تونس – بحث الرئيس التونسي قيس سعيّد مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، امس الخميس، قضية الهجرة غير النظامية التي تؤرق أوروبا، والحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة للشهر السابع على التوالي.

جاء ذلك خلال اتصال هاتفي بين سعيد وماكرون، بحسب بيان للرئاسة التونسية لم يوضح من بادر بالاتصال.

وقالت الرئاسة التونسية إن محادثة الزعيمين تطرقت إلى “موجات الهجرة غير الشرعية (إلى أوروبا) التي تزداد تفاقما يوم بعد يوم”.

واعتبر سعيّد في هذا الخصوص أن “الذي يحصل اليوم في تونس من توافد عدد من المهاجرين غير النظاميين من جنوب الصحراء (للتوجه منها إلى أوروبا) أمر غير طبيعي”.

وأكد أنه “يجب أن تتضافر الجهود لتفكيك الشبكات الإجرامية التي تقف وراء هذه الأوضاع، وهي شبكات تتاجر بالبشر وبأعضائهم”.

وأضاف أن هذه الشبكات “تتولى إغداق الأموال على هؤلاء المهاجرين غير النظاميين الذين لم تكن تونس سببًا في فقرهم وفي بؤسهم، ولا تقبل تونس بأن يستقروا بها، وهو أمر غير مقبول فضلاً عن أنه مشبوه”.

وتشهد تونس منذ مدة تصاعدا لافتا في وتيرة الهجرة غير النظامية إلى أوروبا، خصوصا باتجاه سواحل إيطاليا، على وقع تداعيات الأزمات الاقتصادية والسياسية في البلاد ودول إفريقية أخرى لا سيما جنوب الصحراء.

وتعلن السلطات التونسية بوتيرة أسبوعية إحباط محاولات هجرة إلى سواحل أوروبا، وضبط مئات المهاجرين، من تونس أو من دول إفريقية أخرى.

وفي سبتمبر/ أيلول 2023، أعلنت المفوضية الأوروبية تخصيص مساعدات لتونس بقيمة 127 مليون يورو، تندرج ضمن بنود مذكرة التفاهم الموقعة بين تونس والاتحاد الأوروبي، جزء منها للحد من توافد المهاجرين غير النظاميين.

ووفق الرئاسة التونسية، بحث سعيّد وماكرون، خلال الاتصال الهاتفي أيضا، “حرب الإبادة التي يتعرض إليها الشعب الفلسطيني في غزة (على يد الجيش الإسرائيلي) وضرورة الوقف الفوري لهذه الحرب”.

وأشار سعيّد إلى أن “المجتمع الإنساني صار اليوم متقدما على المجتمع الدولي”، معتبرا أن “الشرعية الدولية لم تعد مشروعة بالنسبة إلى الإنسانية”، في إشارة إلى الإخفاق الدولي في وقف الحرب على غزة.

ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حربا مدمرة على غزة خلّفت عشرات آلاف الضحايا المدنيين، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين، وفق بيانات فلسطينية وأممية.

وتواصل إسرائيل الحرب رغم صدور قرار من مجلس الأمن الدولي يطالب بوقف فوري لإطلاق النار، وكذلك رغم مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب جرائم “إبادة جماعية”.

 

الأناضول

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

كلمات دلالية: الهجرة غیر

إقرأ أيضاً:

الحركة الإسلامية في الـ48.. وحرب غزة

في قلب الأراضي المحتلة عام 1948، نشأت الحركة الإسلامية كامتداد طبيعي لصحوة دينية ووطنية بين فلسطينيي الداخل، حاولت أن تُعيد صياغة الهوية الفلسطينية في ظل واقع المواطنة القسرية داخل دولة الاحتلال.

تبلورت هذه الحركة بداية في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، متأثرة بخطاب جماعة الإخوان المسلمين، لكنها سرعان ما طورت نهجها الخاص تحت قيادة الشيخ عبد الله نمر درويش، خاصة من خلال الجمع بين الدعوة الدينية والعمل الاجتماعي والخيري.

