يعتبر الاستثمار في الطاقة النووية خيارًا استراتيجيًا للدول التي تسعى لتنويع مصادر الطاقة والحد من الانبعاثات الكربونية، وأحد الحلول المهمة للتغلب على أزمة الطاقة بشكل عام، رغم بعض التحديات التي يمكن التغلب عليها مثل الأمان وارتفاع تكاليف الإنشاء، إلا أنها تعتبر عنصرا هاما في مزيج الطاقة، خاصة في الدول التي تعتمد على استيراد الوقود الأحفوري.

ويرى الخبراء أن أبرز مميزات مفاعلات الطاقة النووية أنها تُنتج كميات هائلة من الطاقة من كميات قليلة من الوقود، كما أنها تُنتج الطاقة بشكل مستمر بغض النظر عن الظروف الجوية، ممّا يجعلها مصدرًا موثوقًا للطاقة، ولا تعتمد على استيراد الوقود الأحفوري مثل الغاز والبترول وهذه نقطة محورية لتعزيز أمن الطاقة، فضلا عن ذلك لا تُصدر غازات الاحتباس الحراري أثناء التشغيل.

وفي مصر، تعد محطة الضبعة النووية لتوليد الكهرباء مشروعًا عملاقًا يمثل نقلة نوعية في مسيرة مصر نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة، وتوفير مصدر طاقة نظيف ومستدام لدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والمشروع - كما وصفه أليكسي ليخاتشوف مدير شركة روساتوم الحكومية الروسية - "أكبر مشروع تعاون بين مصر وروسيا منذ بناء السد العالي في أسوان"، حيث تقوم شركة روساتوم بالإنشاء والتشغيل بالتعاون مع هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء.

ومن المتوقع أن تسهم محطة الضبعة في إنتاج أكثر من 33 جيجاواط/ساعة من الطاقة المنخفضة الكربون، وهو ما يمثل نحو 18% من استهلاك مصر المتوقع في عام 2030، ما يُساهم بشكل كبير في سد احتياجات مصر المتزايدة من الطاقة ودعم التنمية الاقتصادية المستدامة.

وفضلا عن تحقيق جزء مهم من أمن الطاقة في مصر، يحفز المشروع التنمية الاقتصادية من خلال خلق فرص عمل جديدة، وتطوير البنية التحتية، كما يساهم المشروع في تطوير القدرات العلمية والتكنولوجية في مصر، ونقل المعرفة في مجال الطاقة النووية.

وتطبق محطة الضبعة أحدث معايير السلامة والأمان النووية، وفقًا للمعايير الدولية، بما في ذلك تصميم المفاعلات من الجيل الثالث بلس، ونظام الحماية المتعدد المستويات، وتخضع المحطة لرقابة صارمة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية والمراقبة المستمرة من قبل الهيئة المصرية للرقابة النووية والإشعاعية.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: مصر الطاقة الانبعاثات الكربونية محطة الضبعة النووية شركة روساتوم الروسية التنمیة الاقتصادیة محطة الضبعة من الطاقة فی مصر

إقرأ أيضاً:

هل تتراجع أسعار الكهرباء والبنزين في موريتانيا مع بدء استخراج الغاز؟

نواكشوط– قبل نحو شهرين قرر الشاب الموريتاني الطيب عبدو (27 عاما) الاستثمار في منتجع تقليدي مطل على الطريق المسمى محليا بـ"المشاريع" في الجزء الغربي من العاصمة نواكشوط، حيث يوفر لرواده أماكن للاسترخاء ويمدهم بالوجبات التقليدية.

ولكن طبيعة عمل الفتى الجامعي الجديد -والتي تقتضي استهلاك كميات كبيرة من الغاز والكهرباء بكلفة شهرية تربو على 300 دولار- تفرض عليه الاقتصاد في استهلاك الطاقة لغلاء سعرها، وتجنبا للفواتير الباهظة التي قد تؤدي للخسارة.

ويقول الطيب للجزيرة نت إن "أسعار الكهرباء والغاز والبنزين تشكل عبئا ماليا ثقيلا على مشروعي الناشئ وتجبرني أحيانا على زيادة الأسعار، وتعيق طموحي في التوسع في بعض الأنشطة".

