بوابة الوفد:
2024-11-02@17:23:25 GMT

لست صوفياً... وإنما متصوف

تاريخ النشر: 26th, April 2024 GMT

لماذا الكتابة عن هذا الموضوع الآن وما الذى سيضيفه الكاتب على كل ما كتب حول هذا الموضوع؟!
حاجتنا الآن ملحة للكتابة عن هذا الموضوع لكثرة الفتن والمحن التى نمر بها وكثرة الخرافات والخزعبلات والشعبذة والسحر والدجل بحجة التصوف، والتصوف والمتصوف الحقيقى براء من كل هذه الأمور.
لذا كان لزاما علينا الكتابة عن هذا الموضوع.


فإنه عندما سئل سقراط عن تعريف الفلسفة، قال هى حب الحكمة، وعندما سئل هل أنت حكيم قال لا لأن الحكمة لا تؤتى إلا للآلهة، وإنما أنا محب للحكمة تواقاً بحاثاً عنها. قد نجدها فى قلب طفل، أو قلب رجل أشعث أغبر لو أقسم على الله لأبره يتمتم بكلمات قد تكون غير مفهومة لكن أثرها ووقعها كوقع السحر على قلوب المحبين العارفين، فقلوب العارفين لها عيون، ترى ما لا يراه الناظرون. (يؤتى الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خيرا كثيرا) وتلك حكمة الله التى هى سر أعظم من أسرار الله تعالى يودعها فى قلوب من اصطفاهم، وقد تكون فى الطبيعة على هيئة رموز وإشارات ولطائف ربانية، لتنبه الغافلين الذين غرتهم الحياة الدنيا وغرهم بالله الغرور، فتظهر حكمته وتجلياته فى هذه الترسيمة الكونية كأنك ترى ظاهرة من الظواهر قلما تتكرر إلا بعد مئات السنين أو نرى تجليات الحكمة الربانية فى خلقه ما يجعلنا نستفيق من غفلتنا ونعود نحتمى تحت عباءته من أوهام المحدثات وخبث الطبيعة.
لست متصوفاً لماذا؟!، لأنه ليس كل من لبس الصوف والخشن من الثياب وهام على وجهه فى الصحارى والجبال ملتحفاً السماء مفترشاً الأرض صار متصوفاً، فالتصوف ليس زهدا فى ملبس ولا مأكل ولا مشرب فكل هذه أمور مادية قد تتحقق فى أى إنسان، فرب صائم لم ينله من صومه إلا الجوع والعكس، قيسوا على ذلك فليس كل مدع للتصوف لم ينله من تصوفه إلا الشهرة كأن يقال عنه صار متصوفاً، فالتصوف الحقيقى استرقاق للقلوب واستغرق بالكلية فى حضرة المحبوب، فإذا ما حدث ذلك وصار القلب أسيراً فى حبه، انعكس هذا الحب على صاحبه فصار جميلا، يرى كل ما يراه جميلا.
ما أروع رابعة العدوية عندما قالت أحبك حبين حب الهوى وحب لأنك أهل لذاك. فالحب هنا تجرد عن كل نوازع الحس الفانية، وتعلق القلب والفؤاد والروح بالمحبوب الأعظم دونما حاجة، دونما وساطة وإنما هو ومضات وفيوضات ونفحات ربانية تأتى لصاحبها عن طريق التجرد والتخلى وهذا التخلى لا يكون إلا بالمجاهدة (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين)، عن طريق الهجرة المعنوية من دار الفناء إلى دار البقاء فى رحلة روحانية نعود منها أو يعود منها المريد محملا بالأنوار الإلهية فينعكس هذا القبس النورانى على كل من حوله فيعمل بجد وإخلاص، فالمتصوف الحقيقى هو الذى يخالط الناس ويمشى فى الأسواق ويعلم الناس العبادة الحقة، المتصوفة الحق هو الذى يعمل بالقرآن والسنة متمثلاً قوله تعالى (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات)، المتصوف الحقيقى هو الذى لا يسقط التكاليف والفروض، فالمتصوف الحقيقى هو الذى ينأى عن الخرافات والخزعبلات والشطحات.
وما أروع تعريف معروف الكرخى للتصوف عندما قال، التصوف هو الأخذ بالحقائق واليأس مما فى أيدى الخلائق.
ونحن نقول التصوف الحقيقى هو تخلى عن كل ما هو فان والتحلى بكل ما هو باق، التخلى عن الأغيار والاتجاه قلبا وقالبا إلى رب الأغيار، التخلى عن الوسطاء فليس ثمة وساطة بين العبد والرب.
المتصوف خزائن علمه فى قلبه ولا يخرجها إلا لمن طلبها ومن هو أهل لحمل أمانة هذه العلوم، فهذه العلوم لا تودع فى بطون الكتب، فالكتب تفنى قراطيسها أما القلوب فخزائن سر الأسرار.
التصوف رقى وترقى فى درجات تليها درجات إلى أن يصل المريد إلى غاية مراده، فبعد أن يكون مريدا يصير مرادا، بعد أن كان محبا يصير محبوبا (لا يزال عبدى يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه) فما أعظم أن يحبك الله تعالى.
التصوف علم باطن، فلكل باطن ظاهر، أما الظاهر فالعمل بالكتاب والسنة تحقيقا لأصول الدين، أما الباطن فتلك علاقة لا يعلم حقيقتها إلا الله تعالى، ومن ذاقها وذاق لذتها فتحققت له السعادتين، سعادة الدنيا وسعادة الآخرة.
المتصوف قائد سفينة نفسه إذا كان ملاحاً ماهراً نجا من ظلمات البحر اللجى وروض أمواجه الهائجة مستعصماً مستمسكاً بمعطياته تعالى وهباته التى وهبها له الله تعالى.
انظروا إلى أنفسكم هل أنتم صوفيون أم متصوفة فبون شاسع بين المصطلحين.

