الصراع والتعاون بين إثيوبيا والدولة المهدية، 1884 – 1898م (2 -3)
تاريخ النشر: 25th, April 2024 GMT
CONFLICT AND CO-OPERATION BETWEEN ETHIOPIA AND THE MAHDIST STATE, 1884 – 1898 (2 -3)
G.N. SANDERSON جورج نيفل ساندرسون
تقديم: هذه ترجمة للجزء الثاني من غالب ما ورد في مقال نشره جورج نيفل ساندرسون (1919 – 2001م) في المجلد الخمسين من مجلة "السودان في رسائل ومدونات SNR" الصادرة عام 1969م، صفحات 15 – 40.
وبحسب ما جاء في موقع أرشيف السودان بجامعة درم البريطانية عن البريطاني ساندرسون، وفي نعي بيتر وود له في العدد الحادي والعشرين من مجلة "الدراسات السودانية"، فقد تخرج الكاتب في جامعة أكسفورد عام 1940م. التحق بعد ذلك بالجيش البريطاني، وبُعِثَ به إلى مصر. ثم عمل الكاتب بوزارة المعارف السودانية بين عامي 1946 و1947م، ثم عُيِّنَ محاضراً بكلية غردون التذكارية (1947 – 1953م)، وأستاذا للتاريخ (ورئيسا لوحدة أبحاث السودان) بجامعة الخرطوم بين عامي 1962 و1965م.
تولى ساندرسون رئاسة تحرير مجلة "السودان في رسائل ومدونات" بين عامي 1953 و1962م، وله فيها مقال عن تلك المجلة كمصدر مهم من مصادر أبحاث السودان (https://shorturl.at/bjkvS).
المترجم
********* ************* ***********
بعد أن استقرت الأوضاع المحلية للخليفة عبد الله، اِتَّبَعَ – على عكس ما كان متوقعاً - سياسة حذرة تميل إلى الاعتدال تجاه إثيوبيا، على الرغم من أنه كانت للخليفة ما يكفي من الأسباب والذرائع للهجوم على اثيوبيا، أهمها عدم استجابة يوحنا لدعوة المهدي له بالدخول في الإسلام، إضافة لنشوب عدد من المعارك الصغيرة المتفرقة بين الطرفين بعد عام 1885م. ولم يكن تكلي هايمانوت، الذي يسمى أيضا "الرأس عدل Adal Tesema"، والذي كان يحكم مملكة جوجام (وهي مملكة إقليمية في شمال غرب إثيوبيا. المترجم) مهتماً آنذاك بتحسين العلاقات مع دولة المهدية، فواصل في إيواء بعض اللاجئين من القادة السياسيين السودانيين المهمين مثل صالح إدريس، وهو من أعيان التكرور، وكان الحكم التركي – المصري في السودان قد عينه شيخاً وحاكما للقلابات. وأسوأ من هذا، كان تكلي هايمانوت قد رحب بجميع من ارتدوا ولجأوا إليه. ومن جانبه، لم يكن لمحمد ود الأرباب (حاكم القلابات في عهد المهدية) القدرة أو الرغبة في منع جنود حاميته من الإغارة على المناطق الإثيوبية. وفرغ صبر تكلي هايمانوت في يناير من عام 1887م، فهاجم القلابات بقوات كبيرة، فر من أمامها جنود حامية المهدية، بينما صمد محمد ود الأرباب حتى قُتِلَ في ساحة المعركة. وواصلت القوات الإثيوبية في التقدم لمدينة القضارف، إلا أنها توقفت عن السير وقنعت بما استولت عليه من غنائم. وتنفس الخليفة عبد الله الصعداء عند سماعة لخبر تراجع القوات الاثيوبية.
