إيران.. الاشتباك مع إسرائيل في سوريا أفضل
تاريخ النشر: 26th, April 2024 GMT
من غير المتوقع أن تعيد إيران إنتاج ليلة مثل ليلة 14 نيسان/ أبريل، بعيدا عن الحديث عن توازنات القوى وإعادة ترميم قواعد الردع، ذلك أن أي هجوم بحجم الذي شنته إيران، في الليلة المذكورة، يحتاج إلى ترتيبات غير قابلة للإنتاج مرة أخرى، من نوع تشغيل الخط الساخن مع واشنطن، الطرف الأهم في تلك الليلة والذي أدار اللعبة بمهارة عالية وضبط الأوضاع عند مستوى معين من الرد والرد المعاكس.
بالأصل، هذا النوع من الرد كان من خارج صندوق الأدوات الإيرانية في إدارة صراعها مع إسرائيل، وكان خيارا إكراهيا لجأت إليه ايران بعد تراجع صورتها وهيبتها كقوة إقليمية تطرح نفسها لاعبا وفاعلا وسط صراعات المنطقة، إذ طالما اعتمد العقل الاستراتيجي الإيراني على أدوات أخرى من نوع حرب الوكلاء أو القيام بعمليات خفية، والهدف كان مقصودا؛ عدم الرغبة في دخول صراع تميل كفة موازين القوى فيه لصالح إسرائيل، التي تمتلك تكنولوجيا وخدمات لوجستية وقدرات عسكرية تفوق أضعاف ما تملكه طهران، التي أسست قوتها على أساس الاعتماد على الأذرع الخارجية، وباتباع استراتيجية القتال بعيدا عن طهران، وبالتالي فإن استثماراتها في المجال العسكري تركزت في أغلبها حول إنتاج الأدوات التي تخدم هذه الاستراتيجية.
لكن، بالمقابل، إسرائيل نفسها فهمت اللعبة، واكتشفت بعد الليلة الإيرانية أن لقوتها حدودا، وأن أولوياتها تستدعي الانتصار على سكان غزة بالدرجة الأولى، وبالتالي لا داعي لتوسيع الصراع، وحصره ضمن المدى الذي يخدم هدفها في غزة، ذلك إذا كان الطرف الآخر، إيران، سيكون الخيار الأفضل لكليهما عودة اللعب في الساحة السورية، هناك حيث المخاطر منخفضة بالنسبة لإسرائيل، شريطة الا تكرر خطأ ضربة القنصلية، باستثناء ذلك، لا شيء سيستدعي ردا إيرانيا، والسبب أن ايران، التي تسيطر على كامل الجغرافيا السورية، أسست سلسلة من المواقع والقواعد مشغولة بالأصل بامتصاص الضربات الإسرائيلية وإشغال إسرائيل عن العمق الإيراني وعن حزب الله في لبنانأقل منها على المستوى التكنولوجي والتسليحي، فإن قوتها على مواجهته شابها أعطاب وإشكاليات كبيرة. ورغم أن التقديرات أكدت أن 84 في المئة من المسيرات والصواريخ الإيرانية تم اعتراضها قبل وصولها لأهدافها، فذلك لأن أمريكا وبريطانيا وفرنسا أمّنت شبكة حماية لإسرائيل عبر اعتراضها للأسلحة الإيرانية وبتكلفة مرتفعة جدا، ولولاها لكانت خسائر إسرائيل جسيمة ولن تفيدها لا القبة الحديدية ولا أسطورة تفوقها على جميع قوى المنطقة.
يمكن اعتبار ليلة 14 نيسان/ أبريل بمثابة اختبار مهما لإسرائيل وإيران، استطاع كل طرف إعداد تقييم موقف جديد بناء على الرمايات الميدانية، ومن المرجح أنه وحتى لو أراد الطرفان إعادة اللعب على حافة الهاوية، فإن الأمر سيستغرق وقتا لتلافي الإشكاليات التي حصلت لدى الطرفين وإجراء الترتيبات المناسبة لفعل ذلك.
في ظل هذا الوضع، سيكون الخيار الأفضل لكليهما عودة اللعب في الساحة السورية، هناك حيث المخاطر منخفضة بالنسبة لإسرائيل، شريطة الا تكرر خطأ ضربة القنصلية، باستثناء ذلك، لا شيء سيستدعي ردا إيرانيا، والسبب أن ايران، التي تسيطر على كامل الجغرافيا السورية، أسست سلسلة من المواقع والقواعد مشغولة بالأصل بامتصاص الضربات الإسرائيلية وإشغال إسرائيل عن العمق الإيراني وعن حزب الله في لبنان. وفي رأي إيران فإن الساحة السورية أفضل مكان لاستنزاف قوُة إسرائيل، ما دامت الحرب باتت تُحسب بحجم ما تمتلكه المخازن من الأسلحة، كما أن خسائر إيران في الساحة السورية تبقى محتملة إلى حد بعيد، ذلك أن غالبية المستهدفين منها هم من مليشيات عراقية وأفغانية وسورية، وهؤلاء انخرطوا أصلا في المشروع الإيراني ليكونوا وقودا لمثل هذه اللحظات.
