قال مؤرخ إسرائيلي في مقال بمجلة "فورين أفيرز" إن الإسرائيليين يعتبرون يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 أسوأ يوم في تاريخ دولتهم، وشبهوه بالمحرقة، لما حدث فيه من هجوم عسكري غير مسبوق، وبنفس المنطق يعد الفلسطينيون الحرب الإسرائيلية على غزة، أسوأ حدث شهدوه منذ النكبة، إذ لم يسبق أن استشهد منهم هذا العدد الكبير، والذي تجاوز 34 ألفا.

وأكد المؤرخ توم سيغيف أن الفلسطينيين يعتبرون الهجوم الإسرائيلي جزءا من خطة كبرى لاحتلال جميع الأراضي الفلسطينية، وحملهم على التخلي عن غزة بالكامل، وهي الفكرة التي أثارها في الواقع بعض أعضاء حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ"تصدير المهاجرين"list 2 of 4اختبار صعب للإعلام.. محاكمات ستنطلق ضد إسرائيل في كل مكان بالعالمlist 3 of 4جيروزاليم بوست تحرض الجامعات الأميركية على الطلاب المناصرين لفلسطينlist 4 of 4فورين بوليسي: هل تعاقب واشنطن قوات الدعم السريع السودانية؟end of list

وتابع بأنه منذ أن بدأ الصهاينة الأوائل تصور وطن لليهود في فلسطين في أواخر القرن الـ19، أدرك زعماؤهم ونظراؤهم العرب أن التوصل إلى تسوية بينهم أمر مستحيل، ولذلك ظل ديفيد بن غوريون -أول رئيس وزراء لإسرائيل- يكرر أنه لا يمكن أن يكون هناك سلام في فلسطين، وأعلن أنه "لا يوجد حل لهذا المشكل. هناك هوة بيننا، ولا شيء يمكن أن يملأ تلك الهوة"، وخلص إلى أن الممكن هو إدارة الصراع بدلا من حله.

وفي الأشهر التي تلت هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول، اتهم نتنياهو بمحاولة إدارة الصراع بدلا من إنهائه، وبأن خطأه الفادح لم يكن محاولته إدارة الصراع، بل كونه فعل ذلك على نحو يفتقر إلى الكفاءة، وبعواقب أكثر كارثية، لأن إدارة الصراع هي الخيار الحقيقي الوحيد المتاح لكلا الجانبين ومحاوريهم الدوليين، حسب الكاتب.

وكانت الطبيعة غير العقلانية للصراع -حسب توم سيغيف-هي السبب الرئيسي وراء عدم إمكانية حله مطلقا، إذ كان يتغذى على الدين والأساطير والأصولية العنيفة والتحيزات المسيحية، والأوهام والرموز، لا على المصالح الملموسة والإستراتيجيات المحسوبة، وبالتالي لن يتسنى لزعماء العالم التعامل مع أزمة غنية عن الأحاديث الفارغة وتتطلب تحركات عاجلة للتعامل بشكل أفضل مع الحاضر.

تصور آباء الصهيونية

واستعرض الكاتب فقرات طويلة من تاريخ الصراع والأرض والتحركات التي قام بها آباء الصهيونية ومنظروها. وتابع بأن بن غوريون كان يرى أن مستقبل اليهود في فلسطين يرتكز ببساطة على الحصول على أكبر قدر ممكن من الأراضي، إن لم يكن بالضرورة كامل المنطقة، وإسكانها بأكبر عدد ممكن من اليهود وأقل عدد ممكن من العرب.

وكثيرا ما كان بن غوريون يرفض "الحلول السهلة" التي كان ينسبها إلى بعض زملائه، مثل فكرة إمكانية تشجيع اليهود على تعلم اللغة العربية أو حتى إمكانية التعايش بين اليهود والعرب في دولة واحدة.

وفي عام 1917، حققت الحركة الصهيونية أحد أهم نجاحاتها عندما أعلن وزير الخارجية البريطاني آرثر بلفور أن المملكة المتحدة تؤيد إنشاء "وطن قومي" للشعب اليهودي في فلسطين. وكانت سياسة بلفور تلك جزءا من خطة بريطانية إستراتيجية لانتزاع الأراضي المقدسة من السيطرة العثمانية.

