قد لا يعني الشيء الكثير لعدد كبير من اللبنانيين ما يحصل داخل "البيت البرتقالي". فإذا فصل رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل نائب رئيس مجلس النواب الياس أبو صعب من صفوفه فلن تضطرب قلوب هؤلاء اللبنانيين، الذين تكفيهم مشاكلهم اليومية، وبالتالي فهم غير مهتمّين بشأن حزبي يعود إلى خلافات بين رئيس ومرؤوس.

وهذا الخلاف الذي سيؤدي إلى الطرد أو الفصل ليس الأول ولن يكون الأخير. وقد سبقته حالات مشابهة كثيرة، ومن بينها ما هو قديم وآخر جديد. وإذا أردنا أن ندخل في الأسماء، بدءًا بنعيم عون ابن شقيق الرئيس السابق ميشال عون، فاللائحة تطول. ولا يستغرب أحد أن يطال "التطهير" أسماء كثيرة تشبه مواقفها مواقف زياد أسود وحكمت ديب وماريو عون ونبيل نقولا وزياد عبسي ورمزي كنج وغيرهم كثيرين. وقد يصبح عدد الذين خارج "التيار" أكثر بكثير ممن هم في الداخل.
ويقول بعض هؤلاء "المغضوب عليهم" أنه ما دام جبران بهذه العقلية فلن يبقى أحد في الدار. ولولا ولاء الكثيرين للرئيس عون شخصيًا لما بقوا دقيقة واحدة في "التيار"، وهم الذين قامت "الحال العونية" على أكتافهم. ويضيفون أن باسيل لم يكن ليقدم على أي خطوة "تطهيرية" لو لم يكن يحظى بدعم مطلق من "الجنرال"، وهو اللقب الأحب على قلب الرئيس عون. وهذا القول يذكرّ كثيرين كيف تدّخل "الجنرال" شخصيًا في أول عملية انتخابية لرئاسة "التيار"، ووقف إلى جانب صهره ضد ابن شقيقته النائب الان عون، الذي لم ينسَ، ولن ينسى، هذا الموقف الذي اتخذه خاله يومها، وهو الذي كان من المفترض به أن يكون حكمًا نزيهًا وعلى مسافة واحدة من جميع المرشحين. وقد انسحب هذا الانحياز على رئاسته للجمهورية فكان "بي العونيين" فقط، وليس بي الكل". وهذا ما بدا واضحًا وجليًا في آخر يوم له في القصر الجمهوري حين رسم بيديه شعار "التيار"، وهو يودّع مناصريه.
فالخلاف بين باسيل وأبو صعب ليس جديدًا، وهو يعود إلى يوم كان الأخير مسؤولًا عن إذاعة "صوت المدى"، وتدّرج هذا الخلاف إلى حدّ وصفه من قِبل أحد الموالين لباسيل بأنه "تعمشق" بـ "التيار" حتى يصل إلى غاياته السياسية، وحتى يحقّق طموحاته، التي لم يستطع أن يحقّقها يوم كان قريبًا من أحد الأحزاب السياسية، الذي له الباع الطويلة في بلدته ضهور الشوير. ولولا رافعة "التيار" لبقي رئيسًا لبلديتها، ولما استطاع أن "يعمل نائبًا"، ولم يكن ليحظى بلقب "دولة الرئيس".
أمّا المقربون من أبو صعب فيقولون العكس تمامًا، ومفاد كلامهم أن "التيار" في المتن لم يكن ليشتدّ ساعده لو لم يكن لرئيس بلدية ضهور الشوير السابق هذا التأييد الواسع، وهو الذي شكّل رافعة لـ "التيار" وليس العكس. والدليل أن باسيل اضطرّ لأن يقف على خاطره في الانتخابات الأخيرة عندما فكرّ أبو صعب بالترشح منفردًا عن المقعد الأرثوذكسي في المتن الشمالي. ولكن حسابات حقل الانتخابات لم ينطبق على حسابات بيدر المصالح المتضاربة.    
فهذا القرار محرج لكثيرين من زملاء ابو صعب داخل "التكتل" وفي "التيار". فهناك من يتعاطف معه من دون أن يعني ذلك أنهم يناصبون باسيل العداء، أقّله في العلن، وإن كانوا يختلفون معه في أكثر من رأي وفي طريقة إدارته للملف الداخلي، وحتى في مقاربته للقضايا السياسية. ويعتقد هؤلاء أن ما يتعرّض له أبوصعب اليوم قد يتعرّض له غدًا أي نائب أو أي قيادي ينتمي إلى الحال العونية، حتى ولو كان "رأسه يدق بالسقف".
فحديث باسيل عن أيدي الغدر وعديمي الوفاء حمّال أوجه عديدة، وهو موجّه إلى جميع الذين تسّول لهم نفوسهم معارضته في الشؤون الكبيرة والصغيرة، متكلًا بذلك على "كارت بلانش" من الرئيس عون. وهو قد أصبح، كما يصفه الخصوم والحلفاء، "ديكتاتور" عصره. وبهذه الطريقة، يعتقد أنه قادر على إدارة تياره من دون "وجعة رأس". المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: لم یکن

