مكي المغربي: عشاء للسفير الزين!
تاريخ النشر: 26th, April 2024 GMT
من أجمل الأخبار التي بددت علي الحزن والأسى في هذا الفترة العصيبة على السودان وطنا وشعبا، إعتماد السفير الزين إبراهيم سفيرا للسودان في “الزهرة الجديدة”، ومندوبا للسودان في الاتحاد الافريقي واللجنة الاقتصادية الافريقية للأمم المتحدة بأديس أبابا.
الزين ثلاثي اللغات وثلاثي المجالات .. يضاف إلى دبلوماسيته الحيوية والراسخة، وذكاءه الإجتماعي، فترة في بواكير العمل قضاها بين الصحافة والترجمة.
ولمن لا يعرف الترجمة ويقلل من شأنها، هي فن التصرف اللغوي الأخطر، إذ ربما يرتبك مؤتمر كامل أو لقاء سيادي عالي المستوى بسبب سوء التصرف.
تجربة الزين السابقة في أديس أبابا كانت الأكثر إشراقا وتحدثت عنها في حينها أنا والزميل معتز بركات (المحبوس في الجزيرة حاليا)، وسأترك أعمال الزين تتحدث عنه هذه المرة ثم يأتي دوري في التعليق بإذن الله تعالى.
لدي ذكريات كثيرة في أديس وبالذات في الاتحاد الافريقي واللجنة الاقتصادية، و”اتحاد الغرف التجارية والصناعية الافريقية” حيث شغلت موقع منسق الاعلام ثلاث سنوات، وغير ذلك من تعاون مع المنظمات ومكاتب الميديا.
بعيدا من السياسة وتناول القضايا الإقليمية والدولية ودور محطة أديس فيها، وبعيدا عن التحليل لمجريات العلاقات السودانية الاثيوبية، من أطرف ما خرجت به من فترة أديس هو “فن الطبخ” وبالذات الفرن، ولم أكن قبلها أجيد أي شيء، ولكن الحاجة أم الإختراع.
السبب أنني كعادة السودانيين أساهر واتعشى، ولمن لا يعلمون، أديس مدينة صباحية، والمواطن الأثيوبي “كائن صباحي”، وما يتحدث به الناس عن “حياة الليل” هو نشاط في أماكن محددة وطرقات محددة للسواح والأجانب، ولا علاقة له بمواطن أديس أبابا العادي إطلاقا.
المبني الذي أسكن فيه، ضمن “مجمعات بالديراس” السكنية ينام أهله في الثامنة ومعظمهم موظفين، جاري مفتش تعليم أو موجه تربوي أو ما يعادل ذلك، يخرج من بيته السادسة صباحا ويصل مقر عمله مشيا على الأقدام.
لم أسمع منه طيلة اقامتي سوى السلام وأن السودان وإثيوبيا أصدقاء. في مرة يتيمة طرق بابي وفي يده عريضة إزعاج من السكان ضد بار على الطريق، طلب مني التوقيع وتم إغلاق البار.
ما شجعني في أديس على الطبخ، أن الضأن أرخص من البقري والدجاج، والكبدة تقريبا بالمجان، وبدأت بصواني الفرن، لأنني عادة أكون ملزم بكتابة وإرسال مقال أو ورقة، ولا يوجد وقت للمتابعة و “سواطة الحلة”، كما أن الصينية تدخل كما هي الثلاجة، وآخذ منها قليلا للتسخين كل يوم بالطوة (لا يوجد مايكرويف).
حتى الفرن كان مستعملا اشتريته من “سوق شولا” القريب وحملته على كتفي للبيت.
لم يكن في الفرن مؤقت “تايمر” لذلك كنت أحدد الزمن (غالبا ساعتين) وأنهمك في الكتابة ثم أوقفه، في بعض الأحيان لا بد من كشف القصدير قليلا حتى يأخذ الأكل وجها مقرمشا.
أجدت العديد من وصفات صواني اللحم والخضروات، بل ابتدعت المحشي المغطى بالكستليتة الضاني بالفرن، ولدي فيديوهات في ذلك.
لم يكن لدي أصدقاء البتة، بل من أسرار نجاحي في فترة أديس والحمد لله البعد تماما من شلليات السودانيين والسهر معهم، وإهدار الزمن، والكفاية بالمناشط العامة في النادي السوداني والعزومات الرسمية والجانبية مع المحترمين.
إحساس بعض السودانيين بالزمن يضيع في أديس، بل الإحساس بالعمر أيضا، عدد منهم باختصار صيد سهل لأسباب الفشل و”أنتم تعلمون”.
بالمقابل أحتاج إلى ساعات لأخبركم عن مستوى الجدية والتنافس على الإتقان بين أصدقائي الاثيوبيين أو الأجانب المقيمين فيها، باختصار هي عاصمة الدبلوماسية الأفريقانية.
