لقد فعلها الطلاب الأمريكان من قبل وهي الطوفان الحقيقي
تاريخ النشر: 25th, April 2024 GMT
بقلم/ محمود عثمان رزق
04/24/2024
عندما كان نظام الفصل العنصري سيء الذكر في جنوب أفريقيا في أعتى صوره واشد قسوته وإذلالاه للشعب الجنوب أفريقي على أرضه وترابه في الثمانينات، كانت كل الدول الغربية التي تتاجر بحقوق الإنسان والديمقراطية قديماً وحديثاً تقف داعمة بالمال والسلاح والإعلام لذلك النظام سيء الذكر على أساس أنه الديمقراطية الوحيدة في القارة السمراء!.
أذكر جيداً أن قد قام طلاب جنوب أفريقيا بالجامعات الأمريكة بحملة لبث الوعي وسط الطلاب الأمريكان وشرح القضية لهم على أساس أنها قضية إنسانية تستوجب لصاحب كل ضمير حي الوقوف معها بالمال والقلم والتظاهر وبكل الوسائل السلمية المشروعة. وشرحوا لهم أن دعم حكومة الولايات المتحدة والقطاع الخاص للنظام هو السبب الأساسي في وجوده واستمرار بطشه وطغيانه، وكان الرئيس بايدن في ذلك الوقت عضو في أحد المجلسين وكان يقف بصلابة شديدة مع الطلاب ومع حقوق الشعب الجنوب أفريقي، وله تسجيل في اليوتيوب يهاجم فيه النظام العنصري في جنوب أفريقيا بلهجة عنيفة فليشاهده من شاء ليتأكد من موقف الرجل سابقاً وموقفه الآن..
في ذلك الزمان كانت وسائل الإعلام متخلفة ولم يكن هناك انترنت ولا وسائل إتصال إجتماعي تنقل الحدث رغم أنف السلطات ورغم أنف الظالم بسرعة البرق. كان تخلف وسائل الإعلام عائقاً أمام طلاب جنوب أفريقيا وحركة تحريرها، وكان ذلك العائق يصب في صالح النظام العنصري الحاكم.
ومع ذلك كله استطاع طلبة جنوب أفريقيا المناضلون يساندهم الطلبة العرب والأفارقة عموماً، وخاصة الطلبة الفلسطينيون الذين رأوا في هده الوسيلة وسيلة ناجحة لنقل قضيتهم للجامعات الأمريكية. وبالفعل التقط الطلاب الإمريكان الرسالة الإنسانية وقاموا بكل شجاعة وإنسانية يطالبون جامعاتهم بسحب الإستثمارات من جنوب أفريقيا وكان هتافهم: “What do we want? Divestment. When do we want it? Now” وترجمتها: "ماذا نريد؟ نريد سحب إستثمارات الجامعة. متى نريد ذلك؟ نريده الآن".
بهذه الهتافات البسيطة أجبر الطلاب جامعاتهم لسحب إستثماراتها ومن ثم تبعتهم الحكومة الأمريكية في سحب إستثماراتها وبدأ إقتصاد حكومة الفصل العنصري في الإنهيار السريع، وبدأت الضغوطات تأتي عليه من كل جهة حتى استسلم النظام للأمر الواقع، واعتلى الزعيم مانديلا سدة الحكم فأقام العدل بين الناس أبيضهم وأسودهم ولم يفش غبينته التاريخية في أعدائه البيض، وبتلك الحكمة جنب بلاده الدخول في حرب أهلية تهلك الحرث والنسل وتزيد الطينة بلة.
لقد كنت وبكل صدق أتوقع هذه المظاهرات وكنت أراها رأي العين وهي في رحم الغيب عن تجربة وليس علماً بالغيب، ولكن لم أتوقع أن تبدأ بهذا العنفوان. والحمد لله أن القضية الفلسطينية اليوم حظها أوفر في الدعم فهي قضية إنسانية مكتملة الأركان، والظروف الإعلامية التي تخدمها اليوم أفضل بمليون مرة من تلك الظروف التي خدمت قضية جنوب أفريقيا حين كان الإعلام تسيطر عليه الحكومات. وهذه المظاهرات ستنتشر إنتشار النار في الهشيم بسرعة لا يتوقعها أحد، وسوف تمتد لتشمل الشارع الأمريكي كله في وقت قصير جداً. وفي الحقيقة إن الحكومة الأمريكية في ورطة تاريخية كبيرة جداً وخاصة إذا قتل طالب أو عدداً من الطلاب.
