبا لممارسة عملياتها في القتل والخطف والنهب والتفجير تحت مسميات مختلفة. وبالرغم من طابع الفوضى الذي غلف الوضع السياسي بسماته فقد كان الهدف من وراء إشاعة الرعب وزعزعة الأمن لا يخرج عن دائرة تكريس العوامل التي يحتاجها النظام الطائفي لتأكيد ضرورته من حيث كونه الحل الوحيد الذي يمكن من خلاله أن يتعايش العراقيون الذين يكره بعضهم البعض الآخر في سياق النظرية الأميركية. وبالرغم من أن نظام المحاصصة الطائفية أو الحزبية قد أثبت فشله في إدارة الدولة الناشئة من خلال ممثليه الأميين والجهلة وعديمي الكفاءة والموهبة الذين اختارهم الذين استلموا مناصب سيادية مهمة غير أن الولايات المتحدة لم تعد النظر في مشروعها الذي أرادت من خلاله كما يبدو تدمير العراق. فدولة العراق في سياق توزيع المناصب القائم على المحاصصة الطائفية صار يُدار من قبل أسوأ أبنائه وأكثرهم جهلا. كانت نظرية الأغلبية الطائفية قد ألهمت رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي سياساته التي استندت إلى إلغاء وإقصاء العراقي الآخر المختلف عنه وبالأخص إذا ما كان ذلك الآخر يخوض في مسائل وطنية تتناقض مع المسألة المذهبية التي جعل منها المالكي ميزانا لقياس علاقته بالآخر فهو صاحب مقولة “نحن أصحاب الحسين وهم أصحاب يزيد”، وهو في ذلك إنما ينبش في أرض بور لا تمت بصلة إلى ما يعيشه العراقيون من واقع وكان بلدهم واقعا تحت الاحتلال. لقد سببت سياسات نوري المالكي مشكلات جوهرية كبيرة للنظام الطائفي رغبة منه في أن تحكم الأغلبية الطائفية. وهو شعار احتمى به المالكي من أجل تمرير أهدافه في إقامة دولة لا مكان لها على أرض الواقع بل هي دولة ترهن وجودها بتغييب المكونات التي هي بالنسبة إلى المالكي مجرد ركام بشري لا مكان له في النظام السياسي. وإذا ما كان الأكراد قد أعطوا ظهورهم لبغداد بعد أن استقلوا بإقليمهم فإن العرب السنة (وهي تسمية مستعارة من الدستور الجديد) وهم الملتزمون بعراق موحد قد وجدوا أنفسهم في خندق لا يمكنهم الخروج منه إلا من خلال التسليم بدولة الطائفة الأكثر عددا. لقد انتصرت الطائفية في سياق الهيمنة الإيرانية على ما كان الأميركان قد طرحوه في سياق مشروعهم التعددي الذي كان بداية لانهيار الثوابت المجتمعية العراقية. بصريح العبارة فإن العراق وقد صار جبهة أمامية لإيران لم يعد قادرا على احتواء المكونات التي نص عليها دستوره وهو ما يعني أن الأحزاب الشيعية التي تسيطر على الحكم الآن لن يتسع خيالها لوجود دولة تقدم خدمتها للآخرين الذين تحوم حولهم الشبهات.
المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية: العراق فی فی سیاق
إقرأ أيضاً:
من هم القادة الذين صدرت بحقهم مذكرات اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية؟
منذ إنشائها، أصبحت المحكمة الجنائية الدولية منصة رئيسية لمحاكمة المتهمين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية. وبينما نجحت في تقديم بعض القادة إلى العدالة، فإن آخرين ما زالوا بعيدين عن المحاسبة، في مواجهة نظام عالمي تسوده التعقيدات السياسية والقانونية.
اعلانفي هذا التقرير، نسلط الضوء على أبرز قادة صدرت بحقهم مذكرات اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية:
1. نتنياهو وغالانتفي تطور لافت خلال نوفمبر 2024، أصدرت المحكمة مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت. التهم تتعلق بجرائم ارتُكبت خلال العمليات العسكرية الأخيرة في غزة، تشمل استهداف المدنيين واستخدام التجويع كوسيلة حرب. شددت المحكمة على أهمية هذه المذكرات لضمان حماية الضحايا ومساءلة المسؤولين.
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في الوسط، يتحدث إلى وزير الدفاع يوآف غالانت، إلى اليسار، في القدس، الاثنين، 28 أكتوبر 2024APRelatedهآرتس: أيام ويصدر قرار المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنياهو وغالانت.. لكن لن يكون سلبيًازلزال سياسي: المحكمة الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال في حق نتنياهو وغالانتالمحكمة الجنائية الدولية تفتح تحقيقًا ضد كريم خان بسبب "سلوك غير لائق".. ما القصة؟بريطانيا تسحب اعتراضها على مذكرة الاعتقال الصادرة من المحكمة الجنائية الدولية ضد نتنياهو2. بوتين وقضية أطفال أوكرانياانضم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى قائمة المطلوبين دوليًا في مارس 2023. تضمنت الاتهامات ترحيل أطفال ونقل سكان أوكرانيين قسرًا إلى روسيا خلال النزاع. رفضت روسيا التهم ووصفتها بأنها "ذات دوافع سياسية"، مؤكدة عدم تعاونها مع المحكمة.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يسجل خطاباً متلفزاً في موسكو، روسيا، الخميس 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2024AP3. عمر البشير.. ملف دارفور العالقاكان لرئيس السوداني السابق عمر البشير من أوائل القادة الذين صدرت بحقهم مذكرات اعتقال أثناء وجودهم في السلطة. في 2009، اتُهم بارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم حرب في دارفور. ورغم الإطاحة به، لم يتم تسليمه بعد إلى المحكمة، وسط استمرار الجهود الدولية لمحاسبته.