غير أنه لم يكن من المقبول للخليفة ألا يرد على تلك الإساءة التي تلقاها من الجيش الإثيوبي. فقام في فبراير 1887م بإرسال خطاب إنذار وتحذير ليوحنا. غير أن هذه الوثيقة لا تشابه ذلك الإنذار والتحذير الذي بعث به المهدي (قبيل وفاته) إلا من نواحي شكلية فحسب، ولم يشر الخليفة في خطابه ليوحنا قط لرسالة المهدي تلك. وكانت لهجة ومضمون رسالة الخليفة ليوحنا مختلفة عن الرسائل التي كان قد بعث بها إلى الملكة فيكتوريا والسلطان والخديوي (1). صحيح أن يوحنا كان مأموراً بقبول الإسلام وقبول عبد الله بحسبانه خليفةً للمهدي، وكان مُتَيَقّناً إلى أنه إذا فعل ذلك فسوف "يحظى بالحماية والتكريم"، وإن أَبَى "فستقع العواقب الوخيمة على رأسه". غير أن قضية السلام أو الحرب كانت قد طُرِحَتْ بحيث تحولت إلى مطالب أكثر ملاءمةً للحوار الدبلوماسي الطبيعي. وصار على يوحنا أن يعيد كل السجناء السودانيين وجميع السودانيين الآخرين الراغبين في العودة إلى بلادهم. أما بالنسبة للمرتدين وغيرهم من غير الراغبين في العودة، فيجب على يوحنا أن يحصل من كل واحد منهم على إقرار مختوم برفضه العودة لبلاده، وأن يرسل تلك الإقرارات إلى أم درمان "حتى نعرف أنهم لم يعودوا من مواطنينا"؛ "ويجب عليك أن توقف الغارات على حدودنا، وأن يبقى رجالك في ما وراء حدود بلادهم". وعلى الرغم من أن يوحنا كان قد تلقى إنذاراً رسمياً بأنه إن لم يقبل بالإسلام دينا فينبغي عليه "ألا يتوقع شيئاً سوى الحرب". وعلى الرغم من أن لهجة تلك الرسالة (2) كانت تنطوي بالضرورة على تهديد وترهيب ووعيد، إلا أنها كانت تلمح أيضاً إلى إمكانية قيام حالة من "التعايش السلمي" بين الدولتين إن قَبِلَ يوحنا بمطالب الخليفة الأكثر محدودية. وبعد أن أوردت رسالة الخليفة عبد الله قائمة بتلك المطالب، وعد الخليفة بأنه إن فعل يوحنا ما طُلِبَ منه، فإنه سوف لن يشن عليه الحرب، وسيأمر جيشه بعدم دخول بلاده.
وكانت حاشية الخليفة عبد الله ترى – وهي مُصِيبة - أن رسالة الخليفة ليوحنا هي "رسالة ودية" في مضمونها. غير أن لهجتها التهديدية لم تعجب يوحنا فيما يبدو، فتجاهلها تماماً. وظل الخليفة يتباطأ في اللجوء لحرب مفتوحة ضد اثيوبيا. واكتفى يونس ود الدكيم (الذي أُسْنِدَتْ إليه مهمة إعادة السيطرة على القلابات في نهاية يناير 1887م) بشن حملات انتقامية صغيرة ومتقطعة على الحدود، ثم القيام – في وقت السلم - بمصادرة قوافل التجار الإثيوبيين التي كانوا قد دخلوا للسودان وهم يحملون خطابات عبور آمن. وفي تلك الأيام أُستدعى الخليفة حمدان أبو عنجة (الذي ربما كان أمهر قادة الخليفة) من كردفان لتعزيز موقف يونس ود الدكيم العسكري في القلابات. وصل أبو عنجة إلى أم درمان في أبريل؛ غير أن الخليفة لم يبعث به وبجيشه للقلابات إلا في أكتوبر، بعد أن سمع من جواسيسه بأن يوحنا كان قد أمر تكلي هايمانوت بأن يهاجم قوات المهدية. غير أن العمليات العسكرية تعطلت أكثر بعد حدوث خلافات ذات طابع سياسي وديني في منطقة الحدود، بل في أوساط جيش المهدية نفسه.
وكان سلوك وموقف الخليفة عبد الله تجاه إثيوبيا بين شهري يناير وأكتوبر 1887م يدل على أنه كان (على الأقل في مسالة الحدود) أكثر اهتماماً بأمن بلاده الإقليمي من اهتمامه بالقيام بجهاد نشط ضد الإثيوبيين. وعلى الرغم من أنه كان قد أمر قواته في مطلع ذلك العام بالاستعداد والتحضير العسكري، إلا أنه متأبياً ونافراً بعض الشيء عن اِستثارة الإثيوبيين والدخول معهم في حرب كبيرة شاملة، ولم يلتزم بفكرة ضرورة قيام مثل تلك الحرب إلا بعد أن تيقن من نوايا يوحنا العدائية تجاه دولته. ولعل تريث الخليفة في الدخول في حرب ضد الإثيوبيين كان بلا ريب مرده التزامه بالحديث النبوي "أتركوا الحبشة ما تركوكم" (3). وقد كان الخليفة قد ذكر ذلك الحديث في رسالته ليوحنا في جمادى الأول 1304هـ، الموافق لفبراير من عام 1887م. غير أنه من الجائز أيضاً أن ما منع الخليفة بالفعل من قتال الإثيوبيين هو خشيته من الأخطار العملية التي قد تنجم عن القيام بحرب شاملة ضد خصم قوي سبق له تحقيق انتصارات كبيرة ضد الجيش المصري لا تزال ذكراها عالقة بحوافِظ السكان المحليين. وكانت ليونس ود الدكيم (الذي كان يُؤْثِرُ القيام بعمليات صغيرة متقطعة ضد الإثيوبيين) ذات الشكوك والمخاوف، على الرغم ن إيمانه بـ "سياسة الوخز بالإبرة policy of pin pricks". وعلى كل حال لم تعلن الدولة المهدية في نهاية المطاف الحرب ضد إثيوبيا إلا بعد أن اِسْتَدْعَى الخليفة الأمير يونس ود الدكيم إلى أم درمان في السادس من يناير 1888م. وجاء ذلك في منشور للخليفة عبد الله صدر في 21 ربيع الآخرة 1305/ 1306هـ، الموافق ليناير 1888م، بعد "حضرة نبوية"، كما هي العادة في كل المنشورات السياسة المهمة التي كان يصدرها. وكان ذلك المنشور يفيد بأن النبي قد أَذِنَ له بـ "غزو الأحباش في أرضهم"، وأنه عين حمدان أبو عنجة قائداَ لتلك الغزوة، وسيقوم بعون الله بغزوهم في عقر دارهم وسينتصر عليهم. وذكر الخليفة في منشوره ما يفيد بأن النبي "ردد صيحة الحرب ضد الأحباش، وأنهم رددوها خلفه".
