في اجتماعاته مع المسؤولين الصينيين، شدد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن على أهمية اتخاذ الصين إجراءات إضافية ضد المواد الكيميائية والمعدات المستخدمة في صنع الفنتانيل.

وأوضح بلينكن، الذي يقوم بزيارة إلى الصين، أن بكين حققت تقدما مهما بشأن الفنتانيل، لكن هناك حاجة إلى بذل المزيد من الجهود" في هذا الاتجاه.

وتضغط الولايات المتحدة على الصين للحد من تهريب الفنتانيل الذي يقتل عشرات آلاف الأميركيين كل عام.

ويرى مسؤولون أميركيون أن الصين تلعب دورا كبيرا في إنتاج الفنتانيل، حيث تنتج موادا كيميائية يتم شحنها إلى عصابات المخدرات في المكسيك، وتستخدم في إنتاج الفنتانيل، قبل تهريبه إلى الولايات المتحدة.

أقوى من المورفين

الفنتانيل هو مادة أفيونية اصطناعية تستخدم عادة لعلاج المرضى الذين يعانون من ألم شديد مزمن أو ألم شديد بعد الجراحة.  

اخترع الفنتانيل في عام 1959 من قبل الدكتور بول يانسن كمسكن جراحي يعطى في الوريد. وبسبب قوته، نادرا ما تم استخدام الدواء إلا في غرف العمليات في المستشفيات أو في الحيوانات الضخمة.

والفنتانيل هو مادة خاضعة للرقابة الطبية تشبه المورفين ولكنها أقوى بحوالي 100 مرة، وفق إدارة مكافحة المخدرات الأميركية.

في التسعينيات، ونظرا لفعاليته الكبيرة بدأ إنتاجه بأشكال مختلفة كأقراص ورذاذ الأنف وبأسماء مختلفة، وأدت سهولة الحصول عليه إلى بدء إساءة استخدامه وبدأت عصابات المخدرات تنتجه وتستعمل مواد كيميائية معدلة لتجنب تحديد المادة خاضعة للرقابة.

وفي عالم المخدرات، يتم خلط الفنتانيل مع عقاقير أخرى غير مشروعة لزيادة فعاليته، ويباع كمساحيق وبخاخات أنفية، ويتم ضغطه بشكل متزايد في حبوب مصنوعة لتبدو وكأنها مواد أفيونية مشروعة بوصفة طبية.  

وتقول إدارة مكافحة المخدرات إن إنتاج الفنتانيل غير المشروع ليس علما دقيقا، إذ يمكن أن يكون ملليغرام من الفنتانيل قاتلا اعتمادا على حجم جسم الشخص وتحمله واستخدامه السابق.  

ووجد تحليل إدارة مكافحة المخدرات أن الحبوب المزيفة تتراوح من 02 إلى 5.1 ملليغرام (أكثر من ضعف الجرعة المميتة) من الفنتانيل لكل قرص.

ونسبة 42 في المئة من الحبوب التي تم اختبارها للفنتانيل تحتوي على 2 ملغ على الأقل منه، والتي تعتبر جرعة قاتلة محتملة. 

وعادة ما توزع منظمات الاتجار بالمخدرات الفنتانيل بالكيلوغرام، وكيلوغرام واحد من الفنتانيل لديه القدرة على قتل 500 ألف شخص.

ووفق المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض فإن علامات الجرعة الزائدة منها النوم أو فقدان الوعي و التنفس البطيء أو الضعيف أو المنعدم، الغرغرة و وبرودة شديدة للجسم وتغير لونه خاصة على مستوى الشفاه والأظافر.

ويقول المختبر الوطني لشمال غرب المحيط الهادئ إنه من عام 1999 إلى عام 2011، تضاعف معدل الوفيات في الولايات المتحدة بسبب المسكنات الأفيونية أربع مرات تقريبا، ثم بدأ في الارتفاع في سنوات 2013-2014.

وتزامن هذا التوقيت مع أول اكتشاف للحبوب غير المشروعة التي تحتوي على الفنتانيل ونظائر الفنتانيل وغيرها من المواد الأفيونية الاصطناعية الجديدة مثل U-47700.

