نشرت صحيفة "لاراثون" الإسبانية تقريرا نقلت فيه حوارا مع الأستاذ المحاضر في الشؤون الدولية بجامعة جورج واشنطن نزار فرسخ، الذي حلل السيناريوهات الجديدة المحتملة في الصراع بين إيران ودولة الاحتلال الإسرائيلي.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن نتنياهو وضع البرنامج النووي الإيراني نصب عينيه ما يثير تساؤلات حول ما إذا كان نظام خامنئي يخشى من التعرض لعمليات انتقامية جديدة من جانب إسرائيل.



حيال ذلك أكد نزار فرسخ، أنه ليس من الواضح إلى أي مدى يمكن لإسرائيل والولايات المتحدة أن تلحق الضرر ببرنامج إيران النووي. والجانب الآخر الذي يثير قلق إيران هو الإجراء السياسي الذي قد تتبناه إدارة الرئيس الأمريكي جز بايدن والذي يمكن أن يضر بشكل خطير بمصالح نظام خامنئي.


ويعتقد فرسخ أن "رؤية الولايات المتحدة تمنع قرار مجلس الأمن الدولي الذي يدين هجوم إسرائيل على القنصلية الإيرانية في دمشق، والآن تدين الهجوم المعلن مسبقا من إيران. هذا يجعل الإيرانيين يعتقدون أن الولايات المتحدة لن 'تلعب بنزاهة' ولا تحترم قواعد الاشتباك، مما يعني صعوبة التنبؤ بقرارات جديدة من تل أبيب وواشنطن. ويمكن مقارنة الأمر بكيفية استعجال الإيرانيين لصد الميليشيا العراقية التي قتلت ثلاثة جنود أمريكيين في الأردن"، حسب التقرير.

وفي سؤال الصحيفة عن السيناريوهات الجديدة التي يمكن أن تظهر في الأفق وما إذا كانت طهران تسعى إلى حرب شاملة، أوضح الباحث أنه "من المحتمل أن يكون هناك هجوم سيبراني نوعي أو هجوم خفي على محطة للطاقة النووية، ولكن دون ضحايا بشرية. وهذا بدوره سيُعيد تنظيم قواعد المواجهة، وربما ستضرب إيران بشكل مباشر السفن المتجهة إلى إسرائيل أو شيء من هذا القبيل، لكنني أعتقد أن طهران ستستمر في مقاومة حرب شاملة".

وفيما يتعلق بالسبب الذي جعل الولايات المتحدة، الحليف التقليدي لإسرائيل، تلعب هذا الدور في هذا التصعيد للتوتر، أشار فرسخ إلى أنه يمكن القول إن الولايات المتحدة هي القوة الوحيدة التي يمكنها التأثير على قرارات إسرائيل، وهي القوة التي لديها القدرة على تشكيل تهديد حقيقي لتغيير النظام الإيراني أو من ناحية أخرى، توجيه ضربة قوية لخامنئي لدرجة أنه لا يستطيع التغلب عليها".

وعن تصنيف الهجوم الإيراني على إسرائيل بأنه فشل عسكري أو نجاح استراتيجي، أبرز الباحث في حديثه للصحيفة أن الأمر يعتمد على ما إذا كنا نُقيّم ما حدث بالفعل مقابل ما سمحت الحكومات لوسائل الإعلام بنشره. للوهلة الأولى، قد يكون اعتراض 99 بالمئة من الطائرات دون طيار والصواريخ بمثابة فشل إذا كانت نية طهران هي تدمير 100 هدف بالفعل. ولكن إذا كان هدف إيران تكثيف الهجوم للسماح بضرب ثلاثة أو أربعة أهداف رئيسية، فقد استخدموا طائراتهم المسيرة بشكل فعال. وبقدر ما تكون أنظمة الدفاع الإسرائيلية (وحلفائها) ثابتة، كشف سرب الطائرات دون طيار والصواريخ عن النطاق الكامل لهذا النظام الدفاعي، مما يسمح لإيران بالاستعداد بشكل أفضل لهجومها التالي.

ووفقا له "إذا كان هدف خامنئي ترويع المدنيين الإسرائيليين، فمن الواضح أنه نجح. كما أن رؤية السماء الإسرائيلية مضاءة بإطلاق الصواريخ يجعل التهديد الوجودي حقيقيًا للغاية بالنسبة للمواطن الإسرائيلي. ومن الواضح أنه تم اعتراض 99 بالمئة منها، لكن هذا لا يطمئن الـ 1 بالمئة الذين حصلوا على الباقي. وبالتالي، فإن عدم القدرة على التنبؤ بتصرفات إسرائيل وعدم قدرتها على ضمان الأمن هو ما تعمل إيران عليه فعليا".