ومع الإعلان عن بدء استخراج الغاز الطبيعي في موريتانيا لأول مرة، يأمل الطيب أن تسهم عائدات غاز بلاده في خفض تكلفة مصادر الطاقة التي تثقل كاهل ملاك المشاريع الصغيرة والمتوسطة.

وفي الأول من يناير/كانون الثاني الجاري أعلنت شركة "بي بي" bp البريطانية رسميا بدء استخراج الغاز الطبيعي المسال من مشروع "السلحفاة آحميم" الكبير، على الحدود البحرية مع السنغال، وذلك بعد 10 سنوات من الانتظار.

ويمثل بدء إنتاج الغاز نقطة تحول لموريتانيا، فبعد عقود طويلة من الاعتماد على تصدير المعادن الخام والأسماك، يحلم سكان موريتانيا البالغ عددهم نحو 5 ملايين نسمة بأن تستغل حكومتهم عائدات الغاز لتحسين ظروفهم المعيشية وخفض كُلفة الطاقة.

إعلان ترقب كهرباء الغاز

تصنف أسعار الكهرباء في موريتانيا بأنها الأغلى في المنطقة، وتدفع الأسر متوسطة الاستهلاك ما بين 40 و50 دولارا شهريًا مقابل خدمة الكهرباء، وهذه الكلفة الباهظة -باعتراف الحكومة- دفعتها لتخطيط لتنفيذ مشاريع هامة لإنتاج الطاقة باستخدام الغاز لاستغلال المنتج من حقل "السلحفاة آحميم" للاستهلاك المحلي والتي تقدر بـ35 مليون طن مكعب متري يوميا.

ووفق أحمد فال محمدن مستشار وزير الطاقة المكلف بالتعاون والاتصال، فإن "موريتانيا تعمل الآن لتسريع وتيرة الإجراءات" المتعلقة بإنشاء محطات لتوليد الكهرباء بالغاز، بقدرة إجمالية تتجاوز 600 ميغاوات، على أن تدخل أولى المحطات حيز التشغيل مع حلول عام 2027.

ويؤكد المستشار في حديث للجزيرة نت أن مشروع توليد الكهرباء بالغاز المحلي سيخفف كلفة الإنتاج لدى الشركات المعدنية، والشركة الوطنية للكهرباء، مما سينعكس بشكل كبير على الاقتصاد الوطني من خلال خفض تكلفة الكهرباء عامة.

ويلفت إلى أن التحول المتزايد نحو الطاقة النظيفة من العوامل التي ستسهم مستقبلا في خفض سعر الكهرباء، فنحو 48% من طاقة البلاد الكهربائية الآن باتت نظيفة، ومصدرها الشمس والرياح والطاقة الكهرومائية، وتتجه لأن تكون ضمن قائمة الدول الرائدة في مجال التحول الطاقوي وإنتاج الهيدروجين الأخضر بوصفه الطاقة البديلة.

وتعتمد موريتانيا -حسب أحمد فال- على رؤية إستراتيجية للطاقة من أجل تكامل بين قطاعات الغاز والكهرباء والمعادن، تتمثل في استغلال موارد الغاز لإنتاج كهرباء وفيرة ذات موثوقية بأسعار مخفضة وتوجيهها نحو الأقطاب المعدنية لدعم الصناعات التحويلية مما سيحدث نقلة اقتصادية واجتماعية في البلد".

تمثل المحروقات نسبة 30% من الواردات الموريتانية (موقع شركة ستار أويل ) تذمر من الغلاء

تمثل المحروقات نسبة 30% من الواردات الموريتانية، ويشكل غلاؤها تحديا كبيرا لدى الأسر وأصحاب المشاريع الصغيرة، خصوصا أن تأثير غلائها يطال المواد الغذائية وترتبط بشكل مباشر بحياة المواطن البسيط.

إعلان

وحسب المستثمر في النقل المواطن الحضري سيدي المختار، فإن غلاء المحروقات تسبب في هجرة جماعية للمهنة، مؤكدا أن الربح لم يعد ممكنا بل إن الأغلب هنا يكابد فقط من أجل المعيشة أو تفادي الخسارة.

وقبل سنتين ارتفعت أسعار المحروقات في موريتانيا دفعة واحدة بنسبة 30%، بسبب "تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية" ومنذ ذلك الحين والشكاوى من غلاء الأسعار تتصاعد، إذ يصل سعر لتر السولار إلى 490.96 أوقية (1.363 دولار) وسعر لتر البنزين إلى 560.64 أوقية (1.557 دولار).

