بوابة الوفد:
2024-09-20@14:44:49 GMT

فلسفة الحرب (2)

تاريخ النشر: 26th, April 2024 GMT

تحدثنا فى المقال السابق عن الحرب وضرورتها من منظور فلاسفة الغرب، فماذا عن رؤيتنا نحن للحرب؟ وماذا عن حروب الحاضر والمستقبل؟
لاشك أن الحرب والقتال من الأمور التى شرعها الله للبشر للدفاع عن أنفسهم بداية ضد أى تهديد، وهى أيضاً من الأمور المشروعة فى كل الديانات ومن ثم فى الإسلام وذلك من أجل الإصلاح والمحافظة على كيان المجتمع الإسلامى وأمنه واستقراره، وإن كان القتال والحرب فى الإسلام قد قيدت بما يمكن أن نطلق عليه باصطلاحنا المعاصر أخلاقيات الحرب، فقد أمر الإسلام بالجهاد فى سبيل الله ونشر تعاليمه من ناحية، ومن ناحية أخرى أمر باحترام الآخر وعدم التمثيل به وبالحفاظ على البيئة بما فيها من كائنات حية سواء النباتات أوالحيوانات أثناء الحروب.

وقد ضرب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أروع الأمثلة على مدى الرحمة والعدل ومراعاة القيم العليا للإنسانية فى حروبه فلم يغدر أو يفسد ولم يقتل امرأة ولا شيخا أو طفلا، ولم يتتبع مدبرا، ولم يجهز على جريح، ولم يسئ إلى أسير، ولم يلطم وجها، ولم يتعرض لمسالم، وهذه هى أخلاقيات الحرب الذى لا يزال المسلمون والبشر الأسوياء يتمسكون بها إلى الآن فى نزاعاتهم وحروبهم!
ولنا أن نقارن ما شئنا بين هذه الأخلاقيات الراقية التى تحترم إنسانية الإنسان أيا كان معتقده أثناء الحرب وبين ما فعله ويفعله مجانين الحرب وصناع الإبادة الجماعية من المحاربين الغربيين فى الحربين العالميتين السابقتين أو فى الحروب الدائرة الآن سواء بين الروس والأوكرانيين أو بين دولة إسرائيل الغاصبة والمحتلة للأرض وبين أصحاب الأرض الأصليين من الفلسطينيين العزل، وتلك الحرب الأخيرة بالذات هى حرب إبادة جماعية متعمدة للقضاء على الفلسطينيين شعبا وأرضا ودولة مما لم يشهد له التاريخ مثيلاً من قبل!!
وعلى كل حال فقد «أصبحت الحرب التقليدية فى خبر كان وأصبحت – فيما يقول فان كريفلد- كرجل أصيب بطلق نارى فى رأسه ومع ذلك فهو يحاول وهو يترنح السير بضع خطوات؛ إذ سوف تثبت الأيام مع انتقال الهيمنة والتحول إلى النزاعات المحدودة أن معظم ما يجرى باسم الاستراتيجية على مدى القرنين الماضيين عديم الجدوى وسوف يؤدى هذا التغير إلى زوال فائدة الكثير من نظم الأسلحة الحديثة لاسيما تلك الأشد تقدما والأشد فتكا والى تناقص الأبحاث التكنولوجية العسكرية واسعة النطاق والحد من التطور بمفهومنا الحالى»!
ويبدو أن الكثير من نبوءات كريفلد قد بدأت تتحقق وخاصة النبوءة القائلة إن «انتشار النزاعات المحدودة سوف تعتمد على الأسلوب الفردى وعلى الإبهار لتحل محل التنظيمات البيروقراطية المسئولة عن صنع الحرب» ؛ إذ أصبحنا نرى حروباً غير تقليدية كثيرة تقوم بها فئات وجهات وأحزاب بالوكالة نيابة عن الدول والقوات المسلحة التقليدية! ولا يعنى ذلك أن كل قيود الحرب التقليدية ستتلاشى عندما تحل النزاعات المحدودة محل الحرب التقليدية ؛ اذ أن الحقيقة التى ينبغى التركيز عليها فى- رأى كريفلد- هى «أن محاولة التكهن بما سيكون عليه الأمر فى المستقبل تقل فى أهميتها عن ضرورة السعى إلى التمسك بالدور الذى يلعبه ميثاق الحرب فى الوقت الراهن؛ فمن شأن القوة المسلحة التى تنتهك ميثاق الحرب لمدة طويلة أن يؤول بها الأمر إلى التفتت، وكلما كانت تلك القوة أشد بأساً انطبق ذلك بشكل أكبر حيث سيزداد صعوبة تبريرها للإقدام على كسر القواعد»!!
ومن الواضح أن هذا الرأى الأخير لكريفلد يحتاج لمراجعة؛ إذ إن لدينا قوة عسكرية ودولة مارقة هى إسرائيل تنتهك كل القواعد العسكرية والمواثيق الدولية ومع ذلك تلقى دعماً من الدول الغربية الكبرى وبالذات من القوة العظمى الأولى فى العالم بحيث لن تسمح هذه الدول الكبرى الداعمة بأن تتفتت هذه القوة العسكرية الحمقاء! ولعل أكثر ما يحتاج لمراجعة ونقد من آراء كريفلد هو العبارة التى اختتم بها كتابه حيث قال إن الحرب «تعد من أهم السبل التى تتيح للإنسان بلوغ المتعة والسعادة، بل الانفعال والنشوة لدرجة أن الرجل قد يستغنى عن أقرب الناس اليه وأحبهم إلى قلبه من أجل الحرب»!!!!
ولعل فى ذلك الرأى فى تلك العبارة الأخيرة ما يوضح لنا بصورة جلية أن ذلك الرجل وأمثاله من الغربيين من محبى الصراع والحروب هم من سيقودون البشرية حتماً إلى نهايتها المحتومة! ولله الأمر من قبل ومن بعد فيمن يرون سعادتهم فى شن الحروب وإراقة دماء الأبرياء، والرقص بجوار أشلائهم!
 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: نحو المستقبل فلسفة الحرب 2 المجتمع الإسلامى رسول الله صلى الله عليه وسلم

