آخر حاخام في مصر يكشف تفاصيل جلسة سرية مع السادات
تاريخ النشر: 25th, April 2024 GMT
قبل 45 عاما توجه الحاخام مناشيه مالكا إلى مصر لقيادة الطائفة اليهودية هناك ومنع هدم المقبرة اليهودية في حي "البساتين" القديم بالقاهرة.
وكشف مالكا في مقابلة صحفية مع موقع "هيدبروت" لقاءاته مع الرئيس المصري آنذاك محمد أنور السادات، قائلا: "أجريت معه محادثات شخصية حول قضايا لا أستطيع ذكر كل تفصيلها لأنها سرية وتتعلق بأمور أمنية".
وفي بداية تقرير الموقع العبري قال الصحفي الإسرائيلي حاييم جيفن، الذي أجرى الحوار مع أخر حاخام في مصر، إن ذهاب مالكا إلى مصر كانت واحدة من أهم اللحظات التي عاشها خلال السنوات التي قضاها كحاخام، فقد كان عمره 19 سنة ونصف فقط، وفي هذا العمر وقف أمام رئيس إحدى أكبر الدول الإسلامية والعربية في العالم، وتحدث معه لمدة ساعة طويلة، وليس هذا فحسب، بل حصل بعد ذلك على "تأشيرة" دخول مجانية إلى جمهورية مصر العربية.
وتسأل جيفين، قبل نشر الحوار : "ما الذي جعله، الحاخام مناشيه مالكا، يقف أمام الرئيس المصري أنور السادات، الزعيم العربي الذي بدأ حرب يوم الغفران عام 1973 ضد إسرائيل؟ وبشكل عام ماذا فعل هناك في مصر؟ هذه بلا شك واحدة من أكثر القصص جرأة للحاخام في إسرائيل".
والحاخام مناشيه مالكا، 65 عامًا، بشغل حاليا منصب حاخام مستوطنة موشاف ماليلوت كما أنه حاخام مستوطنة ليمونون في المجلس الإقليمي "سدوت" بالنقب، وبدأت قصته في مصر قبل 45 عامًا، حيث حدث ذلك في أوائل الثمانينيات من القرن الماضي، عندما تم توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، تحت إشراف رئيس الوزراء الراحل مناحيم بيغن والرئيس المصري السادات.
وقال الموقع العبري بفضل هذه اللإتفاقية تم فتح سوق السياحة المصري أمام المسافر الإسرائيلي، وكانت الجالية اليهودية المحلية بحاجة إلى حاخام لقيادته وبالتالي أرسلت إسرائيل مالكا ليكون حاخام الطائفة اليهودية في مصر.
وقال الحاخام مالكا: "توجهت إدارة المجتمع اليهودي في مصر إلى الحاخام الأكبر لإسرائيل الحاخام الراحل عوفاديا يوسف وحاخام القدس الحاخام مشاش زتزال بطلب عاجل بإرسال حاخام لهما بالقاهرة".
وأوضح الموقع العبري إنه في تلك الأيام كان للحاخام مالكا علاقة وثيقة مع الحاخام عوفاديا يوسف، وبفضل تلك العلاقة الوثيقة اختاره عوفديا ليكون حاخام اليهود في مصر.
وأستطرد الموقع قائلا إنه عندما وصل طلب الطائفة اليهودية في مصر، أخبره عوفاديا أنه تم اختياره ليكون الحاخام الأكبر للطائفة اليهودية في مصر، بالرغم من صغر سننه، قائلا له: "هناك مهام معينة لا يمكن لأحد سواك القيام بها."
وعن زيارة مالكال لمصر قال: "كان لدي موعد لمدة 10 دقائق مع رئيس الجمهورية، لكن السادات تحدث معي لأكثر من ساعة"
ومن أجل مساعدة الحاخام مالكا في مهمته، طلب عوفاديا المساعدة من أول سفير إسرائيلي في مصر، الدكتور إلياهو بن إليشر، ليكون بمثابة الوكيل المنسق بين الحاخام مالكا والجالية اليهودية المحلية، وكانت هذه هي المهمة الرئيسية للدكتور بن اليشر، لكنه فيما بعد هو الذي رتب أيضًا الاجتماع مع السادات.
وردا على سؤال الموقع العبري : "لماذا التقيت بالسادات؟"، قال الحاخام مالكا :"علمنا من تقارير مختلفة أن مصر تخطط لبناء مركز سياحي ضخم في القاهرة، وأن هذه الخطة تتضمن إخلاء المقبرة اليهودية هناك وشق طريق مركزي مكانها، وفي هذه المقبرة من بين أمور أخرى دفن حاخام مصر الأكبر وأخر رجال الدن اليهودي هناك الحاخام حاييم كافوسي".
