الطرشة: الآثار الكارثية للتدابير القسرية المفروضة على سورية هي التحدي الأكبر الذي يواجه الشباب السوري
تاريخ النشر: 27th, April 2024 GMT
نيويورك-سانا
أكد السكرتير الثالث في بعثة سورية الدائمة لدى الأمم المتحدة إيلي عهد الطرشة أن التحدي الأكبر الذي يواجه الشباب السوري اليوم هو الآثار الكارثية للتدابير القسرية أحادية الجانب غير المشروعة التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على سورية جراء ما تتسبب به من حرمان السوريين من التمتع بحقوقهم الأساسية والقدرة على امتلاك الفرص والحصول على احتياجاتهم المعيشية والخدمات الحيوية.
وحذر الطرشة في بيان خلال جلسة حول دور الشباب في مواجهة التحديات التي تواجهها منطقة البحر الأبيض المتوسط من الأثر النفسي والاجتماعي العميق لتلك التدابير القسرية الأحادية على الشباب السوري، وما يترتب عنها من قيود مجحفة على التجارة والتمويل والاستثمار تحد من القدرة على خلق فرص العمل وتؤدي إلى ازدياد معدلات الفقر والافتقار للاستقرار الاقتصادي وتدفعهم للهجرة واللجوء بحثاً عن فرص العيش.
وقال الطرشة: “أسوة بفئات المجتمع كافة يواجه الشباب في سورية الآثار الجسيمة للحرب الإرهابية وأعمال العدوان التي شنت عليها، والتي أضرت بمنجزات تنموية تم تحقيقها على مدى عقود وألقت بآثارها السلبية على الشباب فغيرت مسار حياتهم من خلال الدفع بأعدادٍ منهم للذود عن وطنهم في مواجهة التنظيمات الإرهابية أو الانخراط في العمل التطوعي والإغاثي من خلال المؤسسات الوطنية والجمعيات الأهلية، أو هجر مقاعد الدراسة والبحث عن مصادر رزق لإعالة ذويهم أو الوقوع ضحايا لعصابات الاتجار وتهريب البشر والمخاطرة بأرواحهم لعبور البحر المتوسط في قوارب مكتظة غير صالحة للإبحار، وغالباً ما ينتهي بها الأمر بالتحطم والغرق”.
وأوضح الطرشة أن التحديات التي يواجهها الشباب تتفاقم التحديات جراء ما يمثله الاحتلال الإسرائيلي للجولان السوري وللأراضي العربية من تهديد للسلم والأمن في المنطقة، واستمرار الوجود العسكري الأمريكي والتركي اللاشرعي على أراضي الجمهورية العربية السورية، وما ترتكبه تلك القوات وأدواتها من التنظيمات والميليشيات الإرهابية من ممارساتٍ إجرامية ونهبٍ للثروات الوطنية، ما يخلف آثاراً اقتصادية خطيرة تطيل أمد الأزمة وتزيد من معاناة السوريين.
وبين الطرشة أن تلك التحديات تتفاقم أيضاً جراء تسييس العمل الإنساني وتراجع التمويل، والدعم له ولمشاريع التعافي المبكر وسبل العيش التي من شأنها تمكين الشباب من امتلاك القدرة على صنع مستقبلهم والمساهمة الفاعلة في دفع عجلة الاقتصاد، وإعادة بناء ما دمره الإرهاب.
وأشار الطرشة إلى أن الحكومة السورية وعلى الرغم من التحديات الجسيمة التي تواجهها أولت اهتماماً بالغاً لتفعيل دور الشباب ومشاركته في الشأن العام وبناء المجتمع انطلاقاً من إيمانها بالدور المحوري لهم بصفتهم عوامل تغيير وتقدم نشطة في المجتمعات.
ولفت الطرشة إلى أن سورية تتطلع لدعم الدول الأعضاء لجهودها الرامية لتحسين أوضاع السوريين كافة، وفي مقدمتهم الشابات والشباب من خلال توفير الدعم اللازم للارتقاء بالأوضاع الإنسانية والمعيشية وبسط سلطة الدولة على كل الأراضي السورية، وتعزيز سيادة القانون وزيادة مشاريع التعافي المبكر، وسبل العيش والبرامج الرامية لتمكين الشباب والمرأة وتعزيز
المساواة بين الجنسين ودعم الفئات الهشة بما فيها الجرحى وذوي الإعاقة والنازحين وضحايا الإرهاب وتوفير الظروف الملائمة لعودة اللاجئين ووضع حد لأي ممارسات سلبية وأعمال تحريض وتمييز وكراهية وعنف قد تطولهم في الدول المضيفة.
وشدد الطرشة على أهمية التعاون الدولي لمواجهة خطر استعمال التقانات الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي للتغرير بالشباب وتجنيدهم في صفوف التنظيمات الإرهابية، ونشر خطابات الكراهية والتطرف والتحريض على العنف والإرهاب، مؤكداً على ضرورة الاستفادة من القوة الدافعة والعزيمة الصلبة التي يمتلكها الشباب لنشر القيم الإنسانية والحضارية، ومواجهة إيديولوجيا التطرف والإرهاب وتكريس ثقافة السلام والاحترام والتضامن بين الشعوب والثقافات والأديان.