إقرأ أيضاً:

مدبولي: مصر كانت تعتمد على جزء من الطاقات التقليدية في الإنتاج المحلي

قال الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، إن الدولة سيكون لها حجم معين من الطاقة التقليدية كالغاز والمازوت، مشيرًا إلى أنها كانت تعتمد على جزء من الطاقات التقليدية في الإنتاج المحلي.

وأضاف «مدبولي» خلال مؤتمر صحفي، أن نتيجة التأخر على المستثمر الأجنبي، تضطر الدولة إلى استيراد الطاقة التقليدية، لافتًا إلى أنه في حال إنتاج المستثمر بكميات كبيرة تعود كمية الطاقة التقليدية كما كانت عليها من قبل، ما يقلل من فاتورة الاستيراد.

وأوضح أن مصر تتوسع بشكل كبير في استثماراتها، وبالتالي يزداد حجم الطلب على الكهرباء، متابعا: «زيادة حجم الكهرباء يعني أن الدولة في نمو وازدهار بجانب نمو الاقتصاد».

مقالات مشابهة

  • مشاركة واسعة في مسابقة خريف ظفار للرماية بالأسلحة التقليدية
  • فلسفة القيادة الحضارية
  • «الموساد» يدير حرب لبنان
  • "الجارديان": شكوك حول إمكانية التوصل لتسوية سياسية بين روسيا وأوكرانيا
  • مجدي البدوي يكتب: فلسفة جديدة للأمان الوظيفي
  • مدبولي: مصر كانت تعتمد على جزء من الطاقات التقليدية في الإنتاج المحلي
  • استكشف الحرف التقليدية في أوزبكستان: صناعة السكاكين والمنتجات الخزفية في وادي فرغانة
  • تغيير الخطاب العربى.. ضرورة
  • "أبوظبي للغة العربية" يُصدر"دوستويفسكي ونيتشه: فلسفة المأساة"
  • أستاذ علوم سياسية: مشروع قرار إنهاء الاحتلال مبادرة للتفاوض على حل القضية الفلسطينية.. ودخوله حيز التنفيذ الانتصار الحقيقي (حوار)