أصدر باحثو جامعة جنوب كاليفورنيا آخر الأنباء المفزعة، بإعلانهم نتائج دراستهم في منتصف شهر أبريل/نيسان الجاري، وتحققهم من أن تناول الوجبات السريعة الغنية بالدهون والسكريات في مرحلة المراهقة، يخلف ضعفا بذاكرة الإنسان، ولا يزول ذلك الأثر بقية حياته.

خطيئة لن تغتفر

أوضحت نتائج دراسة سابقة من جامعة أوهايو، في عام 2021، وجود رابط بين اتباع البالغين نظاما غذائيا غنيا بالسكريات والدهون لمدة 4 أسابيع ومرض ألزهايمر، بسبب قدرة السكر على تقليل مستويات ناقل عصبي يسمى "أستيل كولين"، القائم بمهام التذكر، والتعلم، والانتباه، والتفكير المتزن، ولحسن الحظ تمكن الباحثون من عكس الاستجابة الالتهابية القوية في أدمغة الفئران بمكملات "أوميغا 3″، لكن لم نعرف قبل شهر أبريل/نيسان الجاري شيئا عن التأثيرات طويلة المدى على العمليات المعرفية وفرط النشاط الناتج عن الإفراط في استهلاك السكر، بدءا من مرحلة المراهقة.

لذلك ركز باحثو جامعة جنوب كاليفورنيا على مرحلة المراهقة، لأنها تمثل أهم مراحل تطور نمو الدماغ، وسعوا لفهم أثر الغذاء قليل البروتين وكثير الدهون على دماغ المراهق، وبحث إمكانية عكس الآثار السلبية للدهون والسكريات. تتبع الباحثون أثر النظام الغذائي على مستويات "أستيل كولين" لدى فئران سنها صغير، وقارنوا بين مجموعة أولى تأكل أطعمة سريعة، ومجموعة ثانية تأكل طعاما صحيا.

الغلوكوز مصدر طاقة دماغ طفلكِ وخلاياه العصبية، ولا يمكن قطعه بصورة كاملة (شترستوك)

بعد 60 يوما، حلل الباحثون استجابة دماغ الفئران لمهام مصممة لاختبار ذاكرتهم، واكتشفوا فشل المجموعة الأولى في تذكر مشهد مطابق لمشهد رأوه سابقا، باستثناء إضافة عنصر واحد جديد، في حين تذكرته المجموعة الثانية، وتذكرت أين، ومتى رأته أول مرة.

غير الباحثون نمط طعام فئران المجموعة الأولى لنمط صحي، قبل سن البلوغ، واتبعوه حتى شيخوختهم، ووفاتهم، وحينما فحص الباحثون أدمغة فئران المجموعة الأولى الميتة، اكتشفوا تشوهات عقلية، وتلف في الذاكرة، استمر بعد اتباع نظام غذائي صحي، بالرغم من نجاح النظام الغذائي الصحي الذي تناولته الفئران في عكس اضطرابات ميكروبيوم الأمعاء التي نتجت عن شهرين من الأكل غير الصحي.

لا يتوقف الضرر عند حد الذاكرة وحدها، فأشار باحثون في مختبرات الإدمان والسمنة، في جامعة كوينز لاند، في عام 2021، إلى أن تناول الأطفال كمية كبيرة من السكر لفترة طويلة يثير استجابة حركية مفرطة، واضطرابات في نقص الانتباه، وأعراضا شبيهة باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHA)، إضافة إلى عجز عن التعلم والتذكر، وعجز معرفي وعصبي في مرحلة البلوغ.

تناول الأطفال كمية كبيرة من السكر لفترة طويلة يثير استجابة حركية مفرطة (شترستوك) منع الحلوى عن طفل عنيد

يأكل الأطفال والمراهقون في 60 بلدا 4 أضعاف كمية السكر التي أوصت بها منظمة الصحة العالمية، ونوهت هيئة الخدمات الصحية الأميركية إلى أن الحد الأقصى لكمية السكر المتناول يوميا تمثل 19 غراما لأصغر من 6 سنوات، و24 غراما لأصغر من 10 سنوات، و30 غراما لأكبر من 11 سنة.