أدى توافر نظائر الفنتانيل والفنتانيل في السوق السوداء إلى وباء المواد الأفيونية في الولايات المتحدة الذي لا يزال يتسبب في آلاف الوفيات الناجمة عن الجرعات الزائدة كل عام وتدمير العائلات.

ويتهم المسؤولون الأميركيون الصين بالتساهل مع تصدير  مواد الفنتانيل من البلاد.

تساهل صيني

تعد الصين المصدر الرئيسي للسلائف الكيميائية التي تستعمل في الفنتانيل من قبل عصابات المخدرات.

ويقول تقرير صادر عن الكونغرس في أبريل الماضي إن الصين تقدم خصومات ضريبية لمنتجي ومصدري السلائف الكيميائية الرئيسية وتقدم المنح للشركات المتورطة في تهريب المخدرات.

واستشهد التقرير ببيانات من إدارة الضرائب الحكومية الصينية، التي أدرجت بعض المواد الكيميائية المصدرة على أنها مؤهلة للحصول على خصومات تصل إلى 13٪.

ومكنت تجارة الفنتانيل العالمية غير المشروعة المنظمات الصينية من غسل الأموال المربح، وقدمت للنخب الصينية وسيلة لنقل كمية معينة من رؤوس أموالها إلى الخارج، وفق التقرير.

وتقول الولايات المتحدة إن الصين هي المصدر الرئيسي للسلائف الكيميائية، وهي مواد كيميائية أولية، التي تستخدم في تصنيع الفنتانيل من قبل عصابات المخدرات في المكسيك. كما طلبت الحكومة المكسيكية من الصين بذل المزيد من الجهد للسيطرة على شحنات الفنتانيل إلى ذلك البلد، وفق ما نقلت صحيفة "نيويورك بوست".

وأمام الضغوط، حظرت بكين تصدير مكونات الفنتانيل في العام 2019، لكن مسؤولين أميركيين يقولون إن الصين لا تزال أكبر مصدر للمكونات الكيميائية المستعملة في تصنيع المادة.

وإدمان الفنتانيل آفة في الولايات المتحدة قضى بسببها أكثر من 70 ألف شخص بجرعات زائدة، وهو السبب الرئيسي لوفيات الأشخاص الذين تراوح أعمارهم بين 18 و49 عاما، وفق مسؤولين أميركيين.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الولایات المتحدة عصابات المخدرات

إقرأ أيضاً:

كيف تناور إندونيسيا بين الصين وأميركا؟

في ظلّ تصاعد حدة الصراع بين الصين والولايات المتحدة الأميركية، تقف إندونيسيا كرقم صعب في هذا الصراع.

تقع إندونيسيا على الحافة الجنوبية لبحر الصين الجنوبي، وهي الدولة المحمَّلة بالموارد، ذات الاقتصاد سريع النمو بقيمة تريليون دولار، وعدد كبير من السكان، وهي جائزة كبيرة في المعركة الجيوسياسية بين واشنطن وبكين في آسيا، مع حوالي 17 ألف جزيرة تمتد على آلاف الأميال من الممر الحيوي البحري، وهي ضرورة دفاعية في ظل الصراع المحتمل على تايوان.

المعطى الأول الذي يمكن أن نقترب منه هو الجغرافيا، فالصين هي الجارة الأقرب لإندونيسيا في هذا الصراع، فضلًا عن وجود جالية صينية مؤثرة في إندونيسيا، لذا فالعلاقات بين الطرفين تمثل علاقات قرب وجوار.

من هنا تدرك الصين الأهمية الحيوية لإندونيسيا بالنسبة لها. عنوان التعاون بين الطرفين الآن هو الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة، كما قدمت الصين استثمارات كبيرة، خاصة في تطوير استغلال رواسب النيكل، كما كانت شريكًا في دفع البنية التحتية، فأنشأت قطارًا فائق السرعة بين جاكرتا، وباندونغ.