كان عام 1996 لحظة الانقسام الكبير داخل الحركة، فانشطرت إلى جناحين، حدث هذا على وقع اصطدام الحركة بالإجابة عن سؤال: هل تُشارك في الكنيست الإسرائيلي أم لا؟:

• الجناح الجنوبي (البراغماتي): اختار دخول الكنيست والعمل من داخل النظام الإسرائيلي، وركّز على المطالب المدنية والميزانيات وتحسين الخدمات للعرب، على رأسه اليوم منصور عباس.

• الجناح الشمالي (المبادئي): تمسّك برفض المشاركة في مؤسسات دولة الاحتلال، واعتمد خطابا يربط بين النضال الوطني والهوية الإسلامية، خاصة في ملف القدس والمسجد الأقصى، وكان من أبرز رموزه الشيخ رائد صلاح.

بقي هذا الانقسام يُعمّق التباين في الرؤى والأدوار، إلى أن قامت حكومة الاحتلال بحظر الجناح الشمالي عام 2015، واعتبرته "منظمة غير قانونية"، مما جرد هذا التيار من قدرته التنظيمية والإعلامية.

اليوم، ومع تصاعد الجرائم في غزة وتفجر الاستيطان في الضفة، يُعاد طرح السؤال نفسه بشكل أكثر إلحاحا: أين تقف هذه الحركة الآن؟لكن الأهم: ماذا يفكر الشباب؟ وماذا يريدون أن يصنعوا؟

الحركة الإسلامية بين مبادئية مخنوقة وواقعية مراوغة

أمام مشهد الدم والتهجير في غزة والضفة، تظهر مفارقة صارخة في مواقف الحركة الإسلامية داخل الخط الأخضر.

• الجناح الشمالي ما يزال، رغم الحظر، محافظا على خطابه المناهض للاحتلال، ويُدين بوضوح الجرائم، لكنه فاقد للفاعلية بسبب التضييق والملاحقة الأمنية وربما بسبب ضعف الإرادة والقدرة على التحدي.

• أما الجناح الجنوبي، وبعد دخوله الحكومة الإسرائيلية عام 2021، فقد غابت مواقفه الحاسمة، ومال إلى الصمت أو التبرير، ما أفقده شعبيته، خاصة في الأوساط الشبابية.

النتيجة؟ حركة تبدو مشتتة بين جناحٍ مكمّم وجناحٍ مُهادِن، وكلاهما عاجز عن أن يكون تعبيرا صادقا عن النبض الشعبي المتفاعل مع مآسي الشعب الفلسطيني في كل الجغرافيا.

لماذا لا يعرف العرب كثيرا عن "الداخل الفلسطيني"؟

رغم أن شعوب الأمة العربية والإسلامية تعرف عن غزة كل تفصيل، وتتابع أخبار الضفة الغربية منذ عقود، إلا أن الداخل الفلسطيني -أو ما يُعرف بأراضي 48- بقي في الظل، خارج دوائر الاهتمام الشعبي والإعلامي وحتى النضالي في كثير من الأحيان.

هذا الغياب لم يكن صدفة، بل نتيجة لتراكمات متعددة:

فالانخراط القسري لعرب الداخل في منظومة المواطنة الإسرائيلية جعلهم في نظر الكثيرين "خارج معادلة الاحتلال المباشر"، ما حرمهم من الرمزية النضالية الواضحة.

كما أن القبضة الإسرائيلية على فضائهم الإعلامي والاجتماعي حالت دون إيصال صوتهم بحرية إلى العالم العربي، في الوقت الذي كانت فيه ساحات غزة والضفة مرئية، دامية، وصاخبة بالمقاومة والقهر.

يُضاف إلى ذلك أن الأنظمة العربية -تواطؤا أو خوفا- تجنبت دعم الداخل خشية الصدام مع إسرائيل، فتركتهم في فراغ تمثيلي، حتى في الخطاب الإسلامي العابر للحدود، ظل الداخل حاضرا في المناسبات، غائبا عن الاستراتيجية.