وفيما يتعلق بإمكانية تأثير هذه الأزمة الجديدة على نتنياهو، حيث تتميّز ولايته بإصلاحاته القضائية المثيرة للجدل، مع الهجوم الذي شنته حماس في السابع تشرين الأول/ أكتوبر والحرب في غزة نفسها، أكد الباحث أنه ينبغي أن يكون الأمر كذلك، لكن نتنياهو أظهر قدرة غير عادية على المناورة بالسياسة الداخلية الإسرائيلية. وأضاف "أعني أن تهم الفساد الثلاث كانت معلقة فوق رأسه منذ أكثر من أربع سنوات، لقد مرت ستة أشهر منذ اليوم الأكثر كارثية بالنسبة للإسرائيليين منذ المحرقة. ليس من المنطقي حقا كيف يمكنه البقاء في السلطة. لكن الأمرين اللذين يساعدانه هما أن اليمين المتطرف في ائتلافه لم يكن أكثر قوة من أي وقت مضى، وهو يريد الاستفادة من هذا الموقف لأطول فترة ممكنة".


وحسب الباحث فإن "الشيء الآخر هو أنه لا يبدو أن أيا من السياسيين الآخرين لديه ما يلزم لإسقاط نتنياهو. إنهم أقل ذكاء وأقل خبرة في التعامل مع وسائل الإعلام وأقل جرأة بكثير. وفي الواقع، ما لا يفهمه الناس هو أنه في كل مرة يتحدى فيها بيبي المجتمع الدولي ويحرج الرئيس الأمريكي بشكل خاص، يرى الإسرائيليون أن نتنياهو شخص قوي لا يتزعزع ويضع إسرائيل في المقام الأول. إنه يعمل لصالحه ولهذا السبب يستمر في القيام بذلك. والشعار الإسرائيلي هو "بيبي فقط" لأن نتنياهو وحده هو الذي يمكنه القيام بهذه المهمة. إنهم لا يهتمون بكيفية قيامه بذلك لكنهم لا يرون أي سياسي إسرائيلي آخر قادر على القيام بما يستطيع بيبي القيام به. وأخيرا، إن الحرب مع إيران تساعد صورته تماما من خلال تحويل الانتباه عن الإخفاقات في غزة".

وعن سؤال الصحيفة عما إذا أصبح الآن الوصول إلى نوع ما من الحياة الطبيعية في الشرق الأوسط أبعد من أي وقت مضى، أكد الباحث أنه "على المدى القصير، نعم، سيكون من الصعب جدا الحديث عن العودة إلى الحياة الطبيعية. لكن نظرا لحجم الوضع الحالي، سيكون من الأكثر إلحاحا البحث عن نوع من المصالحة والهدنة. وفي الواقع، عندما سُئل سكان غزة عن أهم شيء يجب أن يحدث بعد الحرب، أجابت الأغلبية بإجراء انتخابات. لقد سئم سكان غزة من دفع ثمن السياسات الداخلية المختلّة".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية إيران الاحتلال نتنياهو إيران نتنياهو الاحتلال صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة ما إذا

إقرأ أيضاً:

من هو الشهيد محمد الضيف؟.. مرعب إسرائيل الذي أرهق الإحتلال لثلاثة عقود

أعلنت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، مساء الخميس 30 يناير 2025، استشهاد قائدها العام محمد الضيف، بعد مسيرة طويلة، توجها بعمليتي "سيف القدس" (2021) و"طوفان الأقصى" (2023).

ولم توضح القسام، في كلمة مصورة لمتحدثها أبو عبيدة، ظروف استشهاد الضيف الملقب بـ"أبو خالد"، واكتفت بالإشارة إلى أنه ارتقى في ساحات القتال بقطاع غزة ضد إسرائيل "مقبلا غير مدبر".

ونعاه أبو عبيدة قائلا إنه "استشهد هو وثلة من الرجال العظماء أعضاء المجلس العسكري العام للكتائب في خضم معركة طوفان الأقصى حيث مواطن الشرف والبطولة والعطاء".

وأضاف أن هؤلاء القادة "حققوا مرادهم بالشهادة في سبيل الله التي هي غاية أمنياتهم كختام مبارك لحياتهم الحافلة بالعمل في سبيل الله، ثم في سبيل حريتهم ومقدساتهم وأرضهم".