الترابط الاقتصادي هو القوّة التي تقود العلاقات بين الطرفين، حيث وصل التبادل التجاري بينهما إلى 139.42 مليار دولار، فلمدة 11 عامًا متتالية، كانت الصين أكبر شريك تجاري لإندونيسيا، بل هي علاقات آخذة في النمو.

إعلان

من ذلك، على سبيل المثال، زار إندونيسيا في عام 2023 ما يزيد على 790 ألف سائح صيني، استكشفوا البراكين والجزر والمأكولات البحرية، بينما في النصف الأوّل من عام 2024 زارها حوالي 570 ألف سائح، مما يجعل الصين واحدة من أهم الدول الموردة للسياحة إلى إندونيسيا.

الاعتماد الإندونيسي على الصين يتزايد، ففي مجال الزراعة الحيوي في عام 2024، أطلقت وزارة الزراعة الإندونيسية والمعهد الوطني الصيني لأبحاث الأرز شراكة تهدف إلى تعزيز إنتاج الأرز لضمان الأمن الغذائي في إندونيسيا، يعتمد هذا التعاون على تقنيات الزراعة الحديثة.

وعلى جانب آخر، وسَّعت الصين حضورها في قطاع السيارات الكهربائية في إندونيسيا، حيث قامت بإنشاء مصانع تتماشى مع حلول النقل المستدام.

لكن على الجانب الآخر في العلاقات، تتزايد التوترات التجارية في عدد من القطاعات، مثل السيراميك والمنسوجات.

يغمر السيراميك الصيني السوق الإندونيسية بأسعار أقل بكثير من سعر المنتج المحلي، حتى اضطرت وزارة التجارة الإندونيسية إلى تدمير ملايين السلع الصينية غير القانونية، وفرضت تعريفات جمركية تتراوح بين 100% و200% على بعض الواردات الصينية، خاصة أن عددًا من مصانع المنسوجات الإندونيسية أغلق في ظل إغراق النسيج الصيني إندونيسيا، ويُخشى من رد الفعل الصيني إزاء هذه الإجراءات.

أدركت الصين بُعدين مهمين في العلاقة:

البعد الأول هو الإعلام، فقد وسَّعت الصين نطاق تواصلها الإعلامي في إندونيسيا، من خلال منتديات، مثل المنتدى الإعلامي الصيني-الإندونيسي، الذي عُقدت آخر جلساته في بكين أوائل سبتمبر/ أيلول 2024. البعد الثاني هو التنسيق الأمني، الذي وضع له مسؤولون من كلا الطرفين أسسًا للتعاون في عام 2024، فقد ركَّزوا على مكافحة الإرهاب، مع تبادل المعلومات الاستخباراتية والأمن السيبراني. ولا يزال بحر الصين الجنوبي قضية معقدة وحساسة في العلاقات الإندونيسية- الصينية، فالمنطقة الاقتصادية الخالصة لإندونيسيا في بحر ناتونا تتداخل مع مطالبات الصين الواسعة، مما يجعل إندونيسيا لاعبًا مهمًا في الأمن البحري الإقليمي. إعلان

حدث تطور كبير في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، خلال زيارة الرئيس الإندونيسي برابوو سوبيانتو إلى بكين، عندما أصدرت إندونيسيا والصين بيانًا مشتركًا ملتزمًا بالتنمية في المنطقة المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي، وخاصة حول جزر ناتونا.

العلاقات بين البلدين ليست جديدة، فقد كانت إندونيسيا أول دولة في رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) تقيم علاقات دبلوماسية مع الصين بعد إعلان جمهورية الصين الشعبية في أكتوبر/ تشرين الأول 1949، إلا أن هذه العلاقات علقت بعد الانقلاب العسكري في 1965، لكنها شهدت إعادة إحياء خلال العقود الأخيرة، وتعمَّقت بعد انضمام إندونيسيا إلى مجموعة "بريكس" في عام 2024.

العلاقات مع أميركا

بدأت العلاقات الإندونيسية- الأميركية عام 1949، ومرّ عليها 75 عامًا في عام 2024، لذا أُقيم في واشنطن الحوار الثاني حول السلام والازدهار والأمن بين الطرفين. كان طرفا الحوار مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في جاكرتا، ومعهد الولايات المتحدة للسلام.

