سواليف:
2025-04-07@15:47:05 GMT

كبسلوا… نحن في عصر الكبسلة!

تاريخ النشر: 27th, April 2024 GMT

كبسلوا… نحن في #عصر_الكبسلة!

د. #فيصل_القاسم

أكثر ما يُضحكني في النظريات الماركسية والشيوعية والاشتراكية عموماً أنها أعطت للشعوب حجماً وقيمة وأهمية أكبر من حجمها الحقيقي بكثير، فالماركسيون مثلاً لطالما تغنوا بالبروليتاريا وقوة البروليتاريا وتأثيرها في حركة التاريخ وصنعه. وقد وصل الأمر بهم إلى القول مثلاً: «لو لم يكن نابليون موجوداً لصنعت الجماهير شخصاً آخر بحجم نابليون ليغير التاريخ كما غيره نابليون».


بعبارة أخرى، فالنظرية الماركسية لا تعطي للأشخاص أهمية كبرى في صنع التاريخ، بل تعتبرهم مجرد أدوات في أيدي الشعوب، وهي برأيهم الصانع والمحرك الحقيقي لعجلة التاريخ. لكن الزمن الذي نعيشه اليوم جعل من نظريات ماركس وغيره من الشعبويين أضحوكة. لماذا وكيف؟
ببساطة لأن هناك أمامنا منذ عقود وعقود ألف دليل وبرهان على أن الشعوب مجرد عتلات تستخدمها الطبقات العليا ومن يسميهم توماس كارلايل بالأبطال الذين يقودون القطعان ويحركونها ويستخدمونها كيفما يشاؤون حسبما تقتضي مصلحتهم. نحن باختصار مجرد عجينة في أيدي صانعي التاريخ والحياة بشكل عام، يصنعون منها شكل الخبز الذي يريدون. نحن بلا حول ولا قوة، نحن مواد أولية لا أكثر ولا أقل في لعبة أكبر منا بكثير. وكي لا نذهب بعيداً، فنحن صنيعة الأنظمة السياسية والدينية والتربوية والتعليمية والثقافية التي وضعتها الحكومات، ومهما حاولنا التحرر من تلك الأنظمة نبقى عبيداً في أيديها، فما بالك إذا كانت بعض الأنظمة كالنظام الأمريكي مثلاِ تملك كل وسائل التطويع والتوجيه والتعبئة بكل أشكالها، كما تملك أيضاً أعظم أنواع التكنولوجيا التي صنعها الآن، بالإضافة طبعاً إلى الرصيد المالي القادر على التحكم بكل الدول والأنظمة دون استثناء وتركيعها وتطويعها في الاتجاه الذي يريده سادة العالم، فما بالك إذاً بالشعوب المغلوبة على أمرها التي لا تستطيع أصلاً الخروج من القوقعة التي وضعتها فيها أنظمتها الدائرة في الفلك الأمريكي خصوصاً والغربي عموماً؟ وكي لا نسهب، فنحن لسنا أكثر من عتلات صغيرة في المجتمعات التي يصنعها الكبار ويطورونها ويغيرونها حسب مصالحهم باستمرار. وإذا كانت الأنظمة الوكيلة قادرة على نقل الشعوب بين الحين والآخر من دين إلى آخر، حسبما تفرضه مصالح مشغليها وموجهيها الكبار، فإن الكبار أنفسهم هم الذين، في واقع الأمر، يتحكمون بكل المجتمعات والبشرية جمعاء ويفرضون عليه أسلوب الحياة والعيش الذي يناسبهم ويخدم توجهاتهم.

تلعب التكنولوجيا الدور الأكبر بجانب الاقتصاد في عملية قولبة الإنسان وتسييره وتوجيهه وتشكيله، فهو مهما تطور يبقى مجرد فأر تجارب في أيدي أصحاب الاقتصاد والتكنولوجيا والمال

