فى هذا اليوم، يُعلِن سبت لعازر عن بداية جديدة للحركة والحياة وفكِّ ختوم الموت، وهكذا تجعل منه الكنيسة أحدًا صغيرًا أو قيامة صغرى.. 
وبمناسبة حدث الإقامة من الموت، نقرأ فى الكتاب المقدس عن ثلاثة أموات أقامهم السيد المسيح وأعادهم إلى الحياة، ومعلوم أن أعمال الله ليست مجرد أعمال بل آيات تحمل رسائل وتوجيهات.

.
الأموات الثلاثة الذين أقامهم الله تشير بصورة رمزية، إلى قيامة النفس التى تكمل فى الإيمان:
لقد أقام ابنة يايروس وهى بعد راقدة فى المنزل، إشارة إلى مَن يرتكبون الخطية فقط فى أفكارهم، هؤلاء قد قتلتهم الخطية، ولكن موتهم داخلى، لأن الفكر الشرير لم يتطور بعد إلى فعل خارجى.. 
وأقام ابن أرملة نايين وهو محمول خارج أسوار المدينة، إشارة إلى مَن يُضمرون فكرًا ويفعلونه أيضًا، ولكنهم إن تابوا يُرجعهم الرب إلى أُمهم الكنيسة..
وأقام لعازر بعد موت أربعة أيام فى القبر، وهذا نوعٌ خطير من موت الخطية لأنه يتصف بالاعتياد عليها حتى يصبح الخاطئ مقبورًا فيها، ويُقال عليه بحقٍّ إنه «قد أنتن» ورائحته الكريهة تفوح منه، ولكن قوة السيد المسيح لا تقصر أيضًا عن أن تُعيد مثل هذا الميت إلى الحياة، فليت لا ييأس أحدٌ قط.. 
«حَبـيبُنا لِعازرُ نائِمٌ، وأنا ذاهِبٌ لأوقِظَهُ»، وهنا يعلن السيد المسيح حقيقة الموت، فهو سيد الحياة والموت، مستخدمًا صيغة الجمع فى كلمة «حَبـيبُنا»، ليعبر عن مدى الحميمية ليس فقط على مستواه الشخصى بل الجماعى، ككنيسة، بعد ما حررهم من الخوف من الموت وأشكاله القابع فى قلوبهم، ثم ينتقل بسهولة «فى بلاغة فائقة» من صيغة الجمع إلى صيغة الفرد: وأنا ذاهِبٌ لأوقِظَهُ، فالسيد المسيح وحده له السلطان، قاهرًا الموت: «أين شوكتك يا موت، أين غلبتك يا هاوية»، لازال التلاميذ غير مدركين، متقوقعين، متحصّنين على ذواتهم وخوفهم وأنانيّتهم فى مواجهة الموت قائلين: «إذا كانَ نائمًا يا سيِّدُ، فسَيُشفَى»، هنا يعلنها صراحةً، وهو فى قمة الألم، مُدركًا مدى مأساة الإنسان الخاضع تحت سلطة الموت: «لعازرُ ماتَ، ويَسُرُّنى، لأجلِكُم حتى تُؤمِنوا، أنِّى ما كُنتُ هُناكَ، قُوموا نذهَبُ إلَيهِ»!  
نلاحظ مدى الترابط العميق بين إعلان حقيقة الموت وما يطلبه السيد المسيح من تلاميذه أى فعل الإيمان، المسيح يعلن عن الأسلوب الأمثل المطلوب من المؤمن عندما يواجه الموت وأشكاله ألا وهو أن يؤمن.. أو من يا رب.. فأعنْ ضعف إيمانى، يعقب ذلك مباشرة، الدعوة الجماعية للذهاب معًا متضامنين بقوة الحياة، حياة القيامة، لمواجهة الموت وأشكاله، أليس هذا هو النمط الذى نحتاجه اليوم لمواجهة مخاطر صراعات العالم والأوبئة والزلازل والبراكين وغيرها من الكوارث الطبيعية وغير الطبيعية فى أيامنا..
 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: رؤية الكوارث الطبيعية السيد المسيح السید المسیح

إقرأ أيضاً:

الناصرة .. هوية مدينة بشارة المسيح وأجمل مدن فلسطين

تحتل مكانة خاصة في قلوب المسيحيين لا تقل عن مكانة مدينة القدس في "العهد الجديد". وتعد واحدة من أجمل المدن الفلسطينية، حيث تشرف على سهل مرج ابن عامر في الجنوب.

