أشعل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة مياه البحر الأحمر وسواحله، فمنذ 19 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، أطلقت جماعة أنصار الله الحوثيين هجماتها ضد السفن المملوكة لإسرائيليين أو المتوجهة إلى الموانئ الإسرائيلية.

وفي يناير/ كانون الثاني 2024، بدأ تحالف "حارس الازدهار"، الذي تقوده الولايات المتحدة وتشارك فيه بريطانيا بشكل رئيسي، باستهداف معاقل جماعة الحوثيين في اليمن، مما أدى لتوسيع نطاق عمليات الجماعة لتشمل السفن المرتبطة بواشنطن ولندن أيضًا.

شكل هذا التصعيد محل اهتمام وقلق لأغلب الجهات الفاعلة في المنطقة والعالم، من دول ومنظمات وشركات نقل، فمضيق باب المندب والبحر الأحمر يعدان عقدة رئيسية في طرق الشحن البحرية العالمية، ويؤدي استمرار هذه الهجمات إلى تحويل حركة المرور البحرية عن البحر الأحمر إلى أفريقيا.

تباين في كيفية ردع الحوثيين

تتباين وجهات النظر الأميركية تجاه سبل ردع الحوثيين، فتحالف "حارس الازدهار" يضم 24 دولة بقيادة القيادة المركزية للقوات البحرية الأميركية، لكن بريطانيا وحدها هي التي شاركت أميركا في استهداف مواقع الحوثيين في اليمن.

حيث شنتا ضربات أبرزها في يومي 11 و22 (يناير/ كانون الثاني) 2024، ويومي 3 و24 (فبراير/ شباط) 2024.

ومن خلال ذلك، تسعى واشنطن، وفقًا لتقرير خدمة أبحاث الكونغرس، لتجنب مزيد من التورط المباشر في اليمن خشية اتساع نطاق الصراع في المنطقة، وتحرص على الحفاظ على الهدنة في اليمن وتعزيز جهود السلام التي تدعمها الأمم المتحدة، واستعادة الأمن البحري في المنطقة.

لكن في المقابل، فأمام هذه المخاطر المتزايدة، تبرز في أروقة واشنطن دعوات لتوجيه ضربات أكبر ضد الحوثيين واستئصالهم، ما حدا بلجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس لعقد اجتماع في 14 فبراير/ شباط 2024 لمناقشة هذه القضية.

خلال الاجتماع، قدم مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية جون ألترمان طرحا مغايرا، مشيرا إلى أن التصعيد العسكري ضد الحوثيين قد يعزز الأهداف الإيرانية وينعكس سلبًا على الاستقرار اليمني، والذي "قد يدفع العديد من الحلفاء إلى التشكيك في قيمة الدعم الأميركي".

وأشار ألترمان إلى أن سياسة "الضغط الأقصى" الأميركية في عهد الرئيس دونالد ترامب لم تنجح، وأن الردع المطلوب لن يتحقق ما لم يشعر قادة الحوثيين ومن ورائهم إيران أن لديهم خيارا مريحا في مقابل خيارات التصعيد المؤلمة، "وليس مجرد السعي إلى هزيمتهم في ساحة المعركة".

إحدى السفن التي كانت متجهة إلى إسرائيل واستهدفتها جماعة الحوثي (الأناضول) نظرة على عمليات الحوثيين

منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، بلغت الهجمات التي شنها الحوثيون في البحر أكثر من 52 هجومًا، وفقًا للقيادة البحرية الأميركية، بينما قال زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي إن قواته استهدفت 102 من السفن العابرة لمضيق باب المندب.

كان أبرز هذه الهجمات مؤخرًا في العاشر من أبريل/ نيسان 2024، حيث استهدفت 3 سفن أميركية وإسرائيلية، بعدها وفي اليوم الـ24 أعلن الحوثيون استهداف سفينة ومدمرة أميركيتين وسفينة إسرائيلية، في كل من خليج عدن والمحيط الهندي.

ووفقًا لمؤسسة "فيتش سوليوشنز" فإن ضربات الحوثيين تراجعت نتيجة "ضعف مخزونهم من الأسلحة المتطورة، التي دمرت الضربات الأميركية والبريطانية المشتركة جزءًا كبيرًا منها، فضلًا عن الأضرار التي لحقت مراكز القيادة والسيطرة لديهم"، وفق المؤسسة.