وبعد ثلاثة أيام من صدور ذلك المنشور، سار حمدان أبو عنجة من القلابات يوم 9 يناير1888م نحو منطقة دمبيا Dembea في شمال بحيرة تانا، وبلغها بعد عشرة أيام. وفي يومي 18 و19 يناير دخل في حرب ضد قوات تكلي هايمانوت (رأس عدل) في موقعة دبرا سين (Debra/ Debre Sin). وفي يوم 23 يناير هاجم أبو عنجة مدينة غوندار واستباحها، وأسر الكثير من سكانها، كان منهم أطفال تكلي هايمانوت نفسه. وشجع هذا الانتصار الكبير الخليفة (الذي كان متخوفاً من قبل من قوة خصمه) فأرسل في مارس 1888م خطابا تهديديا ثانياً إلى يوحنا اتسمت لهجته بالتشدد والغلظة، وكان يشابه الخطاب الذي كان المهدي قد بعث به ليوحنا في عام 1885م. وذكَّرَ الخليفة يوحنا بأنه سبق أن حُذِرَ مرتين من قبل، مرة من المهدي ومرة منه، ولكنه تجاهل بعناد شديد التحذيرين، وأنه الآن يقدم له خياراً أخيراً: التسليم التام، أو القضاء المبرم. وكان واضحاً من ظاهر تلك الرسالة أن الخليفة كان قد الزم نفسه بحرب جهادية شاملة.
غير أنه يبدو أن رسالة الخليفة ليوحنا تختلف عن رسالة المهدي له في أن الرسالة الأخيرة كانت قد أشارت لجهاد من نوع مختلف. فقد ذكر الخليفة في ختام رسالته ليوحنا أنه "ما زال يحبه"، وهذا اعتراف استثنائي في رسالة تهديد. ومن أجل طي صفحة العداء وإقامة علاقة صداقة، دعا الخليفة يوحنا لإتباع الدين الحق. ويبين منشور للخليفة صدر في أبريل من عام 1888م بعد حضرة نبوية أن هناك ما يشي بأنه كان لدى الخليفة بعض التحفظ تجاه الجهاد ضد اثيوبيا. وجاء في ذلك المنشور ما يفيد بالتالي: "أما فيما يخص الترك، فقد أخبرني النبي .... وأن الارتعاد والهلع من المهدية قد قر في قلوبهم، لذا فقد أُذِنَ لنا بإرسال الأنصار لقتالهم في مصر"؛ بينما كانت لهجة الخليفة تجاه الإثيوبيين أقل عدوانية، فذكر أن النبي محمد قد ضمن له أنه "إذا فكر الإثيوبيون، أعداء الله، في قتالنا، فسوف تُغل أيديهم إلى أعناقهم، وسننتصر عليهم"، وبمعنى آخر، فقد ألمح الخليفة للأنصار بأنهم سينالون نصرا دفاعيا.
وفي الواقع، كانت السياسة المهدوية تجاه إثيوبيا بين يناير من عام 1888م حتى مارس من عام 1889م تتصف في الغالب بمحاولات جهادية أقل تعنتاً أو أكثر جنوحاً للانتهازية الحذرة، على الرغم من ميل تلك السياسة في أحيان قليلة للعدوانية. وعندما كانت المقاطعات الحدودية تعاني من ضعف الدفاعات، شن الأنصار غارات واسعة النطاق ومدمرة على إثيوبيا؛ وحتى غزو السودان نفسه في مارس 1889م، ظل الأنصار يتجنبون أي مواجهة مع جيش إثيوبي كبير.