هذه المظاهرات هي بداية العد التنازلي لدولة إسرائيل وبداية قطع "حبل الناس" عنها، فإما أن تتعقل إسرائيل وتقبل بحل الدولتين ليعيش الكل في أمان وتستقر المنطقة ومعها العالم كله، أو تستمر حرب الاستنزاف عليها فتنهكها ثم تقضي عليها كلياً. بعد هذه المظاهرات لن يجد الكونقرس الأمريكي بمجلسيه نفسه حراً يقرر ما يشاء في أمر القضية الفلسطينية، ولن يجد نفسه حراً يدعم إسرائيل بالمال والسلاح والإعلام كما يحلو للوبي الإسرائيلي في أروغة المجلسين. ولن تجد الخارجية الأمريكية نفسها حرة تستخدم حق الفيتو في مجلس الأمن لتعرقل به مسار القضية الفلسطينية لإرضاء إسرائيل وحدها.
هذه المظاهرات هي الطوفان الحقيقي الذي لم تكن تتوقعه إسرائيل ولم يكن في حسبانها قط، وسيزعجها إزعاجاً لم تحس به من قبل قط. كما أتوقع أن يتجاوب طلاب العالم في الجمعات العالمية مع هذا الحراك الإنساني، وخاصة في جامعات جنوب أفريقا والجامعات الأوربية. إن صور الدمار وعدد القتلى من الأطفل والنساء فاق الخيال، وبالتالي لا يمكن لهذا الوضع المأساوي أن يستمر، ولا يمكن للغرب أن يستمر يحدثنا عن حقوق الإنسان وحقوق المرأة وحقوق الطفل نفاقاً وعينه على الفيل ويطعن في ظله وهو يشاهد أكبر إبادة جماعية في التاريخ.
التحية للطالبات خاصة والطلبة الإمريكان لهذه الوقفة، فهي بلا شك وقفة تاريخية لن تنسى لهم تدل على أن الضمير الإنساني الذي ينبذ العنف والإرهاب والإستعمار والعدوان على الشعوب ما زال حيٌ ينبض، وأن الشعوب أصبحت بفضل "السوشيل ميديا" تصدق ما ترى لا ما تسمع وما ترى تشيب له الولدان.
اللهم أحقن دماء البشرية بالعدل وشل أيدي الظالمين من البطش بعبادك جميعاً.
morizig@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: هذه المظاهرات جنوب أفریقیا
إقرأ أيضاً:
نبيلة عبيد تبكي مفيد فوزي في ذكرى وفاته: "ملوش زي وكان يعشق أعمالي"
تحدثت الفنانة نبيلة عبيد عن تكريمها في حفل جوائز آمال العمدة ومفيد فوزي لعام 2024، بالإضافة إلى مشاريعها الفنية الجديدة بعد فترة من الغياب.
وتوفى الإعلامي الكبير مفيد فوزي، الأحد، بعد صراع طويل مع المرض عن عمر ناهز الـ89 عاما، في 4 ديسمبر 2022.
وقالت نبيلة عبيد: "آمال العمدة ومفيد فوزي هما من أعز أصدقائي، والتكريمات الأخرى تعكس مجهودي وعطائي في مسيرتي وأفلامي، لكن هذا التكريم له طابع خاص بالنسبة لي، حيث كانت آمال حبيبتي ومفيد بعد رحيلها أصبح صديقاً مقرباً، وحنان ابنتهما أعتبرها كابنتي".
"من جوه بيتعذب".. نبيلة عبيد توجه رسالة مؤثرة لحسين فهمي (فيديو) عزاء حسن يوسف.. نبيلة عبيد تنهار من البكاء في مسجد عمر مكرموأضافت نبيلة عبيد: "مفيد فوزي كان له دور مميز في حياتي، حيث كنت أستشيره في العديد من القرارات. إنه شخص فريد من نوعه، يحب أعمالي ويثق في اختياراتي للأدوار والمشاريع والنجوم الذين أعمل معهم".
وتابعت خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامية دينا رامز والإعلامي شريف نور الدين، خلال برنامج "أنا وهو وهي" الذي يُعرض على قناة صدى البلد، حديثها عن مفيد فوزي: "كان صادقاً في نصائحه، وكنت حريصة على أن يكون أول من يحضر أي تجمع لي، سعدت بتكريمي لأن حنان مفيد فوزي بذلت جهداً كبيراً ليظهر التكريم بهذه الصورة".
وفيما يتعلق بأعمالها الجديدة، أفادت نبيلة عبيد: «أقرأ حاليًا سيناريو لمسلسل جديد يجمع بين ممثلين مصريين وسعوديين».
واختتمت بتعبيرها عن أمنيتها للعام الجديد 2025: «أسأل الله أن يديم علينا الأمان والسلام. نحن الآن في حالة من الأمن والأمان، بينما في الماضي كنت أستخدم بابًا حديديًا. وعلى الصعيد الشخصي، أتمنى دوام الصحة للجميع وأن يكونوا بخير، كما أتمنى لهم الراحة والطمأنينة».