كواليس وأسرار محاولات تجنيد إسرائيل لـ مصطفى الفقي.. كيف تعامل معها؟
تاريخ النشر: 26th, April 2024 GMT
تعرض الكاتب والمفكر الدكتور مصطفى الفقي لمحاولة تجنيد من جانب إسرائيل، في فترة من الفترات، وبالتحديد فترة عمله في السفارة المصرية بالمملكة المتحدة، وهو ما كشفه الفقي في كتابه "ذكريات د. مصطفى الفقي" الصادر عن دار سما للنشر والتوزيع من تحرير الكاتب السيد الحراني.
أول محاولات تجنيد إسرائيل لمصطفى الفقي
ويقول الفقي عن محاولة تجنيده من قبل الكيان الصهيوني أو بالتحديد من قبل بعض الإسرائيليين: " ما أكثر الشخصيات المهمة التي شاهدتها في هذا المكان الذي كان يعتبر ملتقى للمصريين والعرب يقصد به السفارة المصرية في أمريكا، حيث كان مقرا للسفارة السورية قبل الوحدة، وعندما جرت مقايضة المباني بعد الانفصال أصبح ذلك هو مقر القنصلية المصرية العامة في لندن»، ومن النوادر التي لا أنساها أيضًا أن الخارجية المصرية أرسلت إلينا تلفت النظر إلى دخول أعداد من اليهود الذين يعيشون في «إسرائيل» بجوازات سفر أوروبية وأمريكية، وطلب الأمن مراعاة ذلك عند منح تأشيرات الدخول لهم، فقمت في عفوية ومع قلة خبرة ابن السابعة والعشرين بإعداد استمارات جديدة لطلب التأشيرة المصرية وأضفت إليها - خانة للسؤال عن الديانة، ولسوء حظي أن القنصل العام والقنصل لم يكونا موجودين فكنت أنا رئيس البعثة بالإنابة وأمرت بوضع الاستمارات الجديدة لطالبي التأشيرة، وما هي إلا ساعات قليلة حتى وجدت السفير المصري يستدعيني على عجل قائلا: « الخارجية البريطانية احتجت رسميًا على وجود سؤال غير مألوف عن الديانة باعتبارها مسألة شخصية لا يجوز السؤال عنها فذلك ضد الأعراف البريطانية»، وطلب مسئول الخارجية سحب تلك الاستمارات على الفور وفعلت ذلك، وتعلمت منذ ذلك الحين كيف تلمس معرفة ديانة شخص عند اللزوم دون سؤال مباشر لأن فيه معنى الإقصاء أحيانًا والاستبعاد أحيانا أخرى".
وتابع: "لم أنس ما حييت أنني كنت أتصفح صحيفة بريطانية، خاصة باليهود الإنجليز، فوجدت في الصفحة الأولى اسمي تحت عنوان «القنصل المصري» يمهد لاتصالات بين اتحاد الطلاب الإسرائيلي واتحاد الطلاب العرب في العاصمة البريطانية وذكروني بالاسم في الخبر، فشعرت بحالة من الذعر لأن مثل تلك الأخبار لو صحت كان يمكن أن تودي بمستقبل كله، وقد تتبع أمن السفارة الخبر ليعرف أن شخصًا قد جاء إلى القنصلية- يبدو إنجليزيا عاديًا- وقابلني على عجل وطلب مني عنوان الملحق الثقافي فأعطيته له بحسن نية متصورًا أنه يريد الحصول على بعض الوثائق أو زيارة المكتبة، فإذا به يقوم بعملية فبركة لذلك الخبر في وقت كانت فيه إسرائيل تلهث من أجل التطبيع على أي مستوى، ولولا أن الأجهزة المصرية كانت تعرف توجهاتي الحقيقية وموقفي الثابت من إسرائيل لكان رد الفعل مختلفا".
محاولة تجنيد إسرائيل لمصطفى الفقي في الطائرة
وأكمل: "أتذكر موقفا مشابها عندما كنت حامل حقيبة دبلوماسية في شرق أفريقيا عام 1970، وبينما أنا في الطائرة من دار السلام إلى بيروبي جاءتني المضيفة قائلة: ابن عمك على ذات الطائرة يرسل لك هذه التفاحة ومعها كارت باسمه ووظيفته كمستشار للسفارة الإسرائيلية في دار السلام، وكدت أقفز من الطائرة رعبا، فلقد كانت لدينا مخاوف ومحاذير في ذلك الوقت تصور لنا أن الإسرائيلي رجل بأربع عيون وست آذان، وأن مجرد النظر إليه جريمة قومية".