والشهر الماضي، نقل موقع بلومبيرغ عن اللواء جورج ويكوف، قائد الأسطول الأميركي لعملية البحر الأحمر، قوله إن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة استطاع خفض قدرات جماعة الحوثيين، لكن "ما زال أمامه كثير من العمل قبل إنجاز المهمة"، وفق تعبيره.

وأوضح ويكوف أنه لا يمكن التنبؤ بموعد إنجاز المهمة بسبب الدعم الاستخباري والعسكري الذي يتلقاه الحوثيون من إيران.

استمرار العمليات

لكن في المقابل، أكد زعيم جماعة أنصار الله استمرار العمليات وتوسيعها، وتقويتها في بحر العرب والبحر الأحمر والمحيط الهندي، وقال "إن الانتشار البحري الأميركي هو الذي تراجع، وليس عمليات الجماعة في المنطقة"، ولا يزال التكهن بنتائج الضربات الأميركية البريطانية على الحوثيين صعبا الآن.

ومن المهم الإشارة في هذا الصدد إلى تقرير نشره موقع "ناشونال إنترست" الأميركي قال فيه إن ما يحدث في البحر الأحمر يُظهر أن عدد السفن الحربية لدى أي بلد لم يعد مهما في تقييم قدرته على إغلاق الممرات البحرية والسيطرة عليها.

وأوضح تقرير الكاتب الأميركي رامون ماركس، أن تطوير الصواريخ المضادة للسفن والمسيرات الرخيصة قد أحدث ثورة في الحرب البحرية، تماما كما فعلت حاملات الطائرات في القرن الماضي.

ورغم القوة النارية لدى البحرية الأميركية، يؤكد الكاتب، فإن الحوثيين لا يزالون متماسكين ويهاجمون بانتظام السفن التجارية في البحر الأحمر والسفن الحربية الأميركية، وفي مارس/آذار الماضي، أطلقوا صاروخا مضادا للسفن على السفينة الحربية "يو إس إس لابون"، التي يقال إن بناءها كلف ما يقرب من مليار دولار.

ووفقا لتقرير نشرته صحيفة "تلغراف" البريطانية يتمتع الحوثيون بميزة صاحب الأرض، ذلك أن اليمن دولة مطلة على البحر الأحمر، وهم بالتالي على دراية تامة بأحوال البحر والمناخ، وكلتا هاتين النقطتين في صالح الطرف المهاجم، وفقا للمقال.

مسار السفن

وأمام هذا الواقع، لجأ كثير من شركات وسفن الشحن التجارية وشركات التأمين إلى تغيير مسار سيرها وتجنب عبور مضيق باب المندب نحو قناة السويس، وبدلا من ذلك تعيد توجيه مسار شحناتها إلى جنوب أفريقيا عبر رأس الرجاء الصالح.

فمنذ استيلاء الحوثيين على حاملة المركبات "غالكسي ليدر" في 19 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، المملوكة لشركة "راي شيبينغ ليميتد" ومقرها إسرائيل، أشارت بيانات "مارين ترافيك" إلى أن بعض السفن التي لديها صلات بالكيان الإسرائيلي تتجنب البحر الأحمر.

ووفقًا لتقرير معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، فإن العديد من السُفن شوهدت وهي تبحر عبر رأس الرجاء الصالح للوصول إلى أوروبا وآسيا.

كما أظهرت بيانات "مارين بينخمارك" التراجع الحاد في عدد السفن المبحرة عبر البحر الأحمر، منذ يناير/ كانون الثاني 2024. ونقلت صحيفة "تلغراف" عن مكتب الإحصاءات البريطاني أن نسبة السفن التي تعبر البحر الأحمر انخفضت إلى 66% بداية أبريل/ نيسان 2024.

تداعيات التصعيد على خطوط الشحن البحرية

من المتوقع أن يواصل الحوثيون هجماتهم، كما أكدوا ذلك مرارا، التي تُظهر جديتها في إلحاق الضرر بالسفن المستهدفة.

ومتوقع أيضا أن تأخذ السفن المدنية وشركات التأمين غير المرتبطة بإسرائيل في الاعتبار خطورة وقوع خطأ من الحوثيين في تحديد هوية السفن وتمييزها، خاصة أن الضربات الأميركية والبريطانية دمرت بعض منشآت رادار الدفاع الجوي لديهم.

