في الساعات الأولى من يوم 13 أبريل الجاري، نجحت قوات الاحتلال الإسرائيلي، بمساعدة بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة، في اعتراض وابل من الصواريخ والطائرات بدون طيار انطلقت من داخل الأراضي الإيرانية، واستهدفت إسرائيل في المقام الأول. 

وأحبطت المنظومة الدفاعية نحو 170 طائرة مسيرة و120 صاروخا باليستيا و30 صاروخا كروز بنسبة نجاح 99 بالمئة.

وقد نجح هذا الهجوم الأول من نوعه الذي تشنه جمهورية المرشد الإيراني في إكساب إسرائيل لحظة نادرة من التعاطف والكثير من التقارير الإعلامية الإيجابية رغم الانتقادات والتغطيات السلبية التي حظت بها دولة الاحتلال منذ شنها عدوانًا علي غزة في السابع من أكتوبر الماضي.

 وأدى ذلك إلى قيام الرئيس الأمريكي جو بايدن بتقديم المشورة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "لأخذ النصر" وتجنب المزيد من التصعيد. ومع ذلك، بدت إسرائيل مصممة على الرد، وشنت هجومًا مضادًا على نظام دفاع جوي في قاعدة جوية إيرانية في أصفهان.

أثارت الضربة المضادة، على الرغم من كونها رمزية إلى حد كبير، تساؤلات حول دوافع إسرائيل، لا سيما في ضوء نصيحة الولايات المتحدة وحلفائها الآخرين بوقف التصعيد. ووعد وزير الدفاع يوآف جالانت، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، وعضو مجلس الوزراء الحربي بيني جانتس، ونتنياهو، بالانتقام، مما يشير إلى موقف أكثر عدوانية من جانب إسرائيل.

ويعتقد الكثيرون أن طموحات نتنياهو السياسية هي التي تدفع باتجاه الانتقام. ومع انخفاض شعبيته إلى 15%، فقد فقد شعبيته بشدة، بعد أن تشوهت صورته كضامن أمني بعد السابع من أكتوبر الماضي. والحجة هي أن نتنياهو يسعى إلى استعادة شرعيته أو تأخير الحساب السياسي من خلال الدخول في حرب مع إيران.

ومع ذلك، فإن الضغط من أجل الانتقام لا ينبع فقط من دوافع نتنياهو السياسية. وكان بعض منافسيه السياسيين، مثل جانتس وجالانت، من بين أعلى الأصوات التي دعت إلى شن هجوم مضاد. 

وتشير استطلاعات الرأي إلى أنه إذا أجريت الانتخابات اليوم، فمن المرجح أن يصبح جانتس رئيسا للوزراء. 

بالإضافة إلى ذلك، كشف استطلاع للرأي أجرته الجامعة العبرية أن 74% من الإسرائيليين يعارضون شن هجوم مضاد إذا كان من شأنه الإضرار بالتحالف الأمني ​​الإسرائيلي مع حلفائها، وقال 56% إن إسرائيل يجب أن تستجيب بشكل إيجابي للمطالب السياسية والعسكرية من حلفائها.

الأسباب وراء الانتقام

وكانت الأسباب الرسمية التي دفعت إسرائيل للانتقام هي "إرسال رسالة" إلى طهران و"تلقينهم درساً". ومع ذلك، يشير التاريخ إلى أن العنف المتبادل غالبًا ما يفشل في تحقيق الغرض المقصود منه.

وهذا يثير التساؤل حول ما إذا كان رد إسرائيل على إيران مدفوعاً بالانتقام أم بضرورات استراتيجية أعمق.

كان الهجوم الإيراني الأخير على إسرائيل كبيراً، حيث تم إطلاق حوالي 60 طناً من المتفجرات، مما يشكل انتهاكاً للقواعد غير المكتوبة لحرب الظل بين إسرائيل وإيران وتسبب في توتر كبير في إسرائيل. 