تقع مدينة الناصرة شمالي فلسطين المحتلة وجنوبي منطقة الجليل ضمن لواء الشمال حسب التقسيمات الإدارية التي أوجدها الاحتلال الإسرائيلي. وتقوم الناصرة على جبل مرتفع ويرى منها جبل الشيخ والكرمل والطابور ومرج ابن عامر.

تحد عكا شمالا، وحيفا غربا، وطبرية وبيسان شرقا، وجنين جنوبا.



وتبعد نحو 34 كيلومترا شرق البحر المتوسط و105 كيلومترات شمال القدس. وتقدر مساحة أراضيها بنحو 14 ألف دونما، في حين تقدر مساحة قضاء المدينة بنحو نصف مليون دونما، وتقام على أراضيها أكثر من 30 مستوطنة إسرائيلية.

ولموقع الناصرة أهمية كبيرة منذ قديم الزمان، فهي نقطة التقاء الجبل بالسهل، وترتبط بالطرق الرئيسية الواصلة بين مصر وسوريا، من جهة والأردن وفلسطين من جهة ثانية.

أما سكانيا تزايد عدد سكان الناصرة من حوالي 22.5 ألف نسمة عام 1922 إلى نحو 75 ألف نسمة عام 2015، ويصل حاليا إلى نحو 80 ألف نسمة، وتشير معطيات إسرائيلية إلى أن نسبة المسلمين 70% والمسيحيين 30%.

أما عن أصل السكان فغالبيتهم من الشعوب التي كانت تقطن المنطقة عند الفتح الإسلامي، كالآراميين والسامريين والسوريين واليهود المتنصرين وأبناء شعوب أخرى، وفي العصر الحديث قدم إليها مسيحيون من جميع أرجاء المعمورة.

ومن الطوائف المسيحية في الناصرة: الروم الأرثوذكس وهي كبرى الطوائف المسيحية فيها، ثم الروم الكاثوليك، واللاتين والبروتستانت، وطائفة الموارنة وهم أقدم سكان الناصرة المسيحيين، إضافة إلى الأرمن والأقباط والمعمدانيين، وجاؤوا إلى المدينة في القرن العشرين.

وجاء في بعض المراجع التاريخية أن اسم مدينة الناصرة الكنعاني القديم هو "آبل"، وأن من معاني أسماء الناصرة: مركز أو برج الحراسة، الجبل المرتفع، منحدر الماء.

و"آبل" في قاموس الكتاب المقدس تعني "مياه" أو "مرج"، وفيه اسم مكان يدعى "آبل الماء"، أي مرج الماء، و"آبل الكروم" أي مرج الكروم. وإذا عدنا إلى اسم الناصرة بصيغته هذه نجد تفسيرا واضحا له في لسان العرب، حيث يرد أن الناصرة واحدة النواصر وهي مسايل المياه. والناصرة معروفة بغزارة المياه والعيون.

يوجد في مدينة الناصرة عدد من المساجد والكنائس التاريخية، وفيها معالم دينية وأضرحة للشهداء، وضريحا الشاعرين الراحلين عبد الرحيم محمود وتوفيق زياد الذي شغل منصب رئيس بلدية مدينة الناصرة لثلاث دورات متتالية (1975 - 1994).


                                                   مشهد عام لمدينة الناصرة

وكشفت الحفريات عن آثار السكان في مدينة الناصرة منذ العصرين البرونزي والحديدي، ويبدو أن المدينة لم تكن ذات شأن في العصور القديمة السابقة للميلاد. فلم يرد لها ذكر في "العهد القديم" أو في أي مصدر من المصادر الأدبية السابقة للإنجيل الذي ورد فيه اسم المدينة 28 مرة.

وحسب بعض المصادر فإن السيدة مريم العذراء ولدت فيها، وفيها بشرت بالسيد المسيح عليه السلام الذي نشأ فيها وقضى معظم حياته، ونسب إليها فدعي الناصري، كما نسب إليها النصارى.

فتح المسلمون المدينة عام 634 ميلادية على يد القائد المسلم شرحبيل بن حسنة فاتح شمالي فلسطين، ثم ظلت محل نزاع بين الفرنجة والمسلمين خلال فترة الحروب الصليبية، وخضعت لسيطرة المماليك إلى أن دخلت تحت حكم العثمانيين عام 1517 .