وبخصوص التسعيرة المطبقة في مجال محروقات السيارات والمركبات الصناعية، يؤكد المستشار أحمد فال أن "الدولة لا تزال تدعم الأسعار حماية للمستهلك ضد الارتفاعات المذهلة لأسعار النفط على مستوى العالم وتقلبات السوق".

ويضيف أن الحكومة تواصل دعم أسعار غاز البوتان الضروري لحاجيات الأسر في مجال الطبخ، ويساهم ذلك بيئيا في حماية المخزون الغابوي الذي يعاني من حين لآخر من قطع الأشجار واستعمال الحطب لأغراض الطهي.

ومن المتوقع أن تنعكس عائدات الغاز الجديد على أسعار المحروقات، رغم أن الدولة تدعم حاليا أسعار المحروقات بنحو 138 مليار أوقية قديمة، وتدفع عن كل لتر من الوقود 52 أوقية (0.13 دولار) كما تدفع 1160 أوقية (3 دولارات) عن قنينة غاز منزلي كبير.

آثار الغاز المتوقعة

وبخصوص انعكاس مشروع حقل "آحميم الكبير" على أسعار الوقود، يعتقد المحلل الاقتصادي أمم ولد أنفع أن العائدات النقدية التي سيوفرها المشروع ستترك هامش مناورة للخزينة الموريتانية من أجل التوسع في دعم الوقود سواء كان سائلا أم غازيا في المراحل القادمة.

ويضيف أن موريتانيا مستقبلا سيكون بإمكانها توفير الكهرباء من مصدر محلي مما سيكون له الأثر الإيجابي على المواطن والمستثمر عموما، لأن أسعار الطاقة ستتراجع على المدى المتوسط والبعيد.

إعلان

أما المحلل الاقتصادي سيدي الخير عمرو فلا يتوقع انعكاسًا مباشرا على أسعار الوقود في المدى القريب لعدة أسباب أجملها في التالي:

الغاز الطبيعي المسال من حقل "آحميم" موجه نحو الاستخدامات الصناعية ويختلف عن غاز البوتان المنزلي، ولا يغني عن المنتجات البترولية المستخدمة بالسوق المحلية مثل البنزين والديزل إلا فيما يتعلق بإنتاج الكهرباء. غياب البنية التحتية المحلية: فموريتانيا لا تمتلك حاليًا شبكة توزيع محلية للغاز الطبيعي لتلبية احتياجات السوق المحلي، مما يجعل انعكاس إنتاج الغاز على أسعار الوقود محليا محدودا. توجيه الغاز للتصدير: فمعظم الغاز المنتج سيتم تصديره للأسواق الدولية بموجب عقود طويلة الأجل مع شركات أجنبية تستثمر في المشروع.

ولكن سيدي الخير لا يخفي أمله في أن يكون للغاز تأثير إيجابي على أسعار المحروقات في المدى البعيد، مؤكدا أن عائدات الغاز يمكن أن تستغل لدعم الوقود أو تطوير مصادر طاقة بديلة، مما سيخفف من تكاليف الطاقة على المواطنين وينعكس بشكل مباشر على حياتهم المعيشية.

مقالات مشابهة

  • وزير الكهرباء فى زيارة ميدانية إلى محطة عتاقة البخارية بالسويس .. صور
  • وظائف شاغرة بهيئة المحطات النووية بمشروع الضبعة
  • محطة الطاقة النووية العائمة في تشوكوتكا تحقق إنجازًا جديدًا
  • تعيينات وتعاقد.. وظائف خالية بمحطة الضبعة النووية
  • الرئيس الروسي يعلن بناء وحدتين لمحطة بوشهر النووية الإيرانية
  • مترو الإسكندرية.. نقلة نوعية في وسائل النقل والتنمية الاقتصادية
  • مجلس النواب يبحث تعزيز دور المرأة في التنمية الاقتصادية
  • الوكالة الدولية للطاقة: الطاقة النووية ستعود عالميا
  • تقرير دولي: الطاقة النووية ستعود عالمياً
  • هل تتراجع أسعار الكهرباء والبنزين في موريتانيا مع بدء استخراج الغاز؟