بوابة الوفد:
2025-01-03@00:19:32 GMT

النظرية الشبهية

تاريخ النشر: 25th, April 2024 GMT

يسرد عمنا محمود السعدنى فى كتابه الشيق مسافر على الرصيف قصصا مثيرة عن شخصيات ادبية عظيمة كانت تجلس على قهوة عبدالله بإحدى عمارات ميدان الساعة بالجيزة، حقق هذا المقهى العادى شهرة واسعة فى الأوساط الثقافية بسبب رواده من نخبة متنوعة وتشكيلة رائعة من عمالقة هذا العصر أمثال زكريا الحجاوى عبدالرحمن الخميسى انور المعداوى يوسف ادريس نزار قبانى سيد مكاوى زهدى محمود حسن اسماعيل عبدالقادر القط والرئيس السادات فى ريعان شبابه والقائمة تطول كانت هنالك ندوات حرة ثرية ممتدة حتى طلوع الفجر تتناول بسخرية جادة مواضيع الساعة فى السياسة والادب والفن وحتى آخر النكات التى يتداولها الناس.

 وكانت محل ميلاد المواهب الثمينة وملاذ الباحثين عن فرصة فى عالم الادب والنقد فقد تخرج فى هذه الجامعة الفريدة العديد من النجوم الشابة فى كافة المجالات ومن ضمنهم صلاح السعدنى الذى تأثر كثيراً بشقيقه الأكبر محمود السعدنى وما ادراك بالولد الشقى الذى صادق الملوك والرؤساء والصعاليك والمهمشين وهذا ما وضعه فى مشاكل لا حصر لها دفع جزءا من ثمنها الممثل الشاب صلاح الذى كان يخطو بثبات اولى درجات سلم النجومية بعد أن لفت الأنظار بموهبته المتوهجة فى فيلم الأرض والرصاصة لا تزال فى جيبى لكن فترة التكوين المثالية التى جعلت منه المثقف الثورى المهموم بقضايا وطنه فى فترة حساسة جدا تموج بأحلام الاستقلال الوطنى والعدالة الاجتماعية ليستفيق على كابوس نكسة يونيو التى حطمت افئدة الحالمين وغيرت كل شىء لتأتى حقبة عدم اليقين.

حظى السعدنى بملامح مصرية صرفة تدعمها موهبة فنية عالية بين أبناء جيله، لكن قوانين السوق الظالمة التى تخضع لمعايير الربح والخسارة كان لها رأى آخر وهو ما أثر بشكل كبير على مسيرته الفنية، فكان المتاح اقل بكثير من قُدراته وإمكانياته وطموحه، ومع ذلك اجتهد فى انتقاء الأفضل فلعب أدواراً علقت فى ذهن المشاهد تنوعت بين الكوميديا والدراما. 

رصيده السينمائى الكبير حيث قدم نحو 65 فيلماً ومع ذلك لم يكن فتى الشاشة الاول أو نجم شباك التذاكر، لكن فلسفته العميقة وذكاؤه الفنى دفعه للعب فى منطقة خاصة جدا فقد راهن على الجودة والقيمة الفنية، لذا اتجه إلى المسرح والدراما التليفزيونية فقدم اعمالاً خالدة ما زالت محفورة فى الذاكرة الجمعية بعيدا عن كفاءة صلاح الممثل والفنان فقد كان شخصية جذابة جدا موسوعى الاطلاع والثقافة متحدثا لبقاً رفيع المستوى كان له رؤية خاصة أتذكر حديثه الرائع عن نظريته الشبهية التى يشرح فيها بعبقرية ماسأة المجتمعات العربية التى ترزح تحت نير الاستبداد والجهل والتخلف، فهى تبدو من حيث الشكل مواكبة للحداثة ولديها مؤسسات سياسية وثقافية ورياضية…الخ لكن حقيقة الأمر هى ابعد ما تكون عن ذلك لأسباب كثيرة يطول شرحها فما بين الماضى والحاضر امور مشتركة وشخصيات مكررة ومواقف معادة.

لم تكن يوما حياته الشخصية هى محور أخباره الصحفية فعاش بهدوء وسكينة أبناء الطبقة الوسطى حتى اعتزاله بكرامة وشموخ، وهو ما جعله يركز على تقديم صورة مثالية ناصعة ومحترمة عن الفن المصرى قوبلت بتقدير عظيم من محبيه ظهر ذلك جلياً فى جنازته المهيبة لاسيما الحضور اللافت للأجيال الجديدة التى اتخذته مثالا وقدوة لما يجب أن تكون عليه قوة مصر الناعمة.

رثاء صلاح السعدنى المثقف العفوى هو احتفاء بقيم انسانية سامية وبرسالة الفن الحقيقية.. رحم الله عمدة الدراما وأسكنه فسيح جناته.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: محمود السعدنى

إقرأ أيضاً:

الأسد المرقسى

يعتبر إنجيل لوقا الإصحاح العاشر تحديداً هو الإنجيل الوحيد الذى ذكر صراحة مهمة السبعين تلميذاً كما تطلق عليهم المسيحية الغربية أو السبعين رسولاً كما تطلق عليهم المسيحية الشرقية، نعم لقد اصطفى السيد المسيح الأتقياء الأنقياء فهم متواضعون للغاية يأكلون الطعام الذى يأكل منه الفقراء روحه حلت فيهم لذا لديهم قوة روحية عظيمة فهم يشفون المرضى باذن الله تخشاهم المردة وتفر منهم أينما ذهبوا يحل السلام والبركة ينشرون الكلمة بأن ملكوت الله قريب لذا أسماؤهم مكتوبة فى السماء، يقال إن أصل كلمة «مار» سريانية بمعنى قديس لقد ولد مار مرقس فى القيروان إحدى المدن الخمسة الغربية الواقعة فى ليبيا، فى بلدة تدعى ابرياتولس، فى أحد الأيام هجمت عليهم إحدى القبائل البربرية، فذهبوا إلى موطنهم الأصلى فى فلسطين. كانت أمه مريم من النسوة اللواتى خدمن السيد وتلاميذه وفتحت له بيتها حيث كان يجتمع فيه مع تلاميذه واكل فيه الفصح وقدم سر الافخاريستا لم يكن مار مرقس من التلاميذ الإثنى عشر لكنه كان من السبعين تلميذا وكان يمت بصلة قرابة بكلا من القديس بطرس والقديس برنابا وذهب معهما فى رحلته التبشيرية الأولى وكرز معهما فى أنطاكية وقبرص حتى آسيا الصغرى. لكنه مرض ولم يكمل معهما الرحلة وعاد إلى أورشليم بعد ذلك دخل مار مرقس الإسكندرية 60 م وقد بلغ منه الجهد والتعب مبلغه فقد تهرأ حذاؤه من كثرة السير، فقابل الإسكافى أنيانوس ليصلحه له فدخل المخراز فى يده فصرخ يا الله الواحد فشفاه مار مرقس وبدأ يحدثه عن الإله الواحد، فآمن هو وأهل بيته ثم انتشر الإيمان سريعًا بين المصريين واستفزّ ذلك الوثنيون الذين كانوا يحتفلون بعيد الإله سيرابيس الذى تصادف مع عيد الفصح وبينما كان مار مرقس يرفع القرابين المقدسة هجم عليه الوثنيون وألقوا القبض علىه وبدأوا بسحله فى طرقات المدينة حتى تناثر لحمه وزالت دماؤه وإمعانًا فى التنكيل أضرموا فيه نارًا عظيمة، لكن هطلت أمطارًا غزيرة فأطفأت النار، ثم أخذه المؤمنون وكفَّنوه ودفنوه فى كنيسة بوكاليا التى كانت تسمى دار البقر وفى سنة 827 سرق بعض التجار الإيطاليين جسده وبنوا عليه كنيسة عظيمة فى مدينة البندقية وجعلوه رمزاً للمدينة لكن ببركة دعاء البابا كيرلس سنة 1968 عادت إلى القاهرة رفات القديس الشهيد مبدد الأوثان كاروز الديار المصرية صاحب المعجزات حيث كان يرمز له بالأسد فخلال سيره إلى الأردن مع والده الذى لم يكن مؤمناً بعد اعترض طريقهما أسدا ولبؤة من شدة الرعب طلب الأب الخائف على ابنه أن يهرب منهما فى الوقت الذى ينشغلوا فيه بافتراسه هو لكن الابن الصغير طمأن الأب وتضرع إلى الرب لينشق الأسد واللبؤة نصفين على الفور فأمن الأب وأصبح مسيحيًا.

أعتقد أن الايمان بالله الواحد قصة ممتدة متعددة الحلقات كما جاء فى محكم التنزيل «و مثلهم فى الانجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيماً» لقد ذكر القرآن الكريم قصص المومنين من أهل الكتاب بكل محبة فى سور المائدة والكهف والفتح والصف والبروج لكن الجهل والتعصب الاعمى وجهان لعملة واحدة تصرف فى أسواق الكراهيه والتناحر فعقيدة كل انسان حق مقدس وحرية شخصية اقرها العليم الحكيم تحت مبدأ لكم دينكم ولى دين، وأيضاً حسمها حين قال: لو شاء الله لهداكم اجمعين، لذلك تعالوا إلى كلمة سواء فجوهر المسيحية هى المحبة وشعار الإسلام وتحيته هى السلام من السلام للأسف حال المسيحيين فى الشرق الاوسط لا يسر عدوًا ولا حبيبًا والسبب هو زرع بذور الفتنة من الخارج وغباء المتطرفين فى الداخل، لذا اصبح لزاما على مصر أن تقدم نموذجا يحتذى به فى التعايش والتسامح فهذا هو قدرها نحن نحب الأقباط تقرباً لله ورسوله فقد انزل الله فى كتابه العزيز « لتجدن اشد الناس عدواة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأنّ منهم قسيسين ورهبانا وانهم لا يستكبرون» وكذلك أوصانا من أرسله الله رحمةً للعالمين فقد روى كعب بن مالك عنه أنه قال: إذا فُتِحَت مصرُ فاستَوْصوا بالقبطِ خيرًا فإنَّ لهم دمًا ورَحِمًا وفى روايةٍ إنَّ لهم ذمَّةً يعَنى أنَّ أمَّ إسماعيلَ كانَت منهم. كل عيد ميلاد مجيد وآهلنا وأحبتنا بخير ومصر آمنة مطمئنة.

 

مقالات مشابهة

  • المستريحة تتصدر تريند توتير بـ السعودية
  • الحياة الحزبية.. فى مصر
  • الأسد المرقسى
  • مصطفى قمر: فخور بالوقوف لأول مرة على خشبة البالون
  • ممدوح عباس ينهى أزمة تجديد عقد "زيزو" مع الزمالك
  • «المستريحة» يفتتح موسم رأس السنة بكوميديا راقية
  • إلى الداعين لحزب جديد!
  • غزة المنسيِّة
  • ميلاد السيد المسيح
  • صلاح ماجد: أتمنى العمل مع منى زكي .. وهذه أمنيتي لعام 2025