جنوب لبنان.. سوق الاثنين بالنبطية صامد ويتحدى العدوان الإسرائيلي
تاريخ النشر: 26th, April 2024 GMT
جنوب لبنان- يحافظ سوق الاثنين الشعبي في النبطية على بقائه رغم العدوان الإسرائيلي على القرى والبلدات الحدودية في الجنوب اللبناني. ويشكل المكان التاريخي مظهرا من صمود أبناء الجنوب، ويؤمن متطلباتهم اليومية ويُعد فرصة لتحقيق دخل يعينهم على مواجهة التحديات الاقتصادية.
وهو من بين أقدم الأسواق في الجنوب اللبناني، حيث يعود تاريخه لأكثر من 4 قرون.
مع بداية العدوان على الجنوب، استمر السوق في التحدي والصمود، في مقابل سوق الخان (الثلاثاء) في حاصبيا الذي شُلت حركته بشكل كامل، وسوق (الخميس) في بنت جبيل، الذي أُغلق مؤقتا جراء القصف الإسرائيلي.
الجزيرة نت جالت في سوق النبطية الشعبي ورصدت وضعه في ظل التصعيد العسكري الجاري، حيث تُسمع بوضوح أصداء القذائف والقصف والغارات، بينما لم تغب عن سماء المنطقة مُسيّرات التجسس والمراقبة الإسرائيلية وفي بعض الأحيان الطائرات الحربية.
يُقام السوق كل يوم اثنين ويتميز بتنوع البسطات التي تتكون إما من خيمة مرتفعة على 4 أعمدة حديدية متصلة، تُعرض فيها البضائع على ألواح خشبية أو طاولات، أو تُراكم البضائع مباشرة على الأرض.
وتتنوع المعروضات بين أدوات منزلية، وألبسة وأحذية مختلفة، وأصناف عديدة من الخضراوات والفواكه، وتشكيلات متنوعة تضم البزورات والكعك والبهارات والأعشاب، والحبوب والبقوليات، إضافة إلى مستحضرات التجميل.
سوق الاثنين الشعبي في النبطية يضم قرابة 150 بسطة متنوعة (الجزيرة) حركة ضعيفةيذكر "بشر بشر"، وهو بائع قهوة متجول منذ 40 عاما، تعرض السوق قبل عام 2000 للقصف الإسرائيلي، واستُشهد فيه بعض الأشخاص، وتم إغلاقه خلال تلك الفترة، ثم عاد من جديد.
ويضيف أن السوق عانى من ركود في حركته بسبب تفشي فيروس كورونا والأزمة الاقتصادية، وفي الوقت الحالي، ورغم الأحداث الجارية على الحدود اللبنانية التي أثرت على حركة البيع، فإنه لا يزال مستمرا وصامدا.
ويمتد السوق الذي تشرف عليه بلدية النبطية، على طول الطرقات الداخلية للمدينة في الهواء الطلق. وتتموضع فيه قرابة 150 بسطة، في حين تم تخصيص شارع لسوق البالة (المستعمل)، وتُقدَّم القطع المستعملة بأسعار منخفضة تبدأ من 250 ألف ليرة.
يجلس حيدر علاوي (89 عاما) على رصيف السوق، يفترش الأرض بالخضراوات التي يبيعها، ويقول للجزيرة نت إنه منذ بدء الأحداث في جبهة الجنوب، يأتي كل يوم اثنين إلى السوق، لكن الحركة ضعيفة جدا وانخفضت بنسبة 50%، والمبيعات قليلة جدا.
على الجهة المقابلة، تجلس فاطمة سليمان (70 عاما) وتلفت إلى أنها قضت كل عمرها في سوق النبطية، تبيع الأعشاب والبقوليات في السوق منذ كانت صغيرة، وربت أولادها من عائد هذا العمل. وتضيف أن حركة البيع كانت في السابق أفضل بكثير، ولكن اليوم، ومع الحرب على الحدود اللبنانية، تراجعت، وأحيانا لا يقصدها سوى متسوق واحد أو اثنين.
سوق الاثنين بالنبطية تعرض قبل عام 2000 لقصف إسرائيلي واستُشهد عدة أشخاص فيه (الجزيرة) ذاكرة مدينةويختصر السوق حياة أبناء النبطية بكامل فصولها نظرا لارتباطه بذاكرة المدينة، فهو يشكل بوابة مفتوحة على التاريخ وعلى تغير الأجيال. ولكن الفارق بين الأمس واليوم، أن صورته باتت تمثل نموذجا مصغرا عن وطن يقاوم الاحتضار اقتصاديا.
ويتذكر حسين بلحص، وهو بائع للحبوب والبهارات، كيف تغيرت حالة السوق على مدى الـ25 عاما الماضية. ويقول للجزيرة نت، إنه كان مقصدا لكل شخص يبحث عن أسعار جيدة، ولكن منذ 6 أشهر وحتى الآن، يشهد تراجعا ملحوظا، مؤكدا استمرارية السوق كتاريخ وإرث لا يموتان.
بعد خطوات قليلة، يتموضع إبراهيم العثمان، وهو بائع عطور يعمل في السوق منذ 9 سنوات. ويقول إن السوق تغير كثيرا، حيث كان مزدحما لدرجة أنهم لم يكونوا يستطيعون حتى الوقوف في الشارع بسبب كثرة أعداد المواطنين. ولكن مع بداية الحرب، خافت الناس، خاصة مع سماع صوت القصف طوال النهار.