وسوف تكون هناك تكلفة عالية لعمل السفن التي تمر من المياه القريبة من اليمن، خلال الفترة القادمة، إما لمخاطر عمليات احتجازها، أو ارتفاع رسوم التأمين عليها، وهو ما يعني ارتفاع تكلفة عمل هذه السفن ورفع الأجور التي تحصل عليها.

كما أن كثيرا من السفن ستتجنب الإبحار عبر البحر الأحمر أو قرب السواحل اليمنية التي يسيطر عليها الحوثيون، وستواصل اعتمادها أكثر فأكثر على الطريق المار عبر رأس الرجاء الصالح سواء باتجاه آسيا أو أوروبا.

لكن هذا الطريق يجعل من رحلة هذه السفن أطول وأكثر تكلفة، حيث ستحتاج السفن المبحرة من آسيا إلى أوروبا لأكثر من 30 يوما تقريبا للوصول إلى موانئ إسبانيا، مقارنة بحوالي 19 يوما عبر البحر الأحمر وقناة السويس، وفقا لتقرير معهد واشنطن.

(الجزيرة) تكاليف إضافية

كما ستؤدي هذه الرحلات الأطول إلى تكاليف إضافية على الباعة والمشترين على حد سواء، أي أن استمرار عمليات الحوثيين سيبقي تكاليف الشحن العالمية خلال عام 2024 أعلى من مستوياتها المعقولة، مما ينذر ببلوغها مستويات قياسية، مثل ما حصل أثناء انتشار وباء "كوفيد-19".

يشار إلى أن مضيق باب المندب الذي يشرف عليه اليمن يمر عبره 10% من التجارة البحرية الدولية سنويا من خلال مرور نحو 21 ألف سفينة. كما يمر عبره 6 ملايين برميل من النفط يوميا، وقد أدى التصعيد في البحر الأحمر إلى اختلال نحو 15% من التجارة الدولية، وفقا لتقرير معهد واشنطن.

لذا فإن حماية حرية الملاحة في هذه المنطقة تُعتبر أساسية لأمن الطاقة والاقتصاد العالمي ككل.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات عبر البحر الأحمر فی البحر الأحمر الحوثیین فی باب المندب فی المنطقة السفن التی فی الیمن ا لتقریر إلى أن

إقرأ أيضاً:

6 أسئلة عن الحرب الأميركية على الحوثيين باليمن

تواصل الولايات المتحدة الأميركية غاراتها المكثفة على اليمن مستهدفة ما تقول إنه مواقع لجماعة الحوثيين بهدف الضغط على الجماعة وإجبارها على وقف هجماتها في البحر الأحمر.

ومنذ 15 مارس/ آذار الماضي، شنت الولايات المتحدة مئات الغارات على اليمن، ما أدى لمقتل 217 مدنيا وإصابة 436 آخرين، معظمهم أطفال ونساء، حسب بيانات للحوثيين.

ورغم ذلك واصلت الجماعة استهداف إسرائيل والسفن المرتبطة بها في البحر الأحمر، وتعهّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس الاثنين بـ"رد قوي" على الحوثيين، وقال "أريد أن أقول شيئا واحدا للحوثيين ولكل من يرغب في إلحاق الأذى بنا.. أي هجوم ضدنا لن يمر دون رد. سيكون هناك رد قوي".

وترصد الجزيرة نت عبر هذا التقرير 6 أسئلة لفهم ما يجري في اليمن ومآلاته وتداعياته على جماعة الحوثيين ومستقبل المنطقة.

1- كيف بدأ الصراع؟

أعلنت جماعة الحوثي في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023 بدء شن هجمات تضامنا مع قطاع غزة الذي يتعرض لإبادة جماعية من إسرائيل.

وبدأت الهجمات على سفن إسرائيلية في البحر الأحمر وخليج عدن، إضافة إلى استهداف مواقع في إسرائيل بصواريخ ومسيّرات بعضها طالت تل أبيب.

وشكّلت الولايات المتحدة في ديسمبر/كانون الأول 2023 تحالفا يضم أكثر من 20 دولة أُطلق عليه اسم "حارس الازدهار"، بدعوى الرد على هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر.

