بوابة الوفد:
2024-07-01@22:38:18 GMT

فلا خَفَتَ صوتٌ أنت باعثه

تاريخ النشر: 26th, April 2024 GMT

ما كنت أعلم أنها المرة الأخيرة والمحادثة الأخيرة والإشعار الأخير..
فلا شىء أقسى على النفس من فقد عزيز غال، وإن كان الرحيل مفاجئا صار الفقد أقسى. ففى صمت النبلاء رحل، دون مقدمات رحل، وكأنه يأبى أن يعذب أحباءه بمرض أو معاناة.. هكذا قبل أن يجف مداد قلمه الحر فاضت روحه إلى بارئها، تاركا لنا آخر ما خط من كلمات، لتكون شاهدا على رحلة عطاء فكرية خاضها محاربا على مدار أكثر من ٣٠ عاما، بين جنبات صاحبة الجلالة، مؤكدا أن الصحفى الحق هو ذلك الذى يتخذ جانب المهمشين، مدافعا ومطالبا بحقوقهم، وهو ما اضطلع به قلمه من خلال عموده الصحفى الأسبوعى بجريدة الوفد، إنه الأستاذ عاطف دعبس، الذى غادرنا مساء الأربعاء الماضى.


فما بين طرح لرؤى متوازنة ومطالبات بحقوق الآخرين تتبدى رسالة الصحافة ووعيها فى مواجهة عوار المجتمع وسلبياته، مختتما كل مقال له بعبارته الأشهر «ويا مسهل»، فى بساطة وتلقائية، دافعا بها أملا وتفاؤلا فى تحقق ما يصبو إليه.. 
فى هدوء ودعة كان يرسل مقالة قبل موعد نشره بيومين، يسبقه بعبارة بسيطة دونما استطراد أو إسهاب، وكأنه يخشى أن يخدش صمتا أو انشغالا قد أبدو عليه.
وكعادته أرسل مقاله لى بصفتى مشرفا على مقالات الجريدة، ولحظى العثر لم أستطع الرد عليه فى حينها، حتى إذا حل مساء اليوم التالى هالنى خبر رحيله، فشاء القدر أن يرحل قبل نشر مقاله بيوم، ليخلف فى النفس غصة لا أظنها ستزول بسهولة.
عرفته باسما هادئا، فى المرات التى كتب لى مقابلته فيها كان يحادثنى بود الأب، مذيلا كلماته بعبارة «يا ابنتى»، ولم أشهده يوما رغم أنه بحكم الأقدمية يعد أستاذ جيلى فى الجريدة، لم أشهده يخاطبنى باسمى مجردا، بل كان دائما ما يسبقه بلقب «أستاذة»، ليضرب لنا مثلا فى الاحترام والأستاذية الحقة. 
وأمس الجمعة كان موعد نشر مقاله الأخير ورسالته الأخيرة، الذى حث فيه الشعب على مجابهة جشع التجار بسلاح المقاطعة، ليؤكد لنا أن مداد الكاتب الحق لا يجف رغم الغياب، فحضور القلم أقوى من حضور الجسد، وحضور الروح أمضى من الحضور المادى، هكذا لا يخفت صوت من يحمل على كاهله عبء الرسالة وهموم المواطن، ولا يخفت صوت رسالاته، مهما نأى وبعد بجسده، فستظل كلماته نورا يهتدى بها فى ظلمات الدنيا.
 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: نبضات سمية عبدالمنعم هموم المواطن جشع التجار

إقرأ أيضاً:

«دُفعة المراوح وتخفيف الأحمال»

يبدو أن الأسرة المصرية التى لديها طالب أو طالبة فى الثانوية العامة كُتب عليها أن تعيش المعاناة، ليس فقط على مدار العام بسبب ضغوط وتكاليف المصروفات الدراسية، والدروس الخصوصية التى فشلت كل الجهود فى القضاء عليها لأسباب كثيرة، وإنما أيضًا فى ضياع حلم الكثير من الأسر فى دخول أبنائهم كليات القمة التى يحلمون بها، واليقين بذلك قبل ظهور نتيجة الامتحانات.

نقول ذلك بمناسبة ما حدث فى امتحان مادة الفيزياء لطلاب الشعبة العلمية فى الثانوية العامة الذى أثار الجدل، سواء بسبب طبيعة وطريقة الأسئلة، أو تداوله بمواقع التواصل الاجتماعى، بغض النظر عن طبيعة اللجنة التى تم تشكيلها لمراجعة الامتحان أو قراراتها، لأنه فى النهاية تبقى صدمة الامتحان ذات تأثير معنوى على الطلاب كما رأينا يوم الامتحانات.

