تقارب سعودي إيراني واتفاق على قضايا دينية.. هل انتهت خلافات البلدين؟
تاريخ النشر: 26th, April 2024 GMT
طهران- عمت أجواء الفرح لدى عائلات إيرانية انطلق أفرادها لأداء العمرة، بعد انتظار دام سنوات طويلة لم يتمكنوا خلالها من السفر للسعودية، منهم عائلة محسني التي عبّر أفرادها عن فرحهم باستئناف رحلات العمرة، وينتظرون مطلع الأسبوع القادم كي يتجه الأم والأب لأداء المناسك.
ويجري الوالدان اتصالات هاتفية مع الأقارب والأصدقاء، وزيارات لتوديعهم قبل المغادرة لأداء العمرة، وفق الآداب والسنن في إيران، حسب تصريح الابن الأكبر أمير للجزيرة نت.
وبعد انقطاع دام 9 سنوات، غادرت يوم الاثنين الدفعة الأولى من المعتمرين من مطار طهران الدولي، بعد أن ودعهم السفير السعودي عبد الله العنزي، واستقبلهم في المدينة المنورة سفير إيران لدى السعودية علي رضا عنايتي، حيث يأتي ذلك بعد مرور عام ونيف على استئناف العلاقات بين طهران والرياض بعد اتفاق بكين.
رئيس لجنة الصداقة الإيرانية السعودية شاهرودي: هناك إرادة سعودية قوية لتحقيق التقارب (الجزيرة) تقارب متسارعفي هذه المرحلة من رحلات العمرة، والتي تنتهي قبل بدء موسم الحج، سيتوجه إلى السعودية حوالي 5700 معتمر إيراني، حسب رئيس منظمة الحج والعمرة عباس حسيني، كما أن نحو 5 ملايين و600 ألف إيراني سجلوا رسميا في رحلات العمرة، وفق المصدر نفسه.
وبعد بدء إيفاد المعتمرين الإيرانيين بيوم واحد، كشف سفير السعودية لدى إيران عبد الله العنزي عن تسمية محمد نوار العتيبي قنصلا سعوديا عاما في مدينة مشهد الإيرانية، مشيرا إلى أنه سيبدأ مهامه فور إتمام الإجراءات في غضون أسبوعين.
ولا يزال أمر السماح بعودة السفر بين إيران والمملكة قيد البحث، وفق العنزي، الذي لفت إلى أن المواطن السعودي يحتاج إلى موافقة رسمية من خلال منصة "أبشر" لخدمات الداخلية السعودية قبل السفر إلى إيران.
وتجري جهود مكثفة من جانب السفيرين الإيراني والسعودي "لتحقيق أماني الشعبين الإيراني والسعودي في تقارب البلدين" كما يؤكد السفير الإيراني السابق بالسعودية وعمان في حديثه للجزيرة نت، موضحا وجود إرادة قوية من جانب السعودية في تحقيق هذا التقارب، مستدلا بتعيين قنصل سعودي في مشهد.
وبدوره يرى رئيس لجنة الصداقة الإيرانية السعودية محمد رضا نوري شاهرودي أن العلاقات المشتركة تشهد تطورا وتعمقا بشكل يومي، وقال "هذا بفضل وحنكة وجهود البلدين الجارين المهمين" مستدلا على كلامه بفتح المجال للمعتمرين الإيرانيين بعد سنوات الانقطاع، وأكد أن اللجنة ترحب باتخاذ هذه القرارات الجديدة، وأنها ستتخذ الخطوات اللازمة لتطوير العلاقات لاسيما الاقتصادية.
محمد مرادي اعتبر أن استئناف العمرة للإيرانيين وتعيين قنصل بمشهد يؤكدان تطور العلاقات (الجزيرة) القضايا الدينية تجمعومن جانب آخر، اعتبر الخبير في العلاقات الإيرانية السعودية محمد رضا مرادي أن هذه المستجدات تمثل معطيات مهمة في مسار العلاقات بين البلدين، موعزا ذلك إلى كونها في المجال الديني.
