محمد الزواري، المدير العام لمنطقة الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا، سنوفليك:
بفضل التطورات الكبيرة في تقنيات الأتمتة والذكاء الاصطناعي وزيادة استخدامها، يشهد قطاع الاتصالات حالياً تحولاً كبيراً يعد بأن يتطور دور الاتصالات إلى ما هو أبعد من الأدوار التقليدية، لتصبح جزءاً لا يتجزأ من قطاعات مختلفة مثل النقل والرعاية الصحية التي يعتمد عليها المليارات على مستوى العالم.

توفر البيانات رؤى غنية يبشر استغلالها الصحيح بحقبة جديدة ستحول كيفية عمل قطاع الاتصالات وتساهم بتمكين شركات الاتصالات من تقديم أفضل خدمة في فئتها لعملائها والمجتمع العالمي ككل.

يرتكز تطور الاتصالات على التطورات التكنولوجية، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي والأتمتة. تعمل الأتمتة على تنفيذ المهام بصورة آلية بينما يركز الذكاء الاصطناعي على اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن تلك المهام. يشكل كل هذا حجر الزاوية في التحول الرقمي في قطاع الاتصالات، مما يعزز تجربة العملاء ويرتقي بالكفاءة التشغيلية ويدعم جهود الاستدامة.

سنستعرض فيما يلي أربع مجالات في منظومة الاتصالات سيغيرها الذكاء الاصطناعي والأتمتة بكل تأكيد، وتأثير هذه التغييرات على المجتمع ككل.

الوصول إلى الإجابات بشكل أسرع
لعلّ أبرز الفوائد الرئيسية للذكاء الاصطناعي والأتمتة في مجال الاتصالات هو تعزيز تجربة العملاء. وجد بحث تم إجراؤه مؤخراً أن 81% من العملاء يتوقعون خدمة أسرع مع تقدم التكنولوجيا، مما يؤكد التأثير الشديد للتغييرات المجتمعية والتحول التكنولوجي على توقعات العملاء وأولوياتهم وسلوكياتهم. في المستقبل القريب، سيكون لأدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي والنماذج اللغوية الكبيرة دوراً متزايداً في تلبية احتياجاتهم العملاء.

تقدم النماذج اللغوية الكبيرة طريقة أسرع وأكثر فعالية للوصول إلى البيانات. في حال وجود أي استفسار لدى المستهلك، أو عند حاجته إلى الاتصال بمزود الاتصالات الخاص به، تمكنه النماذج اللغوية الكبيرة من العثور ببساطة وسهولة على المعلومات التي قد تكون متاحة ولكن يصعب العثور عليها، مما قد يؤدي غالباً إلى تجربة سلبية. كما يدعم استخدام النماذج اللغوية الكبيرة من قدرات وكفاءات ممثلي الخدمة مما يمكنهم بشكل أفضل من مساعدة العملاء بالسرعة والدقة التي يتوقعونها. على سبيل المثال، عندما يحتاج العميل إلى معلومات حول تثبيت جهاز توجيه في منزله، يمكن للنماذج اللغوية الكبيرة إرشاده إلى المعلومات التي يحتاجها، أو يمكن لوكيل الخدمة العثور بسرعة على نفس المعلومات ودعم العميل. تعمل الترجمة الفورية على كسر حاجز اللغة مما يمكّن الوكلاء وممثلي الخدمة في مختلف القارات من التعامل مع المشكلات بصورة فورية، حيث تعزز سهولة استخدامها من قدرات موظفي الاتصالات عبر مختلف المستويات.

تسهيل اكتشاف البيانات والوصول إليها
في منظومة القوى العاملة، كان التعامل مع البيانات معقداً للغاية حتى الآن. مكّنت طفرة الذكاء الاصطناعي القوى العاملة غير التقنية من الوصول إلى البيانات وفهمها. تتيح القدرة على طرح الأسئلة بصورة طبيعية من إمكانية وصول القوى العاملة إلى البيانات ومشاركتها. على سبيل المثال، بالنسبة لمهندسي الشبكات الذين يصممون الشبكات ولكنهم لا يتعاملون مع البيانات بشكل مباشر، ستوفر لهم النماذج اللغوية الكبيرة القدرة على العثور على المعلومات التي يحتاجون إليها واستخراجها، مثل أنماط الطقس على سبيل المثال لا الحصر، دون الاضطرار إلى التعامل مع البيانات المعقدة. يسمح هذا بانتشار البيانات الضخمة وفوائدها عبر الشركات بدلاً من عزلها لاستخدام عدد محدود من علماء البيانات المتمرّسين. نتيجة لذلك، أصبح بإمكان الشركات الاعتماد على البيانات ولكن بطريقة يسهل الوصول إليها في أي مكان.

