تحولات سوق العمل تشعل المنافسة بين الجامعات في «جتكس»
تاريخ النشر: 25th, April 2024 GMT
دبي: محمد إبراهيم
أكد خبراء ورؤساء جامعات وأكاديميون من المشاركين في معرض الخليج للتدريب والتعليم «جتكس2024»، أن تحولات سوق العمل وتطوراته، تفرض على الجامعات حالة من الاستنفار الدائم، لاستحداث برامج أكاديمية ومساقات تواكب التطورات والمتغيرات الراهنة والمستقبلية.
ويواصل المعرض الذي انطلق برعاية الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، فعالياته بمشاركة أكثر من 200 جامعة من 30 دولة، تتيح للطلبة استعراض أكثر من 2500 برنامج دراسي متنوع، ويركز على أحدث التقنيات المتقدمة في ميادين العلوم والطب والحوسبة والقيادة، والمسارات المهنية المستقبلية والتقليدية للطلبة، ومن المقرر أن يختتم أعماله اليوم الجمعة.
وأفادت جامعات، بأن سوق العمل شهد تطوراً كبيراً في السنوات القليلة الماضية، وحدد مهارات جديدة للخريجين، وألزم مؤسسات التعليم العالي بسرعة تطوير برامجها الأكاديمية المطروحة، وطرح مساقات جديدة وبرامج مطورة لمواكبة الاحتياجات الفعلية للوظائف الحالية وفي المستقبل.
فيما أكد مشاركون لـ«الخليج» أن المنافسة تشتد بين الجامعات عاماً تلو الآخر، بسبب نشاط التحولات في سوق العمل، وعملية جذب الطلبة لم تعد تقتصر على المنح والخصومات في الرسوم كما كان في السابق، ولكنها تربط الآن ارتباطاً وثيقاً بنوعية البرامج الأكاديمية ومدى مواءمتها مع متطلبات الوظائف والمهارات الواجب توافرها في الخريجين.
وقالت شمه المنصوري، مدير إدارة التصاريح بهيئة المعرفة والتنمية البشرية بدبي، إن ثمة زيادة مستمرة في أعداد البرامج والتخصصات الأكاديمية التي توفرها مؤسسات التعليم العالي المرخصة من الهيئة بمعايير عالية الجودة، وهذا يعكس مدى المنافسة بين الجامعات على تطوير البرامج الأكاديمية ومواكبة تحولات سوق العمل.
وأفادت بأن هناك 5 تخصصات تستحوذ على اهتمامات وشغف الطلبة في الوقت الراهن، أبرزها إدارة الأعمال وتكنولوجيا المعلومات والهندسة والإعلام والتصميم، كما شهدت تخصصات العلوم الطبيعية والفيزياء، والعلوم الإنسانية، والقانون، أعلى نسبة زيادة في معدل التحاق الطلبة مقارنة بالعام الأكاديمي الماضي.
وقالت إن فريق الهيئة موجود باستمرار طوال أيام المعرض للرد على استفسارات الطلبة وجميع المعنيين وإطْلاعهم على خيارات التعليم العالي المتوفرة بدبي، كما يمكن لزائري المعرض التنقل بين أجنحة 18 مؤسسة تعليم عالٍ والتعرف على الخيارات التعليمية، فضلاً عن زيارة أجنحة الجامعات الأخرى من دولة الإمارات والعالم.
وفي حديثة لـ«الخليج» أكد أنسيلم غودينهو، مدير عام شركة «إنترناشيونال كونفرنسز آند إكزيبيشنز»، الجهة المنظمة للمعرض، أن المنافسة بين الجامعات تعد أمراً طبيعياً، وعلى الرغم من أنها تتسبب في بعض التحديات للجامعات، لكنها تؤدي لتطوير وتحسين الممارسات التعليمية والبحثية.
وأفاد بأن العالم اليوم يشهد ازدحاماً كبيراً في التخصصات والبرامج الجديدة، ما يؤدي لانتشار عدد كبير من البرامج الجديدة في كل جامعة، تهدف لتزويد الطلاب بالمهارات اللازمة للعمل في مجالات العمل الجديدة.
