سيناء من الخديوية إلى الجمهورية
تاريخ النشر: 26th, April 2024 GMT
احتلت سيناء أهمية كبيرة فى فكر محمد على باشا، خاصة إزاء اهتمامه بالوصول إلى منطقة الشام لتأمين حدود مصر الشرقية، وهو الأمر الذى اعتبره محمد على أحد أهم أركان الأمن القومى المصرى، وبموجب اتفاقية «كوتاهية» عام 1833، أقر الباب العالى بحدود مصر الشمالية حتي جبال طوروس، وكانت حملة محمد على، على الشام عام 1831، قد عبرت سيناء عن طريق قاطبة وبئر العبد ومسعودية والعريش والشيخ زويد ورفح، طوال الطريق اهتم إبراهيم باشا ابن محمد على بترميم الآبار على طول الطريق كبئر قاطبة وبئر العبد والشيخ زويد وغيرها.
وفى عام 1841، حدد فرمان عثمانى حدود مصر وجعلها إرثا لأسرة محمد على الذى شرع على الفور فى إقامة مراكز حدودية عند طابا والمويلح لتأمين طريق الحج، كما اهتم بتعيين محافظين أكفاء لسيناء وتزايد الاهتمام بإرسال البعثات العلمية إلى سيناء لدراستها، وقد سار أبناء محمد على، على نفس النهج، خاصة عباس باشا الأول، الذى قام بزيارة سيناء والتجول فيها، حيث أمر بتمهيد طريق بين الطور وسانت كاترين، وأمر ببناء مقر له فوق أحد الجبال غرب جبل موسى، وطرح فكرة إقامة مصيف لاستغلال المياه الكبريتية قرب الطور، وكذلك سار الخديو عباس على نفس منهج الاهتمام بتأمين طريق الحج وأنشأ الحجر الصحى عند الطور، وفى عهده دخلت سيناء طوراً جديداً بمنحه امتياز شق قناة السويس لشركة فرنسية.. وفى عهد الخديو إسماعيل ظهرت مدن جديد فى سيناء مع حفرقناة السويس مثل القنطرة شرق وعلى الشاطئ الغربى للقناة ظهرت الإسماعيلية وبورسعيد والقنطرة غرب.. وتضاعفت البعثات العلمية لدراسة أحوال سيناء والموارد التى تزخر بها.
وفى عهد الخديو توفيق حدثت تغييرات إدارية بإلحاق العريش بالداخلية وتعيين محافظ عليها يعاونه بعض رجال الشرطة. أما الطور فظلت تابعة للسويس، وقد تنبه الخديو عباس حلمى لأهمية سيناء وكثرت زياراته لها فزار الطور وحمام فرعون وحمام موسى عام 1896، كما زار العريش ورفح عام 1898، كما أمر بتجديد المسجد العبابى بالعريش وعنى بالطرق فى سيناء.
سيناء أرض مصر التى احتضنت الأنبياء والديانات الذين جاءوها يحملون مشعل الحضارة، وهى تحظى بمكانة متميزة فى قلب كل مصرى.. مكانة صاغتها الجغرافيا وسجلها التاريخ وسطرتها سواعد ودماء المصريين على مر العصور، فسيناء هى الموقع الاستراتيجى المهم، وهى المفتاح لموقع مصر العبقرى فى قلب العالم، بقاراته وحضاراته، كما أنها محور الاتصال بين آسيا وأفريقيا.. بين مصر والشام.. بين المشرق العربى والمغرب العربى.. سيناء هى البيئة الثرية بكل مقومات الجمال والطبيعة والحياة برمالها الذهبية وجبالها الشامخة، وشواطئها الساحرة ووديانها الخضراء.
وضعت الدولة المصرية حالياً فى عهد الرئيس السيسى شبه جزيرة سيناء على خارطة التنمية الشاملة والاستثمار ضمن خطة طموحة وغير مسبوقة لتعمير سيناء وجعلها منطقة جاذبة للمستثمرين والسكان وربطها بالدلتا والمحافظات.
سيناء دوماً فى قلب كل المصريين لأنها ليست رقعة جغرافية عادية، لكنها مدخل قارة بأكملها، كل عام وسيناء فى حضن الوطن، شاهدة على بسالة الجيش المصرى الذى حررها مرتين، مرة من الاستعمار ومرة من الإرهاب.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الجيش المصرى حكاية وطن محمود غلاب الأمن القومى المصرى محمد على
إقرأ أيضاً:
كيف يفكر «المليونير الوطني»؟.. الحلقة الرابعة
ما الذى يمكن أن يدفع إنساناً ثرياً إلى أن يرغب، وهو فى كامل قواه العقلية وبكامل إرادته الحرة، فى أن يدفع مزيداً من المال لغيره؟.
المفهوم هو أن يكون الأمر عكسيا، أي أن الكل يطالب الثرى بإعطاء المزيد من المال، إما بالإلحاح أو بالإقناع، وإما بالتحايل أو بالقانون.
أما أن يقرر أحد أصحاب الملايين أن يعلو صوته مطالباً حكومة بلده وصناع التشريعات فيها بسن قوانين تزيد من الضرائب المفروضة على الأغنياء، ثم يحول هذه المطالبة إلى حركة يضم إليها غيره من أصحاب الملايين الذين يشاركونه نفس الرأي، ثم يروج لفكرته من خلال عقد المؤتمرات ونشر المقالات وطرح الكتب فى الأسواق دفاعاً عن قضيته، فهذا أمر ليس من المألوف رؤيته.
إلا أن هذا بالضبط هو ما فعله المليونير الأمريكى «موريس بيرل»، رئيس مجموعة «المليونيرات الوطنيين» الأمريكية، التى أصدر باسمها منذ شهر كتاباً حمل عنوان «ادفعوا للناس: لماذا تعد الأجور العادلة أمراً جيداً للناس وأمراً عظيماً بالنسبة لأمريكا».
في هذا الكتاب، أوضح «بيرل»، مع زميله فى تأليف الكتاب «جون دريسكول» وجهة نظر المجموعة التى يترأسها، والتى تضم ما يقرب من ألف مليونير أمريكى، يطالبون برفع الحد الأدنى للأجور الذى تحدده اللوائح الفيدرالية الأمريكية، ويرون فى هذا الأمر نوعاً من إعادة التوازن الاقتصادى إلى المجتمع الأمريكى الذى أصابه خلل كبير بسبب غياب العدالة.