آخر تحديث: 27 أبريل 2024 - 8:22 صبقلم: ادهم إبراهيم عاش العراق فترات عصيبة من المآسي والفوضى بعد احتلاله من قبل الولايات المتحدة عام 2003.وكنتيجة طبيعية لحل الجيش العراقي، أصبحت الدولة العراقية من بين أكثر أنظمة المنطقة معاناة من التدخلات الخارجية والاضطرابات الداخلية.وبعد سيطرة تنظيم داعش الإرهابي على مساحات واسعة، وما تبعه من إصدار فتوى دينية تشكلت قوات عسكرية خارج نطاق الدولة باسم الحشد الشعبي لصد التنظيم الإرهابي.

وبالرغم من زوال الأسباب الداعية لتشكيلها ظلت هذه القوات مستمرة بعملها، مما أثار تساؤلات حول الشرعية الدستورية وتوازن القوى داخل الأمة، خصوصا بعد انضواء العديد من الميليشيات الحزبية تحت لوائها، وتصنيف العديد منها ضمن قائمة الإرهاب مثل حركة النجباء وعصائب أهل الحق وكتائب حزب الله. استمدت قوات الحشد الشعبي شرعيتها من الفتوى الدينية، ثم استمرت بموجب قانون مثير للجدل لكون الدستور العراقي لا يعترف بأي تشكيلات عسكرية خارج إطار المؤسسة العسكرية المتمثلة بوزارة الدفاع ورئاسة أركان الجيش. وقد نصت المادة 9 الفقرة (ب) من الدستور على “حظر تكوين ميليشيات عسكرية خارج إطار القوات المسلحة”.إضافة إلى أن الفقرة الأولى من المادة 9 من الدستور تنص على أنه لا يجوز للقوات المسلحة العراقية وأفرادها، ومن ضمنهم العسكريون العاملون في وزارة الدفاع أو أية دوائر أو منظمات تابعة لها، الترشح في انتخابات لإشغال مراكز سياسية، ولا يجوز لهم القيام بحملات انتخابية لصالح مرشحين فيها. وإذا ما اعتبرت تشكيلات الحشد الشعبي من القوات المسلحة فإنها تقع في مطب آخر. حيث تم ترشيح عدد من قادتها في الانتخابات البرلمانية، انخرطوا بالعمل السياسي مثل رئيس هيئة الحشد الشعبي الذي يترأس حركة عطاء، وكذلك قيادات عصائب أهل الحق وقيادات بدر وغيرها. وفي ذلك مخالفة صريحة للدستور.غالبا ما حدثت مواجهات بين فصائل الحشد الشعبي المختلفة، وهذا مؤشر على عمق خلافاتها وتشظي قيادتها. وقد عبر مصدر حكومي بقوله إن “موقف الحكومة العراقية محرج، إذ أن تلك المواجهات هي خروج عن القانون وعن سلطة الدولة وتهديد للأمن المجتمعي، وإن المطلوب من الحكومة تطبيق القانون على الجميع”. وكل محاولات التهدئة تشير إلى تهافت الإجراءات الحكومية وضعف سلطة الدولة. وفي تشرين الأول – أكتوبر 2019، تورّط قياديون بارزون من الحشد الشعبي في قتل الكثير من المتظاهرين العراقيين واحتجازهم وتعذيبهم. وشنت بعض عناصر الحشد أيضاً هجمات بالطائرات المسيرة ضد دول مجاورة واستهدفت بعثات أجنبية داخل العراق. كما جرى اقتحام المنطقة الخضراء من قبل فصائل تابعة للحشد الشعبي عدة مرات مهددة سلطة الدولة، مما يدل على الفوضى والإخلال بالأمن العام.وأحد أكبر التحديات التي يطرحها الحشد الشعبي هو قياداته المستقلة فعليا، والقرارات البعيدة عن نهج السلطة. وقد اعتادت هذه القوات تخطي صلاحياتها وتنفيذ عمليات دون علم الحكومة.