وختم الطرشة بيانه بالقول: “لا بد من الإقرار بالدور المحوري الذي يلعبه الشباب ليس فقط كنواة للمستقبل ولكن كعناصر تغيير فاعلة في الوقت الحاضر”.
معتبراً أن تعزيز البيئة التي تنهض بإمكاناتهم وتضمن مشاركتهم في عملية التنمية ليست مجرد واجب أخلاقي، بل ضرورة استراتيجية لوضع الأساس لمستقبل أكثر ازدهاراً ينتصر فيه الحوار على الخلاف والأمل على اليأس.
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
إقرأ أيضاً:
الاقتصاد السوري يحتاج إلى نصف قرن لاستعادة عافيته بعد الحرب التي دمرته
كشفت الأمم المتحدة، أن الاقتصاد السوري بحاجة لـ55 عاما للعودة إلى المستوى الذي كان عليه في 2010 قبل اندلاع النزاع، إذا ما واصل النمو بالوتيرة الحالية، مناشدة الأسرة الدولية الاستثمار بقوة في هذا البلد لتسريع عجلة النمو.
وقال أخيم شتاينر، رئيس برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، في تقرير إنه « بالإضافة إلى مساعدات إنسانية فورية، يتطلب تعافي سوريا استثمارات طويلة الأجل للتنمية، من أجل بناء استقرار اقتصادي واجتماعي لشعبها ».
وشدد المسؤول الأممي خصوصا على أهمية « استعادة الانتاجية من أجل خلق وظائف والحد من الفقر، وتنشيط الزراعة لتحقيق الأمن الغذائي، وإعادة بناء البنى الأساسية للخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم والطاقة ».
وفي إطار سلسلة دراسات أجراها لتقييم الأوضاع في سوريا بعد إسقاط الرئيس بشار الأسد في ديسمبر، قدم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الخميس، ثلاثة سيناريوهات للمستقبل الاجتماعي والاقتصادي للبلاد.
وبحسب معدل النمو الحالي (حوالي 1,3% سنويا بين عامي 2018 و2024)، فإن « الاقتصاد السوري لن يعود قبل عام 2080 إلى الناتج المحلي الإجمالي الذي كان عليه قبل الحرب ».
وسلطت هذه التوقعات « الصارخة » الضوء على الحاجة الملحة لتسريع عجلة النمو في سوريا.
وما يزيد من الضرورة الملحة لإيجاد حلول سريعة للوضع الراهن، هو أنه بعد 14 عاما من النزاع، يعاني 9 من كل 10 سوريين من الفقر، وربع السكان هم اليوم عاطلون عن العمل، والناتج المحلي الإجمالي السوري هو اليوم أقل من نصف ما كان عليه في 2011، وفقا للتقرير.
وتراجع مؤشر التنمية البشرية الذي يأخذ في الاعتبار متوسط العمر المتوقع ومستويي التعليم والمعيشة إلى أقل مما كان عليه في 1990 (أول مرة تم قياسه فيها)، مما يعني أن الحرب محت أكثر من ثلاثين عاما من التنمية.
وفي هذا السياق، نظر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى وتيرة النمو اللازمة لعودة الناتج المحلي الإجمالي إلى المستوى الذي كان عليه قبل الحرب، وكذلك إلى الوتيرة اللازمة لبلوغه المستوى الذي كان يمكن للبلاد أن تبلغه لو لم تندلع فيها الحرب.
وفي السيناريو الأكثر « واقعية » والذي يتلخص في العودة إلى الناتج المحلي الإجمالي لعام 2010 فقط، فإن الأمر يتطلب نموا سنويا بنسبة 7,6% لمدة عشر سنوات، أي ستة أضعاف المعدل الحالي، أو نموا سنويا بنسبة 5% لمدة 15 عاما، أو بنسبة 3,7% لمدة عشرين عاما، وفقا لهذه التوقعات.
أما في السيناريو الطموح، أي بلوغ الناتج المحلي الإجمالي المستوى الذي كان يفترض أن يصل إليه لو لم تندلع الحرب، فيتطلب الأمر معدل نمو بنسبة 21.6% سنويا لمدة 10 سنوات، أو 13.9% لمدة 15 عاما، أو 10.3% لمدة 20 عاما.
وقال عبد الله الدردري، مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في الدول العربية، إنه لا يمكن سوى لـ »استراتيجية شاملة » تتضمن خصوصا إصلاح الحكم وإعادة بناء البنى التحتية في البلاد أن تتيح لسوريا « استعادة السيطرة على مستقبلها » و »تقليل اعتمادها على المساعدات الخارجية ».
كلمات دلالية الاقتصاد الامم المتحدة التنمية الحرب تقرير سوريا