إعلان

وبدأت الولايات المتحدة وبريطانيا في 12 يناير/كانون الثاني 2024 شن غاراتها على مواقع للحوثيين في اليمن. وعقب ذلك، توعّدت جماعة الحوثيين بأن "كل المصالح الأميركية والبريطانية أهداف مشروعة لقواتها ردا على عدوانهم المباشر والمعلن على اليمن".

واستمرت هجمات الحوثيين وردود الولايات المتحدة وحلفائها حتى توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين حركة حماس وإسرائيل في يناير /كانون الثاني 2025، قبل أن يتجدد العدوان الإسرائيلي على غزة في عهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وكان ترامب قد أدرج الحوثيين في قائمة "الجماعات الإرهابية"  قبل 3 أسابيع من انتهاء فترة حكمه الأولى، وأخرجتها إدارة جو بايدن من هذه القائمة، وما لبث أن عاد ترامب مع بداية فترة حكمه الثانية لإعادة تصنيف الحوثيين "جماعة إرهابية".

2- ما هدف الغارات الأميركية على اليمن؟

أعلن ترامب في 15 مارس/ آذار الماضي إطلاق هجوم مكثف على الحوثيين، وقال في بيان إعلانه بدء الهجمات "إلى جميع الإرهابيين الحوثيين: وقتكم قد انتهى، ويجب أن تتوقف هجماتكم بدءا من اليوم، وإذا لم تفعلوا فسينهال عليكم الجحيم كما لم تروا من قبل".

وأعلنت القيادة الوسطى تنفيذ 300 غارة على اليمن منذ منتصف مارس/آذار، بينما يقول الحوثيون إن نحو ألف غارة استهدفت مناطق متعددة في البلاد.

ومنذ بدء 15 مارس/آذار الجاري، أطلق الحوثيون صواريخ وطائرات مسيرة على حاملة الطائرات الأميركية "هاري إس ترومان" المتمركزة في البحر الأحمر، كما استأنفوا هجماتهم على إسرائيل.

وبعد أن كانت الغارات تستهدف في وقت سابق مناطق محدودة، توسعت رقعة الهجمات الأميركية لتشمل 12 محافظة يمنية، بما فيها صنعاء وصعدة والحديدة ومأرب والبيضاء وذمار، مستهدفة قواعد جوية وموانئ ومنشآت اقتصادية ومراكز قيادة.

وقال رئيس مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية، ماجد المذحجي، "إن الضربات الحالية تستهدف جسم الجماعة الحوثية مباشرة، وتلحق ضرراً بالبنية التي ظلت محمية". وأضاف المذحجي، في حديث سابق للجزيرة نت "الآن يُستهدف القادة الحوثيون ومقر القيادة، وأماكن غير عسكرية، ولكنها ذات أهمية مركزية بالنسبة للحركة".

إعلان

بدوره يرى الخبير العسكري علي الذهب أن "الرئيس الأميركي اتخذ قرارا بتقويض قدرات الحوثيين عموما، وليس قدرتهم التهديدية فقط"، بهدف إسقاطهم من "محور المقاومة" والقضاء عليهم.

3- ما دور إسرائيل في الصراع؟

تشكل الصواريخ الباليستية التي يطلقها الحوثيون باتجاه إسرائيل تحديا لحكومة نتنياهو، ويرى الخبير العسكري اللواء محمد الصمادي أن تلك الصواريخ تحقق الغاية منها، إذ تعطل حركة الملاحة في مطار بن غوريون بتل أبيب، وتدخل الملايين في الملاجئ، وتثير حالة من الهلع والرعب والفزع في الداخل الإسرائيلي.

وقال الصمادي للجزيرة إن صواريخ الحوثيين لديها سرعة انقضاضية عالية، خاصة صاروخ "فلسطين 2"، إذ يمتلك قدرة عالية على المناورة والتهرب من وسائل الدفاع الجوي.

وأعلن الجيش الإسرائيلي قبل أيام تطبيق نظام جديد للتحذير من الصواريخ التي يطلقها الحوثيون من اليمن، ما يمنح الإسرائيليين وقتا للاستعداد والتوجه إلى الملاجئ.

ووفقا للخبير في الشؤون الإسرائيلية مهند مصطفى، تواجه إسرائيل معضلتان، الأولى نفسية مع استمرار إطلاق الصواريخ من اليمن بعد وقفها من غزة ولبنان، وهذا يتطلب دخول الملايين إلى الملاجئ، ويخلق حالة طوارئ في ظل أزمة اقتصادية.