وهناك الكثير من الفصائل المسلحة التي تتخذ من الحشد الشعبي غطاء لها تبتز المواطنين والشركات الاستثمارية العاملة من دون مساءلة. ولا تخفي بعض فصائل الحشد الشعبي ارتباطها بالحرس الثوري الإيراني وتلقيها الدعم العسكري والسياسي منه، كما تعتبر نفسها وبشكل واضح جزءا لا يتجزأ من محور المقاومة الذي تديره إيران في المنطقة.ودعا المرجع الديني علي السيستاني إلى وضع “كل الأسلحة التي استخدمت لمحاربة المتشددين تحت سيطرة الحكومة العراقية”.ولم تلق هذه الدعوات الأذن الصاغية رغم التأييد الكبير الذي ناله مقترح دمجها مع الجيش في مناسبات كثيرة. وفي عام 2019 طلبت أربعة ألوية قتالية محسوبة على المرجعية الدينية في النجف وكربلاء إلحاقها بالقائد العام للقوات المسلحة وفك ارتباطها إدارياً وعملياتياً من بـ“ هيئة الحشد الشعبي”، بعد خلافات مع قيادات الحشد الموالية لإيران. واستجاب رئيس الوزراء الأسبق لهذا الطلب. ثم أصدر في وقت لاحق من العام نفسه قراره بضم كافة تشكيلات الحشد الشعبي للقوات المسلحة وإغلاق مقراتها، إلا أن رئيس هيئة الحشد والكثير من الفصائل رفضت تنفيذ القرار.في عام 2021 قادت منظمة “العدالة للعراق” حملة المطالبة الوطنية بحل الحشد الشعبي، جاء فيها “أن فصائل الحشد الشعبي أصبحت ليست فقط منتفية الحاجة إليها، بل إن بقاءها يمثل ضررا كبيرا بالمصالح الوطنية، مما يجعل المطالبة بحلها من أهم الواجبات الوطنية، ومن أهم شروط تهيئة الأرضية المناسبة والضرورية لإجراء التغيير الذي نتطلع إليه، على الصعيد السياسي والأمني والاقتصادي، وعلى صعيد تحقيق كامل السيادة الوطنية، وتحقيق هيبة الدولة، وبذلك نعتبر حلها من أهم المطالب الوطنية التي تتخذ موقع الأولوية”. إن وجود فصائل مسلحة موازية للجيش النظامي، يتحدى احتكار الدولة لاستخدام القوة، ويقوض سلطة القوات المسلحة العراقية وغيرها من المؤسسات الأمنية الشرعية المُنْشَأة بموجب الدستور. وعلاوة على ذلك فإن انتماء قوات الحشد الشعبي إلى مختلف التكتلات السياسية والدينية يزيد من تعقيد وضعها ضمن الإطار الدستوري. وفي حين تحتفظ بعض الفصائل داخل قوات الحشد الشعبي بعلاقات وثيقة مع الأحزاب السياسية والزعماء الدينيين، تعمل فصائل أخرى بشكل مستقل، مما يطمس الخطوط الفاصلة بين قوات الأمن المدعومة من الدولة والميليشيات الخاصة. ويؤدي الافتقار إلى الوضوح إلى تفاقم المخاوف بشأن المساءلة والقيادة والسيطرة نتيجة إساءة استخدام السلطة، وقد صَعَّبَ ذلك من عمل القضاء وقوى الأمن الداخلي في محاسبة الجريمة المنظمة وأخلّ بقواعد المساءلة والعدالة.إن إنهاء ملف الحشد الشعبي أصبح من الضرورات الأساسية لضمان وحدة واستقلال العراق. ويتطلب التصدي لهذه التحديات نهجا شاملا يؤكد على سيادة القانون واستقلال الدولة، وضمان عمل جميع قوات الأمن ضمن إطار الدستور وخدمة مصالح جميع المواطنين العراقيين.

