روسيا: واشنطن لم تجد في نفسها القوة لإدانة هجوم إسرائيل على القنصلية الإيرانية
تاريخ النشر: 25th, April 2024 GMT
أكد مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، اليوم الخميس، أن روسيا تشعر بخيبة أمل لأن الولايات المتحدة وحلفائها ليس لديهم القوة لإدانة قصف إسرائيل للقنصلية الإيرانية في سوريا. وقال في اجتماع لمجلس الأمن: "وقع الحادث الأكثر فظاعة عندما شنت القوات الجوية الإسرائيلية، في الأول من أبريل، غارة جوية على مبنى قنصلية جمهورية إيران الإسلامية في دمشق، مما أسفر عن مقتل وجرح موظفيها وتدمير المنشأة الدبلوماسية بالكامل في أخطر تصعيد للصراع الإقليمي".
وأضاف: "إننا ندين هذا الهجوم بشدة، ومن المخيب للآمال للغاية أن الولايات المتحدة مع حلفائها لم تجد في نفسها القوة لإدانة هذه الجريمة. ومن الواضح أن مثل هذه الإجراءات لا تتناسب أيضًا مع النظام السيئ السمعة الذي تروج له واشنطن والقائم على القواعد المفروضة من قبلهم".
وأشار الدبلوماسي الروسي إلى أن "الهجمات الصاروخية والقنابل الإسرائيلية المنتظمة على أهداف مختلفة في سوريا" يتم تنفيذها على خلفية عملية عسكرية غير مسبوقة من حيث الخسائر البشرية في قطاع غزة.
وأضاف: "إننا نطالب السلطات الإسرائيلية بالتخلي عن هذا العمل الوحشي الذي تستخدم فيه القوة على أراضي سوريا وجيرانها، وهو أمر محفوف بمخاطر وعواقب خطيرة للغاية على نطاق المنطقة بأكملها، والتي تعاني بالفعل من زعزعة الاستقرار نتيجة لإراقة الدماء المستمرة منذ أكثر من ستة أشهر في قطاع غزة وخارجه".
وفي مساء 13 نيسان الجاري، أطلقت إيران طائرات مسيرة وصواريخ باتجاه إسرائيل، واصفة ذلك بأنه رد على "جرائم عديدة" ارتكبتها، بما في ذلك هجومها على القنصلية الإيرانية في دمشق.
وقالت وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية إن الهجمات على إسرائيل استهدفت مواقع عسكرية، وأشار الجيش الإسرائيلي إلى أنه اعترض 99% من حوالي 300 مقذوف وطائرة إيرانية كانت متجهة نحو الدولة العبرية، كما لحقت أضرار طفيفة بقاعدة "نيفاتيم" الجوية.
المصدر: السومرية العراقية
إقرأ أيضاً:
التحديات الإيرانية في المفاوضات النووية مع أمريكا
أمينة سليماني **
عاد في الآونة الأخيرة، موضوع المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة إلى الواجهة من جديد؛ حيث تتنوع الآراء بشأنه داخل إيران. بدايةً، نجد أنَّ تصريحات قائد الثورة الإسلامية، آية الله خامنئي، قد حددت موقفًا حازمًا من هذه المفاوضات. فأكّد أن التفاوض مع الولايات المتحدة لن يحل أي مشكلة لإيران؛ بل هو جزء من مخطط لخداع الرأي العام وعزل إيران على الصعيد الدولي.
في هذا السياق، يرى خامنئي أن الأمريكيين يسعون منذ انتصار الثورة الإسلامية إلى تدميرها، وبالتالي فإنَّ التفاوض تحت هذه الظروف يعني قبول سياسة الهيمنة والقوة.
من جانبه، شدّد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي على أن المفاوضات غير المباشرة مع الولايات المتحدة ليست أمرًا جديدًا، إذ قد جرت عدة مرات في التاريخ بين دول كانت ترفض التحدث بشكل مباشر مع بعضها البعض. وفي هذا الصدد، قال عراقجي: "إذا كانت هناك إرادة للتفاوض، يُمكن إجراء مفاوضات غير مباشرة دون مشكلة كبيرة".