ورأى مرادي -في حديثه للجزيرة نت- أن إيران والسعودية قررتا تقريب تعاطيهما مع الأحداث، حيث كان البلدان قبل اتفاق بكين واستئناف العلاقات بينهما بمثابة المنافسين المتخاصمين، لكنهما بعد ذلك قررا الحفاظ على التنافس دون الخصام.
ووضح أن "الملفات السابقة في المنطقة بدأت بالحلحلة" حيث كان اليمن أهم ملف بين إيران والسعودية، وقال "شاهدنا في العام الأخير أن اليمن يمر بحالة من الاستقرار، ويبدو أن الحرب فيه قد انتهت، بالرغم من عدم الاعتراف الرسمي بذلك" كما نفى وجود أي عائق أمام تطور العلاقات بين البلدين، مبررا ذلك بأن الملفات التي كانت عالقة وتنطوي على خلافات، مثل اليمن وسوريا والعراق وحتى لبنان، بدأت تأخذ مسار الحلول واحدة تلو الأخرى.
وتمثل التقارب بين البلدين، حسب وصف المتحدث ذاته، باستئناف إيفاد المعتمرين وتعيين قنصل سعودي في مشهد، معتبرا أن هذين المستجدين يؤكدان دخول علاقات البلدين مرحلة جديدة أعمق من قبل، بعد ما يزيد من عام على استئنافها، حيث إن القضايا الدينية والمذهبية كانت تسبب تحديات دائمة، بينما تساهم حلحلتها بتعميق العلاقة، وضرب مثالا على ذلك بفتح المجال لتسهيل مجيء المواطنين الشيعة في السعودية لزيارة مرقد إمامهم الثامن في مشهد، حسب وصفه.
كما قال مرادي إن تعيين قنصل في مشهد يحمل رسالة إلى إيران والعالم أن السعودية تخطت التوتر مع طهران، وهي تتخذ نهجا جديدا في تعريف علاقتها معها، مؤكدا أن هذا سيضاعف الأمن والاستقرار في المنطقة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات العلاقات بین فی مشهد
إقرأ أيضاً:
إعادة تنظيم قبل ولاية ترامب.. ما سر الزيارة العسكرية السعودية لإيران؟
مع إعلان فوز دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة، ووسط الحرب الدائرة في إسرائيل وغزة والتي امتدت إلى لبنان وطالت إيران أيضًا، واصلت الرياض إشاراتها بشأن توطيد العلاقة مع طهران، وتوجه رئيس أركان الجيش السعودي إلى إيران خلال الأيام الماضية، في زيارة نادرة.
والإثنين، دعا ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، إسرائيل إلى "احترام سيادة إيران" والامتناع عن مهاجمة أراضيها، خلال كلمته في افتتاح أعمال قمة عربية إسلامية في الرياض.
ورأى محللون وخبراء أن التقارب السعودي الإيراني في الفترة الحالية "يقوده عدم وضوح في الرؤية من جانب ترامب"، خصوصا بعدما شاب "تناقض" ولايته الأولى، من وجهة نظر البعض، حيث "فرض عقوبات قوية على طهران، في حين لم يبذل الجهد المطلوب لحماية السعودية عندما طالتها ضربات جماعة الحوثي اليمنية المدعومة من إيران".
بتوجيه من القيادة؛ معالي رئيس #هيئة_الأركان_العامة يزور الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ويلتقي رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيراني. https://t.co/b0tDhv4TYw pic.twitter.com/W0MSYZsuha
— وزارة الدفاع (@modgovksa) November 10, 2024ورأت المحللة السياسية الأميركية، إيرينا تسوكرمان، أن زيارة رئيس الأركان السعودي فيّاض بن حامد الرويلي، ولقاءه بنظيره محمد باقري، تشير إلى أن "التعاون أصبح أعمق بين البلدين، مقارنة بما كان مستحيلا عام 2016، عندما قطعت المملكة علاقاتها الدبلوماسية مع إيران بسبب هجوم على سفارتها".
كما لفتت في حديث لموقع "الحرة"، إلى أن ما يحدث حاليا "يمكن اعتباره شكلا من أشكال التفاوض حول الخطوات التالية في العلاقات الثنائية".