من الطرائف، ورشة عمل صغيرة من عشرين شخصا، كنت ضمن اللجنة المنظمة، وطلب مني تحديد مطعم أو متعهد لتوفير الوجبة، قلت لهم على الفور أنا أعرف سوداني متميز لهذا الغرض.
لم يكن هدفي الربح اطلاقا بل أعتقد أنني أضفت قليلا من عندي، وبسبب الخوف من تحدي التسخين حيث لا توجد معدات بوفيه مفتوح كان الطبق الأساسي هو شرائح البيانكو الباردة بفصوص الثوم، يضاف الي البوفيه دجاج بروست طلبته من الخارج ساخنا، والباقي سلطات وفيها طبق كبير “سلطة دكوة” مكسوة بالبقدونس الناعم بغرض استعراض الثقافة السودانية.
بحمد الله حصدت مقدارا من الاشادات قبل اخبرهم أنني الشيف وجاهز لتلبية الطلبات.
قضيت بعدها في مومبسا – كينيا فترة قصيرة، وفكرت جديا في افتتاح مطعم، بل طلب مني صاحب هوتيل صغير افتتاح ركن شاورما، وكان مصرا على ذلك ومنحني إيجار مجاني ثلاثة أشهر، سبب إلحاحه أن معلم الشاورما لا بد أن يكون طويل وعربي الملامح حتى ينافس مطاعم طربوش و المائدة، باختصار كان يريدني “سوري مزيف”!
لم يكن لدي خبرة، ولكن ليس هذا السبب، شاهدت العديد من الفيديوهات عن التقطيع والرص ولكن كان التحدي هو “مسكة السكين” سيافي وهذا كان يستدعي خسارة مرة أو مرتين كاملتين قبل التدشين، وفي النهاية أنا واثق سأتقنها.
السبب الحقيقي الذي جعلني أصرف النظر أنني كنت أفكر في أمتلاك بزنس وليس صنعة.
بيني وبينكم، بعد الحرب فتشت تلفونه، وشغال معاه حاليا “رسائل الجمعة” من باب الاحتياط.
المهم، سنعود أديس، وسأدعو أعز أصدقائي من الصحفيين هناك، توكل، وأنور، وميكونون، وشافي، وأندوآلام، وزلالم، وأولما، وشيفراو، وكريم، ونور، وزينابو، وحسن التوم، وآخرين على عشاء من إعدادي بإذن الله تعالى.
عايدة وسمراويت وتقست وكوثر ويوديت من الاقسام الفرنسية والانجليزية والعربية تعزمهم دكتورة راوية كريمة السفير الزين حيث كان آخر لقائي مع الزين في زواجها الميمون والمزدهر بإيمان الشريف.
حالي يحيي .. لم أذكرك قاصد .. كرهتنا كل ما نجي من السودان جيبو معاكم طحنية .. أها .. لا نحن في سودان ولا في طحنية .. ارتحت.
أصدقائنا في الاتحاد الافريقي شيخ العرب وفارس الهلالية .. السفير صلاح حماد رئيس سكرتارية الحوكمة، والسفير الأنيق الحاذق يوسف الكردفاني مدير إدارة البروتوكول، والوجيه الخطير جمال كرار شقيق القطب الاشتراكي كمال كرار، والمهندس راشد الطويل حاليا في الجزائر نائب وكالة الطاقة الافريقية .. جاييكم بالمهلة في عمود جادي.
مكي المغربي
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
رحيل الممثل المغربي محمد الخلفي عن 87 عاماً
قالت النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية أمس السبت، إن الممثل محمد الخلفي توفي عن 87 عاماً، في الدار البيضاء بعد معاناة طويلة مع المرض.
ولد الخلفي في 1937 وبدأ مسيرته الفنية في 1957 في مسرح الهواة مع رواد المسرح المغربي أمثال الطيب الصديقي، وأحمد الطيب العلج.أسس فرقة المسرح الشعبي ثم فرقة الفنانين المتحدين التي قدمت سبع مسرحيات من بينها مسرحية العائلة المثقفة، من بطولة الراحلة ثريا جبران. مسلسل بوليسي
مع بداية الستينيات دخل إلى الدراما التلفزيونية، حين قدم أول مسلسل بوليسي في 1962 بعنوان "التضحية" وتوالت بعدها الأعمال.
شارك الخلفي في المسلسل الكوميدي "لالة فاطمة" الذي حقق نجاحاً جماهيرياً عبر ثلاثة أجزاء.
وفي السينما، ترك بصمته في أفلام منها "سكوت"، و"اتجاه ممنوع"، و"هنا ولهيه"، و"أيام شهرزاد الجميلة"، و"الضوء الأخضر" و"الدم المغدور"، و"الوتر الخامس".
وعاش الخلفي أيامه الأخيرة بعيداً عن الأضواء بسبب تدهور وضعه الصحي نتيجة تقدمه في العمر.