وبعد أيام من إسقاط غوندار في يناير 1888م، عاد حمدان أبو عنجة وأنصاره إلى القلابات بغنائمهم وأسراهم. وبعد فترة نحو خمسة شهور لم يتمكن أي من الطرفين المتحاربين من القيام بتحرك هجومي جاد. وسمحت تلك الهدنة غير الرسمية للقادة المتحاربين بتبادل التحايا والهدايا (4). وفي نهاية فبراير قام حمدان أبو عنجة بإرسال خطاب لتكلي هايمانوت أخبره فيه عن أطفاله (أطفال تكلي هايمانوت) الذين أُسِرُّوا في غوندار. وكانت بنت تكلي هايمانوت، واسمها مانتاوب قد تُوُفِّيَتْ، غير أنه ولده ليج ماكونن كان قد أبَلَّ من جرح أصيب به، بينما كانت بنتاه في حالة جيدة. وفي الرابع من أبريل 1888م رد تكلي هايمانوت على رسالة حمدان أبو عنجة له وشكره على ما قام به تجاه أفراد أسرته وهم في الأسر، خاصة دفنه لبنته بطريقة لائقة وصورة كريمة. وأضاف بأن بنته "لم تكن لتلق تكريماً أكثر من الذي نالته" من حمدان أبو عنجة في القلابات، وأنه يناشده أن يرد له أفراد عائلته المأسورين عنده، من باب "الصداقة والأخوة"، و "إن إعادتهم له سوف تماثل إعادة بنته المتوفية للحياة". وأرفق تكلي هايمانوت مع رسالته تلك هدايا ثمينة لحمدان أبو عنجة شملت "فتاة جميلة". وكتب لحمدان أبو عنجة مجدداً رسالة (بتاريخ 22 رجب 1305 هـ الموافق لأبريل 1888م) أرفق معها خطاباً لولده ليج ماكونن، وذكر لحمدان أبو عنجة أنه سيصير صديقاً صدوقا له إن أعاد إليه أطفاله (6).
وكان ابن تكلي هايمانوت (واسمه راس داستا Ras Dasta) هو من حمل رسائل والده إلى حمدان أبو عنجة في القلابات. وكان تكلي هايمانوت قد اقترح على حمدان أبو عنجة أن يكون ولده هذا هو الوسيط الذي يمكن الاعتماد عليه في نقل أي رسائل شفوية سرية بينهما. وبحلول مايو 1888م، كان من غير المحتمل أن يكون تكلي هايمانوت جاهلاً بموقف الخليفة المتعنت. ولكنه على الرغم من ذلك كان من الواضح أنه ظل على استعداد للدخول في حوار مع المهدويين، بغرض الوصول إلى سلم محلي (7). ولا ريب في أن اقليم تكلي هايمانوت كان قد عانى من تدمير كبير على يد قوات المهدية، مما جعله عرضةً لمزيد من هجماتهم. إضافة لأن وضع إقليمه في إثيوبيا كمنطقة دارِئَة (buffer) بين يوحنا والقوة الصاعدة في شوا (Shoa) غدا صعباً بصورة متزايدة بعد عام 1885م، خاصةً مع تدهور العلاقات بين جارتيه القويتين.
وبحسب ما جاء في كثير من الوثائق والسجلات، تجاهل المهدويون ما ألمح إليه تكلي هايمانوت. غير أنهم سعوا – بمبادرة منهم – لعقد مفاوضات مع منليك، الذي كانت له قوات كبيرة في منطقة بحيرة تانا، إضافة للقوات التي أتته من شوان (Shoan)، ولعل في ذلك ما يفسر عدم قيام جيش المهدية بأي نشاط حربي في تلك المنطقة في غضون النصف الأول من عام 1888م. ولم تكن المقترحات الدقيقة المقدمة إلى منليك معروفة، والوثيقة الوحيدة التي بقيت إلى الآن هي ردود منليك، وهي ردود تعوزها التفاصيل. ومع ذلك، يبدو واضحاً أن قادة المهدية كانوا يأملون في إقناع منليك بالبقاء على الحياد، أو على الأقل ألا يتدخل في الحرب في حالة حدوث المزيد من الغارات على شمال إثيوبيا. وفي الثالث والسادس من أبريل 1888م أرسل منليك رسالتين إلى الأمير يونس ود الدكيم (الذي كان قد آب للقلابات في مارس من ذلك العام) وللأمير إدريس (الذي لم يتم التعرف على شخصيته) بعد أن أرسلا له قائدا اسمه محمد وهو يحمل رسالة يدعوانه فيها ليجنح للسلم. ولما لم تكن تلك الرسالة ممهورة بختم رسمي، أرسل لهما منليك مبعوثه الخاص الحاج أحمد، وهو من الجبرتة أو المسلمين الأمهرة (8) للحصول على مزيد من المعلومات عما طلباه. وعاد الحاج أحمد لمنليك وهو يحمل خطاباً ممهوراً بختم من حمدان أبو عنجة نفسه. وعلى إثر ذلك أرسل منليك في 12 مايو وزيره مشاشا واركي حاملاً رده. وجاء في رد منليك أنه سيتدخل فقط "من أجل عقد مصالحة بينك (أي مع دولة المهدية) وبين ملك الملوك يوحنا". وكان منليك قد بدأ خطابه بتحية مسيحية، وحمل عبارات عدوانية واستفزازية ضد المسلمين. ونصح منليك حمدان أبو عنجة بأخذ العبرة مما حدث لأمير مسلم (هو الأمير عبد الله محمد عبد الشكور في هرر) كان قد رفض الانصياع لمنليك، فقام جيش شوان بعزله في الخامس من يناير 1887م (أورد الكاتب ترجمة انجليزية لبعض عبارات منليك المسيئة والمستفزة للمسلمين، والتي شملت أن الإسلام "دين كاذب، تعلمه النبي من الشيطان". المترجم).