أما الباحث بالشؤون السياسية والاقتصادية الإيرانية، سعيد شاوردي، فاعتبر أن الطرفين أمام "معادلة رابح – رابح"، يشعر فيها البلدان بأن "الابتعاد عن التوترات سيجلب نجاحا ومكاسب أكثر لكل منهما".
واستطرد في حديثه لموقع "الحرة": "هناك رؤية قد تكون جديدة في السعودية، مبنية على أن العداء مع إيران لن يخدم مشاريعها المستقبلية، وسيأتي بنتائج عكسية على طموحاتها، سواء سياسيا أو اقتصاديا، والمثال هنا الحرب في اليمن".
"غموض ترامب"واعتبرت تسوكرمان أن السعودية "غير متيقنة" من موقف الولايات المتحدة بشأن إيران، "على الرغم من خطاب ترامب المتشدد ضدها، وذلك لأن سياسته تجاه طهران خلال ولايته الأولى جاءت برسائل مختلطة"، على حد تعبيرها.
إيران حول إمكانية التواصل مع إدارة ترامب: سنعمل وفقا لما يحقق مصالحنا أكدت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، فاطمة مهاجراني، الثلاثاء، أن طهران سوف تسعى لتحقيق كل ما يحقق "مصالحها"، وذلك ردا على سؤال بشأن إمكانية إجراء محادثات مباشرة مع إدارة الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب.ووفق المحللة الأميركية، فإن ترامب "مارس أقصى ضغط اقتصادي، وصنف الحوثيين كمنظمة إرهابية، حيث كانت الجماعة اليمنية تخوض حربا مع السعودية، بجانب قتل قائد الحرس الثوري قاسم سليماني (في غارة أميركية ببغداد)، لكنه لم يمنع هجمات استهدفت شركة (أرامكو) السعودية، أو حتى رد عليها".
وفي أعقاب إعلان فوز ترامب، نقلت وسائل إعلام رسمية عن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، قوله إن طهران لن تتمكن من تجاهل الولايات المتحدة، ويتعين عليها التعامل معها على الساحتين الإقليمية والدولية، ومن الأفضل أن تدير طهران هذه العلاقة.
وكان ترامب قد أكد في أكتوبر الماضي، أن "على إسرائيل ضرب المنشآت النووية في إيران"، ردا على هجوم أطلقته الأخيرة تجاه إسرائيل في ذات الشهر.
لكنه في نفس الوقت، أكد بشكل متكرر أنه سيمنع الحروب في المنطقة، بوصوله إلى البيت الأبيض.
بشأن إيران.. دعوة من ولي عهد السعودية إلى إسرائيل دعا ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إسرائيل إلى احترام سيادة إيران والامتناع عن مهاجمة أراضيها، خلال كلمته في افتتاح أعمال قمة الرياض، اليوم الاثنين.وقالت تسوكرمان: "لذلك، لا يزال من غير الواضح ما إذا كان ترامب سيتحرك نحو ضمانات أكبر للأمن السعودي أو في الاتجاه المعاكس. كما أن تعليقاته الأخيرة بشأن غزة ولبنان تعكس رسائل مختلطة".
واعتبر شاوردي أن زيارة رئيس أركان الجيش السعودي إلى إيران "مهمة جدا في الظروف الحالية التي تشهدها المنطقة في غزة ولبنان، إلى جانب عودة ترامب".
والشهر الماضي، أعلنت السعودية أنها أجرت في بحر العرب مناورات عسكرية مشتركة مع عدة دول، من بينها إيران.
وحذرت المحللة الأميركية من أن هذا التقارب الإيراني السعودي يمكن أن يكون "إشارة إلى إعادة تنظيم إقليمي قد لا تتمكن الولايات المتحدة من التراجع عنه تمامًا، حتى من خلال تقديم ضمانات أمنية أو معاهدة دفاعية طالبت بها المملكة".
ديمومة العلاقة؟مرت العلاقات السعودية الإيرانية بمحطات صعود وهبوط على مدار العقود الماضية منذ "الثورة الإسلامية". وفي ظل التوترات الجارية في المنطقة، رأى المستشار السابق في وزارة الخارجية السعودية، الباحث في العلاقات الدولية، سالم اليامي أن "الطرفين يوجهان قدراتهما ليكونا مرنين أو أن يكونا بعيدا عن الصراع قدر الإمكان".