المصدر: شبكة اخبار العراق

كلمات دلالية: قوات الحشد الشعبی

إقرأ أيضاً:

ممثل مجلس الدولة أمام البرلمان: نحتاج قانون متكامل للإجراءات الجنائية يتفق مع دستور 2014

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أكد المستشار محمد نشأت (ممثل مجلس الدولة في اللجنة الفرعية) على أن رؤية اللجنة الفرعية جاءت متفقة مع رؤية قسم التشريع بمجلس الدولة من أن  قانون الإجراءات الجنائية منذ صدوره من ١٩٥٠ أصبح من الأوفق تشريعياً أن يكون هناك مشروع قانون جديد متكامل للإجراءات الجنائية يتفق مع دستور ٢٠١٤.

وكان قد أكد  النائب إيهاب الطماوي، رئيس اللجنة الفرعية لصياغة قانون الإجراءات ‏الجنائية بمجلس النواب، إن جميع الآراء التي تمت داخل لجنة صياغة قانون الإجراءات الجنائية تمت بالتوافق، مشددا علي أن جميع الآراء انتهت بالتوافق لكافة الجهات التي شاركت ".

وأشار الطماوي، خلال كلمته بالجلسة العامة لمناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية إلي أنه نتيجة بعض الإشكاليات تم الاستعانة بفكرة لجان مصغرة ترأسها المستشار محمد كفافي مقرر اللجنة الفرعية الذي حقق جهودا غير عادي وتم التواصل مع الوزارات في أمور فنية مثل الاتصالات والهيئة القومية للبريد وغيرها".

وأكد علي أنه يجب عند الإطلاع علي قانون الإجراءات الجنائية  النظر إلي 3 مواد في الدستور المصري وهي المواد 54 و59 و189، مضيفا :" لولا تضحيات أبطال القوات المسلحة وتحقيق الانتصار علي قوى الشر ووصلنا إلي مرحلة السلام والأمن وانتقلنا إلي النهوض بملف حقوق الإنسان".

وأوضح النائب إيهاب الطماوي، رئيس اللجنة الفرعية لصياغة قانون الإجراءات ‏الجنائية بمجلس النواب، أن الجلسة العامة لمجلس النواب اليوم تعد جلسة تاريخية لأنها تناقش مشروع قانون بعد 74 سنة من أجل تحقيق الكرامة الإنسانية، موضحا أن مادة 59 من الدستور وهي تنص أن الحياة الآمنة حق لكل مواطن، مضيفا أن المادة 54 من الدستور تتضمن أن يمارس المواطنين استحقاقات جديدة كما كان يجب أن ننظر إليها وأن ننظر إلي الحبس الاحتياطي والتعويض عنه وانتقل إلي المادة 189 من الدستور التي يجب قراءتها بإمعان لأنها تتضمن فلسفة جديد مغايرة للقانون القائم الذي يتناغم مع دستور 1923

مقالات مشابهة

  • الحشد الشعبي يعتقل 29 متهما بالانتماء والترويج لحزب البعث
  • ميليشيا:توجيهات السيستاني بحصر السلاح بيد الدولة لايشمل “المقاومة”!!
  • الإطار يقرر تمديد الفصل التشريعي لمجلس النواب لتمرير قانون الخدمة والتقاعد للحشد الشعبي
  • عمرو صالح يس: دولتي متطرف أو … في الفرق بين الدولة و الدستور
  • للمرة السادسة خلال يوم واحد.. فصائل عراقية تهاجم إسرائيل بالمسيرات
  • دعوى لإلغاء اشتراط حصول فئات من النساء على تصريح مسبق بالسفر إلى السعودية
  • النائب إيهاب الطماوي: مشروع قانون الإجراءات الجنائية نابع من دوافع وطنية
  • مصدر رفيع يوضح سبب استنفار قوات الحشد ويتحدث عن ضرورة أمنية
  • ممثل مجلس الدولة أمام البرلمان: نحتاج قانون متكامل للإجراءات الجنائية يتفق مع دستور 2014
  • قراءة في إعلان أديس أبابا