محاولة تجنيد إسرائيل لمصطفى الفقي في لندن
وكشف الفقي عن محاولة ثالثة بدأت بتهشيم زجاج سيارته قائلا: " إذا صدقت رؤيتي، فإن سيارة قد اصدمت بسيارتي أما ملعب الكريكيت، المواجه لباب البناية التي نسكنها، لكن لن أستطيع النزول للتحقق من الأمر في هذا الجو العاصف والصباح رباح كما يقولون، وعندما ذهبت لأستقل سيارتي، في صباح اليوم التالي، وجدت فانوس الإضاءة الأيسر الأمامي مهشما، مع بعض خبطات ورضوض الجسم السيارة الباسات - وكانت موديلاً جديدًا في ذلك الوقت - ووجدت بطاقة ملفوفة في ورقة بلاستيكية، وقد وضعت تحت إحدى مساحتي الزجاج الأمامي للسيارة، يقول صاحبها - وتوقيعه هو مستر ميللر - أنه قد اصطدم نتيجة خطأ منه وانحراف مفاجئ بسبب الأعاصير والأمطار بسيارتي، وهو يعتذر عن ذلك بشدة، ويطلب الاتصال به في الرقم الموجود في البطاقة حتى يدفع تكاليف إصلاح تلفيات السيارة.
ذهبت بالفعل إلى سفارتنا في لندن حيث عملي، وأجريت اتصالاً بصاحب الرقم، فقال لي إنه على استعداد لكل شيء مطلوب، وإنه يقترح أن يأتي إلي في مكتبي لتناول القهوة، ودفع المبلغ المطلوب لإصلاح السيارة، التي أصابها هو بتلفيات في الليلة الماضية.. وبالفعل جاء إلى مكتبي فوجدته إنجليزيا ذا لحية، يعتذر بشدة عما حدث، وسألني عن التلفيات فقدرناها معًا بأربعمائة جنيه إسترليني - وقد كان ذلك مبلغا كبيرًا يتجاوز مرتب شهر كامل لي - فأخذت منه شيئًا بالمبلغ، وانصرف شاكرًا طالبًا أن نكون أصدقاء.. خالجني الشك في أن يكون «مثليا» يتطلع إلى علاقة مع شاب شرق أوسطي ولكنني حاولت طرد ذلك الخاطر من ذهني؛ لأن وضعي ووظيفتي لا يشجعان على التفكير في شيء من ذلك، وظل يتردد علي مرتين أو ثلاثا، ويعرض علي دعوة إلى الغذاء.. وفي كل مرة كنت أعتذر برقة، ولكنني أتساءل فيما بيني وبين نفسي عن دافع لك الشاب البريطاني، من هذه المعاملة المتعمدة وغير المفهومة أو المبررة استشرت زميلي الكبير الوزير مفوض، «جمال سعيد» ضابط اتصال المخابرات العامة بالسفارة، وشرحت له ما جرى؛ فاقترح علي أن يكون اللقاء القادم ثلاثيا يحضره هو معنا، وبالفعل حددت للصديق البريطاني الجديد موعدًا في أحد المطاعم القريبة من السفارة؛ حيث فوجئ بوجود زميلي الوزير المفوض، ممثل المخابرات المصرية معي، وكنت في ذلك الوقت مجرد سكرتير ثان بالسفارة ذاتها، وجلسنا نتحدث على الطعام قرابة ساعتين، والوزير المفوض جمال سعيد يسأله في موضوعات مختلفة ويفتح حوارًا طويلا، بعد نهاية الغداء والعودة للسفارة، انتحى بي زميلي الكبير، وقال لي: إن هذه محاولة تجنيد واضحة، لأن الشاب البريطاني يعمل لجهة أجنبية".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: مصطفى الفقي إسرائيل الكيان الصهيونى خطة التجنيد جاسوس تجنید إسرائیل
إقرأ أيضاً:
محمد مصطفى أبو شامة: إسرائيل تحاول إيجاد مبررات للتواجد في لبنان
أكد الكاتب الصحفي والمحلل السياسي محمد مصطفى أبو شامة، مدير المنتدى الاستراتيجي للفكر والحوار، أن إسرائيل تواجه خيارين في لبنان؛ إما الشكوك حول تحقيق أهدافها العسكرية في الجنوب اللبناني، أو الضغوط الدولية والإقليمية التي تدفعها للانسحاب، موضحًا أن إثارة إسرائيل لمسألة النقاط الحدودية الخمس تشير إلى محاولتها إيجاد مبررات وسبل تفاوضية للبقاء في الجنوب اللبناني.
وأضاف «أبو شامة»، خلال مداخلة ببرنامج «مطروح للنقاش» مع الإعلامية مارينا المصري عبر شاشة «القاهرة الإخبارية»، أن إسرائيل تخشى عودة حزب الله لممارسة دوره كمقاومة ضد الاحتلال، لافتًا إلى أن مدى نجاح الضغوط الأمريكية والأوروبية والعربية هو العامل الحاسم في إجبار إسرائيل على الانسحاب الكامل.
وأشار إلى أن مصر تلعب دورًا مهمًا ضمن السياق العربي الهادف لنقل لبنان إلى مرحلة جديدة من الاستقرار، مؤكدًا أن تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة وانتهاء الشغور السياسي يعدان خطوة إيجابية لتحقيق الاستقرار في البلاد.
كما شدد على أن إسرائيل لديها تاريخ من المماطلة والتراجع عن الاتفاقات في اللحظات الأخيرة، محذرًا من سعيها لإعادة التفاوض لتحقيق مكاسب إضافية، مؤكدًا أن إسرائيل ترغب في استمرار وجودها بالجنوب اللبناني لمنع أي تهديد مستقبلي لأمنها.