وأوضح المؤرخ الإسرائيلي أن بلفور هو صهيوني مسيحي مخلص، كان ملتزما بفكرة أن شعب الله يجب أن يعود إلى وطنه بعد ألفي عام من المنفى حتى يتمكنوا من تحقيق مصيرهم الكتابي، مبرزا أنه كان يتطلع إلى أن يُسجل في التاريخ باعتباره الرجل الذي جعل هذا التحول المسيحاني ممكنا.

وذكر الكاتب الإسرائيلي أن هجرة اليهود الكبيرة إلى فلسطين أدت إلى سخط عربي كبير بلغ ذروته في الثورة العربية بين 1936 و1939، التي انتفض فيها الفلسطينيون ضد الإدارة الاستعمارية البريطانية من خلال إضراب عام وثورة مسلحة.

خطة التقسيم

بعد ذلك دعا القائد الصهيوني حاييم وايزمان في مقال بـ"مجلة فورين أفيرز" عام 1942 إلى إنشاء دولة يهودية في فلسطين، وكان اقتراح وايزمان يحتوي خريطة لأرض إسرائيل بحدود توراتية تمتد إلى الضفة الشرقية لنهر الأردن، واقترح هجرة يهودية غير محدودة إلى الدولة الجديدة.

وتابع أنه بحلول منتصف الستينيات، نشأ جيل جديد من اللاجئين الفلسطينيين على إرث النكبة وحلم العودة، وأسسوا منظمة التحرير الفلسطينية، ولكن هجوم إسرائيل المفاجئ على مصر في يونيو/حزيران 1967 أدى إلى انتصار كبير للجيش الإسرائيلي، ودمر القوات الجوية المصرية على الأرض، ليحل محل الخوف الإسرائيلي الوجودي شعور بانتصار لا يمكن السيطرة عليه تقريبا.

وعلى الرغم من انتصار إسرائيل، فإن حرب 1967 عززت التوترات الأساسية التي كانت الدافع وراء الصراع العربي الإسرائيلي لفترة طويلة، إذ جددت الدول العربية رفضها الاعتراف بوجود إسرائيل، واشتد شوق الفلسطينيين إلى وطنهم المفقود، فلم تتوقف لغة السلاح أبدا.

وفي 1979، وقّعت مصر اتفاقية السلام مع إسرائيل، دون أن تطلب منها التخلي عن أي جزء من فلسطين، وبمنطق مماثل، حذا الأردن حذو مصر عام 1994.

الاحتواء أو الكارثة

وزاد المؤرخ الإسرائيلي أن نتنياهو -مثله في ذلك مثل بن غوريون وغيره من القادة الإسرائيليين- لا يعتقد أن الصراع يمكن حله، لكنه أثبت أنه أقل مهارة من أسلافه في إدارته.

وذكّر الكاتب بأن تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي حافل بخطط السلام العقيمة التي تنوعت من دولة واحدة ثنائية القومية، إلى تصور حل الدولتين التي تبدو معقولة على مر السنين، والتي قد تسمح للإسرائيليين والفلسطينيين بالتحكم في مصائرهم، وفي بعض الحالات مع شكل من أشكال الإشراف الدولي على الأماكن المقدسة المتنازع عليها في القدس.

وزاد بأنه على مدى عقود من الزمن، رعت الإدارات الأميركية المتعاقبة مثل هذه المبادرات، وجاءت "صفقة القرن"، على يد إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عام 2020، تاركة المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس الشرقية تحت سيطرة أمنية إسرائيلية كاملة.

ومع ذلك، لم يؤيدها المستوطنون اليهود، ولا يوجد سبب وجيه للاعتقاد بأن جهود إدارة الرئيس جو بايدن لوضع خطة سلام لمرحلة ما بعد غزة ستكون أكثر نجاحا منها.

ونبه الكاتب إلى أن الخلل المشترك في مبادرات السلام الدولية هذه يتلخص بالفشل في التعامل مع عجز الإسرائيليين والفلسطينيين عن تبني حل دائم.

وخلص المؤرخ الإسرائيلي توم سيغيف إلى أنه إذا كان قرن من الفشل قد أوضح أن المصالحة بين الجانبين من غير المرجح أن تتم في المستقبل المنظور، فإن الحرب على غزة كشفت عن الكارثة المروعة التي قد تترتب على سوء التعامل مع الصراع.

