عصام الدين عباس أحمد

حينما بدأ التحضير لتطوير نظام السجل المدني السوداني الإلكتروني، وفي مرحلة الدراسات الفنية وإعداد وثيقة النظام اشتد النقاش، وبلغ أشده في شأن القبيلة بين مدرستين. مدرسة انتمي إليها، وترى أنه ليس من المعقول تدوين بيانات قبيلة السوداني في سجله الإلكتروني، ويجب عدم الاعتماد على الأمر الإداري الذي يعتبر القبيلة معرفاً أساسياً لهوية مقدم الطلب، وكانت دفوعنا تدور حول عدم قانونية ذلك الإجراء خاصة وقانون الجنسية لم يشر من قريب أو بعيد للقبيلة، كما أن التداخل القبلي الحدودي يمكن أن يكون ثغرة ينفذ من خلالها غير المستحقين، وعلى الضباط المتحرين استخدام وسائل الإثبات المعروفة لإثبات هوية مقدم الطلب، إلا أن تلك الدفوع لم تصمد أمام الرأي الآخر المسنود بارث شرطي متوارث منذ العام ١٩٥٧ قوامه وعموده الفقري هو القبيلة، وأن لا بد من إضافة حقل في بيانات السوداني يحدد إلى أي قبيلة ينتمي، وأن تحتوي استمارة الحصول على الرقم الوطني على بيانات القبيلة.

بالفعل صدرت النسخة الأولى من نظام الرقم الوطني السوداني متضمنة لبيانات القبيلة، وأصبح لزاما على أي سوداني أن يثبت انتماءه إلى قبيلة بعينها، أو يوضع ضمن تصنيفات أخرى مثل (من أصول كذا أو مواليد أو غيره.

لم تفتر همتي في اقتناص أي فرصة لإلغاء هذا الأمر المعيب وما حفزني أكثر أننا حينما أرسلنا فريقاً فنياً لتسجيل الإمام الصادق المهدي (عليه الرحمة) وحينما شرع في تعبئة استمارة البيانات استوقفته القبيلة، ورفض إكمال التسجيل احتجاجا على هذا البيان. اضطرت رئيسة الفريق الفني للاتصال بي، وتحدثت إلى السيد الإمام الذي قال لي محتجا كيف تقبلون إضافة بيان القبيلة لسجل السوداني الإلكتروني؟ وماذا سيكون موقفكم إذا تسببت سجلاتكم هذه يوما ما في إنتاج تقارير توزع السودانيين وفقا لاثنياتهم الأمر الذي سيزيد المشهد السوداني تعقيدا على تعقيده. رحم الله الإمام الصادق فكأنه كان ينظر بعين زرقاء اليمامة فما هي إلا شهور معدودة، واتصل بي هاتفيا إحدى قيادات الجهاز التنفيذي بولاية الخرطوم طالبا إحصائية سكان ولاية الخرطوم موزعة بالقبائل لتدعيم رأي في المجلس المحلي للولاية يقول إن قبيلة كذا هي صاحبة الحق الأصيل والوجود التاريخي في الخرطوم ولحسن الحظ كنا قد حصلنا على قرار إلغاء بيانات القبيلة في السجل، ونفذناه في قاعدة البيانات؛ وبالتالي اعتذرت له أن ذلك غير ممكن تقنيا.

أعود إلى رحلة إلغاء بيانات القبيلة، ففي أحد اجتماعات اللجنة العليا لمشروع السجل المدني وهو مجلس يترأسه مساعد رئيس الجمهورية يومذاك، ويضم وزراء الداخلية، الصحة، الحكم الاتحادي، العدل، الاتصالات، مدير عام الشرطة، مدير جهاز الأمن والمخابرات، نائب رئيس الجهاز القضائي، مدير المركز القومي للمعلومات، رئيس جهاز تنظيم الاتصالات، مدير السجل المدني ومدير مشروع السجل المدني. في إحدى الجلسات وعند ختامها سأل رئيس المجلس هل هناك أي قضية أخرى قبل ختام الاجتماع، وبما أنني مدير المشروع طلبت بإصرار النظر في إلغاء بيانات القبيلة من السجل الإلكتروني والإبقاء عليها فقط من بين وسائل الإثبات الأخرى. ما إن قلت ذلك حتى ضجت القاعة، وتعرضت لأسوأ تعنيف في حياتي المهنية، حتى انتابني إحساس أنهم سيوجهون لي تهمة الخيانة العظمى أو تقويض النظام الدستوري.

أواصل في حلقة أخرى كيف سارت الأمور.

الوسومعصام الدين عباس أحمد

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: السجل المدنی

إقرأ أيضاً:

الصحة: الأنظمة الإلكترونية الحديثة لتسجيل البيانات ساهمت في تسهيل متابعة الحالات

قالت الدكتورة منى خليفة، مدير عام الإدارة العامة للمبادرات بوزارة الصحة، إن مبادرة فحص وعلاج الأمراض المزمنة من أهم المبادرات التي تم إطلاقها ضمن خدمات 100 مليون صحة خلال السنوات الأخيرة.

وأضافت «خلفية»، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلاميين رامي الحلواني ولمياء حمدين، ببرنامج «هذا الصباح»، المذاع عبر شاشة قناة « إكسترا نيوز»: « تكمن أهمية المبادرة في أن الأمراض المزمنة تعتبر من أكبر التحديات التي تواجه مصر وتسبب أكبر نسب من الوفيات يصل إلى 85 % ومن هذا جاء ضرورة الفحص والاكتشاف المبكر للأمراض المزمنة.

وتابعت: «هناك خطة توسع لزيادة عدد الوحدات الصحية المنتشرة والموزعة جغرافيًا بشكل جيد على محافظات مصر»، لافتًا إلى أن مع بداية ظهور المبادرات تم الاعتماد على النظام الإلكتروني في إدخال البيانات الخاصة بالمبادرات فكل حالة تدخل إلى وحدة صحية يتم تسجيل البيانات الخاصة بها وهذا يسهل بشكل كبير للغاية متابعة الحالات.

مشددة على أن الأنظمة الإلكترونية الحديثة في تسجيل البيانات ساهمت بشكل كبير في تسهيل متابعة الحالات.

مقالات مشابهة

  • الجلاد: مصر الدولة المركزية الأقدم في التاريخ.. والهوامش مهملة في صناعة الإعلام
  • رئيس الوزراء السوداني يوجّه بإنشاء مستشفى عراقي في غزة
  • النزاهة توضح تفاصيل الحكم التمييزي بحق مدير في ديوان محافظة كركوك سابقًا
  • النزاهة توضح تفاصيل الحكم التمييزي بحق مدير في ديوان محافظة كركوك سابقاً
  • 40 شركة تصنيع أسلحة صهيونية ساهمت بقتل الفلسطينيين شاركت بمعرضين في أبوظبي
  • خلال لقائه رئيس الاقليم.. السوداني يدعو للإسراع في استئناف إنتاج وتصدير نفط كوردستان
  • مدير عام شركة «ريثيون الإمارات» لـ«الاتحاد»: 60% من قيمة عقود الدفاع والطيران تستثمر محلياً
  • ترامب يغلق قاعدة بيانات متخصصة بـسوء سلوك الشرطة
  • الصحة: الأنظمة الإلكترونية الحديثة لتسجيل البيانات ساهمت في تسهيل متابعة الحالات
  • «الصحة»: الأنظمة الإلكترونية الحديثة لتسجيل البيانات ساهمت في تسهيل متابعة الحالات