الرئيس السوداني عمر البشير يحضر مراسم استقبال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في القصر الرئاسي في أنقرة، تركيا، 9 يوليو 2018AP4. ميلوسوفيتش.. محطة مفصلية في العدالة الدوليةواجه الرئيس اليوغوسلافي السابق سلوبودان ميلوسوفيتش تهمًا تتعلق بالتطهير العرقي خلال حروب البلقان. بدأت محاكمته في لاهاي التي مثلت مرحلة بارزة في تاريخ المحاكمات الدولية، لكنها انتهت بوفاته داخل السجن قبل صدور الحكم النهائي.
الرئيس اليوغوسلافي السابق سلوبودان ميلوسيفيتش يشير بيده أثناء محكمة جرائم الحرب التابعة للأمم المتحدة في لاهاي, 14 فبراير/شباط 2002 AP5. قضايا بارزة من إفريقيا وآسيالوران غباغبو: رئيس ساحل العاج السابق واجه اتهامات بالقتل والاغتصاب خلال أزمة 2010، لكنه نال البراءة لاحقًا.تشارلز تايلور: الرئيس الليبيري السابق أُدين بتقديم دعم للمتمردين في سيراليون وحُكم عليه بالسجن 50 عامًا.سيف الإسلام القذافي: نجل الزعيم الليبي الراحل لا يزال مطلوبًا بتهم ارتكاب جرائم خلال الثورة الليبية في 2011.سيف الإسلام بعد القبض عليه في قبضة المقاتلين الثوريين في الزنتان، وهي بلدة تقع جنوب العاصمة طرابلس، ليبيا، 19 نوفمبر 2011AP6. قادة آخرون مستهدفون بمذكرات اعتقالأوهورو كينياتا (كينيا): الرئيس الكيني السابق كان قد واجه اتهامات تتعلق بالتحريض على العنف بعد الانتخابات الرئاسية في 2007، لكن المحكمة أسقطت التهم في 2014 بسبب نقص الأدلة.
رادو دانيلوفيتش (البوسنة والهرسك): القائد العسكري الصربي متهم بالمشاركة في مجزرة سريبرينيتسا التي أسفرت عن مقتل أكثر من 8,000 مسلم بوسني في 1995. ورغم إصدار مذكرة اعتقال بحقه في 2011، تم القبض عليه في 2015 وحُكم عليه.
فرانسوا بوزيزيه (جمهورية أفريقيا الوسطى): الرئيس السابق لجمهورية أفريقيا الوسطى متهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية أثناء فترة حكمه، وتواصل المحكمة ملاحقته.
رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى فرانسوا بوزيزي يتحدث إلى وسائل الإعلام في القصر الرئاسي في بانغي، جمهورية أفريقيا الوسطى، 8 يناير/كانون الثاني 2013Ben Curtis/APرغم دورها الحاسم في ملاحقة مرتكبي الجرائم الكبرى، تواجه المحكمة تحديات قانونية وسياسية تعيق تنفيذ مذكرات الاعتقال. مع ذلك، فإن إصدار هذه المذكرات يبعث برسالة قوية: الإفلات من العقاب لن يظل مقبولًا. قد تتأخر المحاسبة، لكنها تظل هدفًا يطمح المجتمع الدولي إلى تحقيقه.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية "من سيناديني ماما الآن؟".. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة بعد غارة إسرائيلية على غزة تجدد القصف الإسرائيلي على غزة وضاحية بيروت الجنوبية.. ودعوات دولية لاعتقال نتنياهو وغالانت الحرب بيومها الـ411: استمرار القتل في غزة ومصرع 36 في قصف إسرائيلي على تدمر ونعيم قاسم يهدد تل أبيب فلاديمير بوتينلاهاييوآف غالانتسيف الإسلام القذافيبنيامين نتنياهوالمحكمة الجنائية الدوليةاعلاناخترنا لك يعرض الآن Next مباشر. الحرب بيومها الـ413: قتلى وجرحى في غزة وتل أبيب تبحث خطةً لتعطيل مذكرة الاعتقال وحزب الله يقصف حيفا يعرض الآن Next ترامب يرشح بام بوندي لتولي وزارة العدل بعد انسحاب غايتس من المنصب.. ماذا نعرف عنها؟ يعرض الآن Next ماذا قدمت روسيا لكوريا الشمالية مقابل انخراطها في القتال ضد أوكرانيا؟ يعرض الآن Next كان محليا وأضحى أجنبيا.. الأرز في سيراليون أصبح عملة نادرة.. محاولات ومحاذير من إعادة زراعته يعرض الآن Next المؤتمر الأربعون لجمعية الصيارفة الآسيويين يلتئم في تايوان.. ويدرس تحولات القطاع المصرفي اعلانالاكثر قراءة زلزال سياسي: المحكمة الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال في حق نتنياهو وغالانت حدث "هام" في منطقة الأناضول.. العثور على قلادة مرسوم عليها صورة النبي سليمان سحابة من الضباب الدخاني السام تغلف نيودلهي: توقف البناء وإغلاق المدارس اليابان ترفع السن القانوني لممارسة الجنس من 13 إلى 16 عاما حب وجنس في فيلم" لوف" اعلانLoaderSearchابحث مفاتيح اليومكوب 29قطاع غزةإسرائيلروسياضحاياالحرب في أوكرانيا الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بنيامين نتنياهوالذكاء الاصطناعيدونالد ترامبصاروخقصفالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesJob offers from AmplyAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactPress officeWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024