عصب الشارع - صفاء الفحل
حيلة كيزانية قديمة متكررة لقياس الرأي العام من قبل تنفيذ أمر جلل ربما تكون ردة الفعل فيه عنيفة وهي إطلاق شائعات حول الموضوع قبل تقرير كيفية تنفيذه بناء على ذلك القياس وهو ما يقوم به الكيزان اليوم حول التغيير الوزاري المرتقب الذي يجري التسويق له عبر منصاتهم الإعلامية لقياس تقبل الرأي العام لإمكانية عودتهم لإدارة دفة الحكم من خلال (الصف الثاني) أو اختيار أشخاص يكنون بالولاء لهم.
وهذا الأمر لم يكن مخططا له في هذا التوقيت بل بعد تحقيق بعض الانتصارات في حربهم الدائرة مع الدعم السريع إلا أن تسارع الأحداث والانقسام حول ضرورة الذهاب إلى منبر جده والأصوات التي ارتفعت داخل المؤسسة العسكرية بضرورة إنهاء هذه الحرب وتخوفهم من تسرب السيطرة على الأوضاع في الفترة القادمة وهم القابضون عليها حتى الآن، وفشلهم في تحقيق ذلك النصر الحاسم جعلهم يسارعون الخطى لهذا التغيير لعله يقلب الطاولة في وجه المنادين بالسلام والذهاب إلى ذلك المنبر الذي سينهي أحلامهم تماما إذا ما تم الاتفاق على حكومة كفاءات من خلاله.
ومن جانب آخر هم يحاولون رفع العصي الغليظة في وجه هؤلاء (المتململين) من نفوذهم المتزايد داخل الحكومة الحالية وبعض القيادات العسكرية مع منح (الجزرة) للبعض الآخر من الطامعين والأرزقية للوقوف خلفهم على اعتبار منحهم مساحة في التشكيل الجديد بالإضافة إلى إرسال رسالة مبطنة لبعض الذين يجلسون في الظل بلا ردة فعل واضحة بأن الأمر يمكن أن يتجاوزهم إذا لم يسارعوا للاصطفاف خلفهم.
هذه الشائعة في هذا التوقيت تحديدا حيث أصبحت قناعة الذهاب لمنبر جده هي السائدة أو الأرجح، محاولة كيزانية خبيثة لخلط الأوراق أو ربما (إنقلاب يائس) سيفجر الكثير من الصراعات بين مجموعة الخمس من (اللجنة الإنقلابية) التي لم تحسم أمرها حتى الآن وبين الحاضنة السياسية لهم والتي تحاول حسم بعض الأصوات النشاز داخلها، بينما تقف مجموعة الحراكات الموالية لإنقلاب البرهان حائرة حتى الآن رغم منحها وعودا بجزء من الجزرة.
والصمت من بعض الجهات ذات القرار الفصل حول إمكانية حدوث هذا التغيير الوزاري وهروب بعضها من مركز القرار ببورتسودان إلى ولايات أخرى يشي بأن الأمر بات قريبًا من الإنفجار وأن هناك (قنبلة) ستحطم الكثيرين وسنظل ننتظر فإن غدًا لناظره قريب
وثورتنا لن تتوقف وهي المنتصرة في نهاية المطاف
والرحمة والخلود لشهدائنا الأبرار...
الجريدة
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
التفاصيل الصغيرة
بما أن هذا هو المقال الأخير الذى أكتبه هنا فى العام 2024 فقد اخترت أن أكتب فى مسألة عامة بعيدا عن شواغل السياسة وغيرها.
هناك مقولة تقول «إن الفرق بين الأمر الجيد والأمر العظيم هو الاهتمام بالتفاصيل», ومقولة أخرى تقول «إن الشيطان يكمن فى التفاصيل», ويقول الفنان الإيطالى الشهير مايكل أنجلو الذى عُرِف بدقته اللامتناهية فى النحت: «الأمور الصغيرة هى التى تصنع الكمال، ولكن الكمال ليس أمرًا صغيرًا», ويقول الشاعر الكبير نزار قبانى مخاطبا حبيبته بلقيس الراوي: « كل ما فى الأمر أن تفاصيلك الصغيرة، ليست صغيرة», فمما لا شك فيه أن التفاصيل دائمًا ما تصنع الفرق فى حياتك على جميع المستويات، أو بمعى آخر فإنه كلما توفرت الدقة تحسنت النتائج, فالشخص المدقق ليس كما يحلو للبعض أن يسموه « نمكي» أو بالعامية «مزودها حبتين», وإنما هو شخص يريد للشيء أن يكون مثلما يريد ومثلما خطط له.