وعلى الرغم من هذه الاستفزازات، بدا أن الرد الإسرائيلي كان محسوباً لتجنب أي تصعيد كبير. 

حرب الظل والتهديد النووي

إن حرب الظل المستمرة بين إسرائيل وإيران تشمل في المقام الأول حزب الله وحماس والحوثيين. ومن المرجح أن ترى إسرائيل حاجة إلى مواصلة استهداف هذة الجماعات لعرقلة تدفق الموارد إليهم من جانب إيران. فضلاً عن ذلك فإن مخاوف إسرائيل بشأن البرنامج النووي الإيراني تساهم في موقفها الدفاعي.

أدى انهيار خطة العمل الشاملة المشتركة، المعروفة أيضًا باسم الاتفاق النووي الإيراني، إلى زيادة مخاوف إسرائيل بشأن طموحات إيران النووية. ويشعر القادة الإسرائيليون بالقلق من أن إيران المسلحة نووياً ستزيد من جرأة دعمها لوكلائها أو تهدد إسرائيل بشكل مباشر. وتدفع هذه المخاوف إلى الحاجة إلى اتخاذ إجراءات وقائية، حتى لو كان ذلك يهدد بتصعيد الصراع.

التداعيات المستقبلية

تسلط الأحداث الأخيرة بين إسرائيل وإيران الضوء على الديناميكيات المعقدة بين البلدين واحتمال نشوب صراع أوسع نطاقا. وتشير الضربة المضادة في أصفهان إلى اتباع نهج حذر في الانتقام، لكن التوترات الأساسية بين إسرائيل وإيران لا تزال دون حل. 

ولمنع نشوب حرب إقليمية في الشرق الأوسط، يجب على الولايات المتحدة وحلفائها التعامل مع إيران لاحتواء طموحاتها النووية. وبدون هذه الجهود، فإن خطر المزيد من التصعيد والصراع سيكون مرتفعا، مع ما يترتب على ذلك من عواقب على استقرار المنطقة بشكل عام.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الإسرائيلي الإيراني الحرب ايران حماس غزة بین إسرائیل وإیران

إقرأ أيضاً:

ضياء الدين بلال يكتب: القوة الخفية التي هزمت حميدتي (2-2)

سألني كثيرون عن عدم ذكر شرائح مجتمعية مهمة كان لها إسهام كبير في هزيمة مشروع حميدتي الانقلابي.

لكن القائمة التي أوردتها لم تكن حصرية لمصادر القوة الخفية الناعمة في الدولة السودانية، بل كانت مجرد نماذج، دون أن يعني ذلك امتيازها على الآخرين.

بدأت أشعر بالقلق من أن معارك جديدة ستنشب بعد الحرب الحالية، محورها: من صنع النصر؟ ومن كانت له اليد العليا فيه؟!
لا شك أن هناك من لعبوا أدوارًا مركزية في هزيمة مشروع الميليشيا بعيدًا عن الأضواء، وسيأتي ذكرهم في يوم ما.

بعض الأصدقاء والقراء لاموني على عدم ذكر مشاركة السلفيين وجماعة أنصار السنة، وآخرون تساءلوا عن عدم الإشارة إلى دور الشعراء وكبار المغنيين، مثل الرمز والقامة عاطف السماني.
أما اللوم الأكبر فجاء من عدد كبير من القراء، بسبب عدم التطرق لدور الإعلاميين، لا سيما في الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي.

نعم، لم تكن الحرب التي اندلعت في السودان يوم 15 أبريل 2023 مجرد مواجهة عسكرية تقليدية بين جيش نظامي ومجموعة متمردة، بل كانت حربًا شاملة استهدفت الدولة والمجتمع معًا.
فبينما كانت الرصاصات والقذائف تحصد الأرواح، كانت هناك معركة أخرى، لا تقل ضراوة، تدور في ميدان الوعي والمعلومات، حيث لعب الإعلام الوطني الحر دورًا محوريًا في التصدي لهذا المشروع الغاشم.