أستاذ ورئيس قسم الفلسفة بآداب حلوان

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الدجل هذا الموضوع الله تعالى هو الذى

إقرأ أيضاً:

ظاهرة الودق في القرآن.. ماذا قال عنها الشيخ الشعراوي؟

ظاهرة الودق في القرآن الكريم، من الأمور التي يتساءل عنها كثير من الناس، حيث ذكرت قي القرآن في الآية 43 من سورة النور، حيث قال تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ، والودق هو تفريغ الماء من السحاب وسقوطه كتلة واحدة، وترصد «الوطن» في السطور التالية تفسير الشيخ الشعراوي لهذه الظاهرة.

ظاهرة الودق في القرآن

وقال الشيخ محمد متولى الشعراوي، رحمة الله عليه في فيديو له، حول ظاهرة الودق في القرآن، إن الله عز وجل جعل نزول المطر نعمة لتخصيب الأرض وقد يكون نزوله نقمة كما فعل سبحانه بأهل مأرب، وفسَّر قوله تعالى «أَلَمْ تَرَ» بمعنى ألم تعلم، حيث مع تقدم العلم أدركنا كيفية تكوّن المطر من خلال عمليتي التبخير والتكثيف، يتحول الماء من حالته السائلة إلى بخارٍ ليشكّل السحاب، وقد أشرنا سابقاً إلى أن مساحة الماء على سطح الأرض تعادل ثلاثة أرباع اليابسة، ما يوفر المساحة الكافية لتبخّر الماء اللازم لتكوين المطر، ونحن نقوم بعملية مشابهة في تقطير الماء؛ حيث نقوم بغلي الماء وتوجيه بخاره نحو سطح بارد ليتم تكثيفه.

                                      

وتابع الشعراوي في تفسير ظارهة الودق في القرآن والآية 43 من سورة النور، أن الله تعالى قال «يُزْجِي سَحَاباً» بمعنى أن الله يُرسل السحاب برفق وتدرج، ويشبه ذلك الشاعر حين وصف مشية الفتاة الهادئة بأنها كسير السحابة بلا عجلة، ثم «يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ» أي يجمع قطع السحاب بحيث تتراكم بعضها على بعض، وتترك بينها مسافات وفتوق، وإلا لما نزل المطر من خلالها، فلو أراد الله أن يجعل السحاب كتلة واحدة لفعل، لكنه جمعه دون توحيده، فتحدث بذلك فراغات بين القطع، مثلما يحدث عند لصق الورق بالصمغ؛ إذ تبقى هناك فراغات مهما كان الثقل الموضوع عليه.

الحكمة من نزول المطر 

وأضاف الشعراوي حول ظاهرة الودق في القرآن أن هذه الظاهرة كانت سر قوة بناء المصريين القدماء، حيث كانت الحجارة متماسكة دون الحاجة لمادة تربطها، ما يوضح دور الهواء في التماسك، وبالمثل، لو لم يكن هناك خلل بين قطع السحاب لما نزل منه الماء، وهذه إحدى آيات الله في المطر، حيث يتكون طبيعياً، مقارنة بكوب الماء المقطر الذي يتطلب مجهوداً كبيراً في المعامل.

وتابع: يقول تعالى: «ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً»، أي يُكدّس السحاب بعضه فوق بعض، وفي آية أخرى «وَإِن يَرَوْاْ كِسْفاً مِّنَ السمآء سَاقِطاً يَقُولُواْ سَحَابٌ مَّرْكُومٌ»، أي متراكم، حتى ترى المطر يخرج من خلال الفجوات بين السحب.

وهذا الماء الذي ينزل على الأرض قد يكون نعمةً أو نقمةً وعذاباً، كما فعل الله بأهل مأرب، والماء والنار قوتان متضادتان يُصعب مقاومتهما، وقد خشي العرب من الماء بسبب ما رأوه من غرق عند انهيار سد مأرب، ولذلك اختاروا العيش في الصحراء بعيداً عنه، حيث نجّى الله موسى عليه السلام بالماء، وأغرق فرعون بالشيء ذاته، فكان الماء رحمةً ونقمةً في آنٍ واحد.

وفي قوله تعالى: «يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بالأبصار»، فإن الضوء الشديد للبرق يكاد يخطف الأبصار، وتتشكل النار في البرق من الماء، مصداقاً لقوله تعالى: «وَإِذَا البحار سُجِّرَتْ»، وهذه آية غيبية نرى نموذجاً منها في ظاهرة البرق.

مقالات مشابهة

  • ظاهرة الودق في القرآن.. ماذا قال عنها الشيخ الشعراوي؟
  • 10 أمور تساعدك على الخشوع في الصلاة..واظب عليها
  • هل صلاة الفجر علامة على حب الله لك؟.. انتبه لـ10 أسرار
  • الشيخ ياسر مدين يكتب: في التصوف
  • سؤال كبير في التاريخ (1-2)
  • العدوان يكتب .. صغّر عقلك أيها الإنسان . . !
  • تأملات قرآنية
  • ما هي أحب الأعمال إلى الله؟.. «أوصى بها النبي الكريم»
  • لماذا أوصى الرسول بالإكثار من ذكر الله؟.. علي جمعة يوضح السبب
  • الفقاعة «الحسينية»!