إقرأ أيضاً:

الخماسية تنتظر خرقاً وبري الغائب الحاضر في لقاءات المعارضة

كتب محمد شقير في" الشرق الاوسط": التحرك الذي تقوده قوى المعارضة لتسويق خريطة الطريق التي رسمتها لإخراج الاستحقاق الرئاسي من التأزم بانتخاب رئيس للجمهورية، لن يحقق الأهداف المرجوة منه بإعادة خلط الأوراق، وصولاً إلى تبني الأكثرية النيابية لاقتراحيها لإحداث خرق يسهل انتخابه، بمقدار ما أنه سيلتحق بما سبقه من المبادرات التي حظيت بمباركة سفراء اللجنة «الخماسية»، لعلها تسهم في تسهيل الانتخاب، وهذا ما أبلغته اللجنة أثناء استقبالها وفد المعارضة.
ولعل السبب يكمن في أن الظروف المحلية والخارجية ليست ناضجة للآن لوضع انتخاب الرئيس على نار حامية، وتبقى عالقة على الجهود الدولية والعربية للتوصل إلى وقف النار على الجبهة الغزاوية وانسحابه على جنوب لبنان، رغم أن الكتل النيابية تُجمع على تأييدها للحوار، وإن كان لكل منها طريقته في الترويج له.
وتبقى الاستراحة القسرية التي أعطتها لجنة سفراء «الخماسية» لنفسها بمثابة الدليل القاطع، على الأقل في المدى المنظور، على أن هناك صعوبة في إخراج انتخاب الرئيس من ثلاجة الانتظار، وهي تترقب حالياً إمكانية إحداث خرق لتعاود تشغيل محركاتها، وربما مع حلول الشهر المقبل، الذي تنظر إليه مصادر دبلوماسية غربية على أنه يشكل محطة لتزخيم الاتصالات لفك أسر انتخاب الرئيس من الحصار الذي يمنع انتخابه، وتتعاطى معه، كما تقول لـ«الشرق الأوسط»، على أنه يمنح فرصة للنواب، قد تكون الأخيرة، لتهيئة الظروف لإنجاز الاستحقاق الرئاسي، وإلا سيطول أمد الفراغ في سدة الرئاسة الأولى إلى ما بعد إجراء الانتخابات الرئاسية الأميركية في تشرين الثاني المقبل.
فوفد المعارضة المكلف لقاء الكتل النيابية والنواب المستقلين، يحرص على الوقوف على رأيهم من خريطة الطريق التي أعدتها لإزالة العقبات التي تؤخر انتخاب الرئيس، ويتولى تدوين ما لديهم من ملاحظات من دون أن يجيب عليها، ربما إلى ما بعد الانتهاء من لقاءاته التي يُفترض أن تشمل كتلة نواب «التنمية والتحرير» برئاسة رئيس المجلس النيابي نبيه بري، في حال أبدى بري رغبة في التواصل مع الوفد، بصرف النظر عن ارتفاع وتيرة تبادل الحملات السياسية بينه وبين رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، وهذا ما أكده مصدر نيابي بارز لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً أن تصاعد الخلاف بينهما حول منْ يدعو للتشاور أو الحوار لن يمنع التواصل المباشر، حتى لو اقتصر اللقاء على تبادل الرأي من موقع الاختلاف.
وبدا واضحاً أن وفد المعارضة يتجنّب الدخول في أسماء المرشحين لرئاسة الجمهورية، وهذا ما لمسته الكتل النيابية التي التقته حتى الساعة، وتردد أن السبب يكمن في أن المعارضة ما زالت على تقاطعها مع «التيار الوطني الحر» بدعم ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، ما دام محور الممانعة باقياً على ترشيح رئيس تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية؛ وهذا ما يقطع الطريق للتوافق على تسوية أساسها التفاهم على مرشح يقف على مسافة واحدة من الجميع.
