قمت بقطع الصلاة مخافة حصول الأذى لطفلي.. فما حكم الشرع؟ الإفتاء تجيب
تاريخ النشر: 26th, April 2024 GMT
تعد الصلاة من الأركان الرئيسة في الإسلام والتي جاء الحض عليها في الكتاب والسنة، فإذا صلحت صلح سائر عمل العبد، ومع كثرة البحث عن الصلاة يتساءل الكثيرون عن حكم قطع الصلاة بسبب أمور طارئة أو لغير عذر، وهو ما نجيب عنه بموجب فتوى دار الإفتاء.
قمت بقطع الصلاة مخافة حصول الأذى لطفلي.. فما حكم الشرع؟يقول السائل: كنت أصلي الصلاة المفروضة في المنزل بمفردي، ومعي ابني طفل صغير يلهو، فأخذ يعبث بالكهرباء، فقمت بقطع الصلاة مخافة حصول الأذى له.
يقول الإمام النووي: إذا دخل في صلاة مفروضة في أول وقتها حَرُمَ عليه قطعها من غير عذر، وإن كان الوقت واسعًا. هذا هو المذهب والمنصوص، وبه قطع الأصحاب، ودليل تحريم القطع قول الله تعالى: ﴿وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ﴾ [محمد: 33]، وهو على عمومه إلا ما خرج بدليل. انظر: "المجموع" (2/ 315-317، ط: دار الفكر).
وجاء في "الروض مع حاشيته" لابن قاسم الحنبلي (3/ 465، بدون طبعة): [(فيحرم خروجه من الفرض بلا عذر). قال المجد وغيرُه: لا نعلم فيه خلافًا. وقال في الفروع: من دخل في واجب موسع، كقضاء رمضان، والمكتوبة أول وقتها، وغير ذلك، كنذر مطلق، وكفارة -إن قلنا: يجوز تأخيرها- حرم خروجه منها بلا عذر وفاقًا] اهـ.
أما قطع الصلاة المفروضة لعذر شرعي فمشروع في الجملة، ثم إن هذا العذر يدور بين الإباحة والاستحباب والوجوب.
وقد عدَّ الفقهاء من الأسباب التي يشرع بسببها قطع المفروضة: قتل حية ونحوها، وخوف ضياع مال له قيمة لنفسه أو لغيره، وإغاثة ملهوف، وتنبيه غافل أو نائم لخطر محقق لا يمكن تنبيهه بالتسبيح، وإنقاذ غريق، وخوف على صبي أو على نفسه، ونحو ذلك.
جاء في "الدر المختار مع حاشية ابن عابدين" (1/ 654-655، ط. دار الفكر): [(ويباح قطعها) أي: ولو كانت فرضًا (لنحو قتل حية) أي: بأن يقتلها بعمل كثير، (ونَدِّ دابة) أي هربها، وكذا لخوف ذئب على غنم (وفَوْرِ قِدْرٍ) الظاهر أنه مقيد بما بعده من فوات ما قيمته درهم؛ سواء كان ما في القِدْرِ له أو لغيره (وضياع ما قيمته درهم) قال في "مجمع الروايات": لأن ما دونه حقير فلا يقطع الصلاة لأجله؛ لكن ذكر في "المحيط" -في الكفالة- أن الحبس بالدانق يجوز، فقطع الصلاة أولى، وهذا في مال الغير، أما في ماله لا يقطع. والأصح جوازه فيهما. (ويستحب؛ لمدافعة الأخبثين) كذا في "مواهب الرحمن" و "نور الإيضاح"، لكنه مخالف لما قدمناه عن الخزائن و "شرح المنية"، من أنه إن كان ذلك يشغله -أي يشغل قلبه عن الصلاة وخشوعها- فأتمها؛ يأثم؛ لأدائها مع الكراهة التحريمية، ومقتضى هذا أن القطع واجب لا مستحب... (ويجب) الظاهر منه الافتراض (لإغاثة ملهوف) سواء استغاث بالمصلي أو لم يعين أحدًا في استغاثته إذا قدر على ذلك، ومثله خوف تردي أعمى في بئر مثلًا إذا غلب على ظنه سقوطه (لا لنداء أحد أبويه... إلخ) المراد بهما الأصول وإن عَلَوا، وظاهر سياقه أنه نفي لوجوب الإجابة فيصدق مع بقاء الندب والجواز. قلت: لكن ظاهر الفتح أنه نفي للجواز. وبه صرح في "الإمداد" بقوله: أي: لا قطعها بنداء أحد أبويه من غير استغاثة وطلب إعانة؛ لأن قطعها لا يجوز إلا لضرورة. وقال الطحاوي: هذا في الفرض، وإن كان في نافلة إن علم أحد أبويه أنه في الصلاة وناداه؛ لا بأس أن لا يجيبه، وإن لم يعلم يجيبه] اهـ بتصرف.