شاركت الناصرة في الانتفاضات والمظاهرات والإضرابات والمؤتمرات الفلسطينية منذ عشرينيات القرن العشرين ضد الاستعمار البريطاني والصهيوني، فقد احتل الإنجليز الناصرة في عام 1918، ثم دخلتها العصابات الصهيونية عام 1948.

وبقيت بلدية الناصرة تدير شؤون المدينة بعد عام 1948 إلا أن الاحتلال أقام مدينة الناصرة العليا (نتسرات عليت) لتشكل كماشة من الأبنية الحديثة، تقع على الجبال والهضاب وتطل على المدينة من الشرق والشمال.

وأدت الأحداث السياسية وهدم القرى والتهجير إلى تغييرات ديمغرافية كبيرة غيرت الطابع السكاني للمدينة التي استقبلت اللاجئين من القرى المجاورة، واستوطنت فيها مع مرور السنين عائلات أخرى لأسباب اقتصادية واجتماعية مختلفة.

واعتمد سكان قضاء الناصرة قديما وحديثا على مدينة الناصرة في تلبية احتياجاتهم حيث عملوا بزراعة الأشجار المثمرة والخضراوات، ومن أهم محاصيل المدينة الزراعية الحبوب والفواكه والزيتون والخضراوات.

كما راجت فيها التجارة والصناعات الخفيفة، لكن الحكومات الإسرائيلية ضيقت على الزراعة العربية، فاتجه السكان إلى التجارة والخدمات وبعض الصناعات التحويلية البسيطة المتعلقة بالسياحة مثل حفر الخشب والخزف، واضطر بعضهم إلى التوجه للعمل في المصانع والورش اليهودية.


                                          منظر من الجو لمدينة الناصرة ( 1900-1926).

وتعتبر الناصرة إحدى أقدس المدن في الديانة المسيحية، ويؤمها الحجاج المسحيون من أنحاء العالم، وفيها العديد من الأديرة والكنائس وأهمها كنيسة البشارة و يحجون إليها كما يحجون إلى كنيسة القيامة في القدس وكنيسة المهد في بيت لحم، ومن أهم كنائس المدينة كنيسة العذراء وكنيسة مار يوسف وكنيسة البلاطة.

وكثيرا ما حذر القادة المسيحيون في الأراضي المقدسة من أن مجتمعاتهم مهددة بالطرد من المنطقة من قبل الجماعات الإسرائيلية المتطرفة، وسبق أن أصدر البطاركة ورؤساء الكنائس في القدس بيانا مشتركا يحذرون فيه بالمثل من الخطر الذي تشكله الجماعات المتطرفة التي قالوا إنها تهدف إلى تقليص الوجود المسيحي في فلسطين.

المصادر

ـ  صالح الأشمر، الناصرة، الميادين نت، 2/6/2021.
ـ  الناصرة، 26/11/2015، الجزيرة نت.
ـ وديع عواودة، "الناصرة الفلسطينية مدينة البشارة المسيحية في حالة سكون ورنين أجراس كنائسها حزين"، 23/12/2023، القدس العربي.
ـ الناصرة (مدينة)، الموسوعة الفلسطينية، 29/10/2015.
ـ أنيس صايغ، كتاب "بلدانية فلسطين المحتلة"، بيروت 1968.
ـ  مصطفى مراد الدباغ، كتاب "بلادنا فلسطين"، ج7، ق2، بيروت 1974.
ـ أسعد منصور، كتاب "تاريخ الناصرة"، القاهرة 1923.

مقالات مشابهة

  • بطريرك الروم الأرثوذكس في القدس يترأس صلاة قداس عيد ختان السيد المسيح
  • عصام الحضري يحتفل بعيد ميلاده مع البطيخ .. فيديو
  • بلينكن: مصر وقطر توصلتا إلى صيغة نهائية لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة
  • في هذا الموعد.. محمد فؤاد يحيي حفلًا غنائيًا في كندا
  • حماس: صيغة اتفاق شامل وننتظر الرد “الإسرائيلي”.. الليلة
  • البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو.. رحلة في مواجهة قسوة الحياة
  • حملات مكثفة لضبط السائقين المخالفين لخطوط السير في البحيرة (صور)
  • نشوى مصطفى ترد على انتقادات عملها بعد وفاة زوجها مباشرة
  • الناصرة .. هوية مدينة بشارة المسيح وأجمل مدن فلسطين
  • عبد المسيح سمى نواف سلام