وأوضح في حديثه لبرنامج "الحرة الليلة"، أنه "منذ 10 مارس 2023، عندما تم الاتفاق بين البلدين على عودة العلاقات برعاية الصين، فإن هناك اتجاها مفصليا بين الجانبين يتمثل في تجاهل الماضي والتحول إلى المستقبل بعلاقات جيدة".
وأضاف أن الاتفاق "كان يشمل كل أوجه التعاون، السياسي والاقتصادي وأيضًا العسكري"، مشيرًا إلى أنه خلال الفترة الأخيرة "هناك تغيّر، حيث يريد الجانبان علاقات هادئة جدا وأكثر تصالحا، ويحاولان الالتزام بالمرونة والابتعاد عن الصراع".
شاوردي أكد على هذا الأمر، وقال إن العلاقات القوية بين البلدين على المستوى الحكومي جيدة، وعندما تمتد إلى المستوى العسكري "حينها لن يشعر أي طرف بتهديد أو خطر من الآخر".
واعتبر أن "هناك نجاحا في تطوير العلاقات عسكريا وسياسيا، ولو حدث ذلك على المستوى الاقتصادي سنتوجه إلى مرحلة رسوخ العلاقات وديمومتها".
ورقة الحوثيبناء على التطورات التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط، ذكر تقرير لوكالة رويترز، أن "القلق الرئيسي بالنسبة لإيران الآن هو إمكانية تمكين ترامب لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، من ضرب المواقع النووية الإيرانية، وتنفيذ اغتيالات وإعادة فرض سياسة الضغط الأقصى".
ونقلت الوكالة عن مسؤولين إيرانيين وعرب وغربيين توقعاتهم بأن يمارس ترامب "أقصى قدر من الضغط على المرشد الإيراني علي خامنئي، للاستسلام من خلال قبول اتفاق احتواء نووي، بشروط يحددها هو وإسرائيل".
وهنا يأتي دور إبعاد المملكة عن الولايات المتحدة أو تحييدها في أي عمل مضاد لإيران، وخصوصا بعدما تلاشت جهود واشنطن من أجل التوصل إلى اتفاق لبناء علاقات دبلوماسية بين السعودية وإسرائيل في أعقاب الحرب الأخيرة في غزة، التي اندلعت شرارتها بهجوم حماس في السابع من أكتوبر 2023.
"زيارة نادرة".. رئيس أركان الجيش السعودي إلى إيران أعلنت طهران أن رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة السعودية الفريق الركن فيّاض بن حامد الرويلي، يزور إيران اليوم الأحد، على رأس وفد عسكري رفيع المستوى.وفي هذا الشأن، قالت تسوكرمان إن السعودية تحاول إبقاء الأوضاع هادئة مع الحوثيين "لكن أي مفتاح سلام هو بيد طهران"، مضيفة أن إيران هنا "تسعى إلى الحفاظ على صراع مجمد يمكن إعادة إشعاله في أية لحظة وفق أجندتها الجيوسياسية".
وأوضحت أن طهران "تسعى للعب ورقة احتمال تجدد الصراع السعودي مع الحوثيين، من أجل إبقاء الرياض على مسافة من واشنطن".
اليامي أكد من جانبه أن السعودية "ستسعى إلى تحقيق مصالحها، والجانب الذي تكون لها مصالح أكبر معه، ستكون أكثر ميلا نحوه"، لكنه أكد أيضًا أن من الضروري "استغلال هذه المرونة الموجودة في إيران حاليا، ومن المفيد والمنطقي البناء عليها".
واعتبر أن "إيران بغض النظر عن موقفها الكلاسيكي من أميركا وإسرائيل، فإنها قادرة خلف الأبواب المغلقة على تقديم تنازلات وتسويات للوصول إلى حلول معينة. وبالنهاية هذه مرحلة اختبار لكل الأطراف إقليميا ودوليا".
من جانبها، أكدت تسوكرمان أنه في الوقت الحالي تظل إيران "لاعباً رئيسا في المنطقة"، مضيفة: "قد تكون مكروهة ومخيفة، لكن لا يمكن تجاهلها بالتأكيد".