بث «دوري أبوظبي للسباقات الذاتية» عبر الواقع الافتراضي
تاريخ النشر: 25th, April 2024 GMT
أبوظبي (وام)
أعلنت «أسباير» الجهة المنظمة لدوري أبوظبي للسباقات الذاتية عن بث منافسات النسخة الأولى من الحدث بعد غد بمشاركة 8 فرق عالمية، على حلبة مرسى ياس في أبوظبي، عبر تقنية الواقع الافتراضي.
وأكدت «أسباير» في بيان لها اليوم أنها ستوفر هذه المبادرة بالشراكة مع شركة «فوكال بوينت في آر» المتخصصة في البث بتقنيات الواقع الافتراضي، مما يضع معياراً جديداً قبل تبني تقنيات هذا الواقع من قبل الفورمولا-1 والفورمولا إي لاحقاً.
وتتجاوز تجربة الواقع الافتراضي من دوري أبوظبي للسباقات الذاتية مجرد كونها نقلاً للمشاهد من جانب المضمار، حيث تتيح للمشاهدين فرصة الانغماس الكامل في عالم السباقات باستخدام تقنية الفيديو الغامرة عالية الدقة، ومنخفضة التأخير، وستنقل تجربة المشاهدين إلى قلب الحدث.
وتتيح التجربة عرض تمثيل حي ثلاثي الأبعاد لحلبة ياس مباشرة للمشاهدين من مواقع تواجدهم، كما تمكن المشجعين من استحضار مسار السباق إلى أي مكان في مواقع تواجدهم في المنزل أو أي مكان آخر، مع المزامنة التلقائية مع البث المباشر لتوفير تحديثات افتراضية للفعاليات بشكل فوري كما تحدث في السباق.
وتعمل أيضاً على توفير البيانات المتخصصة للسباق وجميع القياسات المترية المهمة مباشرة، مثل سرعة السيارة، وحرارة الإطارات وضغط المكابح، والتي يتم عرضها جميعها لهم بشكل مباشر وفي أماكن تواجدهم.
وتوفر هذه التقنية أيضا مشاهد مرئية عالية الدقة مع الحد الأدنى من التأخير في البث، وستعمل على استنساخ تجربة الجلوس داخل سيارة سباق ذاتية، مما يوفر تجربة مثيرة بشكل حقيقي، كما ستتاح الفرصة للحضور لتجربة سباق الواقع الافتراضي، حيث تصل إليهم صور الفيديو بشكل أسرع من أصوات السيارات.
وصمم الدوري من قبل مجلس أبحاث التكنولوجيا المتطورة، «الهيئة الرائدة الأم لأسباير»، وقد تم تصميمه بفضل مجهودات من قبل مجموعة من المهندسين والعلماء والمبرمجين، مما جعله سباقاً يستند إلى مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات ويعززها، ويقدم عرضا عالميا في التقنيات الذاتية والمستقلة.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الإمارات أبوظبي حلبة ياس
إقرأ أيضاً:
آفاق التحالفات الإقليمية المقبلة
مسعود أحمد بيت سعيد
masoudahmed58@gmail.com
مُنذُ بَدء عملية "طوفان الأقصى" تنامى اعتقادٌ لدى بعض النخب الثقافية العربية بأن الموقف من الحرب العدوانية الإرهابية على الشعب الفلسطيني وبقية محور المقاومة، قد أفرز تيارين واضحين في الأمتين العربية والإسلامية، ويعتقد هؤلاء أنهما سيؤسسان قواعد سياسية جديدة لمجمل التحالفات الاستراتيجية المقبلة في عموم منطقة الشرق الأوسط كلها.
مدى دقة هذه التقديرات في رصد المتغيرات القادمة انطلاقًا من المعطيات القائمة هو ما سنحاول تسليط الضوء عليه، عبر التذكير بطبيعة البُنى الاقتصادية والاجتماعية التي تُحدِّد بشكل عام المسارات الأساسية في رسم التوجهات السياسية؛ سواءً في اللحظة الراهنة أو المستقبلية، دون إهمال البُعد الآيديولوجي في الاصطفافات السياسية المرحلية. وإذا أُخِذَت هذه الحيثيات في الاعتبار، لن يبقى من تلك التطلعات سوى النزعات المثالية والانتهازية، التي تُستخدم لتمويه التناقضات، ولا ريب أن إعطاء مثل هذه القضايا الأهمية التي تستحق قد يُسَهِّل استشراف الأفق القادم، وممكناته على كافة الصعد السياسية والتحالفية وغيرها. وبطبيعة الحال، فإن الظروف الاستثنائية وما يرافقها من إرهاصات قادرة على أن تُداعِب أحلامًا خيالية، جُلُّها تنطلق من فرضية ترى أن ترتيب الواقع نظريًا يُمكن من ترتيبه واقعيًا! غير أن وقائع الحياة العملية تدحض باستمرار مثل هذه التصورات القائمة على توليفات غير متناسقة شكلًا ومضمونًا، والتي تساهم في ستر الحقائق المُستوحَاة من التجربة التاريخية.