والمحصلة أن الوعي العربي تشكّل برواية ناقصة، عزلت الداخل عن قلب القضية، رغم أن فلسطينيي 48 هم من يواجهون يوميا سياسات الأسرلة والتهويد والاستيطان ضمن قلب الدولة العبرية ذاتها.

إن إعادة الاعتبار للداخل الفلسطيني ليست مسألة معرفة فقط، بل مسؤولية وعي ومقاومة، لأن تحرير الرواية مقدمة لتحرير الأرض والإنسان.

الجيل الجديد: بين الحُلم بالخلاص ورفض الترويض

الجيل الفلسطيني الشاب داخل أراضي 48 لم يعد مقتنعا بهذه المعادلة. هؤلاء لا يرون أنفسهم في خطابات الخضوع، ولا ينتظرون منابر قد أُطفئت، بل ينحازون تلقائيا إلى من يقف مع غزة، ومع الأقصى، ومع كل وجه فلسطيني مكلوم.

إنهم يرفضون التعايش المفروض، ويُصغون إلى أنين الخليل، ويرون في الشيخ جراح قضيتهم كما النقب والجليل. لا يثقون بالكنيست، ولا بمن يتحدث عن "تحسين ظروف الحياة" في حضرة الموت، بل ويبحثون عن بديل، صوت، منصة، حركة تشبههم.

ما الجديد الذي يمكن أن يقدمه هذا الجيل؟

• خطاب تحرري إسلامي وطني جامع، يربط الداخل بكامل الجغرافيا الفلسطينية دون انفصام.

• تنظيم غير تقليدي، لا زعامة فيه ولا بيروقراطية، بل قيادة جماعية ولا مركزية.

• منصات مستقلة إعلامية ومجتمعية تعبّر عن الهوية وتقود الفعل.

• توظيف أدوات العصر من وثائقيات وبودكاست وفن بصري لمخاطبة الداخل والعالم.

ما الذي قد يدفعهم للانطلاق؟

• الإحباط من الأحزاب والمؤسسات، التي لم تعد تمثلهم.

• الانتماء الوجداني المتجدد للقضية الكبرى، والتي لم تعد حكرا على الضفة أو غزة، بل تمتد إليهم.

• احتكاكهم بنماذج عالمية لحركات شبابية صنعت التغيير من الهامش.

جيل يبحث عن فعل.. ليس لهذا الجيل ما يخسره، لكنه يرى كل ما يمكن أن يُستعاد، يريد أن يفعل لا أن يُدار، أن يشارك لا أن يُستدرج، جيل يبحث عن أن يكون جزءا من التحرر، لا مجرد متلقٍ للميزانيات أو وعود "العيش المشترك".

ربما لم يُولد بعد التنظيم الذي يُشبه لكنه يلوح في الأفق. وهو، إن قرر أن يتحرك، لن يسير خلف أحد.. بل سيقود الجميع.

مقالات مشابهة

  • ترامب وماكرون يشاركان في تشييع جنازة بابا الفاتيكان.. شاهد
  • أبرزهم ترامب وماكرون.. شاهد ملوك وزعماء العالم يودعون البابا فرنسيس
  • لوموند: إلى متى ستظل أوروبا قادرة على تجاهل ما يجري بتونس؟
  • الحركة الإسلامية في الـ48.. وحرب غزة
  • ما مستقبل العلاقات الأميركية الأوروبية بعد لقاء ترامب وميلوني؟
  • أمين عام “فلسطينيو أوروبا”: تسهيلات هجرة الفلسطينيين مفبركة ومضللة
  • قوات الأمن التونسية تستأنف حملة تفكيك خيام المهاجرين في صفاقس
  • قلق ألماني من الأحكام في قضية التآمر على أمن الدولة في تونس
  • كيف ينظر الأوروبيون إلى حقوق المهاجرين غير النظاميين؟
  • غرفة السياحة: تعليمات سعودية بشأن حاملي تأشيرات الحج غير النظامية