المنكوبة بكل شيء وقليلة الحظ، يتم تفضيلها فقط كساحة منازلة لامتصاص قوة قوتين إقليميتين؟ وهذا يعني زيادة منسوب الدمار، وتحويلها إلى بلاد طاردة لما تبقى من شعبها، وتعقيد أي إمكانية للتعافي ولأم الجرح الغائر في جسدها، وذلك فداء لشوارع طهران وتل أبيب والحفاظ على اناقتهما وهدوءهما
كما أن المخاطر على إسرائيل والمتأتية من استهدافها للساحة السورية، بالإضافة إلى محدوديتها حيث لا يتجاوز الرد عليها إطلاق بعض المقذوفات باتجاه مناطق فارغة، فهي معلومة السقوف، إذ لا إيران من مصلحتها المغامرة بالساحة السورية التي تعتبرها جوهرة مناطق نفوذها في المشرق العربي، ولا روسيا مستعدة للدخول في حرب مع إسرائيل من أجل حماية المواقع الإيرانية، ولا بشار الأسد بالطبع سيهتم بالرد على إسرائيل طالما أنه يعتبر أن العدو في الداخل.
هل من المفارقة أن سوريا المنكوبة بكل شيء وقليلة الحظ، يتم تفضيلها فقط كساحة منازلة لامتصاص قوة قوتين إقليميتين؟ وهذا يعني زيادة منسوب الدمار، وتحويلها إلى بلاد طاردة لما تبقى من شعبها، وتعقيد أي إمكانية للتعافي ولأم الجرح الغائر في جسدها، وذلك فداء لشوارع طهران وتل أبيب والحفاظ على اناقتهما وهدوءهما. والمفارقة أن حاكم دمشق يتسلى بلعب الحبلة والتسكع مع عائلته في أحياء دمشق القديمة، ويطلق الدعابات استهزاء بحكام أوروبا الجهلة، ويعتبر رئيس أوكرانيا مهرجا، لكن كما يقول المثل المصري: "إنت خليت فيها مهرجين"؟
twitter.com/ghazidahman1
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه إيران إسرائيل سوريا إيران سوريا إسرائيل هجمات مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
طيارون أمريكيون يكشفون تفاصيل ليلة هجوم إيران على إسرائيل
كشفت شبكة "سي إن إن" الأمريكية نقلًا عن طيارين وطواقم أمريكية تفاصيل جديدة عن مشاركتهم في صد الهجوم الصاروخي الأول الذي شنته إيران في 13 أبريل (نيسان) الماضي على إسرائيل، عندما أطلقت أكثر من 300 طائرة مسيرة وصواريخ باليستية وصواريخ كروز، في ضربة أكبر بكثير مما توقعه الجيش الأمريكي.
وقال الطيارون إن ليلة الهجوم "كانت مرهقة وبمثابة أول اختبار حقيقي لقواتنا"، وأضافوا أن "الوضع في إحدى قواعدنا بالمنطقة كان فوضوياً"، وفق "سي إن إن".
وعندما أقلع الطيار الرائد بينجامين كوفي الملقب بـ"إيرش"، بطائرته المقاتلة "أف-15″، في إحدى الليالي من الربيع الماضي، لم يكن يتوقع نفاد الصواريخ أثناء تصديه للهجوم الإيراني الضخم ضد إسرائيل.
وتلقى كوفي وزميلته في الطاقم، ضابطة أنظمة الأسلحة النقيب لاسي هيستر الملقبة بـ "سونيك"، تعليمات باستخدام كل الأسلحة المتاحة لصد الهجوم.
وفي مقابلة مع الشبكة الأمريكية هي الأولى منذ تلك الليلة، وصف كل من هيستر وكوفي كيف طاراً قرب إحدى الطائرات الإيرانية المسيرة، على ارتفاع أقل بكثير من الحد الأدنى الآمن لمقاتلة "إف-15″، واستخدما المدفع، وهي مناورة شديدة الخطورة في ظلام تام ضد هدف بالكاد يمكن رؤيته. لكنهما أخطآ الهدف.
وقال كوفي "تشعر وكأن الأرض تندفع نحوك وتشعر بنفسك تقترب أكثر فأكثر من الأرض. الخطر كان كبيراً جداً بحيث لا يمكن المحاولة مرة أخرى".