وشدد على أن "هذا ما يليق بقائدنا محمد الضيف الذي أرهق العدو منذ أكثر من 30 سنة، فكيف بربكم لمحمد الضيف أن يُذكر في التاريخ دون لقب الشهيد ووسام الشهادة في سبيل الله؟".

وعلى مدى سنوات، نفذت إسرائيل محاولات عديدة لاغتيال الضيف، لكنها فشلت في تحقيق هدفها، رغم إصابته في إحدى تلك المحاولات.

آخر محاولة لاغتياله أعلنتها إسرائيل كانت في 13 يوليو/ تموز 2024، حين شنت طائرات حربية غارة استهدفت خيام نازحين في منطقة مواصي خان يونس جنوب غزة، التي صنفها الجيش الإسرائيلي بأنها "منطقة آمنة"، ما أسفر عن استشهاد 90 فلسطينيا، معظمهم أطفال ونساء، وإصابة أكثر من 300 آخرين.

لكن "القسام" نفت آنذاك صحة اغتياله، قائلة: "هذه ليست المرة الأولى التي يدعي فيها الاحتلال استهداف قيادات فلسطينية، ويتبين كذبها لاحقا، وإن هذه الادعاءات الكاذبة إنما هي للتغطية على حجم المجزرة المروعة".

** فمن محمد الضيف؟

ولد محمد دياب إبراهيم الضيف عام 1965، لأسرة فلسطينية لاجئة عايشت كما آلاف العائلات الفلسطينية آلام اللجوء عام 1948؛ لتعيش رحلة التشرد في مخيمات اللاجئين قبل أن تستقر في مخيم خان يونس جنوبي قطاع غزة.

وفي سن مبكرة، عمل الضيف في أكثر من مهنة ليساعد أسرته الفقيرة، فكان يعمل مع والده في محل "للتنجيد".

درس الضيف في كلية العلوم في الجامعة الإسلامية بغزة، وخلال هذه الفترة برز طالبا نشيطا في العمل الدعوي والطلابي والإغاثي، كما أبدع في مجال المسرح، وتشبع خلال دراسته الجامعية بالفكر الإسلامي.

وبدأ نشاطه العسكري أيام الانتفاضة الفلسطينية الأولى، حيث انضم إلى حماس في 1989، وكان من أبرز رجالها الميدانيين، فاعتقلته إسرائيل في ذلك العام ليقضي في سجونها سنة ونصفا دون محاكمة بتهمة "العمل في الجهاز العسكري لحماس".

وأوائل تسعينيات القرن الماضي، انتقل الضيف إلى الضفة الغربية مع عدد من قادة "القسام" في قطاع غزة، ومكث فيها مدة من الزمن، وأشرف على تأسيس فرع لكتائب القسام هناك.

في عام 2002، تولى قيادة كتائب القسام بعد اغتيال قائدها صلاح شحادة.

** مدافع عن القدس والأقصى

وعلى مدار حياته وقيادته في القسام، انشغل الضيف بالدفاع عن القدس والمسجد الأقصى في مواجهة اعتداءات إسرائيل.

هذا الأمر جعل اسمه يترد في الهتاف الشهير "إحنا رجال محمد ضيف" الذي بات يردده الفلسطينيون بالمسجد الأقصى في مواجهة الاقتحامات الإسرائيلية له، رغم أنهم لا يهتفون عادة لأي شخصية سياسية سواء كانت فلسطينية أو عربية أو إسلامية.

وبدأ الشبان الفلسطينيون في ترديد هذا الهتاف بمنطقة باب العامود، أحد أبواب بلدة القدس القديمة، في بداية شهر رمضان عام 2021 الذي وافق آنذاك 13 أبريل/ نيسان، حينما كانوا يحتجون على إغلاق الشرطة الإسرائيلية المنطقة أمامهم.

وبعد احتجاجات استمرت أكثر من أسبوعين، تخللها إطلاق أكثر من 45 صاروخا من غزة، على تجمعات إسرائيلية محاذية له، تراجعت إسرائيل وأزالت حواجزها من باب العامود.

وآنذاك، حذر الضيف إسرائيل من مغبة الاستمرار في سياساتها في القدس.

ولاحقًا، تكرر اسم الضيف في مظاهرات تم تنظيمها في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية، احتجاجا على قرارات إخلاء عشرات العائلات الفلسطينية من منازلها في الحي لصالح مستوطنين.

وعلى إثر ذلك، خصّ الضيف، في بيان صدر في 4 مايو/ أيار 2021، سكان الشيخ جراح بأول إطلالة بعد سنوات من الاختفاء الإعلامي.