وأضاف: "لقد كانت مسألة وقت حتى تم تنفيذ الخطة، ودخلت في سباق مع الزمن لإنقاذ هدم المقبرة اليهودية في حي البساتين بالعاصمة المصرية القاهرة، ومن خلال وساطة السفير الإسرائيلي تم ترتيب لقاء لي ولمترجمي مع الرئيس السادات ، فالوقت المحدد لاجتماعنا كان بين 10 و13 دقيقة، لكنه في الواقع استمر أكثر من ساعة".
ووجه الصحفي الإسرائيلي سؤالا لمالكا قائلا: " سنعود إلى الليلة التي سبقت الاجتماع.. عمرك حينها كان 19 عاماً ونصف فقط، في بلد كان حتى لحظة مضت يُعرّف بأنه بلد معادٍ لإسرائيل، هل تمكنت من النوم على الإطلاق؟".
وأجاب مالكا قائلا: "كان من الصعب جدًا بالنسبة لي أن أنام، كانت لدي مخاوف كبيرة بشأن كيفية التعامل مع هذه المهمة، لكن في وقت متأخر من الليل، عندما غفوت، حلمت أن الحاخام يعقوب أبو هشيرة باركني وقال لي: سيكون الله معك، كما كان مع أسلافنا.. لقد هدأني ذلك".
وقال جيفن: "قلت أن اجتماعك استمر أكثر من ساعة، ما الذي كنت تتحدث عنه طوال هذا الوقت؟"، فرد الحاخام مالكا قائلا: "لقد قدم لي السادات حكمًا شرعيًا من محكمة حاخامية في فرنسا، ينص على جواز نبش القبور وفقًا للقانون الديني ، وسألني: "إذن ما هي مشكلتك؟"، ونظر إلي المترجم وهمس: "ستكون هذه حادثة دبلوماسية، ولم أستطيع ترجمة ما قاله لمترجم، فقلت له: إما أن تترجم، أو أترجم أنا بنفسي، وسيبدو الأمر أسوأ".
وتابع: "في النهاية لم يكن لديه خيار وقام بالترجمة، فقفز السادات من مقعده وصاح بالعربية: "أبي؟!".. اندهش جميع من في الغرفة من قفزته.. ثم جلس السادات مرة أخرى وقال لي: «ولكن هذا ليس والدك!». فأجبته: «كل سادتنا أجدادنا». فصدم من إجابتي، وكان مهتمًا بما يمكن فعله لمنع هدم المقبرة".
وقال جيفين، كما ذكرنا فإن اللقاء بين الحاخام الشاب ورئيس مصر البالغ من العمر 62 عاما، استمر أكثر من ساعة، دارت خلالهما حوارات حول أمور الدين والدولة، بل وناقشا أمرا آخر لا ينوي الحاخام مالكا الكشف عنه، لأنها مسألة تتعلق بأمن الدولة، ورفض التحدث عنها، ولكنه لمح انه تحدث معه حول إجراءات لدفن عميل للأجهزة الأمنية الإسرائيلية توفي تحت وطأة الرصاص في ظروف مأساوية داخل الأراضي المصرية.
ووجه الصحفي الإسرائيلي سؤالا حول هذا الأمر قائلا له: "باسم من تحدثت عن ذلك مع السادات؟"، فرد مالكا قائلا: "لا أستطيع أن أخوض في مزيد من التفاصيل، وأطلب عدم الحديث عن ذلك، فإن الحبر الخفي أعظم من الظاهر في هذا الموضوع".
وقال جيفين: "في الواقع، هل انتهى الاجتماع بينكما بنجاح؟"، فأجابه مالكا قائلا: ""نعم، وفي نهاية الاجتماع، أمر السادات صراحة السلطات التنفيذية في الدولة بضرورة تجاوز المقبرة، دون لمس المقابر اليهودية على الإطلاق، وقبل أن نغادر غرفته، دعاني السادات للحضور إليه متى شئت في أي وقت بمقر رئاسة الجمهورية، حتى لقد أعطاني الفرصة لتحديد مواعيد الاجتماعات معه من خلال نائبه الأقدم، وليس من خلال المكاتبات الرسمية المعتادة".
وسأله الصحفي : هل تمكنت من مقابلته مرة أخرى؟، فأجاب مالكا : "نعم، ولكن لا أستطيع التوسع في ذلك."، وتابع: "لقد كانت فترة لا تنسى"
وقال جيفين إن طوال فترة إقامة مالكا في مصر، قاد الحاخام المجتمع اليهودي، وطور وأتقن نظام "الكوشير" – الطعام الحلال عند اليهود - ، وقام بتجديد الكنيس الرئيسي والمعابد اليهودية الأخرى، وحتى بالتنقيب في أرشيفات "جينيزات" القاهرة الشهيرة، هناك أيضًا قصة رائعة وراء هذا.