وكان رفض منليك الفظ لأي تعاون مع المهدويين، وما أبداه (ظاهرياً على الأقل) من ولاء وإخلاص ليوحنا أمراً لافتا، إذ أن علاقته بيوحنا لم تكن جيدة بأي حال من الأحوال. فعلى الرغم من أن الإيطاليين كانوا قد احتلوا مصوع في عام 1885م، وشكلوا تهديدا مستمراً للتقراي، إلا أن منليك واصل بإصرار في الحفاظ على علاقة طبية مع الإيطاليين، الذين ظلوا يمدونه بصورة منتظمة بالأسلحة والذخائر مما قوى جيشه وعظم من شخصيته. وعند حلول شهر مايو من عام 1888م بدأ منليك يشعر بالخشية من أن يوحنا قد يقوم بهجوم مضاد لمعاقبة وردع شوا. وفي يوم 17 مايو – أي بعد خمسة أيام من خطابه العدائي لحمدان أبو عنجة، بدا أن منليك قد قرر أن الطريقة الوحيدة لإحباط هجوم حمدان أبو عنجة هي زيادة تشجيع الإيطاليين للقيام بعمليات عسكرية ضد الملك يوحنا. ولما عاد منليك إلى شوا في يوم 2 يوليو، قدم للقائد الإيطالي بيترو أنطونيللي اقتراحا بالتحالف معه والقيام بعمليات حربية مشركة ضد يوحنا (9). وكان ذلك التحالف يقضي بألا يتدخل الإيطاليون إلا عندما تهاجم قوات يوحنا منطقة شوا. ويبدو أن ذلك التحالف كان فقط من باب الردع ليوحنا، وليس محاولة منه ليحل محله في سدة الملك.
ومع ذلك، فمن الواضح أن منليك تراجع عن التعاون المعلن مع المهدويين، وهو الأمر الذي كان بلا شك أقل شعبية في شوا بما كان سيغدو عليه الحال في تيقراي. بل كان منليك قد رفض عرضهم برسالة فظة واستفزازية تتناقض بشكل حاد مع أسلوبه الدبلوماسي المعتاد. وبما أن رده كان بالرفض، فيبدو أن ميلنك اعتقد أنه من المفيد له - لأسباب ليس من الصعب تخمينها - أن يسطر رسالةً من شأنها "إثبات" الولاء ليوحنا. غير أن منليك، وفي غضون أسبوع من كتابة تلك الرسالة، بدأ بالانسحاب من المناطق التي كانت واقعة تحت التهديد المهدوي؛ وبذلك منح حمدان أبو عنجة الميزة أو المصلحة التي ربما كان يسعى للحصول عليها. ويمكن الافتراض بأن منليك كان يؤمل من أن يفضي انسحابه من تلك المناطق على تشجيع قوات المهدية لشن المزيد من العمليات الحربية لدرجة تكفي لصرف انتباه يوحنا عن القيام بأي عمل عدائي ضد شوا. وبالفعل شن حمدان أبو عنجة في يونيو 1888م هجوماً واسعا بلغ في النهاية إقليم بليسا Balesa (وهي واحدة أقاليم أمهرة التي تقع شرق بحيرة تانا). وبعد أن دمروا تلك المنطقة أجبرتهم الأمطار الغزيرة على الانسحاب منها بعد أن تفشت في أوساطهم بعض الأمراض، وبعد أن شرع يوحنا في شهر أغسطس من ذلك العام في إرسال الكثير من الجنود نحوهم. وفي خلال عام 1888م قامت قوات المهدية بشن غزوات في أقصى جنوب غرب إثيوبيا، خاصة في إقليم وليجيا (Wallega) الواقع بين أعالي نهر السوباط وأعالي نهر النيل الأزرق. ورغم أن تلك الغزوات كانت قد سببت إزعاجاً لمنليك، إلا أن يوحنا لم يعرها أي اهتمام.