لكن النتائج الأولية للقاءات المعارضة، وإن كانت تتوخى من مبادرتها تبرئة ذمتها من التعطيل وإلصاقها بمحور الممانعة، فإنها تكمن في اتساع رقعة تباينها مع «اللقاء الديمقراطي» الذي لم يلمس أي جديد في مبادرتها، كما قال عضو «اللقاء» النائب وائل أبو فاعور، داعياً الأطراف إلى مزيد من المرونة للوصول إلى حل.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن وفد «اللقاء الديمقراطي» شدّد على وقف تقاذف المسؤوليات وتبادل التهم المؤدية إلأى تعميق الهوة بين الأطراف، ناصحاً بالتواصل مع بري لإنتاج تسوية تقود لانتخاب الرئيس، وهذا ما نصحت به أيضاً كتل «التيار الوطني الحر» و«الاعتدال» و«لبنان الجديد»، على رغم تعاطيها بإيجابية مع المبادرة.
لذلك؛ كان بري «الغائب الحاضر» في لقاءات المعارضة، وهذا ما حرص عليه نواب تكتل «لبنان القوي» على الامتناع عن التعليق عليه، وتركوا الموقف للمجلس السياسي لـ«التيار الوطني الحر» الذي أبدى تجاوبه مع اقتراحي المعارضة، داعياً في الوقت نفسه إلى تجاوز الشكليات وعدم اعتبار أي صيغة تشاورية عرفاً دستورياً جديداً في حال كانت نتيجتها مضمونة بإجراء الانتخاب.
فرئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل يوازن بين تجاوبه مع مقترحي المعارضة وبين حرصه على تفعيل علاقته ببري، التي تمر حالياً في «شهر عسل» بخلاف الحقبة الزمنية السابقة التي طغى عليها كباش سياسي غير مسبوق.
وعليه، فإن النواب المنتمين إلى المحور الوسطي، ومعهم نواب كتلتي «اللقاء الديمقراطي» و«التيار الوطني الحر،» وإن كانوا يبدون إيجابية في تعاطيهم مع مبادرة المعارضة، فإنهم يصرّون على ألّا تكون على حساب علاقتهم ببري، في حين أن عدداً من النواب المنتمين إلى «قوى التغيير» من خارج المعارضة، وعلى رأسهم ملحم خلف وإبراهيم منيمنة وبولا يعقوبيان وفراس حمدان، يميلون إلى تبني مبادرتها.

مقالات مشابهة

  • أبدى تجاوبه معها.. ما حقيقة موقف التيار من مبادرة المعارضة؟!
  • كيف أخفى البيت الأبيض التدهور الجسدي لجو بايدن؟
  • باسيل لا يستطيع التراجع.. وحزب الله سيتعامل عالقطعة
  • الخماسية تنتظر خرقاً وبري الغائب الحاضر في لقاءات المعارضة
  • لوفيغارو: هكذا أخفى البيت الأبيض حقيقة حالة بايدن الصحية
  • المطران عطا الله حنا: الفلسطينيون لن يرفعوا الراية البيضاء أمام مشاريع تصفية القضية
  • الفريق البرهان بطل قومي! سباحة عكس التيار!
  • الجيش الإسرائيلي يعلن القضاء على مسؤولين أمنيين من حماس في غزة
  • قبلان: بري فرصة وطنية يجب الاستفادة منها
  • عقبات تواجه حراك المعارضة الرئاسيتقاطع متجدّد مع العونيين على التشاور