والغريب فى الأمر أن امتحانات هذا العام يجب أن تتفق فى كل الأحوال مع الظروف التى يعيشها الطلاب على مدار الشهور الماضية، خاصة منذ بداية أزمة انقطاع الكهرباء، وتخفيف الأحمال، وأداء الطلاب للامتحانات فى درجات الحرارة المرتفعة، وأزمة أولياء الأمور فى توفير المراوح داخل اللجان رأفة بأبنائهم، الأمر الذى جعلنا نصف طلاب هذا العام بأنهم «دُفعة المراوح وتخفيف الأحمال» أو«ثانوية المراوح وتخفيف الأحمال».

ولم تكن هناك أى مراعاة من واضعى الامتحانات تجاه هؤلاء، خاصة أن كل المواد التى أدى فيها الطلاب الامتحانات تضمنت العديد من الأسئلة الصعبة التى جعلت الكثير من الطلاب يشعرون بضياع حلم العمر، أو ضياع فرصة الالتحاق بكليات القمة، وهو ما جعل الكثير من الأسر لم يعد أمامها الآن سوى التفكير بقوة فى تدبير مصروفات الجامعات الخاصة ليقينها بضياع مبدأ تكافؤ الفرص لأسباب كثيرة.

والسؤال الذى يفرض نفسه بقوة الآن هو «هل تبقى الثانوية العامة بعبع كل بيت فى مصر وعرض مستمر لفوضى التداول والتسريب؟!». المؤكد أن دولة بحجم مصر ومؤسساتها لا يجب أن تظل على هذا الوضع الذى يؤكد صعوبة السيطرة على الامتحانات لتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين الطلاب، وانتشار الغش الذى يستفيد منه قلة قليلة تدمر أحلام وجهود المتفوقين.

والحديث عن ضبط الطلاب المتورطين فى الغش أو معاقبتهم بالرغم من كونه ضرورة، إلا أنه لن يعيد الأمور إلى نصابها الصحيح. ومن هنا يجب التفكير فى حلين لا ثالث لهما، وهو إما السيطرة الكاملة على الامتحانات وتحقيق العدالة بين الطلاب، أو حتمية التطبيق الفورى لنظام ثانوية عامة يجعلها شهادة نجاح ورسوب فقط دون أى مقياس أو شروط للحاق بالكليات، مع الأخذ فى الاعتبار بأن الطريق الثانى سيفتح الباب أمام الكثير من خريجى الجامعات من عديمى الكفاءة للاعتماد هنا على الغش طوال سنوات التعليم.

كما أن الأسرة المصرية التى تعانى ويلات الظروف الاقتصادية الحالية، وغلاء الأسعار، وجبروت أباطرة الدروس الخصوصية من حقها أن تعيش أجواء الفرحة والاطمئنان على مستقبل أبنائها على الأقل خلال أيام الامتحانات بدلًا من تصدير اليأس لهم مع بداية الامتحانات أو منتصف الطريق خلال أداء الامتحانات فى المواد التخصصية.

خلاصة القول أن «دُفعة المراوح وتخفيف الأحمال» كانت تستحق الكثير من التقدير الجيد للأوضاع التى يعيشها الطلاب وأولياء الأمور. كما أنها كانت تستحق الرحمة من واضعى الامتحانات، وتستحق تكافؤ الفرص وتحقيق العدالة التى غابت لسنوات طويلة سواء بسبب التسريب، أو التداول، أو عدم المعرفة الجيدة للطريق الذى نسير عليه فى قطاع التعليم..حفظ الله مصر وشعبها وجيشها من كل سوء وللحديث بقية إن شاء الله.

مقالات مشابهة

  • المسئولية.. والواجب الوطنى
  • الفساد للرُكب
  • «دُفعة المراوح وتخفيف الأحمال»
  • إنجلترا تنتزع التعادل من سلوفاكيا في اللحظات الأخيرة وتُحجز مكانها في ربع نهائي يورو 2024!
  • في ذكرى يوم عظيم
  • يرحم الله المعلم الكبير مصطفى شردى
  • التعديل الوزارى
  • المناظرة «راكبة جمل»!
  • للتاريخ.. ليس كل ما يعرف يُقال
  • ثورة ٣٠ يونيه.. والإخوان المسلمين