قال الشيخ الدكتور علي بن عبدالرحمن الحذيفي، إمام وخطيب المسجد النبوي، إن الاستقامة أمرٌ عظيم، وأعلاها القيام بالفرائض والواجبات والمستحبات، ومجانبة المحرمات والمكروهات، والثبات على ذلك.

الاستقامة أمر عظيم

وأوضح " الحذيفي" خلال خطبة الجمعة الثالثة في شوال اليوم من المسجد النبوي بالمدينة المنورة ، أنه أمر الله سبحانه وتعالى بذلك رسوله - صلى الله عليه وسلم - بقوله جلّ وعلا: (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ )، منوهًا بأن المؤمنين في الاستقامة درجات.

واستشهد بما قال الله سبحانه: (فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ. ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا. وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ)، وقول الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا، وقت قولهم ذلك عند انقطاع الدنيا والدخول في الآخرة، فتقول للمؤمنين جزاءً لهم على الاستقامة لا تخافوا.

وأضاف أن الخوف لا يكون إلا من مستقبل، أي: لا تخافوا على من خلفتم وراءكم من الذرية، فالله يتولاهم وهو يتولى الصالحين، منوهًا بأن لا تحزنوا على ما مضى معناه أن الحزن انتهى ولن يعود، وهذه بشرى على الاستقامة بالأمن من المستقبل، وأن الحزن لن يعود، وتقول لهم الملائكة وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون.

أولياء المؤمنين

واستند لقول الله تعالى: ( إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ) والجنة فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، مشيرًا إلى أن الملائكة تطمئن المؤمن ليصدق بوعد الله، وتطرد وساوس الشيطان عن المسلم، فالملائكة أولياء المؤمنين بالحفظ في الدنيا من الشياطين، والملائكة أولياء المؤمنين في الدنيا بالصحبة الدائمة بكل خير وبرّ.

وأفاد بأن الملائكة أولياء المؤمنين في الآخرة، قال تعالى: (وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ سَلَامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ . فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ)، مبيناً أن البشائر من الملائكة للمؤمنين بأمر الله تتوالى، وكل بشارة أعظم من الأخرى، وآخر بشارة لهم في هذه الآية قولهم: "وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ"، أي لكم في الجنة كل ما تتمنون وفوق الأماني، ولكم كل طلب تدعون به، نزلاً من غفور للذنوب، رحيمٌ رحمة بالمؤمن، مبيناً أن النزُل في لغة العرب ما يعدُّ للضيف.

وحضْ كل مسلم على تذكّر هذه الآيات العظيمة بعد أن يقوم بصالحات الأعمال راغباً راجياً لله تعالى، راهباً خائفاً من ربه ليرحمه ويجيره من عذابه، لافتًا إلى  أن المسلمين بالعمل بالاستقامة درجات، فأعلاهم درجة وأحسنهم حالاً هم الذين يتبعون الحسنات بالحسنات، ويتركون المحرمات، فأولئك السابقون.

تذكّر هذه الآيات

ودلل بما قال الله تعالى: ( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) ، ودون هذه الدرجة درجة قوم عملوا الحسنات، وقارفوا بعض السيئات، وأتبعوا السيئات الحسنات، قال تعالى: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ . إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ . ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ).

ونبه إلى أن المسلم إذا نزل عن هذه الدرجة الثانية من درجات الاستقامة، خلَط عملاً صالحاً وآخر سيئاً وهو لما غلب عليه منهما، فهو تحت رحمة الله ومشيئته، قال تعالى: (وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ)، مشيرًا إلى أن من جاء بالحسنة محافظاً عليها من المبطلات فله عشر أمثالها.

وأوصى المسلمين بتقوى الله تعالى، والاستقامة على طاعته، بأداء الفرائض والواجبات، واجتناب المعاصي والمحرمات، لينالوا رضوان الله ورحمته ومغفرته، والفوز بجناته، داعياً إلى الحرص على عمل الخيرات، واجتناب المحرّمات، والعمل بوصية الرسول - صلى الله عليه وسلم - :" اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن" رواه أحمد والترمذي.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: إمام و خطيب المسجد النبوي خطيب المسجد النبوي

إقرأ أيضاً:

«الإفتاء» تضع «روشتة» لتحصين النفس من الفتن ومكائد الشيطان.. السر في ذكر الله

تحصين النفس من الفتن من الأمور التي يسعى المسلمون إلى معرفة جوانبها، لينفذوها بشكل مستمر، وذلك في سبيل التقرب من الله عز وجل وعبادته على أكمل وجه، وليكون عبدًا طائعًا مخلصًا لله تعالى، وليقوي على مقاومة الفتن ومكائد النفس والشيطان.

روشتة لكيفية تحصين النفس من الفتن

وأوضحت دار الإفتاء المصرية عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» روشتة لكيفية تحصين النفس من الفتن، وهي كالتالي:

- الاستعانة بالله في جميع الأمور.

- التوكل على الله.

- أن لا يغتر الشخص بنفسه أبدًا مهما أكثر من الطاعات،  قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [آل عمران: 101].

- الإكثار من ذكر الله تعالى.

- ترسيخ محبته ومحبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في القلب.

 - قراءة القرآن الكريم وتدبره.

- التفقه في الدين.

- مصاحبة أهل الخير والصلاح.

- الحرص على أداء الفرائض واجتناب المعاصي لا سيما الكبائر.

- محاسبة النفس.

- عدم اليأس من الاستقامة مهما وقع الإنسان في الذنوب أو تكررت.

- إحسان الظن في عفو الله ومغفرته.

- أن يبادر الشخص بترك الذنب وتجديد التوبة منه، قال تعالى: ﴿اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾.

مقالات مشابهة

  • بمشاركة ضيوف الرحمن.. زراعة أكثر من 300 شجرة بجوار المسجد النبوي
  • «الإفتاء» تضع «روشتة» لتحصين النفس من الفتن ومكائد الشيطان.. السر في ذكر الله
  • أمانة المدينة المنورة تُنفّذ مبادرة لزراعة أكثر من 300 شجرة بجوار المسجد النبوي
  • عبد الرحيم علي يعزي الزميل عبد الرحمن البشاري في وفاة عمه
  • إضاءات المسجد النبوي فنّ من فنون العمارة الإسلامية
  • أيها المسلمون تذكروا واذكروا أنكم ستقفون بين يدي الله
  • القدس إرثنا الديني والتاريخي
  • رئيس النيابة العامة يعزي جلالة الملك في وفاة والدته للا لطيفة
  • تعرف إلى أسماء أوائل الثانوية العامة في الإمارات
  • «الإفتاء» توضح حكم زيارة قبور أولياء الله الصالحين