يصعب تنفيذ تلك التوصيات مع طفل محب للحلوى، والحلوى الرخيصة تحديدا، تلك التي لا تحتوي على سكر أبيض طبيعي، بل محليات صناعية، مثل: السكروز، والفركتوز، لأعراضها الإدمانية، لذلك ينبغي أن تتحلي بالصبر، بينما تتبعين الخطوات التالية:

ارتباط صحي بالطعام: نوه تقرير لكلية الطب في جامعة ستانفورد إلى ضرورة تغيير علاقتنا بالطعام، وكسر حلقة الارتباط السلبي بالطعام من أجل طفلكِ. لتحقيق ذلك، ينبغي التوقف عن الإشارة للأطعمة السريعة بالسيئة، والنظام الغذائي الصحي بالضروري، والإفصاح عن الرغبة في إنقاص الوزن، كي لا تحصري علاقة طفلكِ بالطعام في إطار الذنب، والقلق، والمتعة المحرمة. وفي الخطوة الثانية، سيتعين عليكِ ضمان التوازن والتنوع في طعام طفلكِ، من دون التخويف من الحلوى والمقرمشات، وتوفير فاكهة مقطعة في الثلاجة، ومقرمشات عالية الألياف، ليلتزم طفلكِ تدريجيا بنمط غذائي صحي، مع بعض المرونة في تناول قليل من الحلوى. الإنصات للجسم، علمي طفلكِ الإنصات لاحتياجات جسمه، بدلا من أمره ونهيه من دون تفسير، وهناك علامات على أثر نوعية وكمية الطعام عليه، مثل: طاقته، وقدرته على التركيز وقتا طويلا، ومواكبة اللعب لساعات، وتحصيله الدراسي، واستقرار مزاجه، وتشوش رؤيته، وعطشه المفرط، وآلام معدته. للسكر أثر إدماني لأنه يحفز الخلايا العصبية المسؤولة عن المكافأة في الدماغ (بيكسابي) أوقات للمرح: وجهي طفلكِ لاختيار الأطعمة الصحية من خلال ربط التسوق بدروس الرياضيات والقراءة، فاتفقي معه، في الليلة السابقة للتسوق، على خطة طعام الأسبوع، واطلبي منه مساعدتكِ لملء نصف عربة التسوق بالخضروات والفاكهة، وتقسيم النصف الآخر بين البروتين النباتي والحيواني، والكربوهيدرات، وجزء من 10 للحلوى والمقرمشات. واطلبي من طفلكِ قراءة المكتوب على الملصق، لتحفيزه على التفكير في الكمية والنوعية التي عليه اختيارها قبل أكلها. تعويضات مقبولة: ابحثي مع طفلكِ عن حلوى تحتوي على أقل من 10 غرامات من السكر، وأكثر من 5 غرامات من الألياف، واطلبي منه التحقق من أن السكر المضاف أبيض، وليس شراب فركتوز، أو محليات صناعية أخرى. ولا تشتري ما يمكنكما صنعها سويا في المنزل، مثل: الفشار، والكعك، والشوكولاتة، لتتحكمي في كمية ومصدر السكر والدهون. لا تتطرفي: للسكر أثر إدماني، لأنه يحفز الخلايا العصبية المسؤولة عن المكافأة في الدماغ، ويخلف قطع السكر سلوكيات شبيهة بالقلق والاكتئاب الناجمة عن الانسحاب، مما يجعل منعه مرة واحدة عن طفلكِ معركة خاسرة لن تتحملي عواقبها.