استخدام الذكاء الاصطناعي في الميدان
لا يخفى على أحد قدرة تقنيات الذكاء الاصطناعي في استخراج البيانات اللازمة لاتخاذ قرارات استراتيجية كبيرة لهندسة الشبكات. تُعتبر هذه التقنيات ذاتها مفيدة جداً للاستجابات الميدانية الطارئة. على سبيل المثال، إذا سقطت شجرة وألحقت أضراراً ببرج اتصالات، قد يصعب على طاقم العمل الميداني الذي لا يمتلك إمكانية الوصول إلى جميع البيانات المتعلقة بالحادث اتخاذ قرارات دون إرسال طاقم عمل إلى الموقع.

تتميز النماذج اللغوية الكبيرة بقدرتها على فرز البيانات، وهي ميزة مهمة تسهل الوصول السريع إلى جميع البيانات واتخاذ القرارات الكبيرة. تمكن النماذج اللغوية الكبيرة فرق العمل من الوصول إلى البيانات من المواقع الجغرافية وصور الأقمار الصناعية، مما يمكّن العاملين من رؤية الصورة الكاملة لأي حادث. نتيجة لذلك، يمكنهم إرسال الشخص المناسب في الوقت المناسب، وتحقيق أعلى مستويات الكفاءة التي يمكن فقط للذكاء الاصطناعي الوصول إليها.

استدامة أكثر ذكاءً
عندما يتعلق الأمر بالكفاءة، فقد أصبح هذا الأمر أكثر أهمية من أي وقت مضى عند النظر في أهداف الاستدامة الخاصة بشركات الاتصالات. تواجه الشركات العاملة في هذا القطاع ضغوطاً متزايدة من المستهلكين والمستثمرين والجهات التنظيمية لتقليل بصمتها الكربونية وتحقيق صافي انبعاثات صفرية. وفي الوقت نفسه، تواجه مؤسسات الاتصالات طلباً متزايداً على خدماتها، بسبب مجموعة من المبادرات العالمية والاتجاهات البارزة مثل العمل عن بعد والرقمنة والحلول المستندة إلى السحابة. سيكون للتقنيات الموفرة للطاقة مثل الشبكات المستقلة دوراً حاسماً في دعم الجهود العالمية لإزالة الكربون.

ما هي الشبكة المستقلة؟ التقنية ذاتها التي تمكّن السيارة ذاتية القيادة من توفير الوقود بصورة ذكية من خلال الحفاظ على السرعة المثالية دون تسارع أو تباطؤ غير متوقع، تقوم الشبكات المستقلة بالعثور على التكوين الأمثل للشبكة بصورة آلية، مما يقلل من الهدر. يمكن للذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة أتمتة المهام المرتبطة بإدارة الشبكة، مما يؤدي إلى توفير التكاليف بشكل كبير، واستجابة أسرع لمشكلات الشبكة، وتحسين تجربة العملاء، والأهم من ذلك تقليل استهلاك الطاقة. في المستقبل، ستتولى الشبكات المستقلة بحق إدارة عملياتها واستهلاكها للطاقة بشكل مباشر، مما يبشر بعصر جديد من الأداء العالي والاستدامة.

في الختام، سيؤدي دمج الذكاء الاصطناعي والأتمتة في قطاع الاتصالات إلى حقبة أكثر ذكاءً من الابتكار والكفاءة. لن يتوقف الأمر على إعادة تشكيل عمليات شركات الاتصالات، بل على إعادة تعريف مفهوم الاتصال ككل ومنهجية تقديم خدمات الاتصال. لهذا، يُعدّ تبني الذكاء الاصطناعي والأتمتة أمراً بالغ الأهمية لتعزيز رضا العملاء، وتحقيق أهداف الاستدامة، ودفع الخدمات الرائدة إلى الأمام. يكمن مستقبل الاتصالات في تسخير هذه التقنيات المتقدمة للتغلب على تعقيدات العصر الرقمي، مما يضمن ريادة صناعة الاتصالات وتصدّرها مشهد الاقتصاد العالمي. يتطلب هذا التحول المحوري لصناعة الاتصالات والعالم ككل التنفيذ الاستراتيجي والقيادة الحكيمة لإطلاق العنان لإمكانته الكاملة.


المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: النماذج اللغویة الکبیرة على سبیل المثال قطاع الاتصالات إلى البیانات الوصول إلى

إقرأ أيضاً:

ديب سيك.. تطبيق صيني يهدد الهيمنة الأمريكية في مجال الذكاء الاصطناعي

تفوق  روبوت الدردشة الصيني "ديب سيك" منخفض التكلفة بعد إطلاقه الأسبوع الماضي، على بعض المنافسِين مثل تطبيق "تشات جي بي تي" والذي يعد تابع  لشركة "أوبن إيه آي" الأمريكية، وذلك ليتصدر قائمة التطبيقات المجانية والتي تعد أكثر تحميلاً في الولايات المتحدة.

وقد انخفضت العديد من الأسهم العمالقة للتكنولوجيا في الولايات المتحدة، وذلك مثل إنفيديا، والتي تعد صانعة للرقائق الإلكترونية المستخدمة في تقنيات الذكاء الاصطناعي، وكذلك أسهم مايكروسوفت، وميتا.

وفي المقابل، أعلن القائمون على تطبيق  روبوت الدردشة الصيني "ديب سيك" تقييد عمليات التسجيل في التطبيق مؤقتاً وذلك بسبب بعض الهجمات الخبيثة واسعة النطاق وذلك على برنامجها.

وتمثل شعبية روبوت الدردشة الصيني ديب سيك تحدياً على نطاق واسع وذلك للاعتقاد الراسخ بأن الولايات المتحدة هي الرائد التكنولوجي والذي لا يمكن منافسته في مجال الذكاء الاصطناعي، مما قد يثير العديد من التساؤلات وذلك حول حجم الاستثمارات التي قد تخطط له العديد من الشركات الأمريكية.

ويتزامن ظهور روبوت الدردشة الصيني ديب سيك مع حظر الولايات المتحدة لبيع العديد من تقنيات الرقائق المتقدمة المستخدمة في تطوير الذكاء الاصطناعي للصين، مما قد دفع المطورين الصينيين إلى القيام بمشاركة أعمالهم فيما بينهم، والقيام بتجربة أساليب جديدة للتكنولوجيا حتى يقوموا بمواصلة  عملهم في ظل عدم توفر العديد من الإمدادات المستقرة من تلك الرقائق المتقدمة.

ومن جانبه قد وصف  مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والمستثمر البارز في وادي السيليكون الأمريكي، تطبيق "ديب سيك R1" وذلك بأنه يمثل لحظة كتلك التي شهدت إطلاق القمر الاصطناعي السوفيتي "سبوتنك" وذلك للفضاء بالنسبة للأمريكيين.

مقالات مشابهة

  • ندوة بمعرض الكتاب تناقش تأثير الذكاء الاصطناعي على الإعلام
  • مؤسس «تلغرام» يكشف أسرار تفوق الصين بمجال «الذكاء الاصطناعي»
  • حرب الذكاء الاصطناعي.. من ينتصر؟!
  • تطبيق صيني يهز عالم الذكاء الاصطناعي.. التفاصيل الكاملة
  • ديب سيك الصيني يتفوق على ChatGPT.. زلزال في عالم الذكاء الاصطناعي وخسائر فادحة للشركات الأمريكية
  • كيف يؤثر طرح «ديب سيك» على صراع أمريكا والصين في مجال الذكاء الاصطناعي؟
  • ديب سيك.. تطبيق صيني يهدد الهيمنة الأمريكية في مجال الذكاء الاصطناعي
  • فاونديفر تكشف كيف سيعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل تجربة العملاء بحلول عام 2025
  • الحوسبة اللغوية.. مبادرات جامعية مبتكرة ركيزتها الذكاء الاصطناعي
  • «الحوسبة اللغوية».. مبادرات جامعية مبتكرة ركيزتها الذكاء الاصطناعي