في بدايات الحرب، أصيبت مؤسسات الدولة بالشلل، وغابت الأجهزة التنفيذية والإعلام الرسمي.
أما القوات المسلحة، فكانت محاصرة بين الهجمات الغادرة ومحاولات التمرد فرض واقع جديد بقوة السلاح.

وفي تلك اللحظة الحرجة، برز الإعلام كسلاح أمضى وأشد فتكًا من المدافع، يخوض معركة الوعي ضد التزييف والخداع، ويقاتل بالحجة والمنطق لكشف الحقائق ودحض الأكاذيب.
راهن المتمردون ومناصروهم على التلاعب بالسردية الإعلامية، فملأوا الفضاء الرقمي بالدعاية والتضليل، محاولين قلب الحقائق وتقديم أنفسهم كقوة منتصرة تحمل رسالة الحرية والديمقراطية.

لكن الإعلام الوطني الحر كان لهم بالمرصاد، فكشف فظائعهم، وفضح انتهاكاتهم، وعرّى أكاذيبهم.
لم تعد جرائمهم مجرد روايات ظنية مبعثرة، بل حقائق موثقة بالصوت والصورة، شاهدة على مشروعهم القائم على النهب والدمار وإشاعة الفوضى.

لم يكتفِ الإعلام بتعرية التمرد، بل حمل لواء المقاومة الشعبية، فكان منبرًا لتحفيز السودانيين على الصمود، وحشد الطاقات، وبث روح الأمل.

اجتهد الإعلام الوطني في رفع معنويات الجيش، مؤكدًا أن هذه ليست نهاية السودان، وأن القوات المسلحة ستنهض مهما تكالبت عليها المحن، وأن الشعب ليس متفرجًا، بل شريك أصيل في الدفاع عن وطنه.
لم يكن هذا مجرد تفاعل إعلامي عابر، بل كان إعادة تشكيل للوعي الجمعي، وصناعة رأي عام مقاوم يحمي السودان من السقوط في مستنقع الفوضى.

ومع مرور الوقت، استعاد الجيش أنفاسه، وعاد أكثر تنظيمًا وقوة، والتحم بالمقاومة الشعبية التي بشّر بها الإعلام.

وهكذا، تحولت الحرب من مواجهة بين جيش ومتمردين إلى معركة وطنية كبرى ضد مشروع تدميري عابر للحدود.

لقد أثبت الإعلام الوطني أن الكلمة الصادقة، حين تكون في معركة عادلة، تملك من القوة ما يعادل ألف طلقة، وأن الوعي، حين يُدار بذكاء وصدق، يصبح درعًا لا يخترقه التضليل، وسيفًا يقطع أوهام الباطل من جذورها.

هكذا انتصر السودان في معركة الوعي، وهكذا هُزم التمرد قبل أن يُهزم في ميادين القتال.

ضياء الدين بلال

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • صيف أمريكي ساخن ينتظر المنظمات الإرهابية
  • إيران تهدد إسرائيل بـرد قاس على أي هجوم يستهدف النووي
  • المالكي يؤكد على ان العراق لن يغادر المحور الإيراني الروسي
  • ضياء الدين بلال يكتب: القوة الخفية التي هزمت حميدتي (2-2)
  • وزير الدفاع الأمريكي: سنجهز إسرائيل بالذخائر التي لم تُمنح لها سابقًا
  • وزير الدفاع الأمريكي: سنزود إسرائيل بكل الاسلحة التي تحتاجها
  • هل تقلل الأسواق المالية من خطورة الحرب التجارية التي أشعلها ترامب؟
  • «ترامب» يستقبل «نتنياهو».. ماهي «إسرائيل الصغيرة» التي تحدّث عنها؟
  • هيئة رئاسة مجلس النواب تستهجن الصمت العربي الإسلامي تجاه التصعيد الإسرائيلي في جنين
  • خبير استراتيجي: التصعيد الإسرائيلي في الضفة الغربية يدفع حماس والجهاد للرد