كما تواجه إسرائيل معضلة ثانية، وهي إلى أي مدى زمني سوف تقبل عدم ضرب اليمن بناء على طلب أميركي، وهو ما يفقدها قدرة الردع.

ورجح مصطفى 3 سيناريوهات لتعامل إسرائيل مع الصواريخ القادمة من اليمن:

الالتزام بالموقف الأميركي وعدم الرد على اليمن وتسليم الملف بالكامل لإدارة ترامب. أن تقوم إسرائيل بشن هجمات جوية على اليمن ولكن بكثافة وحدة أكبر. ضرب إيران، وهو السيناريو الأرجح الذي تفضله حكومة نتنياهو لإضعاف الحوثيين.

وفي انتظار أي فرصة للتدخل عسكريا، تشارك إسرائيل في العمليات التي ينفذها الجيش الأميركي عبر مشاركة معلومات استخباراتية، إذ نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين أميركيين أن إسرائيل قدمت معلومات حساسة عن قائد عسكري كبير من الحوثيين استُهدف في الهجمات الأخيرة.

إعلان 4- ماذا يقول الحوثيون؟

قلل زعيم جماعة الحوثيين عبد الملك الحوثي من آثار الهجمات الأميركية الجديدة متوعدا بالتصعيد، وقال "العدوان الأميركي الجديد سيسهم في تطوير قدراتنا العسكرية أكثر فأكثر وسنواجه التصعيد بالتصعيد، ولن يحقق هذا العدوان أهدافه في تقويض القدرات العسكرية لبلدنا".

وحذر الحوثي من أن "حاملة الطائرات والقطع الحربية الأميركية ستكون هدفا لنا، وقرار حظر الملاحة سيشمل واشنطن طالما استمرت في عدوانها".

واعترف المتحدث باسم الحوثيين محمد البخيتي -في حديث سابق للجزيرة- بأن الجماعة تكبدت خسائر مادية وبشرية، دون الكشف عن حجم الأضرار، ونفى فكرة أن تؤثر هذه الخسائر على هجمات الجماعة على حاملات الطائرات الأميركية وإسرائيل، وأكد أن العمليات ستستمر ما لم تنته الحرب في غزة.

بدوره، توعد رئيس المجلس السياسي الأعلى للحوثيين مهدي المشاط باستهداف شركات الأسلحة والنفط الأميركية "باعتبارها شريكة في الإجرام على أهلنا في غزة"، وأضاف "سيدرك المواطن الأميركي أن ترامب جلب لهم الخزي والخسارة، فليقولوا له لا، وإلا يتحملوا التبعات".

وفي مقال بمجلة ناشونال إنترست، يرى رامون ماركس أن الحوثيين تفوقوا على الولايات المتحدة في البحر الأحمر، وأكد أن جهود البحرية الأميركية لم تفلح في منع الحوثيين من إغلاق مضيق باب المندب لما يقرب من عامين، مما أجبر حركة الملاحة البحرية على اتخاذ طرق أطول وأكثر تكلفة.

ولفت ماركس إلى أن واشنطن قد اضطرت إلى نشر مجموعات حاملات طائرات قتالية في البحر الأحمر، لكن هذه الجهود لم تكن كافية لحلّ الوضع، كما صعّدت ردها بنشر المزيد من القوة الجوية، غير أن النتائج الأولية تُشير إلى أن هذا قد لا يكون كافيًا.

بدوره، قال الكاتب الأميركي روبرت ورث في مقال بمجلة أتلانتيك إن الضربات ألحقت بعض الأضرار بالآلة الحربية للحوثيين، وقتلت بعض الضباط والمقاتلين، ودفعت الباقين إلى العمل تحت الأرض. لكن القوة الجوية وحدها نادرا ما تحسم الحروب.

إعلان

ونقل عن المحلل الأمني اليمني محمد الباشا قوله إن الحوثيين يتمتعون بميزة المناطق الجبلية النائية والمناطق الوعرة والمعزولة التي تؤمّن لأسلحتهم الحماية. وإذا صمدوا في وجه هذه الحملة المكثفة، فقد يخرجون منها أقوى سياسيا، وبقاعدة دعم شعبية أكثر صلابة.

