ألقى خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر، الدكتور حسن الصغير، رئيس أكاديمية الأزهر العالمية للتدريب، والتى دار موضوعها حول "مواسم الخيرات وفضائل الأعمال ومكانة سيناء".

وقال د. الصغير، إننا كنا في الموسم الأعظم للعبادة حيث الصيام والقيام، والقرآن والبر، والصدقات والتزاحم في المساجد، ثم انتقلنا بعد عيد الفطر المبارك إلى موسم طاعة جديد نعيش الآن أيامه وهو موسم الحج.

وبيّن خطيب الجامع الأزهر، أنه بعد انتهاء كل موسم للطاعة يرصد أهل العلم أخبار الناس لينظروا ماذا أثر موسم الطاعة فيهم، وهل تغير الحال أم لا؟ وهذا يوضح اهتمامات الناس بالعبادة والطاعة فيما يصلح أمر دينهم ودنياهم، حيث يخرجون من هذه المواسم بالتقوى التي هي مراد الله عزّ وجلَّ لهم، قال تعالي: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾.

وتابع د. حسن الصغير، بقوله: يجب شكر الله تعالى على ما أنعم علينا في رمضان من خير وفضل، فالمولي سبحانه وتعالي لم يفرض علينا عبادة إلا ولها فائدة تنعكس على السلوك والأعمال في الحياة الدنيا ويكون لها الثواب في الآخرة، قال تعالي: ﴿وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِيَعۡبُدُونِ (56) مَآ أُرِيدُ مِنۡهُم مِّن رِّزۡقٖ وَمَآ أُرِيدُ أَن يُطۡعِمُونِ (57) إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلرَّزَّاقُ ذُو ٱلۡقُوَّةِ ٱلۡمَتِينُ﴾، فالغاية التي خلق الله الجن والإنس من أجلها، وبعث جميع الرسل يدعون إليها، هي عبادته، المتضمنة لمعرفته ومحبته، والإنابة إليه والإقبال عليه، والإعراض عما سواه، وذلك يتضمن معرفة الله تعالى، فإن تمام العبادة، متوقف على المعرفة بالله، بل كلما ازداد العبد معرفة لربه، كانت عبادته أكمل، فهذا الذي خلق الله المكلفين لأجله، فما خلقهم لحاجة منه إليهم.

وأشار خطيب الجامع الأزهر، إلى أن العبد ينتقل من موسم الصيام والقيام، والطاعة والعبادة إلي عبادة أخري وهو الإستعداد لموسم الحج، فالحج فريضة عظيمة فرضت في أشهر معلومات لا رفث فيها ولا فسوق ولا جدال، فهو تجنب المعاصي عامة وتشمل كل المخالفات الدينية والدنيوية، بل هو التزود بالتقوي والعمل الصالح الذي هو من تمام الإيمان. قال تعالي: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ ۚ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ۗ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ۗ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ ۚ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ﴾.

ثم انتقل د.الصغير، للحديث عن أرض سيناء وذكرى تحريرها، والاحتفال بهذه المناسبة العظيمة، تلك البقعة المباركة التي هي كنانة الله في الأرض، والتي خطت فيها أقدام الأنبياء والمرسلين، والتي ذكرت في مواضع كثيرة من كتاب الله عزّ وجلَّ. قال تعالي: ﴿وَٱلتِّينِ وَٱلزَّيۡتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَٰذَا ٱلۡبَلَدِ ٱلۡأَمِينِ (3) لَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ فِيٓ أَحۡسَنِ تَقۡوِيمٖ﴾، وقال تعالي: ﴿وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاءَ تَنبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلْآكِلِينَ﴾، وقال أيضًا: ﴿وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَىٰ مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ﴾، فتدل هذه الآيات وتعطينا إشارة إلى بركة هذه البقعة المباركة، وأنه مهما حدث على مر العصور والأزمان فإن الله سبحانه وتعالي حافظ لها من شر المعتدين وكيد الكائدين.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: خطبة الجمعة اليوم خطيب الجامع الأزهر سيناء الجامع الأزهر موسم الحج قال تعالی

إقرأ أيضاً:

حياته كلها هبة .. خطيب المسجد النبوي: مهما علا شأن العبد يظل فقيرا

قال الشيخ عبدالباري الثبيتي، إمام وخطيب المسجد النبوي، إن كل ما اكتسبه الإنسان من علم أو قوة هو هبة من الله وعطاء من كرمه.

مهما علا شأنه

واستشهد “ الثبيتي” خلال خطبة الجمعة الثالثة من رجب اليوم من المسجد النبوي بالمدينة المنورة، بما  قال تعالى «وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۙ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ».