لن يحتاج المرء للكثير من الاجتهادات الفكرية لرؤية الأمور كما تجري من الناحية الفعلية، التي لم يطرأ عليها إلى الآن تغيير جدي في الرؤى والمواقف الآيديولوجية السابقة؛ فما زالت جميع الأطراف الفاعلة سلبًا وإيجابًا ترى في اللحظة الراهنة لحظة عابرة وتحالفاتها مؤقتة؛ الأمر الذي يجعل التمسُّك بالثوابت التقليدية- بصرف النظر عن مدى صحتها- أمرًا قائمًا. ومن يتتبع الخطاب السياسي والإعلامي يلحظ ذلك بيُسرٍ، وهذا في حد ذاته مؤشر أولي على ثبات القناعات الفكرية والسياسية التاريخية، باعتباره انعاكسًا لثبات المواقع الطبقية والتناقضات التاريخية، وأن أي جهد يسعى لتحري الحقيقة خلف الستار الكثيف من التلميحات والتصريحات المتناقضة، وعليه أن يُعطي المرتكزات المادية والفكرية، الأوليةَ، بحيث لا يغيب طغيان ركائز آيديولوجية راسخة قائمة على احتكار الحقيقة، وإكسابها الطابع الكُلي غير القابل للمراجعة والنقد العلمي، والتي تحمل في ذاتها ميكانيزمات تستبعد التقاطعات الاستراتيجية البعيدة.
هذا المدخل بخطوطه العامة قد يحمل في داخله مسارًا آخرَ صاعدًا، لم يأخذ مداه داخل الواقع الخاص لكل حالة، وهو بحاجة إلى المزيد من الوقت حتى تتضح معالمه بشكل كافٍ. وربما هذا أحد مكامن حذر القاعدة الجماهيرية العربية التي ما زالت- رغم عنف الصراع وتفاعلاته- تعيش تناقضًا حادًا بين الانحياز المُطلق لنهج تُعِدُهُ وسيلةً للخلاص من السيطرة الاستعمارية الكولونيالية، وبين الأطر القائمة التي لا تُشكِّل وجودَها حالة اطمئنان كافية. وبتناقضاتها تلك يتجلى وعي جدلي مُركَّب يستمد مشروعيته من مخزون نظري وعملي مُتجذِّر في تُربة الواقع الاجتماعي، ويتمظهر بين قُطبي المقاومة والتغيير الاجتماعي؛ كخيار استراتيجي وبين الضمانات التي يجب أن تصُب في مصلحتها اقتصاديًا واجتماعيًا وسياسيًا وفكريًا. ولا ضير من الاعتراف بأن مبعث تردُّدِها هو الإحساس الغامض بأنَّ كل ما هو مطلوب منها يُراد به تكريس خياراتٍ ما زال حولها جدل فلسفي وفكري وسياسي، ولم يُشكِّل يومًا عنصرَ إجماعٍ، لا في جانبه الفكري والفقهي، ولا في جانبه السياسي والتنظيمي؛ وهي معضلة بحاجة إلى الكثير من الممارسات النزيهة حتى تأخذ حيِّزها المُستَقِر في العقل والوجدان؛ بعيدًا عن توظيف الدواعي الآنية في بوتقة نعرات الماضي القاتلة.
ولعل المسألة الجوهرية في صياغة التحالفات القادمة، تتوقف بالدرجة الأولى على دور الأمة العربية في تجاوز الإخفاقات ولَمْلَمَة أوضاعها الذاتية والاعتراف بالهزيمة كمعطى موضوعي، وما نتج عنها من تِيهٍ، جعلها عرضةً للانتهاكات المزدوجة، وهو أمر طبيعي في ظل تفشي المشاريع القُطرية التي تتطلب ظهيرًا خارجيًا من ناحية، واستغلال المشروع الإمبريالي والصهيوني للحالة المتردية لبسط سيطرته المطلقة من ناحية أخرى. وما بينهما من حركة موازية للمشاريع الإقليمية الخاصة، وكلها تدور رحاها في فضاء الجغرافيا العربية المُنهكة بالحروب العبثية، بحيث لا تستطيع التحالفات المُجزَّأة صدها، مهما كانت مبررات اللحظة الراهنة؛ الأمر الذي يفرض ضرورة وأهمية إعادة الاعتبار للمشروع القومي، كإطار وَحْدَوِيٍ جامعٍ، وانتشالِ ما تبقى من شتات عوالم التقسيم الاستعماري بكل صعوباته وتعقيداته، وإطلاق الفعالية الفكرية والنقد الحُر الذي يطال الماضي والحاضر، دون محاذير مُسبَقة، حتى يُبحر العقل طليقًا في عالم المعرفة والحقائق العلمية والتحرر من التعصب البدائي الأعمى.
وعلى ضوء حركة الجدل بين الواقع والفكر، سيتضح مدى المساحات المشتركة مع الذات والآخر، بكافة أبعادها الإقليمية والدولية، ثم يأتي العمل السياسي ليؤطِّر حصيلة الإنتاج المعرفي، والاحتكام لشروط الزمان والمكان، وفق صيغ ومقاربات نيِّرة، تُفرزها عملية الجدل الموضوعي ومُتطلبات الواقع واستحقاقاته.
رابط مختصر