وفي "حاشية البجيرمي على شرح المنهج" للشيخ زكريا الأنصاري (1/ 246، ط. مطبعة الحلبي): [إنذار الأعمى ونحوه واجب، فإن لم يحصل الإنذار إلا بالكلام أو بالفعل المبطل وجب، وتبطل الصلاة به على الأصح] اهـ.
وفي "المغني" لابن قدامة (2/ 183، ط. مكتبة القاهرة): [قال أحمد: إذا رأى صبيين يقتتلان، يتخوف أن يُلْقِي أحدُهما صاحبَه في البئر، فإنه يذهب إليهما فيخلصهما، ويعود في صلاته. وقال: إذا لزم رجل رجلًا، فدخل المسجد، وقد أقيمت الصلاة، فلما سجد الإمام خرج الملزوم، فإن الذي كان يلزمه يخرج في طلبه. يعني: ويبتدئ الصلاة. وهكذا لو رأى حريقًا يريد إطفاءه، أو غريقًا يريد إنقاذه، خرج إليه، وابتدأ الصلاة. ولو انتهى الحريق إليه، أو السيل، وهو في الصلاة، ففر منه، بنى على صلاته، وأتمها صلاة خائف؛ لما ذكرنا من قبل. والله أعلم] اهـ.
وأصل المسألة مبني على قاعدة "الموازنة بين المصالح والمفاسد"، ولا شك أن إنقاذ مَنْ لِحَيَاتِهِ حرمة مقدم على أداء الصلاة، ثم إنه يمكن الجمع بين المصلحتين بإنقاذ النفس ثم أداء الصلاة.
جاء في "قواعد الأحكام في مصالح الأنام" للعز بن عبد السلام (1/ 66، ط. مكتبة الكليات الأزهرية) في أمثلة قاعدة "الموازنة بين المصالح والمفاسد" ما يلي: [المثال الثامن: تقديم إنقاذ الغرقى المعصومين على أداء الصلوات؛ لأن إنقاذ الغرقى المعصومين عند الله أفضل من أداء الصلاة، والجمع بين المصلحتين ممكن بأن ينقذ الغريق ثم يقضي الصلاة، ومعلوم أن ما فاته من مصلحة أداء الصلاة لا يقارب إنقاذ نفس مسلمة من الهلاك] اهـ.
وشددت عليه وفي واقعة السؤال: فإن ما قمتِ بفعله من قطع الصلاة لمنع حصول الأذى بطفلك واجب مقدم على أداء الصلاة المفروضة، ثم بعد ذلك تقومين بأداء الصلاة إن اتسع الوقت أو قضائها إن خرج وقتها، ولا إثم ولا حرج.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الصلاة قطع الصلاة حكم قطع الصلاة بدون عذر هل يجوز قطع الصلاة للرد على الهاتف دار الإفتاء أداء الصلاة قطع الصلاة
إقرأ أيضاً:
الإفتاء: ترك المرأة الصلاة والصوم برمضان لهذا السبب لا ينقص من أجرها شيئا
قالت دار الإفتاء المصرية، إنه على النساء ألا يحزنَ إذا تركت الصلاة والصوم بسبب العذر الشهري.
وأكدت دار الإفتاء، فى منشور لها عبر صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، أنه على النساء ألا يحزنَّ لترك الصلاة والصيام في رمضان بسبب العذر؛ لأن ذلك لا ينقص من أجرهنَّ، فهي طبيعة فطرية فطر الله النساء عليها.
أكدت دار الإفتاء المصرية، أنه يجوز للمرأة تناول الأدوية التى تؤخر الحيض لتصوم شهر رمضان كاملا ما لم يثبت ضرر ذلك طبيا.
وقالت دار الإفتاء، في منشور لها عبر صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، إنه الأولى والأفضل عدم فعل ذلك لأن وقوف المرأة المسلمة مع مراد الله تعالى وخضوعها لما قدره الله عليها من الحيض ووجوب الإفطار أثناءه وقضاءها لما أفطرته بعد ذلك أثوب لها وأعظم أجرًا.
حكم أخذ دواء لتأخير الحيض لصوم شهر رمضان كاملاًوقال الدكتور عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إنه يجوز للمرأة أن تأخذ أى شيء يؤخر نزول الحيض حتى تتمكن من أداء العبادة كاملة ما لم يثبت لها ضرر طبي، فإن ثبت لها ضرر فلا يجوز لها ذلك، والأولى أن تقف مع مراد الله تبارك وتعالى، فالحيض أمر كتبه الله على بنات آدم.
وأشار إلى أنه فى حالة وجود ضرورة، فعليها أن تستشير الطبيب الثقة، فإن كانت هذه الحبوب ليست لها ضرر على الصحة فلا حرج في أخذها لقوله تعالى (وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) وقول النبي "لا ضرر ولا ضرار"، لافتا إلى أن الطبيب لو قال بخطورة الحبوب على صحة المرأة فيحرم عليها أخذها نهائيًا.