إذ قال إنه يحيي "أهلنا الصامدين في حي الشيخ جراح في القدس المحتلة"، مؤكدا أن "قيادة المقاومة والقسام ترقب ما يجري عن كثب”.

ووجه "تحذيرا واضحا وأخيرا للاحتلال ومغتصبيه بأنه إن لم يتوقف العدوان على أهلنا في حي الشيخ جراح في الحال، فإننا لن نقف مكتوفي الأيدي وسيدفع العدو الثمن غاليا”.

وبعد أكثر من عامين من ذلك التاريخ، عاد الضيف للدفاع عن المسجد الأقصى، عبر عملية "طوفان الأقصى"، في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، الذي يُعتبر من مهندسيها.

إذ كان من أبرز مبررات إقدام "القسام"، على تلك العملية، تمادي إسرائيل في العدوان على القدس والمسجد الأقصى.

وعلى مدى نحو عقدين من الزمن، جاء الضيف على رأس قائمة الأشخاص الذين تريد إسرائيل تصفيتهم، حيث تتهمه بالوقوف وراء عشرات العمليات العسكرية في بداية العمل المسلّح لكتائب القسام.

ويفتخر جل الفلسطينيين بالضيف وبما حققه من أسطورة في التخفي عن أعين إسرائيل عقودا من الزمن، ودوره الكبير في تطوير الأداء العسكري اللافت لكتائب القسام، وخاصة على صعيد الأنفاق والقوة الصاروخية.

ويعزو جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك" فشله لسنوات طويلة في تصفية الضيف إلى شخصيته، وما يتمتع به من حذر، ودهاء، وحسن تفكير، وقدرة على التخفي عن الأنظار، لدرجة أنه سماه "ابن الموت".

** "كما أنتِ هنا مزروعٌ أنا"

وسابقا، نجا الضيف من عدة محاولات اغتيال منها في أغسطس/ آب 2014، حيث قصفت إسرائيل منزلا شمالي مدينة غزة بخمسة صواريخ، ما أدى إلى مقتل 5 فلسطينيين بينهم زوجة القيادي الضيف (وداد) وابنه علي.

كذلك، حاولت إسرائيل اغتيال الضيف عام 2006، وهو ما تسبب، وفق مصادر إسرائيلية، في خسارته لإحدى عينيه، وإصابته في الأطراف.

وحاولت إسرائيل اغتياله للمرة الأولى عام 2001، لكنه نجا، وبعدها بسنة تمت المحاولة الثانية والأشهر، والتي اعترفت إسرائيل فيها بأنه نجا بأعجوبة وذلك عندما أطلقت مروحية صاروخين نحو سيارته في حي الشيخ رضوان بغزة.

وكان آخر المشاهد المسجلة للضيف ظهوره ضمن وثائقي "ما خفي أعظم" على قناة الجزيرة، وهو يضع اللمسات الأخيرة لعملية "طوفان الأقصى".

وحينها ردد كلمات لخصت مسيرته وهو يشير إلى خريطة فلسطين، جاء فيها:

كما أنتِ هنا مزروعٌ أنا

ولِي في هذه الأرض آلافُ البُذُور

ومهما حاوَل الطُّغاةُ قلعَنَا ستُنبِتُ البُذُور

أنا هنا في أرضِي الحبيبة الكثيرة العطاء

ومثلُها عطاؤُنا نواصِلُ الطَّريق لا نوقفُ المَسير

مقالات مشابهة

  • إيران والحرب في غزة والتطبيع.. هذه هي الملفات الأكثر سخونة في لقاء نتنياهو وترامب
  • نتنياهو: قراراتنا خلال الحرب غيرت ملامح الشرق الأوسط بشكل جذري
  • نتنياهو: سأناقش مع ترامب ملف مفاوضات غزة ومواجهة محور إيران
  • نتنياهو: قراراتنا خلال الحرب غيرت الشرق الأوسط بشكل واضح
  • إسرائيل تتجسس على مستخدمي واتساب
  • مسئول فلسطيني: إسرائيل لم توقف حربها على غزة بشكل كامل
  • العجرمي: إسرائيل لم توقف حربها على غزة بشكل كامل
  • أسمته “إسرائيل” رجل الموت.. من هو محمد الضّيف مهندس معركة “طوفان الأقصى” الذي أرعب الكيان الصهيوني؟ (تفاصيل + فيديو)
  • من هو الشهيد محمد الضيف؟.. مرعب إسرائيل الذي أرهق الإحتلال لثلاثة عقود
  • «الظّل» الذي طاردته إسرائيل لعقود.. من هو «محمد الضيف»؟