وكان وينجت (الذي كان يستقي معلوماته بلا شك من مخبرين / جامعي معلومات سودانيين) قد ذكر أن رد يوحنا على رسالة الخليفة التهديدية في مارس عام 1888م جاء بعبارات متحدية هدده فيها بغزو السودان. وقيل أيضاً إن يوحنا كان قد بعث بتهديد مماثل عقب الغزوة الكبرى في صيف 1888م. غير أن تلك الرسائل – إن كانت موجودة بالفعل – لم يتم العثور عليها في أرشيف وثائق المهدية. غير أن ما هو مثبت هو أن يوحنا كتب خطاباً لحمدان أو عنجة في يوم 25 ديسمبر من عام 1888م، لم يتضمن أي تحدٍ أو تهديد، بل كان نداءً متعقلا لإقامة سلام بين الدولتين – وظهرت في هذا الخطاب سمة جديدة، ألا وهي الحاجة للتعاون بين السودانيين والإثيوبيين ضد الأوربيين. وبدأ يوحنا خطابه هذا بتذكير حمدان أبو عنجة بانتصاره الساحق على "الترك" في عامي 1875م و1876م، في إشارة منه إلى أن مَبعَث اقتراحه له بإقامة سلام بين بلاده والسودان ليس هو الخوف. وألمح يوحنا في اختصار إلى أن البلدين يتحملان نصيبا من المسؤولية في المعارك التي وقعت بينهما في السابق. غير أنه أنكر بشدة أي نوايا عدوانية لبلاده ضد السودان، وناشد حمدان أبو عنجة أن يحذو حذوه، وذكره بأن الحرب بين إثيوبيا والسودان ليست عديمة المعنى فحسب، بل هي تضر أشد الضرر بالبلدين وهما تحت تهديد عدو (أوروبي) مشترك بالغ الخطورة. وذكره أيضاً بأنه لو قُدر للأوروبيين الانتصار عليه، فلن يكفهم ذلك، بل سيغزون بلاده بعد ذلك ويدمرونها تدميرا. لذا تقتضي مصلحة البلدين المشتركة الاتفاق معا على التعاون ضد أولئك الغزاة والانتصار عليهم. وأشار يوحنا في خطابه للخليفة بما يفيد بأن السودانيين والإثيوبيين هم في الحقيقة "إِخْوَة"، وينحدرون من أصل (عرقي) مشترك. وناشده أن يكونا معا حلفا دفاعيا مشتركا، فهذه هي السياسة المعقولة الوحيدة ضد أولئك الغزاة القادمين من أوروبا وتركيا الذين لا يريدون خيراً بالبلدين، بل يسعون لحكمهما. وختم يوحنا رسالته لحمدان أبو عنجة بالقول بأن الإيطاليين كانوا قد عرضوا عليه قبل خمس سنوات التعاون من أجل الاستيلاء على كسلا، غير أنه رفض العمل معهم ضد الخليفة، وأنه أفلح بالفعل "في منعهم من الوصول لما كانوا يهدفون إليه" (10). وكانت الاعتبارات السياسية قصيرة الأجل، هي ما كانت قد حددت بلا ريب توقيت رسالة يوحنا للخليفة. فقد كانت العلاقة بين يوحنا ومنليك في ديسمبر من عام 1888م في أسوأ حالتها. وكانت القوات الإمبريالية على وشك أن تعبر أباي Abbai وتدخل منطقة شوان، وبدا أنه ما من محيص عن حرب مفتوحة. ولكن إن كان هدف يوحنا المباشر هو تأمين الحصانة من الغزو المهدوي بينما كان يعمل على قمع منليك، فإن رغبته في التعاون مع الخليفة ضد الأوروبيين تبدو حقيقية بما فيه الكفاية. إن البلاغة والقوة التي قدم بها يوحنا حجته للخليفة قد يتم تجاهلها بعد الاطلاع على رسالة مماثلة من ملك بارع في المُراءاة والمُنافَقَة مثل منليك. غير أن يوحنا لم يكن يتصف بمكر ودهاء مثل الذي عند منليك، وكان في بعض الأحيان شديدة السذاجة في أقواله الصريحة والمباشرة. وكانت إحدى مظاهر تلك الصراحة والمباشرة عند يوحنا هي تشدده وتعصبه الديني الذي لا يكتمه، ولعله ذلك التعصب كان ثمرة من ثمرات "تقوى دينية ولكنها متشددة". وكان تقواه الصادقة والمتعصبة في نفس الوقت هو الذي دفعه إلى الاضطهاد العقائدي داخل الكنيسة الإثيوبية وخارجها، وعلى إجبار ليس فقط الوثنيين، بل المسلمين أيضاً على التنصر. ولكن يصعب العثور على أي أثر ليوحنا "المسيحي المتعصب" في رسالته تلك إلى حمدان أبو عنجة. ومن الواضح أنه غدا الآن مقتنعاً بأن العداء الديني التقليدي يجب أن يفسح المجال للتعاون (مع الدولة المهدية) ضد الخطر القادم من أوروبا.