ولكن، لا تقتصر الآراء حول المفاوضات على المسؤولين الرسميين فقط. فقد عبّر محسني ايجه اي رئيس السلطة القضائية في إيران عن استيائه من فكرة التفاوض مع الولايات المتحدة، مشيرًا إلى أن الوعود الأمريكية كاذبة ومزيفة، وأن التفاوض مع أمريكا يتناقض مع العقل السليم. وأكد على أنَّ أمريكا ليست شريكًا موثوقًا في المفاوضات، وأن الحديث مع حكومة متغطرسة لا يُمكن أن يكون مفيدًا.
وفي المقابل، توجد آراء أخرى أكثر تفاؤلًا، مثل تلك التي عبر عنها الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني؛ ففي تصريحاته الأخيرة، أكد روحاني أن قائد الثورة الإسلامية لا يعارض المفاوضات من حيث المبدأ؛ بل هو معارض للمفاوضات في الظروف الحالية التي يتم فيها فرض شروط غير متساوية. من وجهة نظره، يمكن لإيران أن تفتح أبواب المفاوضات في حال كانت الظروف ملائمة، ولكن بشرط أن تكون تلك المفاوضات قائمة على الاحترام المتبادل وعدم فرض الشروط المسبقة.
في هذا السياق، يرى بعض المراقبين السياسيين أن المفاوضات مع الولايات المتحدة في هذه اللحظة قد تؤدي إلى نتائج سلبية، لا سيما إذا كانت تقتصر على تبادل التصريحات دون أن تتمكن من تحقيق أي تغيير جوهري. وفي تحليل مثير، يعتقد أحد المصادر الأمنية البارزة في إيران أن المفاوضات مع أمريكا، في حال استمرت على نفس المنوال، قد تفضي إلى تكرار الأخطاء التاريخية التي ارتكبها قادة مثل معمر القذافي وصدام حسين، اللذين كانت محاولاتهما للمصالحة مع الغرب سببًا في نهايتهما المأساوية. هذه التجارب، كما يراها بعض المحللين، تبرز خطورة الانسياق وراء الوعود الأمريكية، التي قد تؤدي إلى تقويض القوة الإقليمية الإيرانية.
ويضيف المصدر أن إيران ستظل حذرة في تعاطيها مع أي مفاوضات قد تشمل الولايات المتحدة، خاصة وأن بعض المحللين الأمريكيين والإقليميين يرون أن الوضع الحالي، بعد استشهاد حسن نصرالله وعدد من قادة المقاومة في المنطقة، هو وقت مُناسب لتوجيه ضغوط أكبر على إيران بهدف إضعافها واستسلامها.
ومع ذلك، يرى البعض أن المفاوضات مع الولايات المتحدة قد تكون خطوة ضرورية إذا كانت الشروط متساوية وإذا كانت إيران قادرة على حماية مصالحها الاستراتيجية، خصوصًا في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية التي تواجهها. في هذا الصدد، يرى هؤلاء أن سياسة "تقليل التكاليف" التي تحدث عنها عباس عراقجي قد تكون بمثابة فرصة لتقليص التوترات، ولكن بشرط أن تكون المفاوضات غير مرتبطة بشروط مُسبقة تضر بسيادة إيران ومواقفها السياسية.
يبدو أن المفاوضات مع الولايات المتحدة ستكون مسألة معقدة للغاية بالنسبة لإيران، خاصة في ظل الظروف الإقليمية والدولية الحالية. ولكن من الواضح أن القيادة الإيرانية تظل ثابتة على موقفها الرافض لأي نوع من المساومة على مبادئها، وعلى ضرورة الحفاظ على المقاومة كجزء من استراتيجية الأمن القومي الإيراني.
** باحثة إيرانية، يُنشر بالتعاون مع مركز الدراسات الآسيوية والصينية في لبنان