أدرك المشاركون في الحوار أن العلاقات لا تزال تفتقد العمق إلى حد كبير، فإندونيسيا لا تقترب من أفق الولايات المتحدة إلا كلما ظهرت قضية التعصب الديني، أو الهجوم الإرهابي، أو عندما تفتح الصين استثمارات جديدة في البلاد، وما إلى ذلك.

واصلت الولايات المتحدة دعمها الملموس لإندونيسيا لبناء قدراتها الدفاعية، كما تجلى في التدريبات المشتركة التي أصبحت الآن متعددة الأطراف، مثل تدريبات "درع سوبر جارودا"، ودعم خفر السواحل الإندونيسي.

لكن قد تؤدي سياسات الرئيس الأميركي ترامب إلى إلقاء عبء الأمن الإقليمي لبحر الصين الجنوبي (الملاحة الحرة) على إندونيسيا، وهو ما يجعلها فاعلًا إقليميًا.

على الجانب الآخر، أحجمت إندونيسيا عن شراء طائرات إف-15، واشترت 42 طائرة رافال من فرنسا، في الوقت الذي يعتمد فيه الجيش الإندونيسي على التسليح الروسي والغربي، وما زال تعامله مع السلاح الصيني محدودًا، لكن هذا قد يتغير إذا دخلت الصين في برامج تصنيع عسكري مع إندونيسيا.

إعلان

على الصعيد التجاري، صدرت الولايات المتحدة بضائع بقيمة 11 مليار دولار إلى إندونيسيا في عام 2023، بينما بلغت الصادرات الإندونيسية إلى السوق الأميركية 27.9 مليار دولار، ما يعكس تفوق الميزان التجاري لصالح جاكرتا.

ومع ذلك، وعلى الرغم من أن العلاقة بين البلدين جرت ترقيتها إلى مستوى "الشراكة الإستراتيجية الشاملة"، فإن هذه الشراكة تظل ذات طابع رمزي أكثر من كونها عملية، نظرًا لأن إندونيسيا تفضل عدم الانحياز في النزاعات الدولية.

وفي ضوء هذا المشهد، تبدو جاكرتا حريصة على عدم إغضاب بكين، وفي الوقت ذاته تحاول الحفاظ على علاقاتها بالولايات المتحدة، بينما تنكفئ واشنطن على ذاتها وتتبنى نهجًا براغماتيًا بحتًا في المنطقة.

لكن التحدي الحقيقي الذي تواجهه الولايات المتحدة، هو أن معظم دول جنوب شرق آسيا، بما في ذلك إندونيسيا، لا تفضّل الانخراط في أي حرب، لأن الصراعات العسكرية قد تطيح بالإنجازات الاقتصادية التي حقّقتها هذه الدول، وهو ما لم تدركه واشنطن بجدية حتى الآن.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • “الداخلية” تواصل جهودها التوعوية بين الطلاب للتعريف بمخاطر المواد المخدرة
  • للتوعية بمخاطر المخدرات.. الداخلية تعقد لقاءات مع طلبة المدارس والجامعات
  • الدويش: لماذا لم تذكر المادة التي تثبت صحة مشاركة الرويلي
  • الداخلية تعقد لقاءات مع طلاب المدارس والجامعات للتعريف بمخاطر تعاطى المخدرات
  • رئيس البرلمان الإيراني: لن ننتظر وصول أي رسالة من الولايات المتحدة
  • عاجل | هيئة البث الإسرائيلية عن مسؤول: إحراز تقدم معين في المحادثات التي أجرتها الولايات المتحدة مع حماس
  • كيف تناور إندونيسيا بين الصين وأميركا؟
  • الأمم المتحدة: سوريا بدأت باتخاذ خطوات مشجعة نحو التعاون مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية
  • الولايات المتحدة تبحث حظر ديب سيك
  • الفصل فى عدم دستورية عقوبة القيادة تحت تأثير المخدرات.. اليوم