وتذكري أن الغلوكوز مصدر طاقة دماغ طفلكِ وخلاياه العصبية، ولا يمكن قطعه، لكن يلزم تقنينه، وأخذه من مصادر طبيعية، مثل الموز المهروس، والتمر، وعصائر الفاكهة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات

إقرأ أيضاً:

علماء يبتكرون روبوتات تحتوي على أدمغة بشرية.. هل يتفوق الإنسان الآلي؟

محاولات العلماء لدمج الروبوتات في حياتنا العادية لا تتوقف عند حدٍ ولا تنتهي، فبعد عدة تعديلات على تصميماتها جعلت الآلة تشبه البشر من حيث الملامح والقدرة على التفكير والإحساس، وتمكن باحثون في الصين من ابتكار روبوتات متطورة تحمل أدمغة مكونة من خلايا بشرية حية، ما يمنحها قدرات استشعار وتفاعل متقدمة تلغي الفارق بينها وبين الإنسان العادي.

الروبوتات المزودة بالأدمغة البشرية

تجمع التكنولوجيا المستخدمة في تصنيع تلك الروبوتات بين الرقائق الكهربائية والمادة البيولوجية، وجرى تطويرها بالتعاون بين جامعة «تيانجين» وجامعة العلوم والتكنولوجيا الجنوبية في الصين، حيث يتم دمج نوع من الخلايا الجذعية الموجودة في الدماغ البشري مع شريحة إلكترونية تعمل على التحكم في الروبوت، بحسب ما نشره موقع «Future Zone».

وأوضح الموقع، أن هناك شبكات عصبية تتشكل من هذه الخلايا، وعن طريق التفاعل فيما بينها مثلما يحدث في العقل، ويمكن للإنسان الآلي القيام بالكثير من المهام والعمليات المعقدة، خاصةً تلك التي تحتاج إلى تفكير إبداعي، بالاستناد على الهياكل الدماغية المسماة «الأورجانويدات»، والتي يتطلع الباحثون إلى الاستفادة من تلك التكنولوجيا المتقدمة في زراعة أنواع مختلفة من الأعضاء بواسطة خلايا جذعية بشرية.

فائدة التكنولوجيا الحديثة على البشر

مصطلح «الأورجانويدات الدماغية» يعني الهياكل الصغيرة التي تُنتج في المختبر بشكل مشابه لبنية الأدمغة البشرية إلى حد ما، وتتكون تلك الهياكل من خلايا عصبية وغيرها من الخلايا الدماغية، التي يمكن زراعتها لفهم الأمراض العصبية، وتطوير العلاجات الجديدة، وأيضًا لاختبار التأثيرات الدوائية على أنظمة الأعصاب، إذ تحاكي تلك «الأورجانويدات» الشبكات العصبية الحقيقية في الدماغ بما في ذلك التفاعلات بين الخلايا العصبية وتواصلها، مما يساعد العلماء على دراسة الوظائف العقلية والسلوكية بشكل أفضل، وبالتالي استخدامها في صناعة الروبوتات وعلاج بعض الأمراض لدى البشر على حدٍ سواء.

مقالات مشابهة

  • النائبة نورا علي: الحكومة أمامها تحديات كبيرة تتطلب تحركات سريعة
  • أنسب الأوقات لتناول وجبة الإفطار للمحافظة على مستويات السكر
  • دراسة علمية.. وجبة إفطار بسيطة ورخيصة قد تقلل من خطر الإصابة بالسرطان والسكري بشكل كبير
  • علماء يبتكرون روبوتات تحتوي على أدمغة بشرية.. هل يتفوق الإنسان الآلي؟
  • التشكيل الحكومي المرتقب.. تحديات تحتاج لتدخلات فورية وحلول سريعة
  • خبراء ومتخصصون يناقشون تحديات وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي بالأكاديمية العربية
  • أخطاء فادحة تدمر شخصية الأطفال
  • كيف يتغير لون اللسان في أمراض القلب والأعضاء الأخرى؟
  • كيف تحفز أدوية مكافحة السمنة الرائجة الشعور بالشبع؟
  • طرق ذكية لزيادة كمية المياه التي تتناولها والبقاء رطبًا