عصام الدين جاد يكتب: الثقافة.. والمختلفون الخمسة
تاريخ النشر: 27th, April 2024 GMT
خمسة أشخاص على نهج فكري ووظيفي مختلف، تنوعت وظائفهم بين مستشار قضائي، ومؤرخ، ومخرج، وسيدة بنكية، وكاتبة.
أمثلة كان الاختلاف الوظيفي بؤرة تلاحمهم، لم يكن العامل المشترك الوحيد بينهم إلا ساحات الثقافة والمثقفين، بحبٍ وولعٍ ليس له مثيل.
الكتابة.. هذا العشق الذي يلوذ به الفارون للإبداع، داخل أحضان الإصرار، تحت شعار الثقافة ولا شيء سواها.
أثار الأول المستشار "محمد عبدالعال"، فضولي وبحثي عما وراء سعيه لإصراره على حب الثقافة، فكانت إبداعاته المتفردة سواء كانت لتوثيقٍ أو رواية، خير إجابة عن سؤالي، فالكتابة تملأ فؤاد المحبين، وهي رسالة سامية لا يدخلها إلا من كان مؤمنًا بكلماته.
أما الثاني "شريف عارف"، الذي لم يتوقف عند حد الكتابة والتأريخ، بل أبدع في أن حوّل الرواية والتوثيق إلى فيديو لا يتعدى دقائق ليحكي فيه عما يجري حولنا بلغة وأسلوب التوثيق الهادف، لم يكن خلف مرماه إلا حبه للثقافة ونشر العلوم.
وعن الثالث "فتحي سليمان"، هذا المخرج والخبير السياحي، الذي عرفت من هو عندما وجدته في معظم الفعاليات الثقافية، إما يشاهد أو يتحدث أو ينظم أو يشجع، حتى إنه قال لي مصطلح "الفضيحة الحلوة".
لم أفهم في البداية إلا أنه يفضح كل ما هو ثقافي، يفضحه بنشره، وتشجيعه، يفضحه بأن يذهب إليه ليجعل أعمال الغير أمام الجميع.
وكانت الرابعة "مي مختار"، صاحبة المستوى الفريد من الإسهامات الاجتماعية، سعت لإنشاء صالون يجتمع فيه المثقفون داخل أروقة التاريخ والحضارة في حي الحسين، بل إنها لم تسع يومًا لتكتسب شيئًا منه، أو للظهور أمام الجميع.
وآخرهم "مني ماهر"، صاحبة المسئولية المجتمعية، التي تعرف مقوماتها ودورها، وإن بحثت عنها في يوم، فلن تجدها إلا في ندوة أو صالون ثقافي.
هذه الأمثلة هم بعض ممن يملؤون الوسط الثقافي المصري بحبهم الذي لا ينتهي، حب وراءه نشر الثقافة، وهم ليسوا الوحيدين، لكنهم يحاولون، والمحاولة نجاح، ونجاحهم الحقيقي في السعي لنشر الثقافة.
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
قبل غزة… صرخة الأنصار فضحت الجميع
محمد الجوهري
ليس مستغرَبًا أن يكون من رفعوا الصرخة بالأمس هم أنفسهم من يساندون غزة اليوم، كما أنه ليس مستغرَبًا أيضًا أن يكون من وقفوا ضد الصرخة بالأمس قد أصبحوا عملاءً للصهيونية العالمية على رؤوس الأشهاد.
فالصرخة لم تكن شعارًا حزبيًّا أو سياسيًّا، بل كانت علامة فارقة بين معسكرَي الحق والباطل. كيف لا، ومنطلقاتها قرآنيةٌ محضة، لا يجرؤ على رفعها إلا من تعصّب للإسلام، وعادى أعداءه بصدق ووعي، فيما وجد أشباه الرجال فيها ذريعة لتبرير عمالتهم للغرب ولسيّدهم الأمريكي، تحت ذرائع متلوّنة تختلف باختلاف المكان والزمان، والجهة التي ينتمون إليها.
فـحزب الإصلاح – على سبيل المثال – أعلن قبل أكثر من عشرين عامًا، وعلى لسان “حاخام” الحزب عبد المجيد الزنداني، بأن الصرخة “كلمة حق يُراد بها باطل”، ولا ندري كيف اطّلع على نوايا مطلقيها، لكن المنافق – كما علّمنا القرآن – لا يُحاسب الناس على أفعالهم، بل يتتبّع نواياهم ليتّخذها ذريعة للطعن في الحق حين يعجز عن مواجهته.
أما نظام الهالك عفاش، فقد تأسّس على الخيانة منذ يومه الأول، ويكفي أنه كان في صفّ كل عدوان خارجي على أي طرف يمني، ما دام ذلك يخدم مصالحه الشخصية. وقد وصل إلى السلطة بخيانة الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي، ومنذ ذلك الحين توالت خياناته للشعب اليمني، وسار على دربه أفراد أسرته، ومنهم المرتزق طارق وابنه أحمد، وليس ذلك بمستغرَبٍ عليهم، بل هو الطبيعي والمتوقّع من أمثالهم.
أما الفصائل الجنوبية، فهي فصائل مفرغة عقديًّا وسياسيًّا، ما جعلها مطيّة سهلة لتجار البشر من أمثال عيدروس الزبيدي وهاني بن بريك، مستغلّين حالة الفقر المدقع التي وصل إليها الجنوبيون بعد حرب 94، وهي الحرب التي خلقت حالة من اللا-توازن في فكر كثير منهم. وهذا ما يفسّر تحالفهم غير الأخلاقي مع بقايا نظام عفاش، وهو ما أدّى بهم إلى أن يكونوا أرخص مرتزقة في العالم، حسب مجلة التايمز الأمريكية عام 2019.
وليس في فكر أولئك جميعًا مسألة حق أو باطل، فالحياة عندهم مجرّد صراع على السلطة، ولذا باعوا أنفسهم لمن يدفع أكثر، حتى انتهى بهم الأمر إلى أن يقاتلوا في صف الصهاينة المجرمين، والرابط بينهم جميعًا هو نظاما آل سعود وآل نهيان. ولم يعد خافيًا على أحد عمالة هاتين الأسرتين للصهيونية العالمية، لا سيما بعد أن وقفتا صفًّا واحدًا مع الكيان الصهيوني المجرم في عدوانه الوحشي على قطاع غزة. ويشهد على ذلك الجسر البري، والدفاعات الجوية، والدعم السخي بالمال والوقود الذي قدّموه لـ”إسرائيل”.
لقد أسقطت غزة ورقة التوت عن الجميع، وكشفت من ينتمي للأمة، ومن ينتمي للعدو. فالصمت في زمن المذابح جريمة، أما التواطؤ فهو خيانة مكتملة الأركان. والصرخة التي أُطلقت في وجه الطغيان قبل غزة، كانت جرس إنذار لمن يريد أن يفهم. أما من اختار أن يكون أداة بيد المحتل، فسيأتي عليه يوم يُفضَح فيه كما فُضح غيره، وساعتها لن ينفعه شعار، ولا يقيه قناع.