ما دفعنى لأكتب فى هذا الموضوع هو ما ألاحظه من بعض الناس فى المعاملات اليومية سواء الشخصية أو العملية من عدم اكتراث للتفاصيل وتسيير الأمر على أى حال بغض النظر عن الشكل الذى سيبدو عليه أو عن النتيجة المنتظرة, وعدم الاهتمام ببذل الجهد للوصول إلى الشكل والنتيجة المرضية للكل مهما كان نوعه.
ألاحظ مع الأسف أن إهمال التفاصيل بدأ يتزايد فى حياتنا بشكل مزعج بداية من لغة الحوار و التواصل الشخصى بين البشر مرورا بالمعاملات فى العمل وصولا إلى نظرتنا نحن لأنفسنا و طموحنا لمستقبلنا .
تفاصيل المحادثات العادية والتواصل الشخصى بين البشر على اختلاف تعاملاتهم سواء من دائرة الأهل والأصدقاء أو من دائرة العمل, حتى الحوارت الشخصية باللغة العادية باتت هى الأخرى تحتاج إلى ترجمة لمعرفة المقصود, رغم أنها من نفس اللغة المستخدمة بين البشر, هناك استسهال أو قل كسل كبير فى استخدام اللغة وكلمات وأدوات الاستفهام وكأنه عيب مثلا أن نستخدمهما لنسهل على من نخاطبه ان يفهم مقصدنا!
إن الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة مهارة تسهم فى تحسين حياتنا وتحقيق الهدف من وراء كل عمل نقوم به, إنَّ الحرص الشديد والمراجعة والمتابعة الدقيقة لبعض التفاصيل، التى يعدها البعض غير مهمة أو غير ضرورية، قد يحدث فارقًا كبيرًا على المدى الطويل، بل قد يحل مشكلة كات لفترة طويلة عصية لى الحل.
فى تصورى إن هناك رابطا وثيقا بين الدقة والاهتمام بالتفاصيل من جانب وبين النموذج الأمثل لإدرة حياتنا, ففى أبسط صورة أنك حين تبتسم لمن تقابله ابتسامة غير مسببة قد تدخل إلى نفسه السعادة وفى نفس الوقت فأنت حريص على مكارم الأخلاق، وأن تتحدث إلى الآخرين بطريقة مُهذبة، مهما كان الموضوع المطروح للحوار, ومهما كانت درجة الاختلاف فيه, فهذه تفاصيل صغيرة تكون الصورة الذهنية عنك لدى الآخرين, لذلك يقولون إن الاختلاف ثقافة, أن تسير بين الناس بتصرفاتك وسلوكك الإيجابي، ستجعل من حولك أكثر سعادةً، خاصة عندما نفكر فى تفاصيل حياتنا اليومية ومهامنا الروتينية, وكم البشر الذين نتعامل معهم يوميا, أن تقول شكرا لمن يؤدى لك خدمة مهما كانت بسيطة حتى ولو كانت هذه مهمته, فلن ينقصك الأمر شيئا, ولكن سيزيد من رابط الود مع الناس, إبداء رغبتك واستعدادك الدائم لمساعدة الآخرين فيما تستطيع أن تقدمه لهم فهذا فى حد ذاته سلوك إيجابى يندرج تحت بند التفاصيل الصغيرة فى حياتنا, أن تراجع ما تكتبه للآخرين عبر الرسائل القصيرة مرة واثنتين فهذه تفاصيل صغيرة مهمة قبل أن تضغط على زر «أرسل»، فمما لا شك فيه لو راجعت ما كتبته، سوف تجد دون شك كلمة بسيطة بحاجة إلى تعديل أو مسافة زائدة بحاجة إلى حذف، هذا التعديل البسيط قد يصنع الفارق فى مستوى الرسالة، وفى نظرة من ينتظرها لك.
حرصى الشديد على مراعاة أدق التفاصيل فى حياتى جعلنى أدرك معنى جودة الحياة وبتُّ أشعر براحة أكبر, وعندى حالة رضا لأننى أراجع ما أفعله مرة واثنتين قبل أن أعتمده, وأتصور لو ركزنا أكثر فى تفاصيل حياتنا وعلاقاتنا المتعددة مع من حولنا، سوف نحدث نقلات نوعية فى حياتنا تساعدنا على الاستمرار فى التطور والتحسن.. كل عام وأنتم بخير.