وأضاف أنه يتعين على الولايات المتحدة وغيرها من القوى الرائدة أن تبذل المزيد من الجهد لضمان قدرة الفلسطينيين والإسرائيليين على إيجاد حياة أكثر أمانا وتسامحا، وذلك بدلا من تضييع الجهود والأموال في بلورة خطط السلام لا تحظى بشعبية كبيرة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات ترجمات إدارة الصراع فی فلسطین بن غوریون إلى أن

إقرأ أيضاً:

قادة إسرائيل يتبادلون الاتهامات بسبب حرب غزة والإفراج عن مدير مستشفى الشفاء

ارتفعت حدة التوتر بين القيادات السياسية العسكرية في إسرائيل، حيث تبادل الوزراء وقادة الجيش وجهاز الأمن الداخلي (الشاباك) وزعيم المعارضة في الكنيست الاتهامات، حول مستقبل الحرب على قطاع غزة، وأسباب الإفراج عن مدير مجمع الشفاء الطبي الدكتور محمد أبو سلمية.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مستهل الجلسة الحكومية الأسبوعية، إن "إسرائيل ملتزمة بتحقيق أهداف الحرب على غزة كافة، وإنها لا تزال متمسكة بمقترحها بشأن التوصل لصفقة تبادل أسرى، الذي حظي بترحيب الرئيس الأميركي جو بايدن".

واتهم نتنياهو حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بأنها هي من تحول دون إبرام الصفقة، حسب تعبيره، مضيفا "بالضغط العسكري أولا ثم السياسي سنعيدهم جميع المحتجزين الأحياء والأموات".

وأردف قائلا "نحن ملتزمون بالقتال حتى نحقق جميع أهدافنا وهي القضاء على حماس، وعودة جميع المحتجزين، وضمان ألا تشكيل غزة بعد الآن تهديدا لإسرائيل، والعودة الآمنة لسكاننا في الجنوب والشمال".

بدوره، قال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش إن الحكم العسكري وحده في غزة سيتيح احتلال القطاع والسيطرة عليه ويمنع عودة حماس.

وأضاف مع كل دولة تعترف من جانب واحد بالدولة الفلسطينية سنقيم مستوطنة يهودية جديدة في الضفة الغربية.

اتهامات المعارضة

في المقابل، نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد قوله إن حكومة نتنياهو هي من عارض صفقة التبادل مع حماس والآن ستوقف الحرب دون إعادة المحتجزين.

واعتبر لبيد أن إسرائيل في أزمة والسبيل الوحيد لحلها هو إجراء انتخابات وأن الإضراب أحد الأدوات لتحقيق ذلك.

وأضاف زعيم المعارضة الإسرائيلية أن حكومة نتنياهو مجنونة وإشكالية والاحتجاج هو السبيل الوحيد لإنقاذ إسرائيل منها.

وهاجم لبيد كلا من وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير قائلا إنهما غير قادرين على إدارة حتى مكتب حكومي، على حد وصفه.

بدوره، قال زعيم حزب إسرائيل بيتنا أفيغدور ليبرمان للإذاعة العبرية، إن الحرب الجارية مع حماس وحزب الله اللبناني لا يديرها أحد، إذ لا يمكن إدارة الحرب بينما لا يتبادل رئيس الحكومة ووزير دفاعه يوآف غالانت الحديث مع بعضهما منذ شهور.

وأضاف ليبرمان أن الحرب تديرها إيران على الطرف الآخر ولا خيار أمام إسرائيل سوى مواجهتها بشكل مباشر.

ويرى ليبرمان ضرورة عزل غزة بشكل مطلق والحفاظ على حرية عمل عسكري فيها، بالإضافة إلى إعلان وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيي (الأونروا) منظمة إرهابية، على حد قوله.

مدير مستشفى الشفاء

وفي سياق متصل، تبادل وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير وجهاز الشاباك الاتهامات بسبب الإفراج عن مدير مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة، الدكتور محمد أبو سلمية، بعد أكثر من 7 أشهر من احتجازه.

وفور انتشار خبر الإفراج عن الطبيب أبو سلمية مع 50 أسيرا غزيا، قال بن غفير إن الإفراج عن مدير مستشفى الشفاء وعشرات المخربين الآخرين إهمال أمني.

واكد بن غفير أن الخلاف بينه وبين جهاز الشاباك ليس حول وجود أماكن احتجاز في السجون من عدمه، بل حول رغبة الشاباك تحسين ظروف المعتقلين الفلسطينيين أو إطلاق سراحهم.