غير أن خطاب يوحنا، بكل ما فيه من بلاغة وجزالة وفصاحة، لم يجد استجابة في أمدرمان. ولم يكن متوقعا من خليفة المهدي أن يرد على خطاب يوحنا بعبارات تنم عن رغبته في السلام، فرد عليه بخطاب (لم يتم الاحتفاظ به) لا يخلو من عدوانية، بل ربما حمل بعض التهديد والوعيد ليوحنا؛ أي أنه كان خطاباً "روتينيا" مثله مثل بقية خطابات الخليفة المعتادة للإثيوبيين. ورغم ذلك، أعاد يوحنا المحاولة مرة أخرى مع الخليفة (هذه المرة عبر الزاكي طمل الذي خلف حمدان أبو عنجة في القلابات)، وأرسل إليه خطابا في بداية عام 1889م يناشده التعاون معه ضد الأوربيين. وكان رد الزاكي طمل حاداً وقاطعا، إذ رد عليه بما يفيد التالي: "ليس بين بلدنا وبلدكم إلا السيف حتى تسلم وتتبع عقيدة المهدي". وكانت تلك المبادرات القتالية بلا شك إلزامية أكثر من العادة بعد "التحذير الأخير" الرسمي الذي قدمه الخليفة في مارس 1888م. ولا شك أيضاً أن الخليفة لم يعد يشعر بالاحترام والرهبة (awe) من البراعة العسكرية الإثيوبية. ولذلك لم ير الخليفة أي سبب لعقد سلام مع الكفار، ولكن يبدو أنه من غير المرجح أن تكون لغته المتشددة المتطرفة قد أنذرت بتكثيف الجهاد. ومنذ الغزوة التي قام بها قوات المهدية في صيف 1888م، ظلت تلك القوات بالقلابات دون أي نشاط عسكري ملحوظ. فقد كان الخليفة قد أمر الأمير الزاكي طمل بأن يبقي قواته في حالة ترقب ودفاع. وكان يوحنا، وليس الخليفة، هو من ابتدر الهجوم. وكان يوحنا يسعى بشدة لإيقاع هزيمة ساحقة بالأنصار حتى يفرغ تماماً لمعركته القادمة ضد شوا. وقام يوحنا في مطلع عام 1889م بنقل عدد كبير من أفراد جيشه الذين كان قد عبأهم لقتال منليك إلى الحدود الغربية. وفي التاسع (والعاشر. المترجم) من مارس من ذات العام هاجمت قوات يوحنا جيش المهدي في القلابات وأوقعت به خسائر كبيرة، وكادوا ينتصرون عليه لولا أن يوحنا أصيب في مقتل وهو في ميدان المعركة، فتراجع جيشه، ومالت الكفة لجيش الأنصار الذي انتصر في نهاية المطاف، بل وتقدم إلى المتمة في 11 مارس. وتمكن الأنصار من أخذ جثمان يوحنا (والذي كان يرتدي زياً ملكياً زاهيا مرصعاً بالنياشين) وقطعوا رأسه وبعثوا به للخليفة في أم درمان، حيث أمر الخليفة بعمل عدد من النسخ المطبوعة بالحجر lithographed copies لما بعث به الزاكي طمل إليه. وأقام الخليفة في عاصمته احتفالات ضخمة فرحاً بذلك النصر المهم، لكنه امتنع عن القيام بأي أعمال جهادية (عسكرية) إضافية في المنطقة. غير أن الأمير عبد الله إبراهيم قام ببعض الغزوات الصغيرة في صيف 1889م ضد منطقة غوندار، وقام جيش المهدية ببعض العمليات العسكرية على الحدود الإثيوبية بعد 1889م في منطقة بني شنقول الغنية بالذهب (والتي كان إقليم شوا يدعي ملكيتها)، رغم أنها كانت منطقة مستقلة ويرأسها الشيخ عبد الرحمن خوجلي. ولم يستمر الخليفة في جهاده ضد اثيوبيا بعد ذلك، رغم أن الأوضاع في إثيوبيا كانت منذ عام 1889م وحتى انتصار منليك في معركة عدوة ضد الايطاليين في مارس 1896م مغرية لكل من يرغب في الهجوم على إثيوبيا. فقد انشغل منليك بأمر التقراي، وبعلاقاته المتوترة مع إيطاليا، وبالمجاعة والأمراض التي تفشت في أوساط البشر والأنعام بمناطق حكمه. ولم يجد الخليفة عبد الله في كل ما أصاب إثيوبيا إلا فرصة لتقليل أعداد جنوده في حامية القلابات.
************ ************ *************
إحالات مرجعية
1/ بُعثت الرسائل المذكورة لسلطان تركيا وخديوي مصر وملكة بريطانيا من وادي حلفا في 12 أبريل 1887م. وبُعثت رسالة الخليفة عبد الله إلى يوحنا بتاريخ جمادي الأول 1304هـ/ 26 يناير – 24 فبراير 1887م.
2/ بخصوص هذه النقطة، ذكر الكاتب في الحاشية أن جواسيس الخليفة ربما كانوا قد ضخموا له من نوايا يوحنا العدوانية تجاه الخليفة، بينما كان يوحنا منشغلاً في تلك الأيام بمواجهته للإيطاليين في مصوع. وقد يكون يوحنا قد أمر تكلي هايمانوت بالانتقام من الخليفة وجيشه، ولكن من المستبعد، على كل حال، أن يكون يوحنا قد قصد إشعال حرب واسعة النطاق ضد الخليفة.
3/ جاء في صفحتي 283 - 284 من كتاب "تاريخ السوان الحديث" لمحمد سعيد القدال، أن إسماعيل بن عبد القادر الكردفاني قال للخليفة "إن ترك قتال الحبش زمن الرسول جائز، لأنه كان مشغولاً بقضايا أهم. ولكن الحبش في هذا العهد تعدوا على دولة المهدية وقتلوا المسلمين وهاجموا القبائل وألزموا أهلها بدفع الجزية، وملكهم يوحنا من أشد ملوك الحبشة بغضاً للإسلام. لذلك فقتالهم واجب".