أما عماد عبد الله، فقد بدأ العمل ببيع الأقمشة والألبسة في سوق النبطية منذ عام 1990، ويوضح للجزيرة نت، أن حروبا عدة مرت عليهم، ولكنهم يتكيفون ويتأقلمون دائما، ويظلون صامدين في أرضهم. ويؤكد "هذا بلدنا، ومهما حدث، فإننا باقون ولا بديل عن هذا الوطن".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات سوق الاثنین
إقرأ أيضاً:
ما الذي اختلف بين سورية ولبنان في مواجهة العدوان “الإسرائيلي”؟
يمانيون../
تشهد سورية اليوم عدواناً “إسرائيلياً” برياً وجوياً واسعاً، وذلك بالتوازي مع توليف عملية تغيير جذري وواسع للسلطة، بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، وحيث لم يتخط هذا العدوان الأسبوعين حتى الآن، لا يبدو أنه سوف يتوقف أو ينحسر أو حتى ينحصر قريباً.
عملياً، ودون أي شكل من أشكال المقاومة أو الدفاع او التصدي، نجحت وحدات العدو في تحقيق مروحة واسعة من الإنجازات الميدانية والعسكرية والاستراتيجية، تمثلت في النقاط الآتية:
– احتلال مساحات واسعة من الجنوب السوري ضمن ما كان محرراً من الجولان السوري، كما واستطاعت الاقتراب من دمشق ومن المعبر الرئيسي مع لبنان في المصنع، مع بدء إطلاق عملية توسع شرقاً نحو وادي اليرموك ومناطق في درعا، وفعلياً أيضاً، لا يبدو أن جغرافية منطقة السويداء جنوب شرق سورية، ستكون بمنأى عن هذا التوسع.
– تدمير (تقريباً) كل قدرات الجيش السوري وعلى المستويات والإمكانيات والأسلحة والمنشآت كافة، ووضعه في موقع ضعيف دون أية قدرة لا أمنية ولا عسكرية، وبعيد جداً عن موقع الجيش الذي كان من بين الأوائل في المنطقة، تسليحاً وعديداً وعقيدة ونفوذاً.
– انتزعت “إسرائيل” من خلال هذا العدوان موقعاً إستراتيجياً مهماً، من خلاله، أصبحت قادرة على فرض نسبة تأثير ضخمة في أي سيناريو إقليمي أو دولي يمكن أن تُستهدف فيه سيادة سورية ووحدة أراضيها وموقفها من القضية الفلسطينية ومن مشاريع التطبيع مع كيان الاحتلال.
هذا لناحية نتائج العدوان “الإسرائيلي” على سورية، أما لناحية العدوان “الإسرائيلي” على لبنان، فيمكن الإضاءة على النقاط الآتية:
يمكن القول، إن العدوان “الإسرائيلي” على لبنان قد انتهى مبدئياً مع استمرار بعض الخروقات المتمثلة باعتداءات جوية ومدفعية موضعية، وباحتلال بعض المناطق الحدودية. ويرتبط الانتهاء من كل هذه الخروقات وانسحاب العدو من المناطق المحتلة، واكتمال مسار تطبيق اتفاق تنفيذ القرار ١٧٠١ بانتشار الجيش اللبناني وتنفيذه الخطة الأمنية موضوع القرار المذكور.
عملياً، في سورية تخطت “إسرائيل” اتفاقية فض الاشتباك بينها وبين سورية عام ١٩٧٤، والتي حصلت برعاية مجلس الأمن بعد توقف الحرب عام ١٩٧٣، ونجحت في سورية، وفي فترة وجيزة، بتحقيق ما ذكر أعلاه ميدانياً وعسكرياً وإستراتيجياً، بينما في لبنان، وبعد عدوان واسع استمر لأكثر من خمسة عشر شهراً، أقصى ما تحقق هو التزام الطرفين (اللبناني والإسرائيلي) بتطبيق القرار ١٧٠١، والذي كانت “إسرائيل” قد امتنعت عن تطبيقه منذ صدوره حتى اليوم، والأهم أنها فشلت في تحقيق أي هدف من الأهداف التي وضعتها لعدوانها، المعلنة منها وأهمها إنهاء المقاومة وإعادة المستوطنين والأمان إلى شمال فلسطين المحتلة، وغير المعلنة منها، وأهمها السيطرة على منطقة جغرافية عازلة، مماثلة للمنطقة العازلة التي احتلتها مؤخراً في الجنوب السوري.
من هنا، وفي ظل هذا الفارق الفاضح بين ما حققته “إسرائيل” في سورية بمدة وجيزة، وبين الهزيل مما حققته في لبنان بمدة طويلة، يبقى الفاصل الأساس هو ثبات رجال حزب الله في الميدان، ويبقى لصمود المقاومة في المواجهات المباشرة وعلى مسافة صفر، وللدماء الذكية التي نزفت بين أحياء وحارات ومنازل البلدات الحدودية المعروفة، التأثير الأكبر والحاسم في تحقيق انتصار صارخ بوجه عدو قادر وغادر، يحمل في فكره إستراتيجية تاريخية دينية، مشبعة بالأطماع وبأهداف التوسع والاحتلال.
العهد الاخباري ـ الكاتب : شارل أبي نادر