وأضاف "لن أسمح بتحسين ظروف المعتقلين الفلسطينين بينما لدينا مختطفون جائعون في غزة"، وفق وصفه.

في أول كلماته بعد تحرره..
مدير مستشفى الشفاء د. محمد أبو سلمية: "وضع السجون مأساوي وصعب جدًا ويجب أن يكون هناك كلمة حاسمة للمقاومة والشعوب العربية من أجل حرية الأسرى". pic.twitter.com/zjaQ6elL9I

— Khaled Safi ???????? خالد صافي (@KhaledSafi) July 1, 2024

وقالت القناة 14 الإسرائيلية، إن حالة من الغضب تسود مكتب نتنياهو لأنه علم بالإفراج عن أبو سلمية من الإعلام، كما علم وزير الدفاع غلانت غالانت بالأمر بنفس الطريقة.

وأضاف مكتب نتنياهو، أن قرارات الإفراج جاءت بناءً على قرار المحكمة العليا بتقليص أعداد المعتقلين في معتقل "سديه تيمان"، وأن اختيار الأسماء يتم عبر الجهات الأمنية، مؤكدا أنه أمر بإجراء تحقيق في حادثة الإفراج عن مدير مستشفى الشفاء.

من حهته، قال جهاز الأمن العام الداخلي الإسرائيلي (شاباك) إن الإفراج عن مدير مستشفى الشفاء محمد أبو سلمية تم بسبب الاكتظاظ في السجون، مضيفا أنه حذر من ذلك لفترة طويلة.

نقلت القناة الـ12 الإسرائيلية عن مصدر أمني قوله إن المسؤول عن إطلاق سراح أبو سلمية هما شعبتا السجناء والاستخبارات بمصلحة السجون الخاضعتان لسلطة الوزير بن غفير.

في المقابل، قالت مصلحة السجون الإسرائيلية إن قرار الإفراج عن أبو سلمية صدر عن الجيش والشاباك ولم يتم بسبب الاكتظاظ بالسجون.

وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي قد اعتقل محمد أبو سلمية وعددا من الكوادر الطبية في 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، بعد اقتحام قوات الاحتلال قسم الطوارئ في المستشفى، وذلك في الشهر الثاني من العدوان على قطاع غزة.

وقبل ذلك أفاد أبو سلمية بأنه تلقى في 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 أمرا من الاحتلال بإخلاء المستشفى بعدما رفض أمرا سابقا مماثلا، إذ تم إجلاء مئات المرضى والنازحين إلى مستشفى آخر جنوبي القطاع، إضافة لنقل العشرات من الأطفال الخدج.

وقبيل اعتقال أبو سلمية، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي المستشفى ودمرت منشآته وجرفت باحاته، وعزلته تماما عن العالم بفعل انقطاع الكهرباء والإنترنت، وذلك خلال عدوانها المستمر على قطاع غزة، منذ عملية طوفان الأقصى" التي شنتها المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه على مستوطنات غلاف غزة.

مقالات مشابهة

  • إعلام إسرائيلي: إدارة بايدن تؤخر طلب تل أبيب شراء مروحيات أباتشي
  • قادة إسرائيل يتبادلون الاتهامات بسبب حرب غزة والإفراج عن مدير مستشفى الشفاء
  • مؤرخ إسرائيلي يطالب بإعلان الأردن دولة للفلسطينيين بديلا عن حل الدولتين
  • «السياسة الدولية» تناقش مرتكزات الدولة المصرية تجاه قضية فلسطين وتداعيات الصراع الإيراني - الإسرائيلي
  • فلسطين تطلب عقد اجتماع عربي طارئ لبحث مواجهة "الجرائم" الإسرائيلية
  • خطر حقيقي يهدد الوجود الاسرائيلي
  • مسؤول إسرائيلي .. ننتظر إشارة “هامة” من حماس لإبرام الصفقة معها وفقا لمقترح بايدن
  • مسؤول إسرائيلي: تل أبيب ترصد إمكانية تغير موقف حماس من مقترح صفقة الرهائن ووقف إطلاق النار في غزة
  • مؤرخ إسرائيلي يطالب بشن هجوم نووي على إيران.. العالم سيتفهم ذلك
  • مؤرخ إسرائيلي يطالب بشن هجوم نووي ضد إيران.. العالم سيتفهم ذلك