وقال مالكا: "حتى قبل وصول السادات إلى السلطة، في عهد عبد الناصر، كانت هناك مئات الأسر اليهودية التي هربت من مصر، وقد طلق عدد كبير من هؤلاء الأزواج، وبعضهم انفصلوا دون طلاق، وذلك لتطهير أفراد تلك الأسر من الخوف".
وأضاف: "لقد طلب مني الحاخام عوفاديا يوسف أن أبحث في أرشيفات الجالية اليهودية وأن أبحث عن جيتين ووثائق تشير إلى الطلاق".
وقال الصحفي الإسرائيلي في نهاية تقريره وحديه مع الحاخام مالكا: "اليوم، بعد مرور 45 عامًا على خروجه الشخصي من مصر، يشغل الحاخام مناشيه مالكا منصب حاخام موشاف ميليلوت، وحاخام ليمونوت، ورئيس المؤسسات اليهودية "شوميري ها كوديش" في نتيفوت، وكأحد القادة الروحيون لجنوب البلاد لكنه لن ينسى تلك الأيام في مصر، حيث أكد أنها كانت فترة مثيرة وجريئة على حد سواء، وشكر الله إنه تمك من النجاح في هذه المهمة المقدسة".
المصدر: hidabroot
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: أخبار مصر أخبار مصر اليوم الصحفی الإسرائیلی الموقع العبری أکثر من ساعة الیهودیة فی فی مصر
إقرأ أيضاً:
غالانت يكشف كواليس رفض نتنياهو عقد صفقة تبادل الأسرى بغزة
قال وزير الدفاع المقال يوآف غالانت إنه كان بالإمكان عقد صفقة تبادل أسرى ووقف العمليات العسكرية ومغادرة محور فيلادلفيا بقطاع غزة، حسب ما نقلته عنه صحيفة يديعوت أحرونوت، بعد يومين من إقالته.
وأوضح غالانت -في لقاء له مع مجموعة من عائلات الأسرى المحتجزين بغزة- أنه لا يوجد سبب لعدم التوصل إلى صفقة تبادل أسرى، وأن اعتبارات رفضها ليست سياسية ولا عسكرية.
وأضاف أن المقترحات التي طرحها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والتي تشمل نفي قادة حركة حماس ودفع أموال مقابل الإفراج عن المحتجزين، خيارات غير واقعية، مشيرا إلى أن رئيس المكتب السياسي لحماس الذي استشهد، يحيى السنوار، رفض أيضا الصفقة مقابل نفيه.
وأشار غالانت إلى أنه كان بالإمكان الخروج من محور فيلادلفيا لمدة 42 يوما لعقد صفقة أسرى، ثم العودة ثانية إلى هناك.
وقال الوزير المقال إنه ورئيس الأركان هرتسي هاليفي أكدا أنه لا يوجد أي اعتبار أمني للبقاء في محور فيلادلفيا، كما أكد أنه لا توجد أي أهمية سياسية لذلك، خلافا لنتنياهو الذي يصر على أهمية المحور.
وكشف غالانت عن أن موقفه وموقف المؤسسة العسكرية لا يحظى بدعم مجلس الوزراء.
وأكد أنه "لم يتبق لنا شيء لفعله في غزة، وحققنا كل الإنجازات الكبرى"، حسب وصفه، وأضاف أنه يخشى أن يكون البقاء في غزة لأن هناك رغبة في البقاء، حسب ما نقلته عنه القناة الإسرائيلية الـ12، وذلك في إشارة إلى رغبة نتنياهو وشركائه في الاستيطان.
وحث غالانت عائلات الأسرى على تعزيز علاقاتهم مع نتنياهو، لأنه "يقرر كل شيء بنفسه"، والدفع باتجاه تنفيذ الاتفاق الذي تمت مناقشته مطلع يوليو/تموز.
وقال لهم إن "عدم عودة الأسرى سيكون وصمة عار على جبين إسرائيل"، حسب تعبيره.
وكان نتنياهو قد أعلن، مساء الثلاثاء الماضي، إقالة غالانت قائلا إنه لا يثق بإدارته العمليات العسكرية الجارية، وإن "أزمة الثقة التي حلت بينهما جعلت من غير الممكن استمرار إدارة الحرب بهذه الطريقة".
وقال غالانت إن قرار إقالته جاء نتيجة خلافات بشأن 3 قضايا، أولاها تتعلق بقضية التجنيد، فهو يرى أن كل من هو في سن التجنيد يجب أن يلتحق بالجيش، وثانيها تتعلق بإصراره على إعادة المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة بأسرع ما يمكن، والثالثة تتعلق بإصراره على وجوب تشكيل هيئة تحقيق رسمية في ما حدث بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.