وأوضح أن هذه الآية تغرس في القلوب أدب العبودية، وتزرع في النفوس تواضع المخبتين، فلا يطغى الإنسان بعلمه، ولا يغتر بقوته، منوهًا بأنه ينبغي على الإنسان أن يدرك أن كل ذرة من قوته وكل حركة في جسده هي نعمة تستوجب شكرًا دائمًا وخضوعًا كاملًا.

وأضاف أن العبد مهما علا شأنه، يظل فقيرًا إلى ربه، محتاجًا إلى فضله في كل لحظة حياته كلها هبة من الله، تستحق الحمد في كل حين، فما أعظم غنى الله، وما أبلغ فقر العبد بين يديه.

وأشار إلى أن قول الله تعالى: «اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ»، يختصر مسار الحياة في كلمات بليغة ومعان عميقة.

وتابع: ترسم صورة لمراحل خلق الإنسان  تبدأ بضعف الطفولة تعلو بالقوة، ثم تعود إلى ضعف يزينه الشيب، فهي  آية توقظ العقول لتدرك عجز الإنسان، وتلامس القلوب لتظهر حاجته الدائمة إلى ربه.

كل شيء بيده

وأفاد بأن هذه الآية هي دعوة للتفكر في أطوار الخلق، وفي تقلب الأحوال بين القوة والضعف،  وفي قدرة الله المطلقة التي تدبر هذا المسار بحكمة وإتقان. كل شيء بيده، منه المبتدأ وإليه المنتهى، مشيرًا إلى أن الطفولة هي الصفحة الأولى في كتاب الحياة، تبدأ ببراءة ناصعة وضعف يحفه لطف الله ورحمته،  طفل صغير لا يملك من أمره شيئًا،.

وأردف: أودع الله في قلوب من حوله حبًا وحنانًا، وأحاطه بأيد ترعاه وتخفف عنه ضعفه، و هذه الآية مشهد مهيب يبين عظمة التدبير الإلهي، إذ يحفظ الله هذا الطفل الضعيف، ويمنحه العون من حيث لا يدري.

وبين مراحل نمو الإنسان من خروجه ظلمات بطن أمه لا علم له ولا قدرة، في عجز تام جهل مطبق، ثم فتح الله له أبواب العلم، ووهب له السمع والبصر والفؤاد لينهل بها من معين التعلم والمعرفة، وهذه المرحلة تكتب فيها أعظم قصص الكفاح، وتُبنى أقوى صروح الحضارة.

ونبه إلى أنه لا تقوم قائمة للأوطان ولا تنهض أمة إلا بسواعد الشباب اليافعة وهممهم العالية، مشيرًا إلى أن قوة الشباب تزدهر حين تتفيأ ظلال الدين، وتسمو حين تتغذى من معين القيم والأخلاق، وتتجلى في سماء المجد حين تسخر لخدمة البلاد و العباد.

وحذر ، قائلاً: من أهدر شبابه فقد أهدر عمره كله، فهو لحظة عابرة في زمن الحياة، ومن استثمره في الخير والنفع خلد أثرًا طيبًا، وجنى ثمارًا يانعة في الدنيا والآخرة، منوهًا بأن حدود زمن الطفولة والقوة ثم الضعف والشيبة هي متوسط عمر الإنسان.

واستشهد بما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين وأقلهم من يجوز ذلك»، لافتًا إلى أنها رحلة قصيرة في ميزان الزمن، لكنها تذكر بالمآل المحتوم وأن النهاية تقترب مع كل لحظة تمر، داعيًا لاغتنام كل لحظة من العمر، فالعمر محدود، والفرصة لا تعود والأعمار لا تقاس بعدد السنين، بل بما يترك فيها من أثر خالد وعمل صالح.

مقالات مشابهة

  • يسري جبر: يد سيدنا النبي مباركة ومحققة لإرادة الله
  • «الشيخ يسري جبر»: يد سيدنا النبي مباركة ومحققة لإرادة الله
  • لماذا يصاب المسلم بالسحر والحسد؟ خطيب المسجد الحرام: لـ3 أسباب
  • حياته كلها هبة .. خطيب المسجد النبوي: مهما علا شأن العبد يظل فقيرا
  • خطيب المسجد النبوي: يزداد التعظيم لحرمات الله بالأشهر الحرم
  • خطيب المسجد الحرام: التحصن والتحصين أهم ما يحتاجه الناس بهذا الزمان
  • خطيب الجامع الأزهر: ما يتعرض له الأبرياء هو ابتلاء والنصر للمؤمنين
  • اليمنيون يحتفلون بعيد جمعة رجب.. ذكرى دخولهم الإسلام أفواجاً
  • الجامع الأزهر يناقش الدروس المستفادة من الهجرة إلى الحبشة
  • جناح الأزهر بمعرض الكتاب يقدم لزوَّاره من محبي العربية رسائل الجوهري الصغير