وقال: «لعل من بين أهم العوامل التي تؤثر في المنافسة بين الجامعات تلك التي تخص التقدم التكنولوجي، فالجامعات التي تتمكن من الاستفادة من التقنيات الحديثة والأدوات التعليمية المتقدمة في تدريس التخصصات والبرامج الجديدة ستكون أكثر قدرة على المنافسة، موضحاً أن الجامعات التي تتخذ هذه الخطوات المهمة ستكون الأكثر قدرة على جذب الطلبة».
وأكد أن الجامعات التي تستند إلى التكنولوجيا وتطوير برامجها الأكاديمية، تتمكن بشكل فعال من تزويد الطلاب بالمهارات اللازمة للعمل في مجالات العمل الجديدة، وفي ظل المنافسة الشديدة بين الجامعات، فإن التعاون والتبادل العلمي بينها يعد الطريق الأمثل للتعامل مع هذه المنافسة.
ولفت إلى تركيز الكثير من الجامعات على مجالات التقنية، موضحاً أن المشاركة الكبيرة للجامعات الصينية هذا العام تعكس مساعيها لاستقطاب الطلبة واستكشاف فرص الأعمال على مستوى الشركات مع دبي، مما يؤدي لإنشاء فروع لهذه الجامعات في الإمارات.
وأكد أن تحولات سوق العمل تؤدي لإحداث تغييرات كبيرة في المهارات المطلوبة، فعلى سبيل المثال، أصبح المهندسون المتخصصون في هندسة البرمجيات وهندسة البيانات وهندسة النظم المعلوماتية هندسة البناء وهندسة الطاقة وهندسة المياه أكثر حاجةً إلى مهارات تقنية عالية.
وشدد على أهمية عمل الجامعات على تأهيل الطلبة وإعدادهم للعمل في هذا البيئة الجديدة بتحديث البرامج التعليمية وتطوير المهارات، إضافة لتوفير برامج تدريبية للطلبة وتوفير فرص عمل، كما يمكن للجامعات أن تقوم بتطوير برامج تدريبية في المجالات التي تحتاج إلى مهارات تقنية رفيعة مثل مجالات البرمجة والبيانات والنظم المعلوماتية.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات الإمارات
إقرأ أيضاً:
التحديات التي تواجه المؤسسات الصغيرة بالبلاد
حيدر بن عبدالرضا اللواتي
في رسالة مرئية قصيرة نشرها شاب عُماني من رواد الأعمال الصغار على إحدى المنصات كان يتساءل فيها حول إلزام إحدى الجهات العُمانية له بدفع مبلغ 275 ريالًا عُمانيًا (715 دولارا أمريكيا تقريبا) للحصول على شهادة الانتساب دون أن يذكر اسم تلك الجهة.
ومثل هذه الشهادات إما تصدر عن وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، أو غرفة تجارة وصناعة عُمان، أو الجهة التي تُدير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في البلاد. وكان يُشير في رسالته بأنَّه وأمثاله من الباحثين عن العمل قد اضطرتهم الظروف للتوجه نحو العمل الحر والريادة، ولا يجب مقارنتهم بالتجار الكبار منتقدًا الجهات التي تتحدث عن "الريادة"، والتي تُعرقل أمور الراغبين في ممارسة أعمال الريادة والتجارة. ويقارن هذا الشاب بما تقوم به الدول الأخرى في المنطقة التي تقدّم كل الخدمات والتسهيلات لراغبي العمل التجاري من المواطنين وتحفيزهم للتوجه نحو هذا المسار، مؤكدًا أنَّ مثل هذه الإجراءات سوف تُنفِّر الراغبين من أبناء البلد في ممارسة العمل التجاري، في الوقت الذي نرى فيه صدور الكثير من القرارات التي تعرقل أعمال المؤسسات الصغيرة وتدفع أصحابها إلى ترك العمل التجاري.