5- هل يمكن ان يتطور الصراع لحرب برية؟

يؤكد روبرت ورث أن انتزاع الأراضي من الحوثيين يتطلب حملة برية، وهو ما لا تتضمنه العملية التي أطلقها دونالد ترامب منتصف الشهر الماضي، كما أن الإدارة الأميركية لم تقم بأي محاولات دبلوماسية مع خصوم الحوثيين المحليين في جنوب وغرب اليمن.

وقال ورث إن إدارة ترامب أضرت في الواقع بحلفائها اليمنيين من دون قصد "فالحكومة اليمنية المعترف بها شرعيا تعتمد على برامج مساعدات من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، التي ألغتها إدارة إيلون ماسك، موّلت هذه المساعدات جهدا لتوحيد خصوم الحوثيين، لكن المشروع أُلغي".

ويشير الكاتب إلى أن ترامب قد يسعى لاغتيال زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي. ومثل هذه الضربة قد تهز الجماعة بعض الشيء، وتمنح ترامب لحظة نصر تلفزيونية، لكن إذا ظن ترامب وفريقه أن بإمكانهم قطع رأس جماعة الحوثي وتجاهلها بعدها، فعليهم إعادة النظر في التاريخ. فجماعة الحوثي -حسب الكاتب- تعرضت للتدمير عدة مرات خلال العقدين الماضيين، وفي كل مرة عادت أقوى.

ويرى ورث أن إيجاد حل حقيقي لمشكلة الحوثيين ليس أمرا سهلا؛ ويتطلب جهدا منظما لتوحيد أطرف الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، التي تنقسم حاليا إلى 8 فصائل مسلحة، ونقل عن مايكل نايتس، الباحث في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى أن وزارة الدفاع الأميركية قد تنجح في هزيمة الحوثيين إذا وفرت دعما جويا للقوات اليمنية البرية، ووفرت الحماية للخليج من انتقام الحوثيين.

من جانبها، نقلت شبكة "سي إن إن" الأميركية عن مصادر دبلوماسية في وقت سابق قولها إن إدارة الرئيس دونالد ترامب وافقت على شن عملية برية ضد الحوثيين، قد تنطلق من جنوب وشرق اليمن، بهدف السيطرة على ميناء الحديدة.

إعلان

غير أن محرر الشؤون اليمنية في قناة الجزيرة أحمد الشلفي استبعد هذا السيناريو، موضحا أن واشنطن قد تكتفي بتقديم دعم للفصائل المحلية، لكنها لن تزج بقواتها على الأرض، في ظل رفض سعودي وإماراتي لأي تدخل بري مباشر، واستمرار التفاوض مع إيران بشأن ملفات إقليمية عدة.

وأكد الخبير العسكري اللواء المتقاعد فايز الدويري أن دخول القوات الأميركية اليمن سيعد مغامرة محفوفة بالمخاطر، لأن الطبيعة الجغرافية الوعرة والشبيهة بأفغانستان، ستُفشل أي تدخل بري، مشيرا إلى أن الكتلة السكانية الكبرى تقع في مناطق الحوثيين، مما يجعل أي اجتياح مغامرة غير محسوبة.

وأضاف الدويري أن واشنطن قد تلجأ فقط لعمليات نوعية محدودة، عبر وحدات كوماندوز أو إنزال جوي، تهدف لاختطاف أو تصفية قيادات حوثية، لكنه شدد على أن التاريخ العسكري الأميركي يثبت فشله في حروب لا تملك أهدافا سياسية واضحة، بدءا من فيتنام وانتهاء بالعراق وأفغانستان.

وأوضح أن الصواريخ الحوثية لا تُطلق من الموانئ وإنما من عقد جغرافية داخل المرتفعات الجبلية، مما يجعل السيطرة على مواقع الإطلاق شبه مستحيلة عبر إنزال بحري، واستحضر في هذا السياق هجوما سابقا دمر فيه الإسرائيليون منشآت نفطية في الحديدة دون التأثير على مواقع إطلاق الصواريخ.

واعتبر الدويري أن الحرب الأميركية في اليمن تمثل نموذجا صارخا "للعنف بلا جدوى"، لأن غياب الهدف السياسي يعني تكرار فشل الولايات المتحدة في حروبها السابقة.