وفي النهاية، نجحت القوات الأمريكية في الجو وفي البحر، بما في ذلك هيستر وكوفي، في اعتراض 70 طائرة مسيرة و3 صواريخ باليستية تلك الليلة. وتم إحباط الهجوم بشكل كبير.
ولكن الطيارين والضباط الفنيين وأطقم الأرض الذين شاركوا في العملية وصفوا شعورهم بالإرهاق في بعض الأحيان أثناء تصديهم لهذا الهجوم الإيراني الشامل، الذي كان أول اختبار حقيقي للقوات الجوية الأمريكية ضد هجوم واسع النطاق ومستمر باستخدام الطائرات المسيرة، وظل المقاتلون في الجو لساعات طوال تلك الليلة.
US fighter pilots tell @NatashaBertrand how they fought an overwhelming Iranian drone swarm in total darknesshttps://t.co/TaLFGpCbVR
— CNN NationalSecurity (@NatSecCNN) November 15, 2024 أجواء فوضويةكانت الأجواء في قاعدة عسكرية أمريكية غير معلنة في الشرق الأوسط مماثلة في الفوضى، حيث أسقطت الدفاعات الجوية للقاعدة صواريخ وطائرات مسيرة إيرانية كانت تحلق فوقها، وتم نقل القوات إلى الملاجئ.
كان أفراد القوات الجوية ينتظرون ويستعدون للهجوم الإيراني المتوقع. وقالت هيستر "عندما تلقينا الإيجاز الخاص بالطيران تلك الليلة، لم تكن لدينا فكرة بعد. كان يمكن أن يكون الأمر مجرد دورية عادية، مجرد طلعة أخرى في دائرة انتظار، بانتظار حدوث شيء ما".
وعندما حاول الطيارون الهبوط في القاعدة، شاهدوا انفجارات في السماء واتصلوا بالرائد "كلايتون ويكس"، الملقب بـ"رايفل"، وهو طيار مقاتلة "إف-15" الذي كان يدير عمليات الطائرات على الأرض في ذلك الوقت. ورد ويكس بالطلب منهم البقاء في الجو لأطول فترة ممكنة، باستخدام الوقود المتوفر لديهم.
وقال "لا تغيروا وجهتكم، لأن حتى مدارج الهبوط البديلة لا نعلم ما يجري هناك أيضاً، لذا إذا كانت الانفجارات تحدث فوق رؤوسنا، فمن المحتمل جدا أنها تحدث هناك أيضاً".
ونُصح الجنود على الأرض بالتوجه إلى الملاجئ، لكن كثيرين منهم لم يفعلوا ذلك، وبدلًا من ذلك ظلوا يركزون على إعادة الطائرات إلى الجو لمواصلة المعركة.
ومن جهته، قال المقدم الطيار تيموثي كوزي، إن طياري المقاتلات لم يكن لديهم وقت كافٍ للتدرب قبل ذلك.
وأضاف كوزي: "الطائرات المسيرة الهجومية تمثل تكلفة منخفضة ومخاطرة منخفضة بالنسبة للعدو لاستخدامها. يمكنهم إرسال كميات هائلة منها، وعلينا التصدي لها لحماية المدنيين وحماية حلفائنا. لم نكن قد بدأنا التدرب على نطاق واسع بعد".
وحصل العديد من طياري مقاتلات "إف-15" وأطقم الجو والأرض الذين شاركوا في العملية تلك الليلة على جوائز هذا الأسبوع تقديراً لشجاعتهم، حيث تم منح "هيستر" و"كوفي" وسام النجمة الفضية، وهو ثالث أعلى وسام عسكري للشجاعة في القتال.
كما حصل "ويكس" على وسام النجمة البرونزية، الذي يُمنح تقديراً لأعمال البطولة التي تُنفذ في القتال البري. أما "كوزي" و"كولفر" فقد حصلا على وسام الصليب الطائر المميز مع درجة الشجاعة، وهو أعلى وسام عسكري يُمنح لتحقيقات جوية استثنائية.
ويشار إلى أن إيران شنت أول هجوم عسكري مباشر في تاريخها على إسرائيل يوم 13 أبريل (نيسان) 2024، وأطلقت عليه اسم "الوعد الصادق".
وأعلنت على تلفزيونها الرسمي إطلاق مسيرات وصواريخ باليستية من أراضيها باتجاه إسرائيل، وقالت إنه رد على استهداف إسرائيل القنصلية الإيرانية في دمشق، وقتل عدد من القادة العسكريين في الأول من أبريل (نيسان) 2024.
وأعلنت إسرائيل أنها صدت 99% من الصواريخ والمسيرات الإيرانية، في حين أكد التلفزيون الإيراني إصابة نصف هذه الصواريخ والمسيرات الأهداف التي أُطلقت لأجلها.