وكي لا نغمط ماركس حقه في كل شيء، لا بد أن نستذكر هنا نظريته الصائبة التي تقول إن الواقع الاقتصادي هو الذي يحدد ويصنع الواقع الاجتماعي، أي أن كل شيء مرتبط بالاقتصاد وطرق الإنتاج والاستهلاك، فهي التي تصنع وتقوّلب الإنسان حسب مصلحتها. واليوم تلعب التكنولوجيا الدور الأكبر بجانب الاقتصاد في عملية قولبة الإنسان وتسييره وتوجيهه وتشكيله، فهو مهما تطور يبقى مجرد فأر تجارب في أيدي أصحاب الاقتصاد والتكنولوجيا والمال. اليوم مثلاً نحن نعيش اليوم في عصر ما يُسمى بالكبسلة، كل شيء يحولونه إلى كبسولة صغيرة. كل شيء كبير يجب أن يختصر من حجمه كي يناسب المزاج العام. الموبايل مثلاً اختصر الراديو والتلفزيون والمسجلة والطابعة والكاميرا والميكروفون والتليفون والكثير من الأجهزة في جهاز واحد. تاريخ الإنسان كله وسجلاته ستصبح بحجم حبة الأرز مزروعة في جسده.
واليوم إذا جاءنا فيديو أطول من نصف دقيقة نعتبره طويلاً ومملاً. وكل منشور على مواقع التواصل يزيد عن سطر ونصف نراه طويلاً. وقد جاء موقع «تويتر» (أكس) ليفرض على الكاتب أن يكبسل أفكاره المتشعبة بجملة أو اثنتين. وعندما نكتب مقالاً اليوم يزيد عن خمسمائة كلمة نعتبره طويلاً، ولن يقرأه إلا القلة. من يقرأ اليوم الكتب في عصر المنشورات القزمية؟ من يقرأ حتى المقالات القصيرة؟ وحتى الجرائد التي مازالت تصدر ورقياً فقدت نصف حجمها. من يشاهد اليوم فيلماً وثائقياً أو برنامجاً تلفزيونياً حتى آخره إلا إذا كان غاية في المتعة والتشويق؟
وبما أنه ليس بأيدينا أو مقدورنا أي شيء سوى استهلاك أنماط وأساليب الحياة المتجددة دائماً المفروضة علينا بقوة التكنولوجيا والاقتصاد، وخاصة في العقود القليلة الماضية التي تقدمت خلالها البشرية أكثر مما تقدمت على مدى قرون ماضية، فلا يسعنا إلا أن نطرح الأسئلة وعلامات الاستفهام والتعجب حول هذا التطور الرهيب الذي تخضع له البشرية شاءت أم أبت. أين نحن ذاهبون؟ ومن المستفيد الأكبر من هذه التحولات العلمية والتكنولوجية المدهشة؟ وما هو مستقبل العالم أجمع في ظل طوفان الكبسلة الذي يحاصرنا من كل حدب وصوب؟ هل سنأكل ونستهلك كل شيء في المستقبل على شكل كبسولات؟
أعتذر لكم شديد الاعتذار عن المقال، فهو طويل جداً جداً. أليس كذلك؟ نعم قد يبدو لكم كذلك، لكنه في الواقع أقصر من مقالاتي السابقة بحوالي ثلاثمائة كلمة احتراماً لعنوان وموضوع المقال.

مقالات ذات صلة عبد الله التل بطل معركة القدس رفض مكافأة الفريق كلوب 2024/04/25

كاتب واعلامي سوري
falkasim@gmail.com

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: فيصل القاسم فی أیدی کل شیء

إقرأ أيضاً:

حراس المرمى الثمانية الأكثر حفاظًا على نظافة شباكهم في التاريخ

يعدّ حراس المرمى خط الدفاع الأخير للحفاظ على نظافة الشباك وتقع على عاتقهم مسؤولية تفوق أحيانا باقي اللاعبين لأن ارتكاب خطأ من طرفهم قد يكلف الفريق هدفا وفي أحيان أخرى الهزيمة وضياع الألقاب.

ومع بلوغ حراس المرمى الثلاثينيات وأحيانًا الأربعينيات من عمرهم، يتمتع العديد منهم بتأثير طويل الأمد على المباراة مقارنة ببعض اللاعبين.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2وظيفة غير متوقعة لماثيو لاعب برشلونة السابقlist 2 of 2بولت يتجاهل ميسي ويختار رونالدو في قائمة أعظم 3 لاعبينend of list

ويعد حارس المرمى الإيطالي جانلويجي بوفون من أعظم وأفضل حراس المرمى في العالم؛ فقد نجح في الحفاظ على نظافة شباكه في 506 مباراة.

موقع "ترنسفرماركت" المتخصص في إحصاءات كرة القدم وضع قائمة حراس المرمى الثمانية الأكثر حفاظًا على نظافة شباكهم في التاريخ:

8- الفرنسي هوغو لوريس: 334 مباراة

حافظ الفرنسي على نظافة شباكه في 151 مباراة مع توتنهام، و67 مباراة مع ليون، و30 مباراة مع نيس.

بعد مغادرة توتنهام، انتقل لوريس إلى لوس أنجلوس إف سي، حيث حافظ على نظافة شباكه في 23 مباراة خلال 55 مباراة.

ولعب لوريس مع منتخب فرنسا في 145 مباراة، حافظ خلالها على نظافة شباكه في 63 مباراة.

هوغو لوريس حافظ على نظافة شباكه في 334 مباراة (رويترز)

7- الإسباني بيبي رينا: 371 مباراة

شارك في 36 مباراة دولية، وحافظ على نظافة شباكه في 21 منها. كما حافظ على نظافة شباكه في 50 مباراة على الأقل مع 3 أندية مختلفة، هي ليفربول وفياريال ونابولي.