4/ ذكر الكاتب في الحاشية أن هناك عاملاً شخصياً في الأمر. فقد عُرف عن "حمدان أبو عنجة" أنه كان يتميز باللطف والتحرر، كما زعم سلاطين.
5/ أورد محمد سعيد القدال في صفحة 284 من كتابه "تاريخ السودان الحديث" بعض الأسباب التي ذكرها حمدان أبو عنجة للخليفة لتبرير عودته السريعة للقلابات كان منها "وعده للمراحم، ولأن أخباره قد انقطعت منذ مدة عن السيادة الخ). وأضاف القدال أنه كانت هنالك أسبابا أخرى لعودته السريعة للقلابات منها برودة الطقس وشدة الأمطار، وذلك "طقس ما كان في استطاعة الأنصار احتماله".
6/ ذكر الكاتب في الحاشية أن أطفال تكلي هايمانوت ظلوا أسرى عند الخليفة حتى بعد الوصول لاتفاق بين السودانيين والإثيوبيين في بداية عام 1897م. وقام كتشنر لاحقاً بإعادة من بقي منهم على قيد الحياة لبلادهم.
7/ أتهم أحد الكتاب الغربيين في رسالته لنيل الدكتوراه تكلي هايمانوت بأنه كان متآمراً مع المهدويين.
8/ للمزيد عن الجبرتة يمكن الاطلاع على ما جاء عنهم في موسوعة المعرفة https://shorturl.at/dlyL3 .
9/ للمزيد عن التحالف بين منليك والإيطاليين يمكن النظر في هذا الرابط: https://shorturl.at/rxyJ3
10/ أشار الكاتب في الحاشية إلى أن اقتراح الإيطاليين ليوحنا بالتعاون كان قد قدم في منتصف عام 1885م. وأورد محمد سعيد القدال في صفحة 286 من كتابه "تاريخ السودان الحديث" بعض ما جاء في رد حمدان أبو عنجة على يوحنا مثل: "وأما طلبك الصلح منا وأنت باقٍ على كفرك فبعد المشرقيين ودليل على ضعف عقلك وفراغ ذهنك. فيالك من سفيه ويالك من جاهل. أتريد منا صلحاً ومؤاخاة ولم تدخل في الدين الحق وكتاب الله ناه عن ذلك؟ فإن رمت الصلح فقل مخلصاً من قلبك أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ... وإلا فإننا سنقاتلكم ونخرب دياركم ونيتم أطفالكم ونغنم أموالكم".
alibadreldin@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الخلیفة عبد الله على الرغم من تلک الرسالة جیش المهدی الخلیفة فی الذی کان ی ر الخلیفة بینما کان التی کان فی نهایة یوحنا فی أم درمان کانوا قد فی مارس بما کان ما کانت کانت قد أنه کان یبدو أن أن یکون غیر أنه ما یفید لم تکن کان قد لم یکن إلى أن حرب ضد فی یوم جاء فی لم یتم بعد أن غیر أن قد أمر ما کان کان من إلا أن ما جاء
إقرأ أيضاً:
خالد الجندي: الشباب هم أغلى ثروة في وطننا.. والدولة المصرية تقدر أهميتهم
أعرب الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، عن تقديره الكبير للاهتمام غير المسبوق الذي يوليه الرئيس عبدالفتاح السيسي، للشباب.
جاء ذلك خلال حلقة خاصة تحت عنوان «حوار الأجيال»، ببرنامج «لعلهم يفقهون» المُذاع على قناة «dmc»، اليوم الأربعاء، يناقش فيها الشيخ خالد الجندي، الشباب حول العديد من القضايا الاجتماعية والدينية والوطنية.
وقال أحد الشباب يدعى محمد مسعد: «في رأيي، نحن الشباب نشعر بمدى التغيير الكبير الذي حدث في الدولة من 2014 حتى 2024، حيث أصبحت قضية الشباب على رأس أولويات الدولة، التي توفر اليوم بيئة مشجعة وداعمة للشباب في مختلف المجالات، ما يساهم في تحقيق طموحاتهم».
وأضاف: «على سبيل المثال، عندما أتحدث عن مشروعات تخرج الطلاب الجامعيين، نجد أن المؤسسات الحكومية تقف خلفهم وتقدم الدعم اللازم، من خلال منح التصاريح اللازمة والتسهيلات المختلفة، وهذا النوع من الدعم يعكس التقدير الكبير للشباب ويعزز من شعورهم بالمسؤولية تجاه وطنهم».
ورد عليه الشيخ خالد الجندي، إن الدولة المصرية تقدر أهمية الشباب: «اهتموا بشبابكم تغنموا أوطانكم، فالشباب هم أغلى وأثمن ثروة في وطننا، وعلى الجميع أن يهتم بهم ليضمنوا مستقبلاً مشرقًا للوطن، حفظ الله شبابنا، وغفر الله لكم جميعًا».