6- هل هناك أفق لحل الصراع؟

يتوقع المحلل السياسي اليمني عبد الواسع الفاتكي -في تصريح سابق للجزيرة نت- 3 سيناريوهات لمستقبل المواجهات بين الولايات المتحدة والحوثيين:

السيناريو الأول: في حال كانت الضربات الأميركية أكثر تأثيرا على الحوثيين وقدراتهم العسكرية، قد تجبر الجماعة على اتخاذ مسار الهدوء النسبي والتوقف عن استهداف خطوط الملاحة الدولية. السيناريو الثاني: استمرار الحوثيين في التصعيد باستهدافهم السفن في البحر الأحمر وخليج عدن مع هجمات مضادة أميركية، وقد يتوسع ذلك بتدخل عسكري تشارك فيه دول عدة ضد الجماعة. السيناريو الثالث: مرتبط بانفراجة بين حركة حماس والاحتلال الإسرائيلي يدفع الحوثيين إلى الكف عن استهداف خطوط الملاحة. إعلان

ولا يحظى التصعيد ضد الحوثيين بتأييد مطلق داخل الولايات المتحدة، إذ برز تيار يرى أنه يجب على واشنطن أن تنهي فورا نشاطها العسكري ضد الحوثيين، وأن تضغط على الدول الأوروبية والآسيوية للقيام بدور أكثر استباقية في حماية سفن الشحن الخاصة بها.

ويأتي النائب الجمهوري توماس ماسي على رأس هؤلاء المطالبين بعدم تدخل بلاده في الدول الأجنبية، وتقليص استخدام الجيش الأميركي في الخارج، وقال ماسي في تغريدة سابقة إن الولايات المتحدة ليست ضمن الدول التي تتأثر تجارتها باضطراب الملاحة في البحر الأحمر.

وأوضح أن أكثر دول تخسر من تلك الاضطراب هي الصين فقد خسرت 9.6 مليارات دولار، والسعودية 5.8 مليارات، وألمانيا 3.4 مليارات، واليابان 3.1 مليارات، ثم كوريا الجنوبية 2.7 مليار دولار.

وينتمي ماسي إلى تيار الأحرار في الحزب الجمهوري، وهو تيار لا يؤمن بوجود مصالح لواشنطن في التدخل في حروب لا تنتهي بالشرق الأوسط.

ويرى جون هوفمان محلل السياسة الخارجية في معهد كاتو في تحليل منشور له أن نهج واشنطن تجاه الحوثيين هو مثال لسوء التصرف الإستراتيجي، وقال "لن تنجح إستراتيجية واشنطن، فهي ذات تكلفة كبيرة وتعرّض حياة الجنود الأميركيين المتمركزين في المنطقة لحماية السفن الأجنبية للخطر، وتخاطر بزعزعة استقرار اليمن وكذلك استقرار المنطقة الأوسع".

وأكد هوفمان أنه "لا توجد مصالح وطنية حيوية للولايات المتحدة على المحك في اليمن تبرر هذا المستوى من التدخل العسكري الأميركي، أو تبديد مليارات الدولارات من أموال دافعي الضرائب الأميركيين".

مقالات مشابهة

  • تقرير: هجمات الحوثيين في اليمن تمثل تهديدا مباشرا للولايات المتحدة
  • أمريكا: وقف هجمات البحر الأحمر يمهد الطريق لتسوية يمنية
  • 6 أسئلة عن الحرب الأميركية على الحوثيين باليمن
  • إعادة تموضع لإيران واستراتيجية جديدة لا تتخلى فيها عن الحوثيين على وقع الضربات الأمريكية المستمرة
  • باتروشيف: الصين أصبحت الآن القوة الاقتصادية البحرية الأولى في العالم
  • نتانياهو يتعهد بـ"رد قوي" على هجمات الحوثيين
  • مختص : اختلال توازن السلاحف البحرية يهدد الشعاب المرجانية والتنوع البيولوجي .. فيديو
  • هجمات الحوثيين تثير القلق وتحظى بالإدانة.. ودعوات للإفراج عن المحتجزين من موظفي الأمم المتحدة
  • “غروندبرغ” يطالب الحوثيين بوقف التصعيد في البحر الأحمر
  • اليمن على أعتاب أزمة وقود بعد قصف أميركا ميناء رأس عيسى