هذه الرسالة المرئية في بعض المنصات تداولتها الكثير من المواقع، وتدفعنا للوقوف عليها والتحدث قليلًا عن أهمية المؤسسات الصغيرة في العالم، وأهميتها للاقتصادات العالمية؛ فهذه المؤسسات (SMEs) تؤدي دورًا محوريًا في اقتصادات العالم، وتمثل ركيزة استراتيجية للتنويع الاقتصادي في كثير من دول العالم، وتعد العمود الفقري للاقتصاد العالمي؛ حيث تُشكل غالبية الشركات حول العالم، وتسهم بنصيب كبير من الوظائف؛ حيث يُقدّر أن حوالي 90% من الأعمال التجارية في العالم تدار من قبل المؤسسات الصغيرة وفق بيانات منظمات الأمم المتحدة، وتوفر ملايين فرص العمل للمواطنين. كما إنَّ لها دورًا كبيرًا في المساهمة في القيمة المضافة للكثير من القطاعات الاقصادية أيضًا. وبسبب صغر حجمها نسبيًا فإنه يمكنها التكيف سريعًا مع التغيرات السوقية، واحتضان ابتكارات أو أفكار جديدة في مختلف الأعمال؛ مما يجعلها محركًا للابتكار والتنويع الاقتصادي، وخاصة في مثل دولنا التي تعتمد على مصدر ريعي واحد للدخل.
والحقيقة أن المؤسسات الصغيرة تمنح الاقتصادات قدرة على النمو المستدام، ولديها قدرة في توظيف أوسع، وتتسم بالتنويع الاقتصادي.
وفي سلطنة عُمان فإن الحكومة تعمل على جعل هذا القطاع ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني في إطار رؤية "عُمان 2040"؛ بهدف تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط، وتقدّم لها الدعم من خلال برامج التمويل بجانب تقديم حوافز وتسهيلات؛ الأمر الذي يتطلب ضرورة تسهيل إجراءات التأسيس للراغبين في بدء مشاريعهم التجارية دون تحملهم المبالغ الكبيرة عند التأسيس. الحكومة تعتبر هذه المؤسسات الصغيرة ركيزة أساسية في خطة الدولة للاستدامة، وتوظيف الشباب، والاستمرار في التنويع الاقتصادي، وفتح آفاق تصدير المنتجات والخدمات.
هذا الأمر يتطلب ضرورة القضاء على التحديات والصعوبات التي تواجه هذه المؤسسات، والتي تتمثل بعضها في صعوبة الحصول على التمويل؛ باعتبار أن الكثير من الداخلين في هذه المشاريع لا يملكون ضمانات كافية مثل (رهن عقاري أو أصول)؛ مما يجعل البنوك مترددة في منح القروض لهم. كما إن هناك إجراءات بيروقراطية مطولة في عملية التأسيس أو التقديم للتمويل تتسم بالتعقيد والبطء؛ الأمر الذي يقلل من جاذبية الاستثمار أو المرونة في الاستجابة. في الوقت نفسه نجد أن بعض رواد الأعمال العُمانيين حديثي العمل في هذه المؤسسات تنقصهم الخبرة الإدارية والتخطيط والمهارات في إدارة الأعمال، وخاصة في مجالات التخطيط والتسويق وغيرها؛ مما يؤدي بهم إلى ضعف في الأداء والتعثر والفشل مبكرًا في بعض الأحيان.
وهناك أيضًا منافسة تجاه هذه المؤسسات الصغيرة من شركات دولية أكبر من حجمها بعشرات المرات بسبب قيامها باستيراد أدوات وسلع أجنبية أرخص منها لتوزيعها في الأسواق. كما إن بعض المؤسسات الصغيرة تُعاني من محدودية الطلب وتتميز بقلة الربحية في العمل اليومي؛ الأمر الذي يشكّل تحديًا لها في التوسع أو الاستدامة وتتعثر أو تنهار، فيما تعاني بعضها من ضعف البنية الأساسية في مجالات التقنيات والمهارات الرقيمة.
وجميع هذه التحديات يمكن حلها من خلال العمل على تقديم تمويل ودعم أكبر للمؤسسات الصغيرة والتسهيل في تقديم القروض والضمانات لها، بجانب تعزيز برامج التدريب وإدارة المعرفة لأصحابها من خلال تنظيم ورش عمل في مجالات الإدارة، والتخطيط والتسويق والرقمنة، لمساعدهم في التنافس والبقاء. إضافة إلى ذلك يتطلب تبسيط الإجراءات الإدارية لأصحابها وتقليل البيروقراطية، والإسراع في منح التصاريح لهم ببدء أعمالهم التجارية دون تحملهم مبالغ مالية كبيرة، بجانب تشجيع ثقافة الريادة وتعزيزها من خلال الجامعات، ووسائل الإعلام والمجتمع المدني، إضافة إلى تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص في مختلف المجالات التي تهم المؤسسات الصغيرة.
رابط مختصر