إعلان

كذلك حقق رينا أرقامًا قياسية مع برشلونة، ولاتسيو، وميلان، وأستون فيلا، وبايرن ميونخ، وناديه الحالي كومو.

6- الروسي إيغور أكينفيف: 376 مباراة

في 38 من عمره، لا يزال أكينفيف يُقدم أداءً قويًا. ويعد اللاعب الأقدم في الدوري الروسي الممتاز، حيث شارك في 788 مباراة مع ناديه الوحيد، سيسكا موسكو.

على مستوى الأندية، حافظ أكينفيف على نظافة شباكه في 328 مباراة، ليصبح رصيده الإجمالي في مسيرته الكروية 376 مباراة عند إضافته إلى إحصائياته الدولية.

5- الألماني مانويل نوير: 393 مباراة

بعد 80 مباراة بشباك نظيفة مع شالكه في بداية مسيرته، انتقل نوير إلى بايرن ميونخ حيث حافظ على نظافة شباكه في 262 مباراة.

على الصعيد الدولي، حافظ اللاعب البالغ من العمر 39 عامًا على نظافة شباكه في 51 مباراة، ولا يزال العداد مفتوحا حتى اعتزاله.

مانويل نوير حافظ على نظافة شباكه في 393 مباراة (الفرنسية)

4- التشيكي بيتر تشيك: 399 مباراة 

حافظ على نظافة شباكه في 228 مباراة من أصل 494 مباراة لعبها مع تشلسي، ولم يتلقَّ سوى 13 هدفًا فقط في موسم واحد من الدوري الإنجليزي الممتاز، وكانت أفضل سلسلة لتشيك هي 10 مباريات من دون تلقي أي أهداف.

بعد مغادرته البلوز في عام 2015، أضاف 54 مباراة أخرى بشباك نظيفة مع أرسنال.

أصبح حارس المرمى الوحيد الذي وصل إلى 200 مباراة بشباك نظيفة في الدوري الإنجليزي الممتاز خلال وجوده في ملعب الإمارات. بالإضافة إلى ذلك، حافظ تشيك على نظافة شباكه في 57 مباراة أخرى مع منتخب التشيك.

3-الهولندي إدوين فان دير سار: 439 مباراة

على الرغم من أنه حافظ على نظافة شباكه في 135 مباراة مع مانشستر يونايتد، فإن أكبر عدد له كان مع أياكس، حيث حافظ على نظافة شباكه في 139 مباراة.

على مستوى الأندية، حقق أيضًا 52 مباراة مع فولهام و41 مباراة مع يوفنتوس، بمجموع 367 مباراة، بالإضافة إلى 72 مباراة دولية مع هولندا.

2-الإسباني إيكر كاسياس: 440 مباراة

يُعد إيكر كاسياس أحد أفضل حراس المرمى على الإطلاق، فقد فاز بكأس العالم وكأس الأمم الأوروبية ودوري أبطال أوروبا في الوقت نفسه.

إعلان

حافظ كاسياس على نظافة شباكه في 102 مباراة دولية، وهو أعلى رقم على الإطلاق إلى جانب 338 مباراة مع الأندية.

إيكر كاسياس حافظ على نظافة شباكه في 440 مباراة (غيتي)

1- الإيطالي جانلويجي بوفون: 506 مباراة

حافظ بوفون على نظافة شباكه مع منتخب بلاده في 77 مباراة من أصل 176 مباراة. وفي 429 مباراة على مستوى الأندية منها 322 مباراة مع يوفنتوس الذي خاض في صفوفه 685 مباراة.

مقالات مشابهة

  • حراس المرمى الثمانية الأكثر حفاظًا على نظافة شباكهم في التاريخ
  • الآثار السُّودانيَّة.. إنهم يسرقون التاريخ!
  • عُمان.. حينما تمتد الروح من التاريخ إلى المستقبل
  • بالرغم من حرب الإبادة.. الأنظمة العربية والإسلامية تُدير ظهرها عن مناصرة غزة وإيقاف العدوان الإسرائيلي
  • اللهم نصرك الذي وعدت ورحمتك التي بها اتصفت
  • الآثار السُّودانيَّة … إنهم يسرقون التاريخ!
  • القبض على 8 أشخاص لمخالفتهم الأنظمة البيئية بمحميتَي الملك عبدالعزيز والإمام تركي بن عبدالله
  • الجنجويد والطائرات المسيرة: سيمفونية الدمار التي يقودها الطمع والظلال الإماراتية
  • الذكاء الاصطناعي جريمة معلوماتية!
  • "ذا سيمبسون" يتوقع وفاة ترامب بهذا التاريخ.. حقيقة أم خيال؟